الملكية الفكرية على شبكات الإنترنت



نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

حماية فكر ام احتكار ملكية؟
أماني علي**


حماية فكرية أم احتكار للمعلوماتية؟

الاهتمام بالملكية الفكرية ليس حديثا كما قد يبدو للبعض، فلقد بدأ هذا الاهتمام مع الثورة الصناعية الأولى بأوروبا، حيث تعددت الابتكارات والإبداعات التي ساهمت بشكل فعال في النمو الاقتصادي في البلدان الصناعية الكبرى.

وسعت تلك الدول حينها لتفادي القرصنة الفكرية والصناعية والتجارية، وعقدت عدة اجتماعات انتهت باتفاقية باريس عام 1883 لحماية الملكية الصناعية -من خلالها تتم حماية المبتكرات الجديدة كالاختراعات والنماذج الصناعية والعلامات التجارية وغيرها- وبعد ثلاث سنوات تم عقد اتفاقية برن الخاصة بحماية الملكية الأدبية، وتستهدف الحماية للأعمال المكتوبة كالكتب، والأعمال الفنية كالمسرحيات، والموسيقى، والمواد السمعية، والبصرية كأشرطة الفيديو، والكاسيت، والفنون التطبيقية.

ولقد أنشأت كل من اتفاقية باريس وبرن مكتبًا خاصًّا بها لحماية الحقوق التي أنشئت من أجلها، ثم تم دمجهما في جمعية عرفت بالمكاتب المتحدة لحماية الملكية الفكرية، وانتهى الأمر إلى تأسيس المنظمة العالمية للملكية الفكرية WIPO التي بدأت نشاطها عام 1970، وأصبحت الجهة الوحيدة التي تشرف على إدارة سائر الاتفاقيات الدولية في هذا المجال.

ثم جاءت اتفاقية "تريبس" وهي اتفاقية حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة. شملت هذه الاتفاقية نطاقا أوسع لحقوق الملكية الفكرية، حيث أضافت برامج الكمبيوتر وقواعد البيانات والمعلومات المعالجة بشكل يتيح حفظها واسترجاعها إلى مصنفات الملكية الأدبية الخاضعة لقوانين حقوق المؤلف. وأيدتها في ذلك المنظمة العالمية للملكية الفكرية WIPO والمجلس الأوربي.

وأخيرا.. جاء القانون الفرنسي لحقوق المؤلف على الإنترنت DADVSI الذي أقر في يوم 21 مارس من العام الحالي من الجمعية الوطنية في فرنسا، وسيخضع للمناقشة بمجلس الشيوخ الفرنسي في مايو القادم كأحدث حلقات حماية الملكية الفكرية بأوروبا.

الحماية المشددة

ظهر مشروع القانون الفرنسي ديسمبر 2005، على الرغم من توصيات المجلس الأوربي التي نادت بوجود مثل هذا القانون والتي ترجع إلى عام 2001. واهتم القانون بحماية حقوق المؤلف على الإنترنت خاصة في ظل سهولة نشر المؤلفات -سواء كانت مؤلفات أدبية أو غنائية أو سينمائية- على مواقع الإنترنت المختلفة، وإمكانية استغلالها بسهولة من قبل مستخدمي الإنترنت.

ولذلك قام المشرع بمنع عمليات التبادل غير القانوني عن طريق فرض أنظمة الحماية الرقمية "DRM" والتي تعطي للجهاز الذي يقوم بتنزيل الملفات من الإنترنت كودا معينا يسمح بفتح هذه الملفات على هذا الجهاز فقط. كما سمح بوجود هذه الأنظمة التقنية في الـ CDs والـDVDs مما يحميها من أي عملية نسخ.

ولكن أعضاء البرلمان الفرنسي انتبهوا لما تمثله هذه الأنظمة من انتهاك لحقوق المستهلكين، خاصة إذا كانت هذه الأنظمة لا تعمل إلا مع بعض الأجهزة فقط؛ ولذلك قاموا بتعديل هذه المادة مما يسمح بإمكانية تشغيل هذه الـ CDs على جميع الأجهزة حفاظًا على حقوق المستهلك، كما قاموا بإدخال تعديلات أخرى حتى لا تتعارض هذه الأنظمة مع أمن الأفراد أو الشركات.

تدريج العقوبة

لكي يحقق أي قانون الحماية المرجوة منه فلابد من وجود عقوبات مادية أو معنوية لمن يتعدون حدوده، وفي بداية نقاش مشروع القانون كان يلزم من ينتهكونه بغرامة تصل إلى 300 ألف يورو وثلاث سنوات حبسا.

