منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1
    ميساء حلواني
    Guest

    يا ريمه الخاني رَمضَانُ في بَيتِ النُّبوة



    [ رَمضَانُ في بَيتِ النُّبوة ]
    🌙 الَّليلة الأُولى .].

    جلسَ الشّيخ في مَجلِسه ، وآنسَ المَكان بِطيبه .. ثُمّ دَعى وقال ؛ { رَبِّ إنّي مَسّني الضُّر } فامْنُن عليَّ بِرَمضان !

    ضَجّ المَجلسُ بِبُكاء تَلميذ ؛ مسَّته الكَلمات !

    أكمَل الشّيخ وقال :
    يا رَبّ ..
    لا تَرفع سِترك عنَّا ..
    وارزُقنا ما رزَقْتَ نَبيِّك مِن طُهر الخَلوات !

    ثُمّ أردَف قائِلاً :
    في مِثل هذه الَّليلة ؛ كانَت تتَهيّء الحُجرات بِتََراتيلِ الأَسحار .. تَسمعُ فيها انكِسار الصَوت بالوَجَل ؛ إذا تَلا النَّبيّ ﷺ { يا أيُها النَّاس أنتُم الفُقراءُ إلى الله } ..
    يَمُدّها بتوجعٍ ؛ فَيرجعُ الصَدى فقيراً .. كأنَّه يقولُ ؛ حَقيقٌ عَلينا إليكَ الإياب .. حَقيقٌ عَلينا إليكَ الإياب !

    كانَت تَمضي الحُجرات في رمَضان ؛ خِفافاً لِمَدارج القُرب .. تلوذُ بالتَّسبيح .. ويُؤدي الدَمع في أنحائِها ؛ صلاةَ الشَّوق ..
    فالخَلوة الصِّادقة ؛ لا تَخلو من العَبرة !

    في مثل هذهِ الَّليلة .. كان يَنصت النَّبي ﷺ لِحَفيف أجنِحة جِبريل ؛ تُرَفرف حولَ الحُجرات .. يَلهجُ بالشَّوق ؛ فهذا زَمنُ مُدارسة القُرآن .. زمنُ فهم النص ..
    زمنُ فكّ قيود الحَياة !

    تطيرُ أسرابُ المَلائكة في المدينةِ ، و تَهبِط في ولَهٍ على ضِفاف الحُجرات ..
    فهنا ليلٌ مُمتلىء بنَوايا ؛ تَفوحُ بنورٍ أبديّ ..

    واللهُ وحده على العَرش ..
    من يسمعُ هَرولة الخَفقات !

    واللهُ وحدَه ..
    مَن يسمعُ تَعويذة القَلب المُحَمّدي مِن ليلٍ يَدوم !

    واللهُ وحدَه ..
    كانَ يسمعُ قلب نبيّه ؛ ينَبضُ بِهَمسٍ خَفيّ :
    أتَينا إلى اللهِ بالله .. فلقَد كان اللهُ وحده في صَلاته !

    كان صَوته في سَمْعِ الملأ الأعلى يَرِفّ ..
    وفي الحُجرات ؛ يتَوسّد النَّبي ﷺ البياض سِجادة لقَلبه ويُصَلّي !

    تَنثني المَفاصل في شَوقٍ والهٍ .. يتَساقطُ التَّسبيح من شفَتيه ؛ وَرداً .. وتصيرُ الحُجرات رَوضة مِن فَرحٍ سَخيّ !

    تَهبطُ الملائكة بِخُشوع ..
    يَطفو حولَها حُبٌّ مُحمّدي ..
    تَنغمرُ المَلائكة في الإقتراب مِن النَّبي ﷺ ؛ مثل جَداول تَلتقي بالمَصَبّ !

    تَموجُ الحُجرات بِبشَاشةِ اليَقين .. ويَصمِت قلبه عن الدُنيا ؛ إذ الجنَّة هي كلّ ما يَرى ..
    و تَذوبُ أفئدةُ المَلائكة إذا تَلا النَّبي ﷺ ورَدّد ؛ { بلْ يداهُ مَبسوطَتان } !

    يَسمعها عابِر بالحُجرات قدْ ضَجّت مُقلتيه مِن التَّعب ..
    يُرَدّد الآية ثُمَ يقول ؛ ربٌ هذه يَداه ..كيفَ إذن للنَّبع أنْ ينْضَب !
    ويَمضي .. كأنّه امتلَك دليلَ الرِّحلة إلى الأُمنيات !

    وحولَ النَّبي ﷺ ؛ تنهمرُ الملائكة في الحَنين ..
    تفرّ إلى صوتِ النَّبي ﷺ ، وتَشتهي لو تَنغمسُ في التَّرتيل ..
    فصَوتُ النَّبي بعضُ النَّعيم !

    يتأوّه في الحُبِّ ، وتكادُ السَماوات تَميلُ إذْ يَميل ..
    يَمُدّ الآيات مَدّا ؛ كأنّها حبالُ الشَوق إلى الله !

