اتفق العلماءُ على أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد وُلِد في يوم الاثنين، واتفقوا أيضًا أنه وُلد في عام الفيل، ورجَّح جمهور العلماء أنه ولد في شهر ربيع الأول.


أما موضع الخلاف الكبير، فقد كان في رَقْم ذلك اليوم الذي وُلد فيه من شهر ربيع الأول؛ فقد نقل الحافظ ابن كثير رحمه الله العديدَ من الأقوال المتباينة في تحديد ذلك اليوم؛ فذكر منها:


اليوم الثاني، واليوم الثامن، واليوم العاشر، واليوم الثاني عشر، واليوم السابع عشر، واليوم الثاني والعشرين.


قال الإمام الألباني رحمه الله مُعَلِّقًا على الأقوال التي نقلها ابن كثير:


"وأما تاريخ يوم الولادة، فقد ذُكر فيه وفي شهرِه أقوالٌ، ذكرها ابن كثير في الأصل، وكلها معلَّقة، بدون أسانيد يمكن النظر فيها ووزنها بميزان علم مصطلح الحديث، إلا قول مَن قال: إنه في الثامن من ربيع الأول؛ فإنه رواه مالك وغيره بالسند الصحيح عن محمد بن جُبير بن مُطعم، وهو تابعي جليل؛ ولعله لذلك صحَّح هذا القولَ أصحابُ التاريخ واعتمدوه، وقطع به الحافظ الكبير محمد بن موسى الخوارزمي، ورجَّحه أبو الخطاب بن دحية، والجمهور على أنه في الثاني عشر منه"؛ راجع: صحيح السيرة النبوية، ص 13.


فليس هناك أي دليلٍ يُثبِت أن الثاني عشر من ربيع الأول هو يوم ولادةِ الرسول صلى الله عليه وسلم، فالقول بأنه اليوم الثاني عشر هو واحدٌ من عدة أقوال ذُكِرت جميعها معلَّقةً غير مسندة، ولو حتى بسند ضعيف، كما بيَّن ذلك الشيخ الألباني فيما سبق، ولم يستثنِ الشيخ منها إلا قولًا واحدًا يمكن الوثوق به، وهو القول بأنه ولد في اليوم الثامن.



وهناك قول آخر أُثبِت بغير طريق الإسناد، وهو اليوم التاسع، فقد رجَّح بعض العلماء هذا اليوم؛ اعتمادًا على دراسة فَلَكية توصَّل فيها صاحبها إلى أنه لم يكنْ يوجد يوم اثنين يوافق اليوم الثاني عشر من ربيع الأول في عام الفيل، وتوصَّل فيها أيضًا أن اليوم الذي وُلد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم هو اليوم التاسع من ربيع الأول، وصاحبُ هذه الدراسة هو "محمود باشا الفلكي"، وهو عالِم فَلَك مصري، توفي في عام 1885م، ويعد من أبرز علماء الفلك في العصر الحديث