منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 21 إلى 27 من 27
  1. #21
    الليلة الواحدة والعشرون
    كفاح كامل أبو هنود
    قد يلجئك الجوع يوماً لتناول طعامك في مكانٍ ما، ثم تكتشف أن اللحم الذي قُدّم لك ينزّ منه بعض الدم.. قررت أن تحتج وتصرخ، لكن المصيبة أن هذا هو الخيار الأوحد.. تقدمت إليه خوف الإغماء من الجوع.. تناولته متقززاً، وتمنيت لو أنك تعثر على كسرة خبز حينها، ولو سيقت لك لكانت أحب إليك من الدنيا وما فيها..
    تناولته وروحك تغصّ من نتن ريحه، لكن تركه يعني الموت ولاشيء سوى الموت. تناولته وأنت تحسّ أن بعضاً من روحك قد فاضت أو كادت تفيض، ثم، ثم ماذا؟! ثم أخبروك أن هذا الذي تناولته كان بعضاً من لحم أخيك أو أبيك، فأي موت تشتهيه في تلك الساعة، وما أنت بلاقيه؟! أي مشهد أقسى وأشد على الروح حين تدرك أن هذا الذي أسكتتْ به جوعها كان الجسد الطاهر لبعض أحبتها؟! وأي إرهاق هذا الذي سنحياه حين نعاين حقيقة فعلنا ونحن نأكل أمواتنا، وكان أقل حقهم علينا -إن لم ندفنهم ونسترهم- ألاّ ننهشهم كوحوش الغاب وذئابها؟!
    كفاح كامل أبو هنود .

  2. #22
    اعمال ليالي العشر اﻻخير ونسأل الله أﻻ يتتهي رمضان إﻻ واستجيب دعاءناوغفرت لنا واعتقتنا من الناروارزقنا لذة النظر الى وجهك الكريم
    تصدق كل ليلة بريال واحد فقط فإن صادفت صدقتك ليلة القدر
    كنت كمن تصدق يوميا"84سنة
    صلي كل ليلة ركعتين قيام الليل فإن صادفت صﻻتك ليلة القدر
    كنت كمن قام الليل يوميا"84سنة
    اقرأكل ليلة سورة اﻻخﻻص ثﻻث مرات فإن صادفت قراءتك ليلة القدر
    كنت كمن قرأ القرآن الكريم كامﻻ"84سنة
    وفقنا الله في هذه العشرواجعلنا وإياكم من المقبولين
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  3. #23
    🕌 [ رَمَضان الوَصْل ]
    🌙 الليلةُ الحادية والعشرون ..
    قال الشّيخ :
    ليلةُ القَدر هي ليلةُ العمُر .. فيها تزف لك عرائِس الجنّة مِن الثّواب ومِنَح المِنّة !
    ليلة .. يَجفل من عِطرها الرَّيحان .. ويُعرف بها شَوق العباد إلى الجِنان !
    يومِض لك أجر عُمُرٍ بأكمَله في ليلةٍ ؛ زَمنها سُويعات ..
    يتكثّف لك الدّهر .. فيمتَدّ عمرك ثَمانون عاماً ؛ أو تَزيد !
    تنشقّ لك السّماوات بمطرٍ ؛ يشدُّك نحو نَسيم النّعيم !
    قال التّلميذ :
    كيف أستَبين بُلوغي ليلة القدر ؟
    قال الشّيخ :
    شاء الله في هذهِ الليلة ؛ أن يستبين العبدُ فلَاحه إذا استبانَ له صباحه !
    فهي ليلة .. تنَأى عن المراكِب الحَيرى .. وتشرق على الأَشرعة التي قَطعت حِبال الهوى .. وشدّت الوَصل بالتّقوى !
    ليلةُ القدر .. هي زمنُ الدّفء وتوقيت الكَرامة .. إذ سَبق الإنعام في القِدَم ؛ على مَن هروَل للآخرةِ بالقلبِ والقَدَم !
    ليلةُ القدر .. تجعلُ عُمرك آماداً مَمدودة .. وتَمنحك زمناً فيه الدُّر يَنثر !
    قِفْ الليلة بقلبٍ يُشهدُ ربّه ؛ { أنّي لم أخنهُ بالغَيب } .. عسَاه يفَتح لك كلّ غنائِم الغَيب !
    حتّى لو كنتَ مَيْتاً بالذُّنوب .. فَقُل ؛ { كذلِك يُحي اللهُ المَوتى } .. فإنّ الله إذا اسَتصلح منك القلبُ ؛ قلَبه لك بمحراثِ الفَضل ، وبَلّغك أرض الوَصل ، وصَبّ عليك القُرب صَبّاً !
    { لا تَمُدَنّ عَيْنيْك } إلى غيرِه ..
    هذا زمان استعدادك إنْ كنتَ مُستعدّاً .. فتشَبّثْ يا ولدي ب { تَتجَافى } !
    والمَحْ فجرَ الأجر ؛ يَهُن عليكَ ثِقَل المَهر ..
    واذكر قول السّلف :
    " مازلتُ أسوقُ نفسِي الى الله وهي تَبكي ؛ حتى سُقتها إليه وهي تَضحك " !
    يا ولدي ..
    هذه ليلةُ لا تتكرّر ؛ فلا تَسهو عنها .. واحذَر مِن نفسِك على نَفسِك !
    ليلةٌ .. جاءت تختَصِر لك الطّريق .. وتَطوي لك المَراحل !
    ليلة .. تمتدّ حتى الفجرِ .. ولا تَرحل عنكَ إلا بِفَجرٍ علويّ ؛ يوقِفك على أنهارِ نَعيم أزليّ ..
    فاهمِس لنفسك ؛ ( أنتِ في زمنِ الأماني فاعَملي ) .. ولا يكن أمرُك { فُرُطاً } !
    هنيئاً لِِمن استَدرك في ليلةِ القدر ما مضَى من أمسه ؛ قبل أن يكون في القَبر طُول حبسِه !
    وهَيهات هَيهات للأماني العاجِزة !
    قال التّلميذ :
    بَيّنْ لي كيف أفعل ؟
    قال الشّيخ :
    إذا أرادَ الله بالعبدِ خيراً : أعانه بالوَقت ..
    ليلةُ القدر عونُ السّماء لك .. خُذ بِزِمام كلّ دَقيقة فيها .. وقُلْ ما هي إلا ( أيامٌ مَعدودة ) ..
    وعَن قليلٍ ؛ تَنقطع المُدّة ..
    فلا تَتدري أيَنكشفُ الغِطاء عن كرمِ النّظرة ؛ أمْ تكون مِن المَحرومين !
    يا ولدي ..
    إنّ مِن عَلامة المَقت ؛ إضاعةُ الوَقت .. فاذكُر وقتَ عرضِ ألواح ؛ { أوَ لمْ نُعَمِّركم } ..
    فلا تَجعلها خالية مِن ليلة القدر .. فتِلك هي بِضاعتك التي سَتبارِك لك أيام عُمرك ..
    فواعَجبي مِن مُضيع لحظة في هذهِ الليلة !
    يا ولدي ..
    (إنّ للهِ في أيامِ الدّهر نفحَات ؛ فتعرّضوا لها .. فَلعل أحَدكم أنْ تُصيبه نَفحة ؛ فلا يَشقى بعدَها أبدا ) !
    وهاهي شمسُ رمضان اصفرّت .. وسُبحان من جعلُ البدار فيها قبلَ الغُروب ..
    فتعرَّض لما بَقي ؛ فإنّ السِّرّ فيما بَقي !
    و إيّاك وقُطّاع الآخرة في هذه الليالي المُباركة ..
    لذا .. فإنّي ناصحٌ لك بما قالَه السّلف :
    " العُزلة عن الشّر ؛ حِمية .. والحِمية سببُ العافية " !
    فتنبّه لِلَيلتك .. ولا تأذَن لأحدٍ أن يخطِفها منك !
    يا ولدي :
    إنْ لم تُحسن مَع رَمضان الاستقبال
    ؛ فإياك أنْ لا تُحسِن مُنذ الّليلة الوَداع !
    د.كفاح أبو هنود ~
    ____________________🕌 [ رَمَضان الوَصْل ]
    🌙 الليلةُ الثانية والعشرون ..
    قال الشَّيخ :
    في هذهِ الَّليالي شيءٌ عَجيب .. أشعُر كأنّي لا أملِكُ قَلبي ..
    و كأنّ في المكان روائِح جبريل .. وكأنّ مع كل نَسمة ؛ مَلَكٌ عابِر !
    كأنّ في كلّ ليلةٍ ؛ مفاتيح لأحلامِنا النّائية !
    وكأنّ الأرض تئطُّ مِن دَبيب الملائكة ..
    تتَجاور أجنِحتهم مع منَاكبنا .. مع كلّ ريشة تتَهادى بيننا .. يتَهادى النور ويَهبِط فينا !
    تتوهّج الأرواح .. وتَسمع صوت قرْعِ أبواب الله بِوَجيب القُلوب !
    في هذه الليالي ترى عباداً يَخْرُجون إلى الله .. ويدخُلون على الله .. ويَنامون وفي العُمق وجْدٌ ؛ بحَجم الكون لله !
    ليلةُ القدر ..
    أراها كأنّها هي بدْر .. حيث { يُفْرَق فيِها كلّ أمرٍ حَكيم } !
    وبَدر في وصف القرآن يوم الفُرقان ..
    إذ كانَ الصّعود في بدر صعوداً وَعِراً .. لكنّهم بلَغوا بعدَه خِفّة الضّوء .. وسَمعوا صوت حَفيف الملائكة !
    في بدر يتنَزل جبريل في كَوكبةٍ مِن الملائكة .. وَيكتب في السِّجلات أسماء مَن غَيّروا قَدر أُمّة !
    وفي ليلةِ القَدر ..
    يتنَزّل جبريل .. وتُسَجّل أسماء مَن غيَّروا أقدارَهم ؛ بِشَهَقات الدُّعاء !
    ليلةُ القدر ..
    هي عُنفوان التّغيير .. هي صَدى العَطاء الإلهيّ بِلا حَدٍّ ولا عَدد !
    تَحُفُّك ليلة .. تَجتمع فيها مواسِم الجنّة ؛ كي تخلُصك مِن موتٍ فانٍٍ .. وتُقيم لكَ حياة ؛ كأنّه صَلاة دائمة !
    أنّى للعبد ؛ِ أن تَهديه السَّماء خَيطاً مِن الفضل الإلهيّ يَخيطُ به أعماراً تطول له في أجرٍ أزليّ !
    ليلةُ القدر ..
    هي سِلال الفَجر المَملؤة بصيامٍ وقيام .. تفيضُ ثواباً و كوثراً .. ويَنمو منها سَنابل تُؤويك ؛ فلا تَدري عن حكاية الّشقاء شيئاً !
    ليلةُ القدر ..
    هي أنفاسُك النّدِية بالذِّكر ؛ التي تَخلُق غَيم الفَضل كيْ يُساق إليك !
    في ليلةِ القدر .. توْلَد أجنِحتك .. تَقترب مِنك أقمارُ الوعود الخَضراء !
    يا ولدي ..
    جاءَت ليلة القدر ؛ كيْ تُبَلِّغك الجنّة !
    فقد خلَقك الله للجنّة وسَوّاك .. وإن استقرّت على الأرضِ قدَماك ؛ { فلا تَنسى } !
    اتخَذَت المَلائكة مواقِعها .. وانْبَرت الأقلام تكتُب بمدادٍ ؛ يرقُص النّعيم فيه
    انبرت الأقلام تكتب وَقْع مَمشاك ..
    وتسجّل أيّ نخلٍ هذه الّليلة تَطاول ..
    فأحرِص أن لا تكون أنقَصتَ المَهر ، وأسَأت الخِطبة !
    تظلّ الأجورُ عند الله لِتلك الّليالي ؛ مَذخورة ..
    و يظلُّ معنى إجابة الدُّعاء عند اللهِ ؛ مَستورا ..
    سَتقطفه .. وستراهُ يتمايل عليكَ ؛ مِثل غُصونِ الجّنة !
    يا ولدي ..
    افهَم عنّي .. الجنّة تُزَفّ لأهلِها في الدّنيا ، وتكتَمل لهم في الآخرة .. وَليلة القدر ؛ جاءَت تُوقِفك على أوّل الجَداول !
    ليلةُ القدر ..
    تَزَرعُك في سهولِ الجنّة ؛ فلا فقرٌ ، ولا قحطٌ ، ولا جَدْبٌ .. ويَغدو العُمر مِن العُقم عاطِل !
    يا ولدي ..
    كلّ ماسِوى الجنّة أضغاثُ أحلام ؛ أو طيفُ مَنام !
    ينَتثر الدّم مِن رأس " إبن ملحان " وهو يَطعن في سبيل الله .. ويُصيحُ وهو يموتُ :
    فُزْتُ وربّ الكَعبة !
    فما الذي انتَثر عليه ؛ حتّى هَزِأَ بالموتِ من عظم مّا رأى !!
    أتَدري ..
    أنّ أعلَى العِباد منزلةً ؛ مَن غُرِسَت كرامَتهم بيدِ الله .. وخَتم اللهُ علَيها !
    أيّ كون مِن زغاريدِ الجَمال تراه هُناك !!
    ليلة ..
    ترفعُ لك عُشب الجنّة .. وتَشتمّ منها ربيع الفَيض .. فلا تَدَعها ياولدي ؛ حتّى تَرفعك إلى عوالم مابعدَ السّماء السّابعة !
    وردّد طُوال الّليل :
    { ربِّ ابنِ لي عندكَ بيتاً في الجنّة } ..
    وتنبّه .. أنّه دعاكَ الى دارِ السّلام .. إنّك إن أجَبته مِن دُنياك ؛ دَخلتها .. وإن أجَبته مِن قَبرك ؛ مُنِعْتها !
    يا ولدي ..
    كنْ عبداً يَذكُر في الخَلوة خَطيئته .. ويَشكو الى اللهِ غُربته .. ويقولُ لربّه :
    خُذني إلى جنّةٍ ؛ أرِحْ خَدّي على أعتابِها !
    يَرتديني التَّعب وانا أحبِس النَّشوة وأحاول .. فهبَني ليلةَ القدر ، وأعِنّي على بلوغِ ثغرِ المَناجم .. حيثُ الوَعد الإلهيّ يتجلّى .. في كلماتٍٍٍٍ ظلالها الأبدية
    { وجوهٌ يومئِذٍ نَاضِرة إلى ربِّها ناظِرة } ..
    تلك لحظة يسعى نورها الأبيض في مطر ممتد ..
    في دلاء عامرة ..
    في رؤية تغشى المؤمنين بسعادة تظل ترف فيها الدهشة مابقي ( وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) !
    د.كفاح أبو هنود
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #24
    🕌 [ رَمَضان الوَصْل ]
    🌙 الليلةُ الثانية والعشرون ..
    قال الشَّيخ :
    في هذهِ الَّليالي شيءٌ عَجيب .. أشعُر كأنّي لا أملِكُ قَلبي ..
    و كأنّ في المكان روائِح جبريل .. وكأنّ مع كل نَسمة ؛ مَلَكٌ عابِر !
    كأنّ في كلّ ليلةٍ ؛ مفاتيح لأحلامِنا النّائية !
    وكأنّ الأرض تئطُّ مِن دَبيب الملائكة ..
    تتَجاور أجنِحتهم مع منَاكبنا .. مع كلّ ريشة تتَهادى بيننا .. يتَهادى النور ويَهبِط فينا !
    تتوهّج الأرواح .. وتَسمع صوت قرْعِ أبواب الله بِوَجيب القُلوب !
    في هذه الليالي ترى عباداً يَخْرُجون إلى الله .. ويدخُلون على الله .. ويَنامون وفي العُمق وجْدٌ ؛ بحَجم الكون لله !
    ليلةُ القدر ..
    أراها كأنّها هي بدْر .. حيث { يُفْرَق فيِها كلّ أمرٍ حَكيم } !
    وبَدر في وصف القرآن يوم الفُرقان ..
    إذ كانَ الصّعود في بدر صعوداً وَعِراً .. لكنّهم بلَغوا بعدَه خِفّة الضّوء .. وسَمعوا صوت حَفيف الملائكة !
    في بدر يتنَزل جبريل في كَوكبةٍ مِن الملائكة .. وَيكتب في السِّجلات أسماء مَن غَيّروا قَدر أُمّة !
    وفي ليلةِ القَدر ..
    يتنَزّل جبريل .. وتُسَجّل أسماء مَن غيَّروا أقدارَهم ؛ بِشَهَقات الدُّعاء !
    ليلةُ القدر ..
    هي عُنفوان التّغيير .. هي صَدى العَطاء الإلهيّ بِلا حَدٍّ ولا عَدد !
    تَحُفُّك ليلة .. تَجتمع فيها مواسِم الجنّة ؛ كي تخلُصك مِن موتٍ فانٍٍ .. وتُقيم لكَ حياة ؛ كأنّه صَلاة دائمة !
    أنّى للعبد ؛ِ أن تَهديه السَّماء خَيطاً مِن الفضل الإلهيّ يَخيطُ به أعماراً تطول له في أجرٍ أزليّ !
    ليلةُ القدر ..
    هي سِلال الفَجر المَملؤة بصيامٍ وقيام .. تفيضُ ثواباً و كوثراً .. ويَنمو منها سَنابل تُؤويك ؛ فلا تَدري عن حكاية الّشقاء شيئاً !
    ليلةُ القدر ..
    هي أنفاسُك النّدِية بالذِّكر ؛ التي تَخلُق غَيم الفَضل كيْ يُساق إليك !
    في ليلةِ القدر .. توْلَد أجنِحتك .. تَقترب مِنك أقمارُ الوعود الخَضراء !
    يا ولدي ..
    جاءَت ليلة القدر ؛ كيْ تُبَلِّغك الجنّة !
    فقد خلَقك الله للجنّة وسَوّاك .. وإن استقرّت على الأرضِ قدَماك ؛ { فلا تَنسى } !
    اتخَذَت المَلائكة مواقِعها .. وانْبَرت الأقلام تكتُب بمدادٍ ؛ يرقُص النّعيم فيه
    انبرت الأقلام تكتب وَقْع مَمشاك ..
    وتسجّل أيّ نخلٍ هذه الّليلة تَطاول ..
    فأحرِص أن لا تكون أنقَصتَ المَهر ، وأسَأت الخِطبة !
    تظلّ الأجورُ عند الله لِتلك الّليالي ؛ مَذخورة ..
    و يظلُّ معنى إجابة الدُّعاء عند اللهِ ؛ مَستورا ..
    سَتقطفه .. وستراهُ يتمايل عليكَ ؛ مِثل غُصونِ الجّنة !
    يا ولدي ..
    افهَم عنّي .. الجنّة تُزَفّ لأهلِها في الدّنيا ، وتكتَمل لهم في الآخرة .. وَليلة القدر ؛ جاءَت تُوقِفك على أوّل الجَداول !
    ليلةُ القدر ..
    تَزَرعُك في سهولِ الجنّة ؛ فلا فقرٌ ، ولا قحطٌ ، ولا جَدْبٌ .. ويَغدو العُمر مِن العُقم عاطِل !
    يا ولدي ..
    كلّ ماسِوى الجنّة أضغاثُ أحلام ؛ أو طيفُ مَنام !
    ينَتثر الدّم مِن رأس " إبن ملحان " وهو يَطعن في سبيل الله .. ويُصيحُ وهو يموتُ :
    فُزْتُ وربّ الكَعبة !
    فما الذي انتَثر عليه ؛ حتّى هَزِأَ بالموتِ من عظم مّا رأى !!
    أتَدري ..
    أنّ أعلَى العِباد منزلةً ؛ مَن غُرِسَت كرامَتهم بيدِ الله .. وخَتم اللهُ علَيها !
    أيّ كون مِن زغاريدِ الجَمال تراه هُناك !!
    ليلة ..
    ترفعُ لك عُشب الجنّة .. وتَشتمّ منها ربيع الفَيض .. فلا تَدَعها ياولدي ؛ حتّى تَرفعك إلى عوالم مابعدَ السّماء السّابعة !
    وردّد طُوال الّليل :
    { ربِّ ابنِ لي عندكَ بيتاً في الجنّة } ..
    وتنبّه .. أنّه دعاكَ الى دارِ السّلام .. إنّك إن أجَبته مِن دُنياك ؛ دَخلتها .. وإن أجَبته مِن قَبرك ؛ مُنِعْتها !
    يا ولدي ..
    كنْ عبداً يَذكُر في الخَلوة خَطيئته .. ويَشكو الى اللهِ غُربته .. ويقولُ لربّه :
    خُذني إلى جنّةٍ ؛ أرِحْ خَدّي على أعتابِها !
    يَرتديني التَّعب وانا أحبِس النَّشوة وأحاول .. فهبَني ليلةَ القدر ، وأعِنّي على بلوغِ ثغرِ المَناجم .. حيثُ الوَعد الإلهيّ يتجلّى .. في كلماتٍٍٍٍ ظلالها الأبدية
    { وجوهٌ يومئِذٍ نَاضِرة إلى ربِّها ناظِرة } ..
    تلك لحظة يسعى نورها الأبيض في مطر ممتد ..
    في دلاء عامرة ..
    في رؤية تغشى المؤمنين بسعادة تظل ترف فيها الدهشة مابقي ( وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) !
    د.كفاح أبو هنود ~
    ______________
    🕌 [ رَمَضان الوَصْل ]
    🌙 الليلةُ الثالثة والعشرون ..


    قال الشَّيخ .:
    بماذا يُجيب العاشِقون إذا رأوا أعمَارهم ؛ تَسورها ليلة القدر بكلّ فضلٍ !!


    بماذا يُناجون الله .. إذا شَعروا أنّ ليلة القدر تطوف على حوائجهم ؛ تمدّ لهم يَدها لتشعل لهم تَنّور الخُبز للأحلامِ الغافية !!


    بماذا يَهمسون .. إذا لاحت البُشرى ؛ بأنَّ النَّبع فار .. وانتَهت خَطوة الحِيرة ، و مِن سِتار الغَيب ؛ تجَلَّت كلُّ الأمنيات !


    أشْغَلتَ قلبي يا رمضان ..!
    أشْغَلتَ قلبي بَلْيلة ؛ تَرعى الأحلام في روابيها ، وتتَحرر الأُمنيات مِن أقفاصِ الإنتظار !


    أوّاه ..
    لو تَدري يا ليلة القدر أنّي قادِمٌ إليكِ من سَفر الذّنوب الشَّاق .. أنّي قادِمٌ إليكِ ؛ مِن نقضِ الغَزْل إلى زمنِ الوَصْل !


    قادمٌ يا ليلةَ القدر .. إلى ظِلّ سَقفك ..
    قادِمٌ إلى زَحمة الأعيادِ فيك !


    قادِمٌ الى انطفاءِ الَّلذات .. إلا لذّة التَّسامي نحوَ الإصطفاءِ المُطلق !


    تَداعى التِّلميذ أو كادَ شَوقاً ..
    وقال بصوتٍ شَجيّ :
    كيفَ أتسامى الّليلة يا مُعَلِّمي ؟


    قال الشّيخ :
    لا تُغادِر ياولدي نُور اليَقظة .. وتَوقَّف عن تِيه التّرَدُّد ..
    وأَعلِنها الّليلة بَيعةً لله ؛ ليس للشّيطان فيها نصيبا !


    قال التِّلميذ :
    ومَن يُطيق ذلك ؟!


    قال الشَّيخ :
    تَعلَّم مِن هِمّة السلف ..
    هذا " ابن عوْن " يَصحبهُ أحدهم فيقول ؛ واللهِ ما أعلم أن الملائكة كتَبت عليه خَطيئة في لسانه ..


    هؤلاء قوم وهَبوا اليقَظة نَبضهم ، وقطَعوا وريدَ الشّيطان فيهم !


    ويقول آخر ..
    صَحِبتُ " الربيعَ بن خَيثم " عِشرين عاماً ؛ فما سمعتُ منه كلمة تُعاب .. حتّى كأنّه مَشهد تفَرَّد في عشقِ الطّهارة ، حتّى أَسدل بنقائه السِّتار على سَعيِ الشّيطان !


    لقد صَحِبوا اليَقظة حتى انشقّت عنهم العَتمة .. فكانوا يقولون ؛ ( لايكُن هَمّ أحدكم كثرة العَمل ، ولكن إحسانه وتزيِينه لله .. إذْ قد يُصلّي العبد وهو يَعصي الله ) !


    وكان بَعضهم يقول .. لأنْ أدَعْ الغِيبة ؛ أحبّ إلي من كذا من الصّلاة ..
    ولأنْ أغض بصري ؛ أحبّ إليّ مِن قيامِ الليل !


    إذ كانت اليَقظة علَّمَتهُم ؛ أنّ الإِيمَانُ يَسْمَنُ فِي الْخِصْبِ ، وَيَهْزُلُ فِي الْجَدْبِ ..
    فَخِصْبُهُ ؛ الْعَمَلُ الصَّالِح !
    ُ وَجَدْبُه ؛ُ الذُّنُوبُ وَالْمَعَاصِي !


    قال التّلميذ :
    كيف فَعلوا ذلك ؟


    قال الشّيخ :
    لقد يمّموا شطْر قلوبهم أولاً ؛ ومكَثوا هناك ..
    يقول أحدُ السّلف ؛ حرستُ قلبي عِشرين سَنة حتى استقامَ لله !


    ثمّ جاهدوا في وزنِ أحوالهم بالكتاب والسّنة ؛ فلا تتُلَوَّث بخياناتٍ يزيّنها الشّيطان ..
    تغوصُ رِماحه في أعمالنا ، وتَسفِكها .. ونحنُ نظنّ أنّنا نُحسِنُ صُنعاً !


    ثم شدّوا قَوس الأعمال بأوتارِ الجواب .. فقالوا :
    والله ما فَعَلنا فِعلاً ؛ إلا أعددنا له جواباً !


    فامكُث الّليلة في اعتكافِكَ ، قل : ( الّلهم إنّي أستغفركَ على كثيرٍ ممّا أهدَرتُ ..
    أستغفِرك استغفار من يَعلم أنّك أردت له شأناً .. لكنّه بِجهله و عَجزه اكتَفى بالعَتبة دون الدّار ) !


    يا وَلدي ..
    الاستقامةُ هي طريقُ الكَرامة !


    يا وَلدي ..
    كُن الّليلة عبداً فقيراً .. نفض ثيابه من الهِمَم المَيتة ؛ التي احتَشدت خلال نومِه وغفلته ..
    و تحرّك نحو باب الليلة ؛ يتلمّس منها النّدى ..


    يبَحَث في زمانِها عن رَشفةِ أمَل ..
    عبدٌ يَعلم أنَّ كلّ شيءٍ فيه غاِرق في الجَفاف حتّى اليأس .. و ليس معه إلا دُعاء ؛ يواجه بها هذا التّصحر الهائِل في عُمره ..
    ومِن حولَه أصوات الخطايا َ؛ تعلو كلّ دقيقة ، و تُنذر بكارثةِ النّهاية !


    فيَهرع إلى الزّمن المبارك .. ويزرع فيه تَوسّله .. يَزرعهُ بكلّ الذّل والفُقر ..


    لأنّه يعلُم ..
    أنّ الغيث لا يقرّ إلا على الأرض المُنخفضة ؛ لا فوقَ رؤوس الجِبال !


    ويبكي بكفَّيه وهو يقول :

    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #25
    🕌 [ رَمَضان الوَصْل ]
    🌙 الليلةُ الرابعة والعشرون ..
    تَصْطَفُّ الحَقائق ؛ مِثل عُصور زاهِية .. تُعلِّمنا في ليلة القدر ؛ أنّ الله أراد لك قَدْراً إذ مَنحك ليلة القدر !
    أراد لك مُدن الأفراح في الدّنيا وفي الآخرة .. لذا وهَبك ليلة القدر ؛ حتّى لا تظَلّ على الهامِش !
    ليلة القدر .. هي قَفزة الرّوح .. إذْ ما ظنّك بعمر صارَ بعد ليلة القَدر أعماراً !
    ليلة .. جاءَت توقِف انهيارك الدَّاخليّ .. وتَحمل لك أعباءَ الطّريق .. تحمِل لك أُمنياتك !
    ليلةُ القدر .. هي ليلة السَّفر السّماويّ ؛ الى مقاعِد الأحرار مِن سجنِ الصّلصال الطِّينيِّ !
    تنبه .. أنّك كنتَ في ضمير الغيب حيناً { مِن الدَّهر } .. وكنتَ في غبارِ الكون ؛ سَديماً مَجهولاً !
    فلماذا اختار ربّك تُرابك أنت تَحديداً ؟!
    لماذا أخرَجك مِن حَيِّز الصّمت ؛ إلى { فَجعلناهُ سَميعاً بَصيراً } !
    هل تَدري ..
    أنّ كلّ شِبرٍ في السّماوات يَئِطُّ من ازدحامِ المَلائكة بالتّسبيح ..
    فهل أرادك نغَمة إضافيّة في لحنِ التّرتيل الهادِر !
    دعني أسألك مامعنى { نَبتَليه } .. { لِيبلُوكم } .. { ونَبلو أخبارَكم } .. وكلّ اشتقاقاتِها التي تَوالت 33 مرّة في القُرآن ؟!
    فماهُو ابتلاؤُك أنت تحديدا ً؟
    لماذا لمْ يبقيكَ ذرة تائِهة في غُبار الكَون ؟ّ!
    ما المَغزى مِن وجودك ؟!
    مِن نَفخة الرّوح في روحِك ؟!
    ومما وهبَك في خريطتك الوِراثية ؟!
    هل قَبضت بين يَديك على رسالة الله فيك ؟
    على حِكمته العليا من خلقك أنت ؟ على سَببِ قُدومك للحياة ؟
    وهلْ ستَنهي مَهمّتك ؛ لتَسمع الصّوت الجَليل يقول لك { وكانَ سَعيكُم مَشكوراً } !
    يا لضّيعتنا .. إن كانَ الله يعلم أنّ بِيدنا مِفتاحاً للخروج من المَتاهة .. وبِعجزِنا وغَفلتنا عن سرِّ خلقنا ؛ لمْ ننتبّه لِما وُضع فينا !
    يا ولدي ..
    كُـلُّ معرفة بلا عِرفان ؛ لا يُعوَّل عليها ..
    ينكشِف لك غِطاء الليلة ؛ إن توغّلت في المَعنى !
    فهل تراك انتبَهت .. لماذا سُمّيت ليلة القدر بمعنى القدر ؟!
    ليلة القدر .. هي بَوح السّماء لك .. أن انطَلِق مِن خارج حُدودك ؛ كيْ تبلغ أحلامِك !
    فإنّ الله قد رزقك يداً تتّسع .. ليختَبىء فيها قدر جَليل ؛ لو أردت !
    خَلقك بطموحٍ ليس له سَاحل ؛ لو سَعَيْت !
    يا ولدي ..
    كمْ من مَلَك في السّماوات لمْ تغمضْ له عيناً ؛ لم ينَل مرتبة { تَتجافى جُنوبهم عن المَضاجِع } !
    كمْ مَلَك مِن حمَلة العَرش يستغفِرون لك .. { الذينَ يَحمِلون العرشَ ومَن حولَه يُسبّحون بحمد ربّهم ويُؤمنون به ويَستغفرون للُّذين آمَنوا } !
    فيا لعقلِك لو أدركَ أعدادهم ؛ لطارَ الُّلبّ منك !
    فاعرِف قدرك عند ربّك .. ولا تُهِن نفسك بإهدار مَقامها !
    اسمَع لحكمةِ السّلف إذ يحدِّثونك عن مراد الله فيك :
    أيها العَبد .. ألقِ سَمعك وأنت شَهيد ؛ يأتيك منّي المَزيد !
    وأصغِ بِسَمعك ؛ فأَنا لستُ عنكَ ببعيد !
    يا لله .. يتودد لك كي يرفعك !
    يا ولدي انظُر إلى السلف كيف صنعوا قَدْرهم عند ربهم !
    فهاهو أبو أيوب الأنصاريّ ؛ يغزو في جيش فتحِ القُسطنطينيّة .. فيَمرض .. فتكونُ وصيّته ؛ ( إذا مِتّ فاحمِلوني .. فإذا صافَفتم العدّو فارموني تحتَ أقدامِكم ) .. إذْ كان يَبتغي أن يكون عَتبة الفتحِ حتّى وهوَ ميّت ..
    فأيّ هِمّة تلك !
    وعبدُ الله بن حرام .. يُكلّمه الله كِفاحاً ؛ أيْ مُواجهة ..
    وكان ذلك كَرامة لِشَوق روحٍ ؛ ما تلكَّأَت في السّير لله !
    واسمَع عن ابن أبي حاتم الرازيّ .. الذي كان يُقال أنه على رأسه قُلنسوة من السّماء .. إذ كان رجلاً لم ينحَرف عن غايته ثمانون عاما .. يرابط على مكانَتِه ، ولا يُفرّط في الشّمس التي بين يديه !
    يموتُ القاضي الطّبري عن مئة عام .. لمْ يتوقف فيها عن تَصنيف العِلم .. إذ ْكان يصنعُ للكون إيقاعاً تُحِبّ السّماء لَحنه !
    فتَح موسى بن نُصير بلاد المغرب العربي .. وأسلَم على يديه تسع عشرة ألف .. وأعدّ جيش الأندلس..
    وكان في أواخرِ السّبعين من عمره .. وكان يقول :
    لو انقادت النّاس لي ؛ لقُدّتهم إلى رُوما !
    فقد كان رجلا كان يُبادر السؤال يوم الحَشر بجواب العُمر !
    قال التلميذ :
    فكيف أعْرِف قدْري عند الله ؟
    قال الشّيخ :
    إذا أَرَدْتَ أنْ تَعْرِفَ قَدْرَكَ عِنْدَهُ ؛ فانْظُرْ في ماذا يُقيمَكَ ..
    انظر بماذا أشغَل هِمّتك ..
    وبماذا حرّك جوارِحك ..
    وبماذا تَهمسُ يَداك !
    قال التّلميذ :
    وكيفَ أبلُغ قدْراً أشتهيه وأتمنّاه ؟!
    قال الشّيخ :
    《يا ولدي .. ما تَوَقَّفَ مَطْلَبٌ أنْتَ طالِبُهُ بِرَبِّكَ، وَلا تَيَسَّرَ مَطْلَبٌ أَنْتَ طالِبُهُ بنفسك ..
    فإن رأيت عينك تمتدّ فوقَ حافَة الحاضِر ؛ فاجثُو على رُكبَتيك في الِمحراب ..
    تَطول قامَتك كثيراً .. وتبلُغ بها ما تشاء 》!
    في ليلة القدر .. أشْعِل لهيبَ الدّعاء .. واعكف في خَباء نفسِك .. واسأل الله ؛ أن تَبلغ بكَ ليلة القدر قَدْرَك !
    د.كفاح أبو هنود ~
    ______________
    [ رَمَضان الوَصْل ]
    🌙 الليلةُ الخامسة والعشرون ..
    قرأَ الشّيخُ قوله تعالى { سلامٌ هِي } .. ثمّ قال :
    تهتزُّ كُروم الجنّةِ بالدّاليات .. دانيةً عُقودها شوقاً لليلةِ السّلام ..
    تتنفّس الليلة في أفئِدتنا التي أصبحَت فارغةً إلا من كَفاف الحُبّ لك يا الله !
    فأوقِد زيتَ قلوبنا يا ربّنا .. بأبديةِ الشّوق لك ..
    واجعل سِراج عمُرنا ليلة القدر ..
    يا ربّ ..
    امنَحنا اصطفاءك على رغم سَوءاتنا المَكشوفة ..
    وامنَحنا قلوباً لا تتَلعثم إذا همَسَت باسمك في عُمق الدّجى !
    يا ربّ ..
    يَهُزّني الشّوق للسَّلام .. يَهزّني أسىً وتِحناناً .. يَهُزُّني إذْ المح سلامَ الّليلة فينا ؛ سلاماً عابِراً ومُسافرا !
    سلام هُنيهةٍ .. سلاماً لا يُمَسّد جِراحات العام كلّه !
    يا ربّ ..
    هذه ليلة .. لو انفرَط عِقد النّعيم منها ؛ لكان حبّات قَدْرٍ ورديّة مُطرّز عليها { سلام هي حتّى مَطلع الفَجر } !
    أرى سلامُها يا رب يَرعى في قَلبي .. يلْتَهم مَعاركي ..
    وأشتَهي لو يُبتدأ السّلام فيها .. ثُمّ يكتمل لي في جنّة يَقُول خَزنتها ؛ { سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } !
    يا ولديدكان أوّل الحكاية صَوت المَلائكة لإبراهيم ؛ { قَالوا سَلاماً قالَ سَلامٌ } ..
    فانتَهت الحكاية له بِبشرى الفَرج ، وقول الله له .. رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ} !
    فيقولُ ابن عبّاس :
    ( إنّ السّلام انتَهى هنا الى البَركة ) ! .
    للهِ دَرّك يا ابنَ عبّاس !
    فهذا فقه عالٍ في الإسناد .. إذْ لمَح المَعنى ؛ حيث انتبه أنّ السَّلام بلَغ بأهلِه دَرجة البَركة ..
    والبَركة ؛ ثُبوت الخَير ونَمائه .. فإذا حلّ في بيتٍ ؛ صار مَهبط عطاءٍ مُتوال !
    كأنّ الآية تقول لك ؛ إنْ ساقَ البرَكة التي تجري بها هي السّلام فلا تَكسِرها !
    قال التّلميذ :
    كيفَ تُكْسَر ؟!
    قال الشّيخ :
    إذا ظَهرت الجنايات ؛ ارتفَعت البَركات !
    يَغيبُ السّلام يا وَلدي .. مثلَ نارٍ تُطفىء في شِتاء بيت فَقير ؛ إذا جعَلنا وَقودها حطبَ ذُنوبنا !
    هل تعلم ..
    أنّ الرُّوح تأخُذ شَكلَ الوِعاء الذي فيه ..
    فإنْ كانَ سَالِماً مِن السّوء ؛ تنَفّس السّلام فيه ..
    أو سَقط مِن شروخ الروح !
    { سلامٌ هِي } ..
    فَيا الله .. اجعَلها سلاماً ينصَبّ في بُيوتنا التي طَفَحت بالّلغْو ؛ كأنّه زبَدٌ وهَذيان !
    وابتَعدت عن بهاءِ ؛ { إلّا قيلاً سَلاماً سَلاماً } .. حيثُ { لا لَغواً } يقودُ الى التّأثيم !
    اجعلها سَلاماً ..
    ينْصَبّ بين أزواجِ تَعلو وتَهْبِط بَينهم حَرائِق وحَرائِق !
    اجعلها سلاماً ..
    ينْصَبّ بين أرحام تَجوس بينَ أعراقِهم نيرانَ ونيران !
    اجعلها سلاماً ..
    ينْصَبّ في كلماتِنا فَيرفَعنا مِن دَرْك الغَيبة و البُهتان ؛ إلى طيبِ الكَلِم من الّلؤلؤ والمَرجان !
    اجعلها سلاماً ..
    يَملأُ كَيان العِباد ؛ حتّى يَكسو الأرواح سَكينة الإيمان !
    يا ولَدي ..
    ليلة القدر تأتِيك بالسّلام حتّى مَطلع الفَجر .. أفلا تَعرِف كيفَ تغْرِف مِنه ؟!
    تأتِيك بالسّلام .. فقدّم لها منك بعض القُربان .. وَزحزح نفسك عن نارِ الحُروب اليَومية !
    هذه ليلة ..
    جاءَت توحّدك مع زمنِ الجنّة .. مع زمنِ { دارِ السّلام } !
    يا ولدي ..
    نحنُ نتوب في شَفاهنا .. لكنّ صدقني صُدورنا لمْ تتَب فيها الحَرب عن الإشتعال !
    أتُراك لو مِتّ .. وجاءك المَلكان .. فإلى أيّ أرض تراك أقرَب ..
    دارُ السّلام ؛ أم عالم الحَرب !!
    صدّقني ..
    أنّ الحَرب في لُجّة القيعانِ مِنّا .. نَحرُسها .. نُوقِدها .. ونَشدّ حَولها السِّياج ..
    الحَرب ولدت مِنّا .. وبايَعناها بكلّ كلمةٍ خرجت منا ؛ مِثل حطَبٍ يستَعرُ لها !
    بايَعناها بكلّ تَسامح اطفأناهُ .. ونَفثنا التَّتَبع للعَوارات بيَننا دُخاناً ..
    فمتَى سَنَصِل مَرتبة ؛ { وإذَا خاطَبهم الجَاهِلون قالوا سَلاماً } !
    لَقد بايعَنا الحَرب بكلّ سرٍّ كشَفناه .. فالتَهبَ الجَحيم بَيننا .. وأوَغر الصُّدور صِراعاً !
    ولو رَحلنا إلى ؛ {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } .. لَنَالنا بعضُ أَمْنِها !
    يا وَلدي ..
    لِتَكُن مَهمّتنا { أفْشوا السّلام بَينكم } .. حتّى نشمّ براعِم الغُفران ، ويَليق بِنَا ؛ { إنّك عفوٌ تُحِبّ العَفوَ فأعفُ عنّا } !
    ظامِئةٌ أوطَانِنا يا رب للسّلام ..
    ظامِئةٌ ..
    مثل خَيل أجهدتها المَعارك ، وغاَصت في الوَحل خطوتها الأخيرة !
    ظامِئةٌ مَراكبنا لسلامِ الشطآن .. فقد هدها المَوت في البحار .. فيا قوم أفشوا السّلام .. عسى الله أن يَهدي به { من اتّبع رِضوانَه سُبُل السّلام } !
    قال التّلميذ :
    فكيفَ أبْلُغها ؟!
    قال الشّيخ :
    صِناعة السّلام تحتاجُ صبراً !
    أنْ تصبِر على استدراجِ السّفح لك .. على شَهوة القاعِ فيكَ للانتقام .. على رايات الشيّطان في صَوتك ؛ إذْ يهزّها لك حتَى تخرج الغُثاء ..
    على روحِ قابيلَ فينا .. إذْ حرّكت يدَه نار الغَضب ..
    أما سَمِعت قوله ؛ { سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } !
    تحتاجُ أن تكسِر سِهام الحَرب مِن جُعبتك ..
    سِهام الشّيطان فيك ؛ حتّى يُقال لك { سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } !
    يا وَلدي ..
    إنّ قطَرات هابيلَ هي أقصَى ما تطَاولت إليه مُخيّلة المَلائكة ..
    واليوم ..
    تَغيب كلّ تَوقعات المَلائكة ؛ أمامَ ما تَلتقطه مِن أرواح الأطفالِ على طُرقات الشّام !
    يا ولدي ..
    يَكفي أوطَاننا هذا الخَريف الطّويل .. يَكفينا اصفرارِ الأُمنيات ..
    ولنكن نحنُ ليلة القَدر في أُمّتنا ..
    فيارب هبنا سلاماً لأوجاعٍ أنهكَها النّزيف !
    ردِّد الّليلة ..
    " الّلهُمّ أنتَ السّلام ، ومِنكَ السّلام ، واليك يعودُ السّلام ، فَحيناً يا ربّنا بِتَحية السّلام ، واجَعلنا مِن أهل ِالسّلام " !
    د.كفاح أبو هنود ~
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  6. #26
    [ رَمَضان الوَصْل ]
    🌙 الليلةُ السادسة والعشرون ..
    قال الشيخ :
    سَلامٌ على حُرّاس الأَقصى في ليالي السلام ..
    سَلامٌ على سّادة الرِّجال ..
    سَلامٌ على الأسْرى في سُجون الإحتلال الإسرائيليّ !
    سَلامٌ على شَيخ الأقصى راِئد صلاح ؛ في زنزانَته في رَمضان .
    سلام على من كان بَهيّاً في ابتسامَتِه ؛ وَهُم يحمِلونه للأسرِ ..
    فالبَسمة بعضُ السّلاح !
    كمْ مِن قوافل الإغاثة ياسيّدي ..
    تحرَّكت على ضوء قناديلك .. وصَدى صوتك الُمبارك !
    تذْبل أسماء العواصِم التي منعت عن الأقصى العطاء .. و تَنطفىء ألقاب .. و تظلّ أنت والمُجاهدون الصامدون عَلماً في المجرَّات !
    تَتراءى الشّموس بَريق سِراجك في الأقصى ..
    تتَنادى الكَواكب ؛ و تَطوف حَولك ..
    فأنتَ وشباب الأقَصى بَقيّة الحق الصّامد .. و على أثَر الأنبياء تَسِيرون !
    ينتظركُم الشُّهداء كلّ ليلة .. وتنتَظركم كلّ النّجوم التي غابَت في عِلييِّن !
    تسيرُ إليهم أنت و المُرابطون و المُرابطات ؛ حُفاة على النّار ..
    تتَّقدِون لأجلِ كرامتنا ..
    لأجلِ الأعراض التي تتسَلّل يدُ اليهود في ليلِ الغفلة ؛ كيْ تنتَهكها ..
    لأجلِ أنْ لا يَستبيح اليهودُ بقيّة العواصِم العربية !
    يعرُج الشّهداء مِن رِحاب الأقصى يا سيّدي .. بعد أن يُسَوون الصّفوف للصّلاة !
    يرفَعون الآذانَ فوقَ الغمَام .. تشتدّ بِهم تكبيرات ( حيَّ على الفلاح ) .. حيّ على اليَقظة ..
    حيّ على الفَهم .. وحي على الصَّحوة !
    تُصبح أكتاف الأمّة مُتلاصقة بِهم .. و تَنتهي الفَرج بين الصّفوف ؛و تَسُدّ الثَّغَرات !
    يَصنعون الأَئِمّة بالتّضحيات ... فالأَئِمّة الذين يَقودون الصّلاة ؛ لابدّ أن يكونوا على سُنّة إبراهيم ..
    إذ لا إمامةَ إلا بعد أن يَبتلي الله بالكلمات ؛ فَيُتِمّهُنّ الإمام ..
    وحِينها .. يأتي الوعد { إنّي جاعِلُك إمِاماً } .. فبالابتلاءِ فقَط يستَحقّ الأئمة المُقَدّمة !
    يَطمَئِنّ الشُّهداء قبل رحيلهم .. أنّ رجال الأقصى تعرَف القِبلة .. و تَعرِف كيف تختارُ الإمامَ .. وتَعرفِ كيف تُحرّس المَحاريب !
    يغادِرون كلّ ليلة .. بعد أن تَنادى الشَّباب على صوت الأئِمة مِن مقاهي الضّياع .. تنَادوا للوُقوف في ساحَةِ المَسرى ..
    يَمضُون بعدَ أن كتبَوا للأمّة ( سِفرَ الخُروج ) ؛ مِن نفَق التِّيه كاملاً غيرَ مَنقوص ..
    يرحَلون إلى الجنّة .. دون أن يُخطِئوا الطّريق ..
    هل يُخطىءُ العُشّاق الطّريق ؟!
    يا حرّاس الأقصى .. ياشباب فلسطين
    أنتُم خُلقتم لزمنِ الأقصى .. عُجِنتم من طينٍ لا ينكسر ..
    و أرادكمُ الله ؛ قامات تليقُ بالعُروج إلى السّماء كلّ ليلة ..
    أرادَكم أقداراً عُليا ؛ كيْ تُوَقّع اسماءكم على صَفحة السّماء !
    نحنُ لنا السِّجادة في رَمضان .. وأنتُم لكُم بُسط الجَنّة مَفروشة ؛ تُكتَب عليها صَلواتكم رُوحاً وَريحاناً !
    سَلامٌ على الأَسرى ..
    الذين يَشتهون رائحة أُمّهاتهم في طعام ؛ٍ لا يُشاركهم فيه إلا خَيال الذِّكريات !
    سَلامٌ على أَسرى ..
    مرَّ عليهِم عُشرون رمضاناً أو تزيدُ .. ليس على موائِدهم إلا صمتُ الإنتظار للفَرج !
    سَلامٌ على الأسرى ..
    وَهم ينتَظرون العِيد دون كَعك أمّهاتهم .. فارِغاً من صوتِ صِغارهم .. وقاسياً دون دِفء زَوجاتهم !
    سَلامٌ على خَطيبات وزوجاتِ الأسرى ..
    على عرائِس الفِردوس الأعلى .. على أميراتِ ؛ اختَرن أقدارَهنّ بِعناية .. واختَرنَ زَفاف الجنّة !
    يشِعّ الفِردوس ببِهجة أبديّة .. يَتهامس أهل المحَشر في ذُهول .. يَشُمّ الكون عطوراً أزليّة .. ويصغي الملأُ الأعلى ؛ إلى حكايَات الشهداء والأسرى وهي تتلى في الجنة .. حيثُ صَارت العَذابات أفراحاً !
    في الفِردوس الأعلى .. يتَوهّج شلاّلَ الفَرح ..
    ذاكَ زمنٌ قادم يا ولدي .. يَكنُس الأرضَ كلّها ، ويُبقيها في النِّسيان ..
    زمنُ الّلقاءِ بالله !
    د.كفاح أبو هنود ~
    هنّود
    4 hrs ·
    🕌 [ رَمَضان الوَصْل ]
    🌙 الليلةُ السابعة والعشرون ..
    قال الشّيخ :
    هل ذُقت طَعم العَفو من الله ؟
    هل تَعرف لحظةَ " كعب بن أُبَي " حين أضاءَت له التّوبة كلّ المَسافات .. وانحَدر الصّبح في عمره بلِا حواجز ؟!
    العَفو يا ولدي .. مثل شَدوٍ مبارك : يُطيل الفرح في العُمر ، ويَشرح الصّدر ؛ حتّى تَنفرج به الدّروب المُغلقة !
    يبدو العَبد مَعه .. مثل قَطرة ماءٍ ؛ تعود إلى نهرها ..
    مثل يَتيمٍ .. انتَشى القمر في عينه ؛ إذ رأى أمه تلوح في أحلامه مِن جديد !
    مثل مَطر خَفيف .. ينسَكب على الرّوابي ؛ فتهتز بعد طولِ غياب !
    العَفو من الله .. هو خَطوتك الأولى نحو جنّة فيها مُحمّد وصَحبه !
    لا تَبقى الأيام بألوانها ؛ إذا بَلغْتَ العَفو ..
    تَنكسر القيود ، وتتحرّر من شِباك المعصية وآثارها ..
    فللذّنوب شؤم يا ولدي !
    يا ولدي ..
    حين تعود الخَطايا لتطلب سَداد الديون القديمة ..كمْ ستَكون الضّريبة فادحة !!
    تغيبُ .. فيظُنُّ العبد أنّ ثمة منْ مَحاها .. أو أنّ النِّسيان قد ألقى بها في غياهِب الجُّب !
    فإذا حرَكَها آوان العِقاب ؛ تَذكّر المِسكين كلمات النّبي ﷺ :" إِيَّاكِ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ , فَإِنَّ لَهَا مِنَ اللَّهِ طَالِبًا " ..
    كأنّما كان هو الذي قَصده حين قال : " فإنّها تجتَمِعُ على العبد حتّى تُهلكه " !
    وقديماً قيل ؛ إنّ الحقوق لا تَضِيع بالتّقادم .. فتَخلَّص قبل أن تَخلص إليكَ تلك الآثام العَتيقة ؛ وقد أصابَك { الْكِبَرُ } ، و جنَّتك لا تَحتمل قول الله { فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ } ..
    فتذكّر !
    ثمّ حَرِّك قلبك بالدّعاء ؛ الّلهم إنّك عفوٌ تُحِبّ العفو فأعفّ عنّي !
    قال التلميذ :
    فكيفَ أدعو ؟
    قال الشّيخ :
    إذا أراد الله أنْ يستجيبَ دعاء عبد ؛ رَزقه الإضطرار في الدّعاء ..
    ألا يستحقّ العفو أن تكونَ فيه مُضطَرا !
    هلْ تعرف .. أنّ العفوَ صَحوة العُمر ، وصوت الخَطو على عُشب الجنّة ؛ بعد أن باعدَ بينك وبينها غُبار الذّنوب !
    نحن ينْفَرِط سَعينا بلا عفوٍ ، ويَغدو { هباءً مَنثورا } ..
    تأكُل مَنسأتك الذّنوب ..
    وتُبقيك في خَريف العُمر عاجزاً ؛ بلا عصا تَهشّ بها على آثار الخَطايا في أيامك البَاقية !
    يا ولدي ..
    كيفَ يَرحل إلى الله قلبٌ ؛ وهو مُكَبّل بِشَهواته !!
    وكيفَ يطمع أنْ يدخل حَضرة الله ؛ وهُو لم يتَطهّر مِن جَنابة غفَلاته !!
    لذا ..
    قلْ الليلة بكلّ الإضطرار :
    اعفُ عنّي ..
    لعلّها تكونُ ليلةَ قدْر !
    واحرِص على كَتم حَسناتك ؛ فإنّ الكِيس لا يحتمل سُوس الخَطايا ، وسُوس التّخليط !
    قال الّتلميذ :
    ما ذا تقصد ؟
    رد الشيخ :
    يا ولدي .. كان السّلف الصَّالح أحْرَص على كَتم حسناتِهم مِن كتْم سَيئاتهم !
    إذ كانوا يقولون ؛ والله ماصَدق الله عبدٌ إلا سرَّه أن لا يَشعر أحد بِعمله ، ولا صَلاته ، ولا حتّى تَسبيحة مِن تَسابيحه !
    فإنّه لا يجِد حلاوة الآخرة ؛ مَن أحبّ أن يعرفه النّاس !
    وقال العارِفون بالله :
    ما استُودِع في غيب السّرائر ؛ ظَهر في شَهادة الظّواهر ..!
    تنبعث ألوانُ الطَّيف الدّاخلي ، وتَظهر حَقائقنا في فَلتات الّلسان ، وفي حَركة الجوارح ..
    وماكان غيّباً مَخبؤاً في السّرائر ؛ يصبح هو شَهادة علَينا عبر الظّواهر ..
    فهل فَهِمت !
    يا ولدي ..
    لا تَسبقُ الأقدامُ إلى الأعتاب ؛ الا إن صَفِيت البواطن مِن الصّدأ .. والله يُخرج ذلك في مِحنة ؛ يكشِف بها الَمعادن !
    لذا قال السّلف :
    تعَلّموا النِّية .. فإنّها أعظم من العمل !
    إذْ كانوا يَعلمون ؛ أنّ عَون الله للعبد على قَدر نيّته .. فإن تمّت تمّ له العَون !
    رمضانُ جاء يعلِّمك الصّمت في العبادة .. فلا تخرقهُ بِضَجيج الرِّياء ..
    أمَا بلَغك .. ( أنّه من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً ؛ غُفر له ما تقدّم من ذَنبه ) !
    والإحتساب يعني .. أن يكون صَدى حَسناتك في صُحفٍ مَختومة ؛ لا يشمّ ريحها مَلكٌ مُقرّب !
    تَضحك لها يوم تُفتح الصّحف .. إذْ تجدها تامّة في نُورها ؛ كالشِّمس غير مَنقوصة !
    يا ولدي ..
    إذا بلَغْتَ العَفو ؛ بلَغْتَ الوَصْل ..
    تحرُسك المَلائكة ، ويُزهر تحتَ قدميك كونٌ من التّسخير ..
    فإن ّداوود سَخّر الله له الجبال ، وشدّ له مُلكه ، فلمْ يَنْفَرِط مِن أمرِه شيئاً .. لأنّهُ كلّما فَتنه الله
    { استَغفرَ ربّه وخرّ راكِعاً وأنَاب } !
    د.كفاح أبو هنود ~
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  7. #27

    🕌 [ رَمَضان الوَصْل ]
    🌙 يتبع/ الليلة العاشرة

    قال الشيخ :
    سَلامٌ على حُرّاس الأَقصى في ليالي السلام ..
    سَلامٌ على سّادة الرِّجال ..
    سَلامٌ على الأسْرى في سُجون الإحتلال الإسرائيليّ !

    سَلامٌ على شَيخ الأقصى راِئد صلاح ؛ في زنزانَته في رَمضان .
    سلام على من كان بَهيّاً في ابتسامَتِه ؛ وَهُم يحمِلونه للأسرِ ..
    فالبَسمة بعضُ السّلاح !

    كمْ مِن قوافل الإغاثة ياسيّدي ..
    تحرَّكت على ضوء قناديلك .. وصَدى صوتك الُمبارك !

    تذْبل أسماء العواصِم التي منعت عن الأقصى العطاء .. و تَنطفىء ألقاب .. و تظلّ أنت والمُجاهدون الصامدون عَلماً في المجرَّات !
    تَتراءى الشّموس بَريق سِراجك في الأقصى ..
    تتَنادى الكَواكب ؛ و تَطوف حَولك ..
    فأنتَ وشباب الأقَصى بَقيّة الحق الصّامد .. و على أثَر الأنبياء تَسِيرون !

    ينتظركُم الشُّهداء كلّ ليلة .. وتنتَظركم كلّ النّجوم التي غابَت في عِلييِّن !
    تسيرُ إليهم أنت و المُرابطون و المُرابطات ؛ حُفاة على النّار ..
    تتَّقدِون لأجلِ كرامتنا ..
    لأجلِ الأعراض التي تتسَلّل يدُ اليهود في ليلِ الغفلة ؛ كيْ تنتَهكها ..
    لأجلِ أنْ لا يَستبيح اليهودُ بقيّة العواصِم العربية !

    يعرُج الشّهداء مِن رِحاب الأقصى يا سيّدي .. بعد أن يُسَوون الصّفوف للصّلاة !
    يرفَعون الآذانَ فوقَ الغمَام .. تشتدّ بِهم تكبيرات ( حيَّ على الفلاح ) .. حيّ على اليَقظة ..
    حيّ على الفَهم .. وحي على الصَّحوة !

    تُصبح أكتاف الأمّة مُتلاصقة بِهم .. و تَنتهي الفَرج بين الصّفوف ؛و تَسُدّ الثَّغَرات !
    يَصنعون الأَئِمّة بالتّضحيات ... فالأَئِمّة الذين يَقودون الصّلاة ؛ لابدّ أن يكونوا على سُنّة إبراهيم ..
    إذ لا إمامةَ إلا بعد أن يَبتلي الله بالكلمات ؛ فَيُتِمّهُنّ الإمام ..

    وحِينها .. يأتي الوعد { إنّي جاعِلُك إمِاماً } .. فبالابتلاءِ فقَط يستَحقّ الأئمة المُقَدّمة !
    يَطمَئِنّ الشُّهداء قبل رحيلهم .. أنّ رجال الأقصى تعرَف القِبلة .. و تَعرِف كيف تختارُ الإمامَ .. وتَعرفِ كيف تُحرّس المَحاريب !
    يغادِرون كلّ ليلة .. بعد أن تَنادى الشَّباب على صوت الأئِمة مِن مقاهي الضّياع .. تنَادوا للوُقوف في ساحَةِ المَسرى ..
    يَمضُون بعدَ أن كتبَوا للأمّة ( سِفرَ الخُروج ) ؛ مِن نفَق التِّيه كاملاً غيرَ مَنقوص ..
    يرحَلون إلى الجنّة .. دون أن يُخطِئوا الطّريق ..
    هل يُخطىءُ العُشّاق الطّريق ؟!

    يا حرّاس الأقصى .. ياشباب فلسطين
    أنتُم خُلقتم لزمنِ الأقصى .. عُجِنتم من طينٍ لا ينكسر ..
    و أرادكمُ الله ؛ قامات تليقُ بالعُروج إلى السّماء كلّ ليلة ..
    أرادَكم أقداراً عُليا ؛ كيْ تُوَقّع اسماءكم على صَفحة السّماء !

    نحنُ لنا السِّجادة في رَمضان .. وأنتُم لكُم بُسط الجَنّة مَفروشة ؛ تُكتَب عليها صَلواتكم رُوحاً وَريحاناً !
    سَلامٌ على الأَسرى ..
    الذين يَشتهون رائحة أُمّهاتهم في طعام ؛ٍ لا يُشاركهم فيه إلا خَيال الذِّكريات !

    سَلامٌ على أَسرى ..
    مرَّ عليهِم عُشرون رمضاناً أو تزيدُ .. ليس على موائِدهم إلا صمتُ الإنتظار للفَرج !

    سَلامٌ على الأسرى ..
    وَهم ينتَظرون العِيد دون كَعك أمّهاتهم .. فارِغاً من صوتِ صِغارهم .. وقاسياً دون دِفء زَوجاتهم !

    سَلامٌ على خَطيبات وزوجاتِ الأسرى ..
    على عرائِس الفِردوس الأعلى .. على أميراتِ ؛ اختَرن أقدارَهنّ بِعناية .. واختَرنَ زَفاف الجنّة !

    يشِعّ الفِردوس ببِهجة أبديّة .. يَتهامس أهل المحَشر في ذُهول .. يَشُمّ الكون عطوراً أزليّة .. ويصغي الملأُ الأعلى ؛ إلى حكايَات الشهداء والأسرى وهي تتلى في الجنة .. حيثُ صَارت العَذابات أفراحاً !
    في الفِردوس الأعلى .. يتَوهّج شلاّلَ الفَرح ..
    ذاكَ زمنٌ قادم يا ولدي .. يَكنُس الأرضَ كلّها ، ويُبقيها في النِّسيان ..
    زمنُ الّلقاءِ بالله !

    د.كفاح أبو هنود ~



صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123

المواضيع المتشابهه

  1. ستفوح كفاي عطرا !!!
    بواسطة شادية مقداد في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 03-20-2016, 11:53 PM
  2. إنني مرتبكٌ
    بواسطة فادي شعار في المنتدى فرسان النثر
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 04-19-2015, 08:15 AM
  3. ملاحظات من الدكتورة /كفاح عبد المجيد رباح
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الطبي العام .
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-04-2013, 07:48 PM
  4. إنني أنا الزراد
    بواسطة يعقوب القاسمي في المنتدى فرسان النثر
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-14-2010, 05:57 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •