ومضات من كتاب"العمامة والوردة" : الندان ..أمريكا وإيران

كتبتُ من قبل،تحت عنوان"الشبيهان .. السعودية وإيران"،واتكأت على كتابي "الجانب الخفي من تاريخ البترول"و"العمامة والوردة" ..
واليوم،في خضم "هوجة"إيران"ترامب" ... وجدت حديثا لسفير فرنسي سابق في إيران،وهو مؤلف كتاب"العمامة والوردة"حديثا .. ربما يستحق التوقف عنده .. فهو يقول مثلا :
(في كل جمعة وفي كل إيران وفي وقت صلاة الجمعة في المساجد ترتفع في الهواء ملايين القبضات مع هتاف "الموت لأمريكا".وعندما نسبر غور المشهد أكثر ،نجد أن القلب لا يقول إلا نصف ذلك،لقد أصبح هذا الدعاء جزءا من الشعائر ومميزا لخطب الجمعة التي تجري تقريبا وفق المسار نفسه. (..) ثم يقترب { أي الخطيب – محمود } بعد ذلك من السياسة الخارجية وهنا تبدو إيران بالضرورة وكأنها ضحية الاضطهاد الدائم من القوى العظمى في العالم،والأوربيين غالبا،وإسرائيل بالضرورة،ومن كل الوجوه أمريكا. ثم يصعد الخطيب من لهجته،وترتفع القبضات في الهواء،عندها ينتقل الخطيب بسهولة كبيرة من إيران الشهيدة إلى الإمام الشهيد،الإمام الحسين"كربلاء 580"فيستدر بصوته المتهدج شهقات البكاء يرافقها الأنين والعويل من المصلين.
ويمسح الخطيب عينيه بمنديله،أما أولئك الذي {هكذا – محمود} لم يذرفوا دمعة فيدفنون على الأقل رؤوسهم في صدورهم ويغطون وجوههم بأكفهم ،وعندما تمضي هذه اللحظات التطهيرية،تنتهي الخطبة ببعض العبارات المناسبة ويغادر كل مصل المسجد وقد استعاد مرحه،وإذا استطاع أحد ما بعد خروجه من المسجد،الحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة سيكون بالتأكيد قد حقق النجاح الأكبر){ص 63 – 64 ( العمامة والوردة ) / فرانسوا نيكولو / ترجمة : مروان حموي / شركة مكتبة العبيكان / الرياض / الطبعة الأولى 1429هـ = 2008}
لا. ليس هذا ما قصدته!! فلعله هذا :
(ومن المعروف أنه ليس من النادر أن يكتشف النظام واحدا من الذين يحتلون مناصب عالية أن لديه ابنا أو اثنين يدرسان في أمريكا. وإذا لم يرغب هذا الوالد بالمجازفة لزيارتهما.،فستقوم زوجته مقامه.،وأحيانا بشكل متكرر بعد أن تخلق عذرا ما للسفر بغية الاطمئنان على ولديها العزيزين،وربما كان لديها البطاقة الخضراء السحرية التي تسمح بالإقامة في الولايات المتحدة مخبأة تحت كومة ثيابها الداخلية،هذا إن لم يكن جواز سفر أمريكي.){ ص 65 ( العمامة والوردة)} .
ليس هذا أيضا .. فقد يكون هذا :
(ونجد في أعماق الإيرانيين وبعيدا عن اللعنات الشعائرية التي تصب على أمريكا،القناعة بأن الولايات المتحدة هي المحاور الوحيد الجدير بهم.وقد قطعت كل الروابط مع الولايات المتحدة منذ الاستيلاء على السفارة الأمريكية في طهران منذ ما يقرب من ربع قرن،وأصبحت الشتائم الوسيلة الوحيدة للاتصال والطريقة الفريدة ليقف الفريقان في مستوى واحد وبالنسبة للأمريكيين أيضا فإن إيران هي المحاور الوحيد الذي يستحق الاهتمام في المنطقة ودون مقارنة مع الدول التي تقع وراءها){ ص 65 ( العمامة والوردة) }.
نعم.هذا ما أبحث عنه .. "الندية" .. أمريكا – القوة العظمى الوحيدة الآن – هي الوحيدة التي تستحق الحوار مع أحفاد"كسرا أنوشروان" .. فالحضارة العريقة .. تحاور الحضارة المتغلبة!!
وفي الهامش .. يذكرنا "السفير" ببعض من الماضي .. الذي يُفترض أن تشكره إيران لندتها أمريكا ..
(علنيا ألا ننسى أنه في الزمن الاستعماري الصعب وفي الوقت الذي كانت فيه إيران ،كما كانت الصين،تعيش خطرا مميتا وهو التقسيم"الصين من قبل فرنسا وإنكلترا وروسيا وألمانا،وإيران من قبل بريطانيا وروسيا"عارضت الولايات المتحدة الشهوات الاستعمارية ودافعت عن وحدة التراب الإيراني){ ص 65 - 66} ( العمامة والوردة)}
وأيضا،في الثورة الدستورية الإيرانية سنة 1906 (كان هناك من بين الذين قتلوا بسلاح الشاه والجيش الروسي الذي سانده،فتى أجنبي يدعى هوارد سكرفيل وهو شاب رسولي وأستاذ في جامعة تبريز انضم إلى طلابه في مقاومة الشاه ومات في المعركة وهو في الرابعة والعشرين من عمره أثناء محاولة فك الحصار عن المدينة،وما زال قبر هذا الشاب في مقبرة تبريز وبعد سبعين عاما،وفي ذروة الثورة الإسلامية يغطى دائما بالورود ){ 66 ( العمامة والوردة}
وكذلك ..
(وفي نهاية الحرب العالمية الثانية،أجبرت ضغوط الرئيس الأمريكي ترومان،قوات ستالين التي احتلت أزربيجان الإيرانية منذ عام 1941،على الجلاء عنها ){ ص 67( العمامة والوردة}.
هل يمكن لإيران أن تنسى هذه الجمائل الأمريكية؟!!
إنها – بعد قدر الله سبحانه وتعلى – السبب في عدم تقسيم إيران!!

استومضها لكم : س/ محمود المختار الشنقيطي المدني
س : سفير في بلاط إمبراطورية سيدي الكتاب