الدكتورة دعد الحسيني رحمها الله واحدة من الأسماء النسائية التي كان لها جهود ملموسة في التربية والدعوة بالشام، حيث ساعدها تخصصها في الرياضيات كأستاذة للمادة بكلية العلوم بجامعة دمشق، أن تمتلك قدرا كبيرا من القدرة على التخطيط والتنظيم وإدارة الوقت.

إننا ننشر سيرة هذه الأستاذة الجليلة ـ رحمها الله ـ كنوع من التذكير بما قدمته المرأة السورية في الدعوة والتربية، قبل أن يحل بالبلاد ما حل بها، لندرك أن حالة اليقين والثبات التي يعيشها أهل الشام لم تأت من فراغ، وإنما كان وراءها حلقات تحفيظ القرآن الكريم، ودروس التربية التي تظهر ثمارها حاليا في أخلاق أهل الشام الصامدين، حفظهم الله ونصرهم.

ولدت الدكتور دعد محمد علي الحسيني الجزائري بدمشق عام 1938م، وكانت ممن استهوتهم التيارات اليسارية في بداية حياتها، فكانت يسارية الميول في أول شبابها، وسافرت موسكو، وحصلت منها على الدكتوراه في الرياضيات من الاتحاد السوفييتي، وهي من أقدم مدرسي قسم الرياضيات في كلية العلوم بجامعة دمشق، ثم أقامت في الجزائر، وعملت بالتدريس هناك فترة، استقرت بعدها في جامعة دمشق.

تزوجت الدكتورة دعد من الأستاذ محمد نذير المالح، ولها منه ولد وبنت، وحين قرأت المنهج الإسلامي أدركت أن الإسلام هو طريق النجاة الدنيوية والأخروية، وأنه مفتاح الحضارة والتقدم والعدل والمساواة التي كثيرا ما تدنن عليها التيارات اليسارية.

ثم منحها اطلاعها على أفكار اليساريين، إدراك عظمة المنهج الإسلامي، فالتزمت بالإسلام، قلباً وقالباً، وكانت من رائدات الحركة الإسلامية النسائية في الشام، ومن كبيرات مربياتها.

وقد تخرجت على يديها المئات من الحافظات المجازات، ومن تلاميذاتها بضعة ألوف من حاملات القرآن. وكانت شديدة الإتقان والضبط.

قضت الدكتورة دعد ـ رحمها ـ الله حياتها مربية فاضلة، وزوجة صالحة وأماً فاضلة، وعالمة كبيرة، يشهد لها كل من تعامل معها بالسبق والريادة.

كما كانت ذات شخصية قوية، ومتوازنة، وبعيدة النظر، ويذكر طلابها قدرتها على الضبط الحازم لقاعة التدريس بين مئات من الطلاب الذين لم تألف وجوههم امرأة محجبة ملتزمة تدرسهم مادة الرياضيات.

كان تخصصها العلمي، وسمتها وسلوكها بين الطالبات من عوامل جذب الفتيات إليها، حيث كانت محجبة في وقت يندر أن تكون أستاذة جامعية وبروفسيرة في الرياضيات محجبة، وعلى اطلاع واسع بثقافات الأمم الأخرى، وهو ما كان يختصر عليها الطريق في الوصول لقلوب الفتيات، خصوصا مع اشتداد حملات التغريب.

اهتمت الدكتورة دعد الحسيني بالقرآن الكريم دراسة وحفظا، فألفت رسالة صغيرة في علم التجويد، ولكن منجزها الكبير كان في آلاف الطالبات والأمهات اللواتي حفظن القرآن على يديها، ولها عدة كتب في الرياضيات العامة ونظرية الأعداد.

يذكر عنها من عرفوها أنها رحمها الله كانت ذات خلق كريم، وطيبة بالغة، وابتسامة مشرقة، مع حزم ولطف.
وفي يوم الخميس 23 ربيع الأول 1430هجرية الموافق 19 مارس 2009م توفيت الدكتورة دعد الحسيني، وتم تشييع جنازتها من جامع الشافعي غرب المزة، ودفنت في مقابر نجها. وشيع جنازتها العديد من أهل العلم والفضل، وشهد جنازتها المئات من حافظات كتاب الله. رحمها الله رحمة واسعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