7/9/2017


وفقا لما ذكرته صحيفة هآرتس أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تشعر بالقلق من التصرفات “الحربجية” التي يقوم بها الرئيس محمود عباس الذي يشعر بالإحباط من الإدارة الأميركية وعدم مبالاة المجتمع الدولي بالقضية الفلسطينية. وإن شهر ايلول/ سبتمبر الجاري يصنف على أنه شهر بالغ الحساسية في العلاقة ما بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وإن الرئيس عباس يفكر في التوجه من جديد للمنظمات الدولية للحصول على العضوية في أكثر من 20 منظمة دولية وانتهاج خط هجومي في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الشهر الجاري.
تعلمنا من تجاربنا الفلسطينية وتاريخنا الطويل من المعاناة والنضال أن لا شيء يحدث صدفة، لكن واضح أننا نتعلم من تجاربنا صدفة أو فنتازيا نصنعها بأيدينا، وتكرار لتجارب مجربة فاشلة، ونحاول الإدعاء التخطيط وبناء التنظيم الجماعي الذي يجمع ولا يفرق، ونحن لم نقم يوماً بتقييم ومراجعة أي من تجاربنا خاصة التنظيمية التي تتهاوى بفعل الإستمرار في التفرد وغياب العمل الجماعي.
الحديث يدور عن عقد جلسة للمجلس الوطني في رام الله وانه تم تأجيلها الى بعد الإنتهاء من الأمم المتحدة التي ستنعقد دورتها نهاية الشهر الجاري. منذ ثلاثة عقود ومنظمة التحرير وقبل ذلك وهي تتهاوى، ولم يتم تطويرها وإعادة بناء هياكلها وأطرها التنظيمية والقانونية كي تكون إطار تنظيمي جماعي شامل يعبر عن الكل الفلسطيني وممثل شرعي ووحيد، ويعبر عن طموحات وآمال الفلسطينيين كما أريد له منذ تأسيسه ليوحد طاقاتهم وجهودهم لتحقيق أهدافهم بالعودة والحرية.
ولأهمية هذا الإطار الجامع تكالبت قوى كبيرة لاحتوائه والتأثير في صناعة القرار فيه، ولم تستطع إسرائيل كي الوعي وتزييف التاريخ، و برغم تخريب المنظمة وتآكل مكانتها والإنكسارات والهزائم التي لحقت بنا ونعيشها، ما زال هناك أمل في إعادة صياغة وتشكيل المنظمة وإعادة الإعتبار لها وتجديد المشروع الوطني الفلسطيني.
خلال العقود الماضية تهاوت أحاول الفلسطينيين والمنظمة بشكل مريع وأصبحت تستخدم كأداة وفرغت من مضمونها لصالح السلطة، وبقي على رأسها مجموعة من كبار السن الذين لا يعرف بعض منهم منها سوى الراتب والإمتيازات ولا تمثيل لديهم بين الناس وفقدوا شرعيتهم.
وإستمرت إسرائيل في إحتلالها وجرائمها اليومية وعدوانها المستمر ضد شعبنا ونهب مزيد من الأرض والموارد وبناء جدار الفصل العنصري، وتهويد القدس وبناء المستوطنات وفرض الحصار الشامل على قطاع غزة وتعزيز الفصل مع الضفة الغربية، وتدهور حال الفلسطينيين في مخيمات اللجوء ومنظمة التحرير لم تقم بواجبها تجاههم، وأصبح الإهتمام بتفاصيل الحياة المعيشية شغل الناس الشاغل مع استمرار الاحتلال والانقسام.
القرارات الفلسطينية تتخذ من خلال ردود الفعل والرئيس محمود عباس البالغ من العمر عمر82 عاماً يعاني من مشاكل صحية وخضع لفحوصات خلال الشهر الماضي، وإتخذ قرارات عقابية ضد قطاع غزة بإدعاء إستعادة الوحدة الوطنية من دون تحديد ماهية الوحدة الوطنية ومفهومها، واختزالها بالسلطة الفلسطينية من دون الأخذ بالاعتبار أن القضية لا تتعلق بالسلطة والحكم في الضفة وغزة، وان المشروع الوطني برمته في خطر، وما هي الخطوة القادمة في حال فشلت خطواته العقابية ضد غزة وهي ستفشل.
والتقارير الصحافية تقول أنه محبط من تجاهل المجتمع الدولي للقضية الفلسطينية، والقيادة الفلسطينية أدركت الآن أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منحازا لإسرائيل وتشعر بالإحباط منه ومن إدارته التي تعمل على سن قوانين لمنع دعم السلطة أسر الشهداء والأسرى. وتجلى هذا الإحباط بعدم إلتقاء الرئيس عباس الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش خلال زيارته الأخيرة لرام الله.
إعادة تشكيل المنظمة ومؤسساتها لا يتم بهذه الطريقة وعلى عجل، ومن أجل استمرار الحال القائم، ولا يتم بإختزال عقد المجلس الوطني في إعادة انتخاب لجنة تنفيذية ورئيس لها، وترتيب أوراق وتغيير شخصيات، فهذا تشويه لمشروعنا الوطني والإستمرار في الدوران في الحلقة المفرغة، وتكرار لإستراتيجية الرئيس ورؤيته للصراع منذ اكثر من عقدين من الزمن.
عقد مجلس وطني توافقي ضرورة وطنية كي ينهض بالمشروع الوطني وبناء رؤية وطنية واضحة، واستراتيجيات وخطط عمل تنفيذية، وبرامج عمل جماعية بروح الفريق والتحلي بالمسؤولية الجماعية، وإعادة تشكيل المجلس بشكل توافقي يأخذ بالحسبان حجم القوى الفاعلة في الساحة الفلسطينية لإدارة المعركة بشكل وطني و إدراك حقيقي بالمخاطر والمهمات الصعبة.