منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. #1

    لماذا رفض النحويون القراءات القرآنية؟ : صلاح حسن رشيد‎

    لقد وجد القرآن الكريم، والقراءات القرآنية قبل وجود النحو والنحويين». هذا ما قاله العلامة النحوي أحمد علم الدين الجندي. ويتندر العلامة الدكتور محمد عبدالله دراز، فيقول: «فكيف التمس النحويون العصمة لسيبويه، والخليل، وغيرهما من علمائهم، ولم يلتمسوا العصمة للقراءات القرآنية، وعلمائها الكبار العدول؟».
    قال ابن الجزري في «طبقات القراء» عن حمزة: «قال أبو حنيفة لحمزة: شيئان غلبتنا عليهما، لسنا ننازعك فيهما: الفرائض والقرآن»! وقال سفيان الثوري: «غلب حمزة الناس على القرآن والفرائض»!
    فمن هو الإمام حمزة الذي طعن فيه النحويون، وفي غيره من علماء القراءات القرآنية، بلا هوادة، ولا عقل، ولا إيمان؟!
    هو حمزة بن حبيب الزيات الكوفي، المولود عام 80 هجرية، والمتوفى عام 156 هجرية، والذي أدرك بقية الصحابة، فنهل من علمهم، وأخلاقهم.
    كان إماماً حجة ثقة ثبتاً، قيماً بكتاب الله، بصيراً بالفرائض، عارفاً بالعربية، حافظاً الحديث الشريف، عابداً خاشعاً زاهداً ورعاً.
    وقال الإمام سفيان الثوري عنه أيضاً: «ما قرأ حمزة حرفاً من كتاب الله إلا بأثر». أي كانت قراءته متواترة حتى تصل إلى الصحابة، عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
    قال يحيى بن معين في حقه، سمعت محمد بن فضيل يقول: «ما أحسب أن الله يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلا بحمزة».
    وكان الإمام حمزة يعترض على من يزيد في المد، ويفرط في الهمز، فكان يقول لمن يخطئ مثل هذه الأخطاء: «أما علمت أن ما كان فوق البياض فهو برص، وما كان فوق الجعودة، فهو قطط، وما كان فوق القراءة، فليس بقراءة؟!».
    هذا هو الإمام الزاهد التقي النقي الذي خاض النحويون في علمه، وأخلاقه، فاتهموه بعدم فقه العربية، واللحن، وسوء الخلق! وهي اتهامات باطلة، جائرة، كان مبعثها الحسد، وضعف بضاعتهم، وقلة علمهم، وسوء أخلاقهم، وضعف إيمانهم، وتقديمهم كلام سيبويه، والمبرد، والمازني، وابن جني، والسجستاني، ومن على شاكلتهم، على علماء القراءات المتواترة المروية عن أفصح العرب قاطبة، وهو النبي العربي القرشي محمد!
    دافع عنه العلامة محمد عبدالخالق عضيمة في كتابه المهم «دراسات لأساليب القرآن» وعن غيره من شيوخ القراءات السبع المتواترة ضد مهاترات النحاة، وهجومهم المقذع غير المبرر على الإطلاق، فقال: «ويؤسفني أن أقول: إن كتب النحو واللغة والتفسير، وغيرها تضمنت نصوصاً كثيرة في الطعن على الأئمة القراء الذين تواترت قراءاتهم في السبع، والذين ارتضت الأمة قراءاتهم، فركنوا إليها، وعولوا عليها»!
    في «مراتب النحويين» لأبي الطيب اللغوي: «... أخبرنا أبو حاتم (السجستاني) قال: سألت عن حمزة أبا زيد، والأصمعي، ويعقوب الحضرمي، وغيرهم من العلماء، فأجمعوا على أنه لم يكن شيئاً، ولم يكن يعرف كلام العرب، ولا النحو، ولا كان يدعي ذلك، وكان يلحن في القرآن، ولا يعقله، يقول: (ما أنتم بمصرخيِّ) بكسر الياء المشددة، وليس ذلك من كلام العرب، ونحو هذا من القراءة! قال أبو حاتم: وإنما أهل الكوفة يكابرون فيه، ويباهتون، فقد صيَّره الجهال من الناس شيئاً عظيماً بالمكابرة، والبهت»!
    وقال أبو عثمان المازني في تصريفه عن الإمام حمزة، وغيره من القراء: «فأما قراءة من قرأ من أهل المدينة (معائش) بالهمز، فهي خطأ، فلا يلتفت إليها. وإنما أخذت عن نافع بن أبي نعيم، ولم يكن يدري ما العربية، وله أحرف يقرأها لحناً نحواً من هذا»! وهو الكلام نفسه الذي كرره المبرد في كتابه (المقتضب) أيضاً!