ولقد هاجم بشدة باتريك بلوش، عضو الحزب الاشتراكي الفرنسي هذه العقوبة أثناء حواره مع مجلة "بدائل اقتصادية Alternatives Economiques"، واعتبرها مغالاة من الحكومة خاصة، وأن مشروع القانون آنذاك لم يفرض ملاءمة أنظمة الحماية الرقمية لجميع أجهزة الاستماع.

وعندما أقر القانون في البرلمان الفرنسي تم تخفيف العقوبة وتدريج الغرامات المدفوعة، واقتصرت هذه العقوبة المشددة على الناشرين لبرامج تبادل المؤلفات وتتدرج الغرامة إلى أن تصل إلى 38 يورو لمن يقوم بإنزال ملفات محمية من الإنترنت دون وجه حق، وترتفع إلى 150 يورو إذا أتاح تلك الملفات للغير.

النسخة الشخصية

أثار حق المستهلك في نسخ الـCD الشخصية الخاصة به، جدلا كبيرا بين أعضاء البرلمان أثناء مناقشة هذا القانون، حيث اعتبر بعض أعضاء الحزب الاشتراكي وحزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية أنظمة الحماية الرقمية انتهاكا واضحا لحقوق المستهلك في الاستمتاع بملكيته للسلعة.

وأثناء التصويت على القانون وافق الأعضاء على حصول المستهلك على حق النسخ، ولكنهم لم يحددوا الحد الأدنى للنسخ، وعلى مجال التطبيق فتبقى المشكلة قائمة، حيث لا تسمح أنظمة الحماية بنسخ الأسطوانات.

أما الـDVD الخاص بالمؤلفات السينمائية، فقد تم رفض عمل أي نسخة شخصية لها ويهاجم عضو الحزب الاشتراكي، ديدييه ماتيوس هذا قائلا: إننا نسدد ضريبة للحصول على النسخة الشخصية وفي نفس الوقت لا يمكننا ممارسة حق نسخها!

وفي النهاية، يبقى القانون عالقا حتى تتم الموافقة عليه من قبل مجلس الشيوخ، وإذا اختلف على بعض المواد يتحتم إعادة مناقشتها بين ممثلي كل من مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية حتى يتوصلوا إلى حل وسط ومناسب.

تأثيرها على الدول النامية

أما عن تأثير هذا القانون على باقي الدول يقول دكتور حمدي عبد العظيم (*) إنه سيؤثر على المستوى الثقافي في الدول النامية، خاصة أن الكتب والمواقع الفرنسية تعتبر مرجعا ثقافيا مهما لطبقة المفكرين والباحثين في المجالات القانونية والسياسية وغيرهما. وسيكون تأثيرها أوضح على دول شمال إفريقيا كالجزائر وتونس والمغرب، وذلك للارتباط الثقافي والفني بين فرنسا وتلك الدول، بالإضافة إلى محدودية الموارد بتلك الدول والتي تعوق المستهلك فيها عن شراء المؤلفات التي يحتاجها من الإنترنت.

أما بالنسبة لباقي الدول العربية فسوف يؤدي ذلك بطبيعة الحال إلى توجهها إلى مصادر أخرى للثقافة، وإن كانت محدودة وليست بنفس العمق الثقافي والحضاري لفرنسا وسيزيد هذا التوجه إذا عمم هذا القانون على باقي دول الاتحاد الأوروبي.

ويرى دكتور حمدي عبد العظيم أن وجود مثل هذا القانون بالدول العربية من المحال خاصة أنها تقوم بدعم الكتب والمؤلفات بشكل كبير لتشجيع الشعوب العربية على الثقافة والمعرفة، وفي ظل الظروف الاقتصادية الحالية سيؤثر سلبا أي تدخل لمثل هذه القوانين في مجتمعاتنا، كما أن مثل هذه القوانين لا تتماشى مع مبدأ تكافؤ الفرص بل تأتي في إطار الفكر الرأسمالي الذي يتبنى مبدأ تظيم الأرباح.

اقرأ أيضا:

طرق مقاومة الغش الإلكتروني



مخاطر متعددة يتعرض لها مستهلك التكنولوجيا


طرق مقاومة الغش الإلكتروني
2006/01/22
حازم يونس - هلال سيد


مخاطر متعددة يتعرض لها مستهلك التكنولوجيا

هاتف نقال، حاسب آلي، إنترنت، وغيرها العديد من وسائل التكنولوجيا الحديثة التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياة أغلب الناس اليومية. فالأجهزة التكنولوجية اليوم تمثل سوقا استهلاكية كبيرة لشرائح المجتمع المختلفة، تراها موجودة في أفقر الأحياء الشعبية وفي أكثرها ثراء، وكأي سلعة من الممكن أن يتعرض مشتريها لصور الخداع والغش المختلفة. وإن كان من السهل أحيانا اكتشاف الغش في بعض السلع الأخرى فإن الأمر يختلف في مجال السلع التكنولوجية؛ فهي تتخذ أشكالا مختلفة ومتنوعة يصعب على المستهلك العادي كشفها.

صور الغش الإلكتروني

وتتنوع صور الغش والخداع بالسلع التكنولوجية؛ ومن أكبر صور الغش قرصنة المعلومات، والتي عن طريقها يتعرض المستهلك لخدمة شبكات المعلومات (الإنترنت أو شبكات المؤسسات المختلفة) لسرقة المعلومات، ويتم ذلك من خلال برامج التجسس على أجهزة الحاسب، ويتعرض للقرصنة أي شخص يتصل جهازه بشبكة الإنترنت أو إحدى الشبكات الخاصة ما لم يكن جهازه محملا ببرامج الحماية اللازمة. ويكلف هذا النوع من التجسس مبالغ ضخمة في حالة التجسس على معلومات وبيانات الشركات التجارية. ومن عمومية استخدام الإنترنت إلى خصوصية استخدام برامج الكمبيوتر والتي تتعرض للنسخ غير القانوني بشكل واسع ومخالف لبنود وقواعد اتفاقية حماية الملكية الفكرية.

وتأتي كروت شحن المحمول بعدد مستهلكيه الضخم (12 مليون مشترك بمصر في آخر إحصائية عام 2005) كأبرز صور الغش التجاري بالسلع التكنولوجية، والتي يصعب كشفها؛ حيث يتم جمع كروت الشحن المنتهية من القمامة وإعادة تغلفيها ثم بيعها على أنها كروت جديدة. هذا بالإضافة إلى مخاطر الخسارة التي يمكن أن يتعرض لها أصحاب بطاقات السحب البنكية إذا ما تسربت معلومات عن أرقام بطاقاتهم.

كل تلك الصور من الغش والخداع الذي قد يتعرض له المستهلك دفعت المستشار أمير الكومي إلى إنشاء أول جمعية مصرية للدفاع عن المستهلكين في قطاع تكنولوجيا المعلومات(1).

التوعية أول طرق الحماية

ورغم توافر بعض صور الحماية؛ كقانون حماية الملكية الفكرية وبرامج تكنولوجية للحفاظ على سرية المعلومات (التشفير الإلكتروني، والبصمة الإلكترونية، والتوقيع الرقمي)، فإن التوعية تظل تلعب الدور الرئيسي بحماية المستهلك. ونظرا لأهمية وخطورة هذا الدور فقد بدأت جمعية حماية مستهلك التكنولوجيا في عمل ندوات توعية ونشرات تهتم بشرح اتفاقية حماية الملكية الفكرية وما قد يتعارض مع قواعدها من بعض الظواهر، مثل نسخ برامج الكمبيوتر والتي تنتشر حاليا انتشارا واسعا.

كما أنها أعدت نشرات توضح خطورة ذلك، وتبين الحقوق القانونية لمنتجي البرامج الأصليين في إطار التزام مصر بقانون حماية الملكية الفكرية، وقد تم توزيع هذه النشرات على التجمعات في النوادي والجامعات.

وأعدت كذلك نشرات دورية تحمل عنوان "اعرف منتج بلدك"، تضم أسماء المنتجات المحلية المتصلة بتكنولوجيا المعلومات مع نبذة عنها، وتقوم بتوزيع هذه النشرات على الشركات الاستثمارية الكبرى والبنوك والمؤسسات المالية؛ سعيا لنشر الوعي بالمنتج المحلي بدلا من السلع المستوردة.

كروت المحمول نموذجا


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

معاناة المستهلك بسبب كروت الشحن المغشوشة


كروت المحمول نموذجا


معاناة المستهلك بسبب كروت الشحن المغشوشة

وسعت الجمعية للقضاء على انتشار كروت الشحن المغشوشة للمحمول من خلال تنظيم حملة توعية لمعرفة الكروت المغشوشة من السليمة، ثم أعدت نشرة تضم أسماء الموزعين المعتمدين من الشركات لتوزيعها على المحلات التي تبيع هذه الكروت؛ لتحميل المسئولية لمن يبيع الكروت المغشوشة، وبذلك تعرف المحلات الموزع المعتمد فيتم المنع من المنبع؛ لأن المستهلك لن يستطيع التعرف على المنتج المغشوش، خاصة مع ظهور نوع جديد من الكروت السليمة ولكن بقيمة أقل من قيمتها الحقيقية المعلن عنها، وقد سبق الوصول إلى هذه الطريقة محاولات عديدة إلا أنها الوحيدة التي نجحت في حصار هذه الظاهرة.

الإجراءات القانونية تجاه المخالفين

ولم تقف جهود الجمعية عند حد التوعية وإصدار النشرات؛ بل إنها تقوم بالإجراءات القانونية اللازمة إذا لم يلتزم الموزعون ومنتجو البرامج بما جاء في نشرات التوعية. ففي هذه الحالة، كما يوضح أحمد الشرقاوي عضو مجلس الإدارة، يتعين على المستهلك الذي وجد عيبا في كارت المحمول أو جهاز الكمبيوتر أو البرنامج المستخدم أن يتوجه إلى الجمعية لاتخاذ الإجراءات القانونية مع السلطات المختصة، وتقوم الجمعية هنا بإبلاغ شرطة المصنفات الفنية في حالة برامج الكمبيوتر.

أما في حالة أجهزة الكمبيوتر وكارت المحمول تقوم الجمعية بإبلاغ الشركة المنتجة للكارت أو الجهاز؛ لمراجعة اسم الموزع وإلزام البائع بإعطاء المستهلك كارتا سليما أو جهازا مطابقا للمواصفات؛ لأن لديه قائمة تضم الموزعين المعتمدين، وفي حالة رفض البائع واختيار الشاكي لحل التوجه إلى الشرطة تتضامن معه الجمعية ضد المنتج والموزع المحلي.

تبني الابتكارات

وبالإضافة لمساندة مستهلك السلع التكنولوجية من حيث التوعية والدعم القانوني في حالة تعرضه للغش، فإن لجمعية حماية المستهلك للسلع التكنولوجية دورا آخر لا يقل أهمية، يتمثل في مراقبة جودة المنتجات المحلية والأجنبية من أجهزة الكمبيوتر والاتصالات والمحمول، وتبني أصحاب الابتكارات الحديثة، وتوفير مصادر التمويل لهم عن طريق الجمعية، أو تسويقها ونشرها لدى الشركات ورجال الأعمال والبنوك والمؤسسات المالية.

وفي هذا الإطار خاضت الجمعية معركة شرسة لترويج منتج اخترعته شركة مصرية عبارة عن جهاز لتشفير البيانات والمعلومات عبر الإنترنت؛ لينافس منتجا لشركة إسرائيلية كبيرة لديها وكلاء في جميع أنحاء العالم، وتسيطر على السوق العالمية. كما تسعى الجمعية -حاليا- لدى رئيس الوزراء لإصدار قرار يشجع الابتكار المحلي ويعزز استخدامه لتوطين صناعة التكنولوجيا.

مشروعات مستقبلية

وتخطط الجمعية كما يقول المستشار الكومي -مؤسس الجمعية- لإنشاء موقع على الإنترنت، يتضمن معلومات عن كيفية الكشف عن البرامج المنسوخة والاختبارات التي يمكن أن يقوم بها المستهلك للتأكد من جودة جهاز الكمبيوتر قبل شرائه، وأسماء الموزعين المعتمدين لأجهزة الكمبيوتر، وكروت شحن المحمول. كما تسعى الجمعية إلى إنشاء تجمع لمستخدمي المحمول الذين تعدى عددهم بمصر 12 مليون مشترك؛ وذلك حتى يمكن للجمعية التفاوض باسمهم بشكل جماعي لحماية حقوقهم لدى شركات المحمول ومواجهة أي محاولة لاستغلالهم.

ولا تزال هناك حاجة ملحة لتضافر جهود المؤسسات والأفراد المعنيين باستهلاك التكنولوجيا للقضاء على أشكال التدليس والغش بتلك المنتجات.

للمزيد من المقالات طتابع

هذا الرابط

http://www.islamonline.net/arabic/ec...rticle11.shtml