    يتلو الرَحمن ؛ فينهالُ الصَوت نُوراً ، وتَنتشي الجنّة ..
    ينفتحُ له المَدى سُلَّما ..
    تُهَرول أطياف المَلائك ..
    وتُعانق " الياءَ " المَمدودة بالحُزن في صَوته ؛ إذْ يُرتِّل { نِداءً خَفيِّا } ..
    ويُصبح الَّليل ؛ غَيثاً خَفِيّا !

    يَهَبُ نَسيم العَطايا على الكَفِّ الخالية مِن الهَوى ..
    وتَمتلىء أزمانُ الجنّة بالدَهشة .. ويفورُ الكوثرُ من شِدَّة الشَوق لمُحَمّد !

    يَرتدي النَّبي ﷺ الأدَب في صَلاته ، وَيظَلُّ في غيوبِ التّلاوة سابِحاً ..
    تَطرُق الآيات قَلبه ؛ مثل أنامِل المَطر ..
    فتَنسَكِب دُموعه ؛ ولا تَدري كيفَ يصيرُ الدَمع منه مُزنَاً !

    ياللهِ ..
    لقَد كانَت ابتهالاته تشفي جِراح الرُوح مِنَّا ؟!

    يَتلو { يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ } ..
    فَيميدُ ويظَلّ يَبتهل ؛ كأنَّ الخِطاب له وَحده !

    لقد كانَ يتَّقد بالتَّوسل للمَغفرة .. يكادُ الشُحوب يُصيب المَلائكة ؛ إذْ تراهُ يَرتجفُ في سُؤاله ..
    يَئِنُّ خَوفه وهو يَتلو ؛ { فَبِأيّ آلاءِ رَبِّكما تُكَذّبان } ..
    ويَهرع قلبهُ فيقول ؛ ولا بشيءٍ من آلاءِ ربّنا نُكَذِّب !

    ويظَلُّ في سورةِ الرَحمن ..
    فإذا أطلَّ فَجرُه ؛ كانَ مَرْوياً بالرَحمة !

    يقرأُ في الصَلاة { يومَ تُبلى السَّرائر } ..
    فتبدأُ حُروف الآية من قَلبه ..
    ويَرقى الدَّمع إلى رُوحه ..
    ويَغيبُ في يومٍ ؛ تصيرُ السّريرة فيه علَانية .
    يومٌ تكونُ الألوان كلّها فيها ؛ بلونِ الضَمير !

    لذا كانت تَرتجفُ روحُ النَّبي ﷺ ..
    فقدْ ضجّ قلبه باليَقين !

    قال أحدُ التَلاميذ :
    كيفَ يبلغُ العبد هذا المقَام ؟

    قالَ الشّيخ :
    الذين خاطَروا بالشَّهوات ؛ اقتَربوا ..
    وهذا طعمُ الخَبر ؛ فكيفَ طعم النَّظر يا ولَدي !

    اسْمَع كلامَ يحى بن مُعاذ إذْ قال : ( لستُ آمُركم بِتَرك الدُنيا، آمُركم بِتَرك الذُنوب ، تَرْكُ الدُنيا فَضيلة ؛ وتَرْكُ الذُنوب فَريضة، وأنتُم إلى إقامةِ الفَريضة أحوجُ مِنكم إلى الحَسنات والفَضائل ) .
    إنّ الشَهوة زِمام الشَيطان .. ومَن غابَ فيها ؛ ماتَ في الحَجْب .. فتنبه !

    يا ولدي لا يزالُ دينكَ مُتمَزّقاً ؛ ما دامَ قلبكَ بِحُبّ الشَهوات مُتَعلّقاً ..

    لذا ..
    حوّل عين القَلب مِن الأشياء ؛ إلى رَبّ الأشياء ..
    تَعلّم كيفَ تُعلّق قلبكَ بالله ..
    لو تَعَلّق ؛ ما زادكَ الوِرْدُ عليه ؛ إلا عَطَشا !
    ما زادك الوِرْدُ عليه ؛ إلا شَوقا !
    القُرآن نعيمُ العارِفين ..
    فقلْ :
    ادْرِكنا به يا مَولاي ..
    ياربّ .. بَعْثَرتُ ذاتي فاجمَعني بالقُرآن !

    تعَلّم يا ولدي في رمَضان المُدارسة على هدي النبي ﷺ .. ودَعْ عنكَ ظاهِر القِراءة ..
    القِراءة الظَاهرة ؛ إغفاءَة ..
    والمُدارسة للقَرآن ؛ يقَظة !

    تقرأُ أُمَّة النَّبي ﷺ القُرآن في كل رمَضان ؛ لكن الهَاوية لا تزالُ تَمشي إلى أقدَامها ..

    لمَاذا ؟

    لأنَّ الأُمّة تتَلو القُرآن بالشِّفاه .. وبينَ القُلوب وبينَ معاني التَغيير في القُرآن ؛ صَوتٌ كأنه يقولُ كل عامٍ { لا مِساس } !


    🔹د.كِفَاح أَبو هَنُّود

  2. #2

    رد: يا غير مسجل رَمضَانُ في بَيتِ النُّبوة

    🕌 [ رَمضَانُ في بَيتِ النُّبوة ]
    🌙 الَّليلةُ الثَالثة ..


    استَغرقَ الشَيخ بعدَ القِيام في الذِّكر ؛ مثل مَن يَنغمسُ في الشِّفاء .. ثُمَّ رفَع رأسه وقال :
    كانَ النَّبي ﷺ إذا ذَكر الله بين أصحابِه ؛ يَمتدُّ نُوره مثل النُّجوم ، حتَى لا تَرى في المَجلس إلا ناجِياً ..
    ولا تَرى حَوله قلبًا من الإجابةِ حافِياً !


    قَومٌ عَلِموا ..
    أنَّ مَن تعرّض للكَريم رَبِح !


    لمْ يَكُن النَّبي ﷺ كثير الكَلام .. فقدْ كان يَدّخِرُ صَوته كله لله !


    يا وَلدي ..
    ما أضيقَ الكلام على القَلب المُمتَلِىء .. ما أَشقّ الكَلام !


    كان ذِكره للهِ يَجري مَع أنفاسه .. وقدْ قيل ؛ الصَّوت رَشحُ الرُّوح .. يَنسِمُ عَن مافيه !


    ولقدْ كانت رُوح النَّبي ﷺ رُوحاً ؛ شَفّتْ مِن كَثرةِ الوَصل .. حتَى أشتاقَت للعبَق الذي يُثيره الذِّكر ..
    للصَّحائف المُنتَشية بالأُجور ..
    يَهطِل في فَراغِ المَوازين امتلاءً ثَقيلاً !


    كان النَّبي ﷺ كُلَّما ذَكر الله ؛ فارَت أنهارُ الجنَّة ، حَتى تَصُبّ في قَلبه ؛ ويَفيضُ النّعيم ..
    تلك سيماهُم كانت في قُلوبهم ؛ ثُمَّ علَتْ على وُجوههم !

    تَذْكُر لنا عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - أنَّ النَّبِيّ ﷺ كان يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أحْيَانِهِ .. فقد كان يعلم ؛ أنَّ الذِّكر هو العِطر الذي يَصعَدُ مِنّا إلى المَلأ الأعلى .
    والذِّكر ؛ عِطر المَلائكة !


    قال تِلميذ :
    أفَنبلُغ ذلك ؟


    قال الشَّيخ :
    حُبّ الله إذا أضاءَ على سِرّ عبدٍ ؛ أخلاهُ عَن كُلِّ شاغِل ..
    وجَعل كُلّ ذِكرٍ سِوى الله عنده ظُلمة .


    قال تِلميذ مِن زاويةِ المَجلس :
    فكيفَ يكون ذلك ؟


    أجابَ الشّيخ :
    برعايةِ السِّر عَن الإلتفات ..
    إنَّ القلبَ حَرمُ الله ؛ فلا تُسْكِنه سِواه ..
    واصْطَفّ لِقَلبكَ ؛ ولا تَستكثر !

    قدْ تتَحرّك ألسِنَتُنا بالذِّكر ..
    لكن القَلب في أوديةِ الدُنيا يَهيم .


    يا وَلدي ..
    كيفَ يَصِحّ التَوحيد ؛ لِمَن كُلّما أبصَر شيئاً أَسَرَه ؟!
    خَلِّص قلبكَ مِن شِرك الخَفقات .. خَلِّصه لله ؛ حتَى يَخلُص لكَ أثرُ الذكِّر ..


    ولقد قِيل ..
    متَى ما غابَت رُوحك عن الذِّكر ؛ تَعطّل الأثَر !


    طَهِّر كَلامك مِن لَوثته ؛ حتَى تُرفَع لكَ حَوائِجك .


    عَن مُعتمر بن سُليمان قال :
    كانَ على أبِي دَيْن ، فكانَ يَستغفرُ اللهَ تعالى .. فقيلَ له .. سَلْ الله يَقضي عنْكَ الدَين .. قال :
    إذا غفَر لي ؛ قضَى عنّي الدَين !


    إذْ كاَن يَعلمُ ..
    أنَّ كُلّ بَعيدٍ عن الذكر .. بعيد عن الإستغفار ؛ مَحجوبٌ عَن التَوفيق ..
    وكُلّ بَعيدٍ عن الذِّكر ؛ ظامِىء
    يا وَلدي !


    كانَ النَّبي ﷺ يَميسُ جلالاً في الذِّكر ..
    تَرقّ الأنفاس ، ويهتَزّ غُصنُ الشَوق إذا قال ؛ ( لبَّيْك اللهمَّ لبَّيْكَ، لبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، والخيرُ بين يدَيْكَ، ونحنُ بكَ وإليك ) !


    يقولها ..
    وهُو يَشُمّ ريحَ الذِّكر في سِجلات المَلائكة !


    يقولها ..
    وهو يرَى تَعبِئة الحَقائب للسَّفر الطَويل !


    كانَ يتسَامى على معارجِ عِليّين ..
    هُناك .. حيثُ يَستريحُ المُتعَبون ..
    هُناك .. على مَدارج { فَلا تَعلَمُ نَفْسٌ ما أُخفيَ لَهُمْ مِن قُرَّة أعيُن } ..


    وقَد صَدق عَلِيٌّ - رَضي اللهُ عَنهُ - يوم قال :
    إذا رأيتَ الله يُؤنسكُ بِذكره ؛ فاعلَم أنَّه يُحبُّك !


    كانَ عُمْرُ النَّبي ﷺ وِردا ًدائماً ( أُمِرتُ أنْ يكونَ صَمْتي فِكْرا ً ونُطْقِي ذِكْراً ) ..
    حتى أن مَن رآهُ ؛ ظَنّ الكون صارَ ناسِكاً مُتَعبِّداً !


    يَسيرُ الصَّحب على هَديه ..
    فهذا أبو هُريرةَ - رَضيَ اللهُ عَنْه - يقول له أحدهم :
    أراكَ لا تَفترُ عن الذِّكر ؛ فَكم تُسَبِح ؟
    قال : مِئة ألف .. إلاّ أنْ تُخطئ الأصَابع !


    ومِن بَعده .. كانَ خالِد بنْ معدان يُسبّح كُلّ يَومٍ أربَعين ألفَ تَسبيحة ؛ سِوى ما يقرأُ من القُرآن !


    قال تِلميذ :
    مَن يَقدِر على ذلك ؟


    رَدّ الشَّيخ :
    قَد قالها السّلَف ؛ ( إنَّما قَطعُكُ ؛ عَدمُ استِعدادُك ) !


    كانَ النَّبي ﷺ يُعَلِّم أصحابَه سُنَّته بِقوله :
    ( من استَطاعَ ألَّا يبيتَ إلَّا طَاهِراً ذاكراً مُسْتَغفراً ؛ فليفْعَل ، فإنَّ الأرْوَاحَ تُبْعَثُ على ما قُبِضَتْ عَلَيهِ ) .


    بالذِّكر يا ولدي ..
    يزدادُ الطُّهر في الأثوابِ ؛ حتَى تَصير الرُّوح طُهراً !


    إنَّ الذِّكر يُعمرُ ما هَدمَته الخَطايا ..
    وفي الرُّوح نقصٌ فادح لا يُرَمِّمه ؛ إلا الذِّكر !


    قُل الَّليلة :
    يا الله ..
    يا مُنتهى الحُبّ ..


    يا الله ..
    يا مُنتهى الوُدّ ..
    نَتعثّر بالخَطايا في أوَل النَّهار .. وأنتَ مَن يَسمعُ نَحيبَ سُقوطِنا !


    ياربِّ ..
    في رُواقِ المُنيبينَ دُموعٌ هي المِسك ..
    فيا رب نستَعيذُكَ مِن زَلّة الكَلِم ؛ قَبل زَلّة القَدَم !
    ونستجيرُ بِك مِن عَجز الجَنان ؛ قبلَ عَجز الِّلسان !


    يا رَب ..
    ّ أوسَع ما يكونُ الكَريم بالمَغفرة ؛ إذا ضاقَت بالذَّنب المَعذرة !


    قُل الَّليلة :
    أعوذُ بالله مِن غُربةٍ عَنه ..
    وأعوذُ بالله أنْ يُطوى بِساطُ الشَّوق عَنّا .


    واعْلَم ..
    أنَّ ( للنِّية صَوتٌ يَسمعهُ الله ) ..
    فاصْدُق في تَوبَتِك مِن قِلَّةِ ذِكْره !




    🔹د.كِفَاح أَبو هَنُّود 🔹
    ________
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3

    رد: يا ريمه الخاني رَمضَانُ في بَيتِ النُّبوة

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي🕌 [ رَمضَانُ في بَيتِ النُّبوة ]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي🌙 الَّليلةُ الثَانية ..

    سلّمَ الشيَخ .. وأَنهى صَلاته في الجَمْع ؛ ثُمّ أنثَنى بوَجهه نحو التَلاميذ وقال :
    كيفَ لو كانَ النَّبيّ ï·؛ في الصلاة إمامَكم ؟

    تحرّك الدَمعُ في المَآقي ..
    واهتَزّ الوَجدُ ؛ وقال تِلميذ :
    تلك ياسيّدي هيَ والله خافياتُ الأَماني ..
    تَتوهُ المُفردات في الشَّوق له ، و وَحده الدّمع ؛ يُكني عن شدّة الحَنين لِزمانه !

