ليلة رأس السنة


. إِيمان لـيلا
سهرت معه ، كان بجواري متأنقا ، ساحرا ً ،لا يشبه أحدا ً،غلالة سوداء ، شعره عتم مسترسل ، مرصع بأسلاك فضية ، وعيناه كغرف زجاجية لامعة بدمع معلق لاينزل ولايجف .. وسيمٌ .. هو كما أتخيل.
وبيننا شموع مضاءة ، نار في الموقدة .... ورود..... وكؤوس وأشياء تكفي لقضاء مئة سهرة ....
يحكي ... و أحكي.
حديثه بمنطق الأيام والحياة .
و حديثي بمنطق القلب والعواطف والخيال.
- يقول : ليس في مروياتي ما يسلي .................!لاشيء يغريني لأبقى
أوأرحل ، كل العصور تتشابه، كل السنين واحدة ،الأمس مثل قبله،
وقبله... لم يتغير شيء .
الفقر ما زال سيدا ً ....! والأرض بين غاصبٍ و مغتصب !!
الرجال يفكرون بصيد النساء.
النساء يفكرن بفتى الأحلام الذي يتوجب عليه أن يحققها .
ويشير إلى الحفل، نساء ورجال ورقص ومرح ..............برفعون الكؤوس ويشربون ونشرب نخبهم ،شراب أخضر ...أخضر بلون الأيام التي نحلم يها .......
نحن معا ... أنا وهو ... وهم يعلنون بداية عام ونهاية عام .ينظر إلى البعيد.
في بحيرة عتم .....لاأريده أن يتوقف،
- أقول: لم يأت هذا المساء ....أيضا ً
- يقول : ولن يأتي ....ألم أقل لك انفضيه من ذاكرتك المؤثثة بأغراضه افتحي الستائر على أنوار جديدة .
- صدقني لم أعد أحاول أن أتذكره .... لقد عملت على ترتيب حياتي بدونه
ألغيت وجوده من ذاكرتي ورحت أتعلم فن النسيان .
- علمك فن الانتظار ...... لافن النسيان .
- الأمر سيان ... المهم أنه علمني الفن لأنسى أو أنتظر ....أ ُطرز أيامي
بالصبر ، وألونها بالدمع .
- وهنا ينقلب الصبر إلى حقد
- أنت محق نحن لانغفر بسهولة لأولئك الذين يجعلوننا نعيش بسعادغامرة،
ثم يرحلون و يتركوننا عرضة للألم .هؤلاء يتحول حبنا لهم الى حقدعليهم .


- انسي الأحقاد .. .على الأقل اليوم ، وتعالي لنرقص ونمرح معهم....
ولوكنتِ جزءا ً من قدره فإنه سيعود إليك حتما ً .
- وإ ذا لم أكن ؟؟


- حاولي ترتيب أمور حياتك بدونه ....تعاملي مع ذكراه بعشق أقل ...
ولامبالاة .... ومن ثم يصبح لاشيء... ولا تدعي أحدا ً يستولي على
قلبك إلا قلبك
- ولكن لم يقل لي إنه لن يعود !!
- هذا لأنه كالجِمال الخائنة ...التي تمشي آلاف الأميال .....تنظنيها صابرة
لاتظهر عليها علامات التعب أوالملل ،وفجأة ومرة واحدة تخّرعلى ركبها
وتموت ... تاركة صاحبها في صحراءلابداية لها ولانهايه،
أما الخيول فإنها على العكس تتعب شيئا فشيئا ،وتعرفين متى تطلبين منها
السير أو التوقف ،إنها لاتخذل صاحبها ولاتتركه عرضة للضياع ، أوفي
منتصف الطريق .
- ولكنني لا استطيع أن أبدأ من جديد لامع الخيول ولامع الجمال .
- تستطيعين .....الحياة لاتتوقف عند أحد مهما كان ....افتحي ذراعيك
وسيأتيك النسيان كالنعمة ... وسيفتح قلبك لهواءجديد
- أأحب من جديد ..!!؟؟
- نعم وافتحي قلبك لهواء بحري ، نقي ، يمدك بالحياة ... تعيشينها
بفرح . الزمان قصير ... والعمرأيام تشبه الأحلام و أنا عليّ أن أرحل.
- ولكننا لم ننته بعد.
- سأتنحى لآخر وموعد التسليم والإستلام قد حان ، فقد تلونت السماء
بلون الصبح ، وبدأ فجر جديد ......وأنا ماض ....أيامي تعانق بعضها
قبل الوداع..... لدي فقط معك ثوان .....
- مدّ لي كفيه مودعا ً ....... و على جبيني طبع قبلة ً ..... و قال :
" سأحفظ كم رف جفنك هذا المساء... لأعرف كم دمعة حاولت
الفرار .... وكم أملا ً حاول الإنبثاق . أنا لن أعود ثانية ، فالأيام
لا ترجع إلى الوراء ..... لا تذكريني إلا في ليلتنا هذه ... الوداع "


كنا معا ً ...... أنا وهو ....... هو العام الذي مضى......
كان يلوح لي مع تباشير صبح جديد ...... وأمل بعمر حلو وسعيد.