    أما ابن قتيبة، فقال في كتابه «تأويل مشكل القرآن»: «... وكذلك لحن اللاحنين من القراء المتأخرين، لا يجعل حجة على الكتاب. وقد كان الناس يقرأون بلغاتهم، كما أعلمتك، ثم خلف قوم بعد قوم من أهل الأمصار، وأبناء العجم ليس لهم طبع اللغة، فهفوا في كثير من الحروف، وزلوا، وقرأوا بالشاذ، وأخلوا! منهم رجل ستر الله عليه عند العوام، بالصلاح، لم أر في من تتبعت وجوه قراءاته أكثر تخليطاً، ولا أشد اضطراباً منه»! يقصد الإمام حمزة.
    حتى ابن جني هاجم القراء، وخاض في علمهم، فقال في «الخصائص»: «ولم يؤت القوم في ذلك، من ضعف أمانة، ولكن أتوا من ضعف دراية».
    وقال الزمخشري في «الكشاف» عنهم: «والسبب في نحو هذه الروايات قلة ضبط الراوي، والسبب في قلة الضبط قلة الدراية، ولا يضبط نحو هذا إلا أهل النحو».
    ويرى الشيخ عضيمة - رحمه الله - أن النحويين زعموا أنهم أدرى بضبط القراءة من القراء، لأنهم كانوا يحتكمون إلى ما وضعوه من قواعد، وسنّوه من قوانين.
    لكن، نسي هؤلاء النحويون شيئاً مهماً جداً، وهو أن كلامهم ليس معصوماً من الزلل، ولا من الخطل، فكيف ارتضوا عصمة كلامهم الناقص هذا، فقدموه على الروايات المتواترة عن أفصح الفصحاء، وأبلغ البلغاء سيد ولد آدم، محمد بن عبدالله؟!
    هذه هي القضية التي وقع فيها النحويون من عل، وسقطوا فيها السقوط المدوي، فاعتبروا كلامهم، وقواعدهم فوق السنّة المتبعة! فمدوا أرجلهم بغرور، وزهو، ولكن أمام كلام الله عز وجل، فأين أخلاقهم؟ وأين إيمانهم؟
    ولننظر إلى كلام عقلاء النحويين، الذين لم يتحزبوا للنحو على حساب الحق، والعدل، والعلم. فهذا هو النحوي أبو حيان الأندلسي يقول في (البحر المحيط): «القراءة سنّة متبعة، ويوجد فيها الفصيح والأفصح، وكل ذلك من تيسيره تعالى القرآن للذكر».
    بل قال أيضاً: «فإن لسان العرب ليس محصوراً في ما نقله البصريون فقط، والقراءات لا تجيء على ما علمه البصريون»، بل إنه زاد، فقال: «ونحن لا نتعبد بنحو نحاة البصرة»، مع أنه بصري.
    ويقول ابن الأنباري في «الانتصاف في مسائل الخلاف»: «ليس القصد تصحيح القراءة بالعربية، بل تصحيح العربية بالقراءة»!
    بل قال الإمام الفخر الرازي في «مفاتيح الغيب» عن تناقضات النحويين، ومنهجهم العقيم: «أنا شديد العجب من هؤلاء النحويين، إذا وجد أحدهم بيتاً من الشعر، ولو كان قائله مجهولاً، فرح به، وجعله دليلاً على صحة القراءة، ولو جعل ورود القراءة دليلاً على صحته كان أولى».
    وقال ابن الحاجب النحوي في «شرح المفصل» عن هذه الظاهرة الخطيرة: «والأولى الرد على النحويين، فليس قولهم بحجة عند الإجماع، ومن القراء جماعة من النحويين، فلا يكون إجماع النحويين حجة مع مخالفة القراء لهم، ولو قدر أن القراء ليس فيهم نحوي، فإنهم ناقلون لهذه اللغة، وهم مشاركون النحويين في نقل اللغة، فلا يكون إجماع النحويين حجة دونهم، وإذا ثبت ذلك، كان المصير إلى أقوال القراء أولى، لأنهم ناقلون عمن ثبتت عصمته عن الغلط في مثله (وهو النبي محمد)، ولأن القراءة متواترة، وما نقله النحويون آحاد، ثم لو سلم أنه ليس بمتواتر، فالقراء أعدل، وأثبت، فكان الرجوع إليهم أولى».
    بل؛ وجدنا إمام النحو، ثعلب، يعترف بعظيم مكانة أهل القرآن، والقراءات، ومدى تهافت مكانة أهل النحو؛ فيقول في لحظة صدق: «اشتغل أهل القرآن بالقرآن، ففازوا، واشتغل أهل الحديث بالحديث، ففازوا، واشتغل أهل الفقه بالفقه، ففازوا، واشتغلت أنا بزيد وعمرو، فيا ليت شعري: ماذا يكون حالي في الآخرة؟».
    لذلك، ورد في كتاب «مراتب النحويين» أن: «الخليل الفراهيدي نظر في فقه أبي حنيفة، فقيل له: كيف تراه؟ فقال: أرى جداً، وطريق جد، ونحن في هزل، وطريق هزل».
    وسؤالي لأهل النحو، هو: متى ينتصر النحويون للقراءات القرآنية؟ وما السبيل لدراسة النحو القرآني؟ ومتى نرى الأولوية للقرآن في الاستشهاد، والتقعيد، وليس للشعر، وكلام العرب؟ فقد خسرت العربية كثيراً - وما زالت تخسر - بسوء منهج النحاة، وفساد آرائهم، وهجومهم العنيف غير العلمي على القراءات وعلمائها.