    ارتَفعت تَنهيدة مِن آخِر المَجلس ، وعَلا صوتٌ يتأوّه ببيتِ شِعر :
    بَعيداً عنكَ أزدادُ نَقصاً
    أجوبُ التِّيه إذا مالَت خُطايا !

    تَململ المَجلس بالحُبّ ، وكادَ الجمعُ يتَداعى من الشوق ، وتَماسك الشَيخ وقال :
    دَليلُ الحُبّ يا أبنائي ؛ هو الإتّباع .. ألَم يَقُل الله { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي } !

    ردَّ تلميذ :
    عَلِّمنا مِمّا علّمَك الله ..
    عَلِّمنا كيفَ نضعُ الخَطو على الخَطو ..
    وكيفَ يَتْبعُ القلبُ القَلب .

    قال الشَيخ :
    كان النَّبي ï·؛ يُصَلّي بِتَأنٍّ ..
    و يَتلو بِتَمهّل ..
    وكانَ رُكُوعُه وَسُجُودُهُ قريباً من قيامه ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْن ؛ِ كل ذلك كان قَرِيبًا مِنَ السَّوَاء !

    يتَمهّل .. إذْ كان يُعَلّمنا كيفَ نخيطُ الجِراح في الصَّلاة !
    كانَ نبيّاً مِن مِسك السَكينة جُبِل .. فلا عَجلةَ في صَلاته ..
    والصَّحبُ كُلّها على آثارهِ تَسعى !

    يقفُ .. فيَتندّى العرقُ منه حياءً مِن رَبّه .. يَلُمّ الخَشية في جَوفه ويُصَلّي ..
    فإذا سجَد ؛ تَجمعُ الأَرض قَطراتَ الدُموع ، وتَنبُت الرَوضة المُباركة حيثُ صَلّى النَّبي !

    قَرَأَ يوماً فِي الصُّبْحِ بِالصَّافَّاتِ ، وَروى لنا أَنَسٍ أَنَّهُمْ حَزَرُوا فِي السُّجُودِ له قَدر عشْر تَسبيحات !
    كانت تِلك صَلاة ..
    تُومضُ بالحَنين لله ..
    بالحَنين لِمَدىً بَعيد ..
    بالحنَين للزَّمن الّلانهائي ..
    بالحَنين لِلَحظة الرُؤية لله !

    ولقدْ قيل لمُوسى { اخلعْ نَعليك } لما اقترب، وقيل لمُحمّد { أسجُد واقتَرب } ..
    أَتُراك التَقَطْتَ المَعنى ، وادرَكتَ حالَ القُرب في هَذا المقام ؟!

    صَمتَ الشَيخ هُنيهةً ؛ ثُمّ قال :
    أيقنتُ يا الله .. أنَّك إذا توَلّيت قلباً ؛ أصَبته بالشَوق ..
    أصبَتهُ بالحُبّ ..
    أصَبتهُ بالتَّوحيد !

    وقَد قيل :
    لونُ المَاء مِن لونِ الإناء .
    فيا الله ..
    طَهِّر آنِيَتنا ؛ حتَى تَليق بتَجلّي القُرب فيها !

    كانَ النَّبي ï·؛ نَجمةً في عَتيمِ الدّهر ..
    يَسجُد فَيُطيل الدُّعاء ..
    كانَ واسعاً في دُعائه ؛ مثل انتشارِ الزّرقة في السَماء
    يتَّسعُ لنا .. يتَّسع لِكَثرتنا .. يتَّسعُ في الدعاءِ لأمته ..

    وتَمتدُّ يداهُ غُصنان مِن الدُعاء ؛ فَتُثمر لنا مِن الله عَفواً !
    كانتْ يدُه ..
    يداً تَمتدّ إلى السَماء ؛ فَتهزِمُ القَلق .. تهزمُ الحُزن .. تهزمُ الأذَى ..
    هذه الصَلاة ؛ التي لا نَفقدُ بعدَها ما نُحبّ !

    قال تِلميذ :
    كيفَ يبلُغ العبدُ هذا الجَلال ؟

    ردّ الشَيخ :
    صَلِّ ياولدي صَلاةَ ..
    مَن َمسّته وحَشةُ الغِياب ..
    صَلاةَ مَن مَسّته وَحشةُ الذُنوب ..
    صَلاةَ مَن مَسّته وَحشةُ اﻹنطفاء !
    واغمُر نَفسك في الغيابِ مع الله ..
    ارفَع قلبكَ إذا رَفعْتَ التّكبيرة .. وقُل :
    ( يا مَولاي .. ارفَع مِن قَلبي كلّ هَذا الخَراب ) !

    قال حذيفةُ بن اليمان - ِرضي الله عنه - :
    صَلّيتُ مَع النَّبي ï·؛ ذاتَ ليلةٍ ؛ فافتتَح البَقرة، فقلت ُ: يركعُ عند المَائة، ثُمّ مَضى، فقلت ُ: يُصلّي بها في رَكعة، فَمضى، فَقلتُ : يركعُ بها، ثمَّ افتَتح النِّساء فقَرأها، ثمَّ افتتَح آلَ عِمران فقَرأها، يقرأُ مُترسِّلاً ؛ إذا مَرَّ بآيةٍ فيها تَسبيح سبَّح، وإذا مَرَّ بسُؤالٍ سَأل، وإذا مَرَّ بِتَعوّذٍ تَعوَّذ، ثمَّ ركَع، فجعلَ يقول : سُبحان ربيَ العَظيم، فكان رُكوعه نَحوًا مِن قيامه، ثمَّ قال : سَمِع الله لِمَن حَمِده، ثمّ قامَ طويلاً قريبًا مِمّا ركَع، ثمّ سجَد فقال : سُبحان ربّي الأعلى، فكانَ سُجوده قريبًا مِن قيامه .

    قال تِلميذ :
    فلماذا نَعجزُ عن ذلك ؟

    ردّ الشَيخ :
    لأنّ وَزنَ الخَطيئة الجاثِم على ظُهورنا ؛ يُثقلنا كثيراً !

    الصَلاة رسالةٌ نُقدّمها لله ..
    نُصلّي ؛ كيْ تُصبح الطُرق المِعْوَجّة مُستقيمة ..
    فإذا اعْوَجّتْ الصَلاة ؛ فما للعُمر مِن صَلاح !

    كان ï·؛ في الخَمسين مِن عُمره ؛ يُصلّي من أوَل الَّليل حتَى نُعاس العُيون .. فلا يَنتهي إلا وقَد تناولَ الصّباح ..
    يَبكي في صَلاته ؛ فتتّسع حدَقة القَلب ، ويَشفّ ما وراءَ الغَيب ، وتَستفيقُ الرُؤى الصَادقة .

    ( إذْ الدُموع .. نافِذة المُبصرين إلى السَماء ) !
    كانَت صَلاته نوراً على نُور ..
    وأنّى للبَشَرِ أنْ تُطيق ذلك !

    لكنّ البَصيرة التي رأتْ الجنّة ؛ تَفهم المَعنى ..
    و ما يَعقِلُ المَعنى ؛ إلا مَن ذاقْ !

    تَذْكُر عائِشة - عليها السَلام - أنّ نَبيّ الله ï·؛ كانَ يقومُ مِن الَّليل ؛ حتى تَتفطّر قدَماه ، فقالتْ عائشة :
    لِِمَ تصنعُ هذا يا رسول الله ؛ وقَد غفَر الله لكَ ما تقَدّم مِن ذَنبك وما تأخَّر ؟
    قال :
    م€ٹأفلا أُحبّ أنْ أكونَ عَبدًا شَكوراً م€‹.

    ذاكَ جوابٌ ؛ فيه أَلقٌ يَشُدّكَ نحوَ السَماء ..
    أَلقٌ .. تَوَقَّدَ مِن وَلهِ عابدٍ ، ومِن شَوقِ ساجِد ؛ لا يُشبعه إلا رُؤية الوَجه الكَريم !

    تأَمّل الشَيخ الوُجوه ؛ ثُمّ قال :
    إذا أرَدتّ أنْ تَدخل مَقام الوُدَّ ؛ فَزِد على مافَرض اللهُ مِن جِنس مافَرض الله ..
    وابْتَغِ في صَلاتك بينَ الوَصل والحُبّ سَبيلاً !

    قال تِلميذ اكتنَفهُ الجَوى :
    بَيني وَبينك يا رَسول الله ..
    فقرُ القَلب ..
    وَيُتْمُ الصَّحائف مِن هَديك ..
    وفَراغُ السِّجلات مِن زمَانِ الوَصل !

    فقالَ الشَيخ ..
    قُل الَّليلة في قِيامك :
    ( أعوذُ بكَ يا ربِّ مِن عُمرٍ لا اتّباعَ فيه .. وأعوذُ بكَ مِن صَلاةٍ تَملؤها الثُّقوب .. وأعوذُ بكَ مِن عَينٍ لا دَمع فيها ) .

    وإيّاكم ووسوسةِ الأعذَار ؛ فتِلك ‏أعذارٌ تمَكّنَ مِنها الهَوى !
    واذكُروا أنَّه ..
    كُلّما أفلتَتْ خطوةٌ مِن الهَدْيِ النبوي ؛
    وقَفْنا على حَوافِّ البُعد !
    وَقَفْنا على حَوافِّ العَطَش !

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي🔹د.كِفَاح أَبو هَنُّود نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي🔹
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  4. #4

    رد: يا ريمه الخاني رَمضَانُ في بَيتِ النُّبوة




    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي🕌 [ رَمضَانُ في بَيتِ النُّبوة ]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي🌙 الَّليلةُ الرّابعة ..

    تَكلّم الشَيخُ ؛ فكانَ صَوته الّليلة دافئاً .. مِثل صَوت الماء في غُربة العَطش !
    ثمّ قال :
    كيفَ بِكُم لو كُنْتُمْ في مَسجد النّبي ï·؛ ؛ وخَرج عليكم بِبردته الشَّريفة من أبوابِ الحُجرات ؟

    تِلك لَحظةٌ ؛ تَهيم في سُبُحات النَّعيم ..
    لحظةٌ ؛ شَطرها أَلقُ النُّبوة ، وشَطر باقيها ؛ أنفاسُ جِبريل .

    تنَحّى تلميذٌ بِوَجهه ؛ وتوَضّأ بدَمع عَينيه !
    فقالَ الشَيخ :
    يا وَلدي .. الحُبّ هو الجِسر الذي بَيننا وبينَ مُحَمّد ï·؛ ..
    فالحُبّ ؛ يُورِثُ السَخاء في الرُوح ..
    والمَرء ؛ يَصبو إلى مَن يُجانَس ..
    وللقلبِ على القلبِ دَليلٌ حينَ يَلقاه ..
    وتِلك هي العَلامَةُ يومَ القِيامة .
    فقالَ تِلميذ :
    بِرُوحي مَن تذوبُ عليه رُوحي .. كيفَ تَتشابه قُلوبنا مع قَلبه ؟
    قالَ الشَيخ :
    فانْصُت لي ؛ كَيْ تَغنمَ بالنَّبيِّ الوَصْلا ..
    كانَ النَّبي ï·؛ يُطلّ على أصحَابه في بُردته ؛ راسِخاً في النُور لا تَشوبه ظُلمة الظَنّ !

    كانَ كُلّه صَفاءً غيرَ ذِي كَدَر ..
    امتلَأ قَلبه بالصَّفاء ؛ حتَى اشتَعل نَجماً دَليلاً ..
    والوَحي لا يَنهمرُ في قلبٍ ذُهل عَن وَسواسِه ..
    فتنَبّه للمَعنى !

    كان للنبي ï·؛ قلباً ..
    مَحى مِن نَبضه صَدأ النَاس ..
    ثمَّ يَمّمَ شَطر الملأ الأَعلى ..
    يَمرّ في خَطايا الناس ؛ فيتَسامى عَن أذَاهم ، ويَلُمّ الشَظايا ..

    قال اللهُ له { فإنّك بأعيُننا } .. فخلَع على بابِها كُلّ الهُموم ، وصارَ عُمْره لأُمَّته ؛ ظِلاً ظَليلاً !
    لا شَيء كانَ قادراً أنْ يتَسوّر قَلبه ..
    لا شَيء ؛ إلا الصَّفح والسَلام ..
    كانَ يقولُ ؛ ( لا يَبلّغني أحَدُ من أصحابي عَن أحدٍ شَيئاً ، فإنّي أُحبّ أنْ أخرُج إليكم وأنا سليمَ الصَدر ) .

    وقدْ قيل .. ما اسَتقصى كريمٌ قَطْ .. وكان النبي ï·؛ كريما
    يا ولدي إنَّما يَقتفي مسّ الشَيطان في الناسِ الفارِغون ..
    ومَن لا طَلب له إلا عَثرات مَن عثَروا ؛ يظَلُّ أسيرَ الحِيرة !

    كانَ النَّبي ï·؛ يَعْبُر بكلِّ عَفوٍ ؛ خطوةً إلى المَلكوت ..
    كانَ وحده في العُبور ؛ وكانَ كَثيراً !

    نظرَ الشَيخ إلى كلِّ تلميذٍ وقال :
    غادِر نفْسَك ؛ تَصِل إليه ..
    غادِر ثَارَاتك ..
    غادِر ما تُقاتل النَاس عليه مِن فُتات .

    وقدْ قال الجُنَيد :
    " مَن فتحَ على نفسه بابَ نِيّةٍ طَيّبة ؛ فتَح اللهُ له سَبعين باباً من أبوابِ التَوفيق " .

    لمْ يَكُن السَلام في حَياة النَّبي ï·؛ ومضةَ روحٍ عابِرة .. بل كانَ قَرار الحَياة ( الّلهمّ اغْفِر لِقَومي ؛ فإنَّهم لا يَعْلَمون ) !
    وقفَ مِن علٍ يُلَقِّن الناسَ النُور ، ويَغسلهم بالكَلِم الأَبيض ؛( اذهَبوا فأنتُم الطُّلقاء ) !
    يُحَرّرهم بلا مَن ّ.. إذْ الكُرهُ قَيدٌ ؛ والعَفو حُرية القَلب ..
    ومُحمّد ï·؛ لا يَغْلهُ الأَمْس !

    يكادُ يَرى في الغَيب له مُتَّكأً .. فَيُهَونِّ على فاطِمة ؛ إذْ يبُكيها ظُلم قُريش ؛ ما مَسّني الضُّر .. ما مَسّني الأذى !
    نَبيٌ ..
    ما طَرقت الأُمّة أبوابَ قَلبه ؛ إلا ألِفَتها مَفتوحة..
    إذْ كان قَلبه حَرمٌ ؛ لا يَسكنه إلا طاهِرُ الحَمام مِن الأَفكارِ والنِّيات والقِيَم !

    ما أشَقّ أن يَستَعبِد المَرء ماضِيه ..
    أنْ يَستَعْبده أذَى القَطيعة ؛ فيظَلّ في قِيعان الذَّات !

    لا تَكن في دِينك ناقصَ المَعنى ..
    وأعْلَم .. أنَّ مَن يَضيقُ عن السَلام ؛ ضَريرُ البَصيرةِ ، مَطموس الرُوح ؛ لا يُضيء !

    تَعبٌ ..
    أن نُضيءَ ما لا يُضاء !

    انظر إلى وصْف أصحابِ النَّبي ï·؛ الذين ساروا على هديه .. يقولُ إياسُ بن مُعاوية في ذلك :
    " كانَ أفضَلهم .. أسْلَمهم صَدرًا ، وأقلّهم غِيبَة " .

    وقال سُفيان بن دينار لأبي بِشر أحد السَلف الصالحين :
    " أخْبرني عن أعمال مَن كان قبْلنا ؟
    قال : كانوا يَعملون يَسيرًا ؛ ويُؤجَرون كثيرًا ..
    قال سُفيان : ولِمَ ذاك ؟
    قال أبو بِشر : لِسلامة صُدورهم " .

    يا ولدي ..
    الصَّفح سِرٌ دافِىء ؛ لا يَبوح بِثَوابه إلا هُناك !

    ما الظَنْ ..
    ما الريبة ..
    ما الوساوس ..
    يا ولدي لا يُهَرول ؛ مَن يحمِل في قَلبه حَطبُ جهَنّم !

    أولئكَ المُثقَلون .. مِن أينَ لهم أنْ يُدركوا نعيمَ الظُّهور الخِفاف !!
    وأعلَم ..
    أنّ القُبور كالصُدور ؛ منها مُضيء ، ومِنها المُعتِم ..
    وتلك نِهاياتٌ ؛ كانَت لها بدايات !

    قالَ تِلميذ :
    كأنَّ المَسافة بيننا وبينه ؛ جراح القلوب ..
    وتِلك والله ؛ سَفرا طويلاً !

    ردَّ الشَيخ :
    إنْ أرهَقك البُعد ؛ فَقُل ..
    الّلهم عَليك بالمَسافات ؛ فإنّها لا تُعجزك ..
    واذكُر أنّ قلّة الصَّفح ؛ سَببٌ لانفراط الأزْمان الفَضيلة !

    قال تِلميذ :
    كيفَ نُرمّم الصَّفاء .. الصَّفح ..
    كيفَ نُرمّم كلَّ هذه الفَوضى القَلبية ؟

    أجاب الشَيخ :
    إنّ الرُّوح لا تُصاب بعلّةٍ أسوأ ؛ مِن توَهُّم الكَمال ..
    لذا .. صَحّح وِردك .. قِفْ بقوله تعالى { ويَعْفُ عَن كثير } .. أو تسأله العفو وتعجز عنه !
    { ويَعْفُ عَن كثير } .. ليُقم بها قَلبك الَّليلة .

    واعْلَم ..
    أنَّ العَفو ؛ تَرنيمة العائِدين إلى مَقام المُحسنين ..
    العَفو ؛ صوتُ النُّفوس التي تسَامت عَن رَجفةِ الإنتقام !

    وقُلْ ..
    الَّلهم لا هَزيمة أمامَ قُلوبنا ..
    نعوذُ بك مِن خَلَلِ الخُطى ..
    ونَسألكُ تَمام العَفو !

    اصْدُق في سُؤالك ..
    فَوالله ما طَلبوا الوُقوف ببابه ؛ حتَى دعَوا .. فأتَاهم المِفتاح !

    انتَهى المَجلسُ بصَوتٍ محزونٍ يقول :
    واشتَهيتُ بينَ يدي الله ..
    لو في عَينيّ عِبرة نَبيٍّ .. وفي صَدري عَفْوٌ مُحَمّديّ !

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي🔹د.كِفَاح أَبو هَنُّود نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي🔹

    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

المواضيع المتشابهه

  1. هرب النوم / ريمه الخاني
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى شؤون القصة
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 05-21-2015, 03:19 PM
  2. الدقران/ريمه الخاني
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-09-2013, 02:51 PM
  3. رؤية نقدية لرواية /خطوات في الضباب لملاحة الخاني/دراسة :ريمه الخاني
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12-20-2012, 07:35 AM
  4. ريمه الخاني
    بواسطة يونس محمود يوسف في المنتدى فرسان الشعر الشعبي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 07-30-2012, 09:57 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •