محمد المسفر: اللغة العربية تموت في الخليج ، حتى الصلاة بالانجليزي


دورية العراق
القدس العربي

4/7/2007

بقلم: د . محمد صالح المسفر

صرخة مدوية ارفعها إلي ولاة الأمر في منطقة الخليج والجزيرة العربية معلنا أن عروبة الخليج في طريقها إلي الزوال عاجلا أم اجلا ما لم تتضافر الجهود حكومة بكل مؤسساتها وبكل الطبقات الشعبية من اجل التصدي لكل السبل والذرائع التي تقود إلي ضياع خليجنا جغرافيا وموارد وشعبا. لقد نبهت كثيرا عبر وسائل الإعلام المختلفة عن مخاطر إضعاف اللغة العربية في مناهج التعليم العام والجامعي وتسييد لغة أجنبية أخري علي اللغة العربية تحت ذرائع واهية، أهمها كما يقول دعاة تلك الذرائع أن حاجة السوق تحتاج إلي سيادة لغة أخري علي العربية، وأن العالم يتكلم لغة عالمية واحدة، تلك اللغة هي الانكليزية، فلغة التجارة والإعلام والطب والقانون هي اللغة الانكليزية وان اللغة العربية هي لغة داخلية من اجل التواصل بين سكان المنطقة الواحدة، نحن نعيش حالة عالمية ولا يجوز عزل أنفسنا عن العالم كما يقول أصحاب هذه الأفكار.

والسؤال الذي يطرح نفسه علينا جميعا حكاما ومحكومين، لماذا لا نفرض لغتنا لتكون لغة تعامل الغير معنا؟ لماذا لا تحرر العقود والاتفاقيات التجارية والسياسية باللغة العربية إلي جانب لغة من نتعاون أو نتعاهد معه؟ لماذا لا نفرض علي كل من يطلب تأشيرة لدخول إلي أي قطر عربي أن يكون جواز سفره مكتوبا إلي جانب لغته القومية اللغة العربية؟

الفرنسيون والألمان يفرضون لغتهم علي كل من يتعامل معهم أن تكون لغة التواصل والتعاهد بلغت هذه الدولة أو تلك؟

إن لغة ما إذا خرجت عن نطاق الاستخدام ويتنازل عنها أهلها والناطقون بها ويتحولون إلي لغة أخري. حينئذ لا يموت المتحدثون بها وإنما اللغة نفسها. إن الشرط الأساسي لموت لغة ما هو تعرضها للإهمال من أهلها وعدم توريثها للأجيال اللاحقة ولنا عبــــر في التاريخ فهـــذه لغات الأقوام المختلفة في أمريكا الجنوبـــية انقرضت والي الأبد لتحل محلها لغات قوم آخرين مثل الاسبانية والبرتغالية والانكليزية، وحال إفريقيا ليــــس ببعيد عن أمريكا الجنوبية.

( 2 )
نحن في الخليج العربي يجتاحنا تيار شديد يقود إلي وفاة لغتنا العربية وقوميتنا، البنوك والمؤسسات الاستراتيجية ــ صناعة النفط والغاز والبترو كيماويات ـ والمؤسسات التجارية الخاصة، وتحرير العقود وجميع مستندات الصرف كلها تحرر باللغة الأجنبية، ولو حدث خلاف بين دولة خليجية والهند علي سبيل المثال وقررت الهند سحب مواطنيها من تلك الدولة الخليجية لانهار اقتصاد تلك الدولة في اقل من خمس ساعات زمنية.

إن البديل الحق هو تعميم اللغة العربية وتسييدها علي ماعداها من اللغات وهذا لا يمنع من معرفة اللغة الأجنبية الأخري سواء أكانت الانكليزية أو غيرها من اللغات. لاحظوا معي ولاة أمرنا حفظكم الله ورعاكم، أن المربية والطباخ والسائق العاملين في المنازل والباعة في المحلات التجارية وخدم المطاعم والفنادق وسائق التاكسي كلهم من غير العرب وذلك بالضرورة سينعكس علي أولادنا والأجيال القادمة، مع الأخذ في الاعتبار بان اللغة الانكليزية أخذت تغزو مدارسنا وجامعاتنا، مع ضعف أخذ في النمو نحو مساجدنا واختيار أئمة من لسان غير عربي سرعان ما يعوج لسانه في الصلاة الجهرية أو يتمتم بأحرف الآية الكريمة حتي لا تفقه ما يقول.

( 3 )
لا يا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: إن البدعة التي حدثت في أبو ظبي لا يجوز لها أن تعمم. فكما يقول الحديث الشريف كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار لقد علمنا مؤخرا أن خطبة الجمعة سوف تلقي في بعض المساجد باللغة الانكليزية لغير الناطقين باللغة العربية. وهذا عمل يشكل معول هدم في أمننا الوطني أو القومي إن شئت. سنة لا يمكن التراجع عنها إذا فعلت اليوم وسوف تذهب جالية أخري من ديانة أخري بالمطالبة بنفس الحقوق التي أعطيت للطرف الأول وإذا امتنعت الدولة عن إعطاء ذلك الحق فسوف تكون محط انتقادات وهجوم استعدائي من منظمات حقوق الإنسان الغربية والأمريكية وإذا قبلنا فان ذلك يشكل بؤرا تخل بالأمن الوطني لا تحمد عقباه.

افهم ياوزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية أن نواياكم حسنة ولكن في قضايا الوطن والأمم لا تكفي النوايا الحسنة. وعلي ذلك فاني اقترح أن تلقي الخطبة باللغة العربية وبعد إتمام الصلاة لا مانع من أن يقف واعظ يلخص خطبة الجمعة فيما لا يزيد عن عشر دقائق وبذلك نكون حققنا الهدف دون أن نخل بأمننا.
لقد فرضت فرنسا وكذلك ألمانيا علي خطباء المساجد الإسلامية في تلك الديار أن تكون خطب الجمع والأعياد والوعظ كلها تقال باللغة القومية لتلك الدول فلماذا لانفعل كما يفعلون؟ ولماذا لا نحض الآخرين علي تعلم لغتنا، كي لا تموت كما ماتت اللغة اللاتينية بعد ان اقتصرت علي المواعظ الدينية في الكنائس وأماكن العبادة.

كلنا امل ان يدرك ولاة امرنا خطورة التساهل في شأن اللغة العربية وعدم تفعيلها. أن ذلك يشكل خطرا علي أمننا الوطني وسلامة أجيالنا .


منقول للعبرة