  2. #2
    محاضر ومسؤول دراسات عليا في جامعة القاضي عياض، المغرب
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,497
    العلامة محمد عبدالخالق عضيمة في كتابه المهم «دراسات لأساليب القرآن» وعن غيره من شيوخ القراءات السبع المتواترة ضد مهاترات النحاة، وهجومهم المقذع غير المبرر على الإطلاق، فقال: «ويؤسفني أن أقول: إن كتب النحو واللغة والتفسير، وغيرها تضمنت نصوصاً كثيرة في الطعن على الأئمة القراء الذين تواترت قراءاتهم في السبع، والذين ارتضت الأمة قراءاتهم، فركنوا إليها، وعولوا عليها»!
    يقول ابن الأنباري في «الانتصاف في مسائل الخلاف»: «ليس القصد تصحيح القراءة بالعربية، بل تصحيح العربية بالقراءة»!
    ماورد أستاذنا الكريم محمود هام جدا ولافت فعلا، ويحتاج منا لمراجعات وتمحيص جديد، فهذا أمر ليس فيه مراء،ولامهادنه ،بل دقة وتقرير فماترى ؟
    أَسْرِي سَقَى شِعْرِي الْعُلا فَتَحَرَّرَا = وَرَقَى بِتَالِيهِ الْمُنَى فَتَجَاسَرَا

  3. #3
    محاضر ومسؤول دراسات عليا في جامعة القاضي عياض، المغرب
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,497
    ربما يليق بالموضوع نقله للقسم الإعرابي في قسم اللغة العربية.
    أَسْرِي سَقَى شِعْرِي الْعُلا فَتَحَرَّرَا = وَرَقَى بِتَالِيهِ الْمُنَى فَتَجَاسَرَا

  4. #4

    رد: لماذا رفض النحويون القراءات القرآنية؟ : صلاح حسن رشيد‎

    شكرا لذكر ملابسات هذا الأمر ، ولك الشكر والامتنان أستاذ محمود.
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  5. #5

    رد: لماذا رفض النحويون القراءات القرآنية؟ : صلاح حسن رشيد‎

    تم النقل لقسم اللغة العربية، رغم أن الموضوع له صلة بقسمي التفسير واللغة معا.
    بارك الله بجهودكم البناءة
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. القراءات المتواترة
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان التفاسير
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 07-20-2013, 09:05 AM
  2. حرف في القرآن يعجز النحويون عن إعرابه !!! :
    بواسطة عبدالوهاب موسى في المنتدى فرسان الإعراب
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 05-16-2013, 09:05 AM
  3. ماهي الفروق بين القراءات العشر؟
    بواسطة أوس الحكيم في المنتدى فرسان التفاسير
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02-19-2012, 07:30 PM
  4. من سلسلة علماء القراءات
    بواسطة فراس الحكيم في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 02-02-2012, 08:21 PM
  5. القراءات بإفريقية
    بواسطة د. محمد كالو في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-30-2011, 08:41 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •