كنا على مائدة عليها شخصيات ثقافية ودبلوماسية وفكرية وعلمية وفنية.. كان المجلس يضم خلاصة المجتمع الفعّال .. وعلى المائدة ألقى أحدهم فكاهة ممجوجة جداً، فيها ذكر النجاسات والعورات، مما أدى إلى دهشة الحاضرين الذين لم يضحكوا طبعاً للفكاهة غير المناسبة، وسكتوا سكوت انزعاج.. فذكرت قول الجاحظ: لكل مقام مقال. الكلام مثل الثياب، منها ما لا يصلح لبسه في الطريق، ومنها ما لا يصلح ارتداؤه في السرير، ومنها ما لا يصح أن يكون في المطبخ.. وهكذا. وذكرت قول أهل التربية: إذا كنت في مجلس العلماء فاحفظ لسانك.. والأبلغ منه إذا كنت مع الأولياء فاحفظ قلبك. وذكرت قول بعض الفلاسفة: تكلم حتى أعرف من أنت.. وهل الإنسان إلا كلمات؛ إذا فاه بها ارتفع قدره أو سَفَل شخصه. وأصدق من يحكم على الإنسان طلاب الصف الذين ينقادون ويذلون لمعلم لأنهم عرفوا قدره ويصخبون على آخر ويثيرون الفوضى عليه، لأنهم عرفوه أيضاً. إنها الحياة التي يحسنها قوم ويجهلها آخرون. .


كتبه نزار أباظة