مرّت دمشقُ على دروب خواطري
وأنا على سفحٍ من الأحلامِ
في مقلتيها كِدْتُ ألمحُ جدّتي
وبوجْنَتَيْها لاح لي أعمامي
وعلى بقايا الحسن في قسماتها
شاهدتُ بارقَ مجدِها المترامي
عانَقْتُها ... أخفيتُ عنها دمعتي
كي لا تثيرَ شجونَها آلامي
أخبرتها عني وعن شوقي لها
عن لوعتي وتولُّهي وهَيامِ
أسْمَعْتُها شِعري وما خطَّتْ يدي
وأَرَيْتُها ما سطّرَتْ أقلامي
ذكّرْتُها برحيق أيام الصبا
بالأهلِ بالأحباب بالأرحامِ
لم أنسَ شيئاً من طفولتنا التي
كنّا بها كالياسَمينِ الشامي
كنّا وكان الدهرُ في محرابنا
جنّاتِ عدنٍ في ربوع سلامِ
كانت منازلنا تعانق بعضها
كالورد عند تفتّح الأكمامِ
ودروبُنا كانت دروبَ كرامةٍ
يمشي بها التاريخُ خلفَ كرامِ
أجدادنا مرآةُ أيامٍ بها
عَزَّ الزمانُ بعزّةِ الإسلامِ
ما لاح خيرٌ في بلادٍ أقْفَرَتْ
إلاّ وأصلُ جذورِهِ في الشامِ
هذي هي الشام التي في خاطري
مرَّتْ فأوْهَتْ بالمرور عظامي
مرّتْ ولون الفجر في أحداقها
يحكي حكايةَ ليلِ حزنٍ دامي
ويطلُّ منها قاسيونُ كأنّه
طفلٌ أتى من ملجئِ الأيتامِ
لا سفحهُ سفحٌ ولا أحجاره
كشموخها في سابق الأيّام
حتى مآذنها أتاني صوتها
كالحَشْرَجاتِ بلحظةِ الإعدامِ !!!
أطرقتُ أسألُ : هل دمشقُ هي التي
مرتّ أمامي ؟! أم تُرىظ° أوهامي ؟!
هل هذه الشام التي في أرضها
من ألف عامٍ رفْرَفَتْ أعلامي
يا ليتني ما عشت لليوم للذي
أحكي به عمّا جرى في الشام ...
لمْلَمتُ أحزاني وسرتُ معاهداً
قلبي بأنّي لن أُتِمَّ كلامي .....
فبجُعبةِ الأيامِ خيرٌ يُرتجىُ
رغم الذي نلقاه من آلامِ
إني كتبتُ قصيدتي وأنا على
سفحٍ من الأحزان والأحلامِ
وبها رحلتُ إلى دمشق مُبلّغاً
بردى وزهر الغوطتين سلامي


الدكتور وائل عبد الرحمن حبنّكه الميداني