منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    عز الدين القسام: أنت باقٍ فينا نهجاً جهادياً وفكراً وممارسة (2-3)



    عز الدين القسام: أنت باقٍ فينا نهجاً جهادياً وفكراً وممارسة (2-3)
    مصطفى إنشاصي
    هي كلمات في ذكرى استشهادك الثالثة والسبعون ..
    أنت باقٍ فينا يا فارس الكلمة والبندقية .. أنت باقٍ فينا يا فارس المنبر والميدان .. أنت باقٍ فينا يا فارس الفكر والممارسة .. أنت باقٍ فينا يا فارس القول والعمل .. روح داعية مسئولة في وسط بحر من اللامبالاة والتقاعس .. أنت باقٍ فينا رمزاً للإيمان والوعي والثورة والإصرار على عدم المساومة .. لأنك الواجب المقدس في صراع الواجب والإمكان ..
    أنت باقٍ فينا على الرغم مِن أن مَنْ أحيوا تجربتك وجسدوها واقعاً وجعلوا منها فخر كل مجاهد ومناضل في الأمة تخلو عنها، ولم يَعُودوا يهتموا بالطليعي وصفاته التي كانت شرطاً ليكون المجاهد والمناضل قسامي، كما كنت وكما ربيت وعلمت وأعددت إخوانك وتلامذتك .. ذلك حال مَنْ بقي على رأس ما تبقَ مِن حطام ذلك المشروع .. بعد أن غره حطام الدنيا الذي زَهُدت أنت فيه .. وارتضى على نفسه أن يكون قزماً بين الأقزام الذين تمتلئ بهم الساحة! ..
    أما مَنْ ترك أو اضطر لترك ذلك المشروع فلم يَعُد يذكره أو يحرص على ما بدأ به ودعا له، لقد انهزموا واختفوا وغابوا عن واقع الأمة ومعاناتها، ورضوا بما آل إليه حالهم .. منهم مَنْ شغلته نفسه أو انتهج نهجاً بعيداً عنه .. ومنهم مَنْ شغلته لقمة العيش وتربية الولد .. ومنهم مَنْ شُغل في البحث عن الذات بعيداً عن الواجب المقدس في ظل صراع الواجب والإمكان .. بعيداً عن روح الداعية المسئول .. وأصبح لسان حالهم اللامبالاة والتقاعس في وسط بحر من الصراع على الكرسي والمنصب وجمع المال والعيش الرغيد .. لم يعودوا رمزاً للإيمان والوعي والثورة والإصرار على عدم المساومة التي أظهروها في مرحلة شبابهم واندفاعهم وحماسهم .. كأنهم لم يكونوا قساميين..! بل هم فعلاً لم يكن قسامياً يوماً! وإلا ما كانوا استسلموا لحالهم الذي آلوا إليه وتركوا ما بنوه وضحى من أجله خيرة شباب فلسطين للعجزة القائمين عليه الآن ..!!
    في الوقت الذي يعلم فيه أولئك الذين خذلوك وتخلوا عن نهجك ومشروعك، وغرهم متاع الدنيا التافه وسطوة الكرسي والمنصب الهزيل، فأكلوا حقوق إخوانهم وشردوهم وفرقوا بينهم وبين أسرهم وشهروا بهم في محاولة لتشويههم وإضعاف موقفهم ضد زيفهم وخداعهم، ولم يسلم من شرهم حي ولا ميت لا أشبعهم الله .. في الوقت الذي يعلمون فيه أن تألق تجربتك منهجاً وفكراً وممارسة كان بعد أن امتلئ بيتك بالأبناء الذين في حاجة لِمَنْ يعولهم .. ذلك البيت الذي بِعته مرتين وهو كل ما كنت تملك من حطام الدنيا التي زَهُدت فيها، لتوفير نفقات جهادك في سبيل الواجب المقدس .. فأنت حقاً انتَصَرت فيك روح المسئولية في صراع الواجب والإمكان فأصبحت رمزاً للإيمان والوعي والثورة والإصرار على عدم المساومة .. لِقد َصَدِق وعيك ممارستك، وعملك قولك، واستشهادك نهجك وفكرك .. فغدوت نموذجاً يتعلم منه كل السائرون على نهج الجهاد والاستشهاد، على نهج الوعي والثورة ..
    أنت باقٍ فينا على الرغم مِن أن كل مَنْ رفعوا شعار جهادك وآخر كلماتٍ نطق بها لسانك لإخوانك (هذا جهاد: نصر أو استشهاد) تخلوا عنه .. إما لأنهم لم يَعُووا معناه من البداية فضعفت نفوسهم وزلت أقدامهم ومالوا إلى الدنيا .. أو لأنهم لم يتمثلوا مسيرتك ونهجك ووعيك عقيدة وممارسة .. أو قد يكونوا قَصُرت بهم هممهم عن بلوغ إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة .. أو لأنهم ضعفوا كما ضعف غيرهم مِمَنْ خذلك قبل/وفي فلسطين .. أو لأنهم لم يَصدُقوا مع الله تعالى من البداية كما صَدَقت، فغرتهم الأماني وانحرفوا عن درب الجهاد والاستشهاد .. أو لأنهم لم يدركوا أنك لم تأتِ فلسطين لتبدأ تجربتك الجهادية وتتعلم من دروسها ولكنك أتيت لتطبق خلاصة تجربة تعليمية وجهادية سابقة غنية بالدروس والوعي والثورة، أنضجتها دروس تجارب أكثر من ساحة من ساحات المواجهة في الوطن ..!!
    أنت باقٍ فينا نهجاً وفكراً وممارسة .. أنت باقٍ فينا روحاً وهادياً ونبراساً .. أنت باقٍ فينا جهاداً واستشهاداً .. أنت باقٍ فينا دماً يجري في عروقنا لا نستطيع أن نحيا إلا كما حييت أو أن نمضي ونقضي إلا على ما مضيت وقضيت عليه .. وإلا سنكون أول الخائنين لك ولنهجك وجهادك .. لفكرك وممارستك .. سنكون أول الخائنين للأمة والوطن .. فأنت لم تعلمنا الاستكانة مع الضعف وقلة الحيلة في مواجهة قوة وجبروت العدو .. ولا في حال تخاذل القادرين من الزعامات والقيادات القادرة على الفعل ولهاثها وراء هذا أو ذاك .. ألم ترد على ابنتك ميمنة عندما دار حديث بينكما شبيه بحالنا اليوم ببيت الشعر الذي يقول:
    وأعلم أنك عليك العار تلبسه ....... من عضة الكلب لا من عضة الأسد
    لقد اخترنا نهجك .. لقد اخترنا أن نكون طليعيين مقدامين عندما يَعُز على الرجال التقدم ويخشوا المواجهة والجهر بالواجب المقدس بأكثر من الإمكان .. ونتوارى ونتراجع عندما يختلط على الجماهير التمييز بين الطليعي الوطني الصادق لكثرة الخَبث الذي يطغى على الثورات بعد انطلاقتها .. حتى لا يختلط الطليعي بالانتهازي .. حتى لا يختلط الطليعي بالمخبر والعميل .. حتى لا يختلط الطليعي الشجاع بالرعديد الجبان .. ألم تكن تقول دائماً: "أن المجاهد رائد قومه والرائد لا يكذب أهله" ..؟!
    لقد اخترنا أن نكون فقراء خيرٌ من أن نكون أغنياء .. لقد اخترنا أن نكون عالمين عاملين خيرُ من أن نكون عالمين قاعدين أو منافقين كذابين وانتهازيين .. اخترنا أن نكون أوفياء لِمَنْ سبق على أن نكون عبيد متملقين لمن ملك .. لقد اخترنا النوم على الأرض لنكون أقرب إليها كما ربيت تلامذتك وإخوانك، ليهجروا الحضن الدافئ والفراش الوتير أو المريح .. لتنتزع من القلوب حب الدنيا والارتباط والتعلق بالأسرة والولد .. حتى لا يثبطهم ذلك في لحظة ضعف عن نهج (النصر أو الشهادة) .. حتى لا يركنوا إلى ما حذر منه رسولنا الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم صحابته: إنما أخشى عليكم إقبال الدنيا .. لقد اخترنا أن نكون مجاهدين بالمال والنفس على أن نكون موظفين ومرتزقة .. أن ندفع اشتراكات شهرية وننفق باقي مرتباتنا على تحركاتنا وعملنا لله .. أن نشتري سلاحنا بأموالنا لنعرف قيمته ومكانته ودوره .. أن نبيع صيغة زوجاتنا لننفق على جهادنا ونخفف عن إخواننا نفقاتنا .. لا ننتظر مرتب آخر الشهر الذي حول مقاومينا إلى موظفين ومرتزقة ..
    ألم يكن هذا نهجك ..؟ ألم تكن تُكثر في خطبك ودروسك من قول: "الجهاد رفيقه الحرمان"؟ .. ألم تبيع بيتك الذي هو كل ما تملك من دنياك في قريتك جبلة السورية وتنتقل أنت وزوجك وأبنائك إلى قرية الحفَّة بعد إعلان الاحتلال (الانتداب) الفرنسي على سوريا، تُعِد الجماهير في جبال صهيون والزاوية للثورة، واشتريت بها أربعة وعشرون بندقية..؟! ألم تبيع بيتك مرة أخرى عندما احتجت المال للثورة في فلسطين ومصاغ زوجك وتركتهم لله ..؟! ألم تُعلم إخوانك وتلامذتك أنه على المجاهد أن يدفع مبلغاً مهما قَل من ماله وكسبه ومهما كانت حاجته إليه لينتصر على ضعفه وحب المال في نفسه..؟! ألم تعلم إخوانك وتلامذتك أنه على المجاهد أن يشتري سلاحه ما استطاع من ماله الخاص، لأن مَنْ يَغُزَ عليه المال تَعُزَ عليه نفسه أن يقدمها رخيصة في سبيل الله والوطن ..؟!
    ألم تُعلمنا .. وتُعلمنا .. كثير مما علمتنا إياه بالممارسة وليس بالقول كما هم دعاة المقاومة اليوم الذين رحمك الله من أن تعيش لترى كم هي مرتباتهم وكم هو بذخهم وترفهم على حساب الجوعى والمحتاجين والمرضى الذين يتساقطون من حولهم .. من غرتهم غطرسة القوة وفَتَنَتهم المظاهر الكاذبة التي عافانا الله من أن نكون شركاء فيها كما عافاك من رؤيتها أو المشاركة في أمثالها .. من الحُراس والمرافقين بوسامتهم وأناقتهم وببذلاتهم وربطات العنق الثمينة الفخمة .. إلى مواكب السيارات الحديثة الفارهة المتقدمة واللاحقة .. إلى السجاد الأحمر والبسط الممدودة تشريفاً وتكريماً لتليق بمكانتهم ومقاماتهم وتدل على سطوتهم وغطرستهم .. إلى تراقص أضواء وأشعة كاميرات الصحفيين والفضائيات ولقاء الزعماء والرؤساء .. إلى الاستعراضات العسكرية التي تُكلف عشرات ومئات ألاف الدولارات وغيرها .. في وقت جماهير فلسطين فيه في الضفة وغزة محاصرون وجوعى يعيش 90% منهم تحت خط الفقر، والبطالة زادت عن 70%، وشهداء مرضى الحصار قارب الـ300 مائة شهيد .. وكثر عدد المتسولين في الشوارع وأمام أبواب المساجد .. وتضاعف عدد الأسر المتعففة التي يمنعها حيائها من طلب العون والمساعدة .. كما تضاعف عدد الطلبة الذين يعجزون عن دفع أقساطهم المدرسية أو الجامعية أو توفير احتياجاتهم الدراسية .. إلخ من ألوان المعاناة والحرمان التي تعيشها الجماهير التي هي المجاهد الحقيقي لا تجار وسماسرة الدم والقضية ..!
    عن ماذا أو ماذا يا مولاي وأستاذي ومعلمي أحدثك مما عليه مقاومينا الأشاوس؟! والمصيبة أن كلاهما يرفع شعارك (هذا جهاد: نصر أو استشهاد) ويريدنا أن نُصدقه أنه ليس مجرد شعار لا نصيب له من الواقع ..! وأنت الذي سبق لك أن انتقدت تبذير وإنفاق المجلس الإسلامي الأعلى للأموال في تشييد الأبنية (فندق الأوقاف في القدس) و(تزيين المساجد)، حيث أنك كنت ترى أن إعداد الشعب للجهاد وتسليحه لخوض المعركة أفضل وأحق من الأمور الشكلية التي يمكن انجازها في أوقات أخرى .. ونحن نرى الآن أن إشباع البطون على الأقل أفضل إعداد للجماهير من أجل استمرار الصمود والمقاومة ..
    مولاي وأستاذي ومعلمي: لم يقع الاختيار على تجربتك من بين تجارب الجهاد والنضال الفلسطيني عبثاً أو عشوائياً .. ولكن لأنها كانت نموذج لحركات الجهاد والمقاومة والتضحية بالنفس والمال .. لأنك كنت نموذجاً ومثالاً للعالم المسلم المجاهد في عقيدته ووعيه وثقافته .. في نهجه وفكره وممارسته .. لأنك قدمت النموذج النادر في تطابق النظرية مع الممارسة من خلال مسيرة جهادية طويلة مشرفة .. ألهمت فيها مَنْ جاء بعدك بأكثر من نصف قرن كيف يكون نموذجاً للطليعي الحقيقي .. كيف يكون أقرب إلى الله تعالى من الدنيا .. أقرب إلى الجماهير من الزعماء والقادة السياسيين ورجال المال ..
    لقد اخترناك لأنك تملك الرؤية وبُعد النظر، فقد أدركت بوعيك وثقافتك أن ملة الكفر واحدة، فلم تجزئ الواجب تجاه الأمة والوطن، فدعوت للجهاد في ليبيا وجمعت المال وحشدت المقاتلين للقتال في ليبيا وكنت في طليعتهم عندما حاصر الأسطول الإيطالي الشواطئ الليبية .. وفي الوقت الذي انخدع فيه كثير من الوطنيين بوعود الصديقة بريطانيا وشاركوا في خروج الحسين بن علي على الأتراك لم تنخدع ولم تشاركهم ذلك .. وكنت تقول عن القادة والزعماء الرجعيين الذي يكررون تجارب سابقيهم (حسين بن علي وأبنائه) ويثقون في الصديقة بريطانيا أنها بالعمل السياسي ستمنحهم حقوقهم الوطنية فتقول: "من جرَّب المجرَّب فهو خائن .. والمؤمن إذا قال صدق وإذا قيل صدّق .. فما بالك اليوم بالذين يعيدون تجريب ما جُرب مرات ومرات وكان سبب ضياع القضية ..؟!
    لقد اخترناك لأنك لا تساوم ولا تهادن، فأنت عندما احتلت فرنسا سوريا كنت أول المجاهدين وأول من حمل سلاحاً ضدهم، وكانت دروسك وتعبئتك للجماهير هناك هي التي هيأت للثورة .. وعندما خذلكم الإقطاعيين والساسة (الأمير فيصل بن علي الذي ترك وزير دفاعه يوسف العظمة والمجاهدون من مناطق سوريا الطبيعية يواجهون مصيرهم في معركة غير متكافئة مع المحتل الفرنسي) وحتى بعض قادة الثورة (صبحي بركات في لواء الاسكندرون) وانحازوا إلى جانب المحتل ضدكم، وشاركوا في مطاردكم والبحث عن مكامنكم والتضييق عليكم رفضت المساومة وإلقاء السلاح، وعندما توقفت ثورة عمر البيطار في جبل صهيون وثورة إبراهيم هنانو في إدلب وجبل الزاوية التي لعبت دوراً كبيراً فيها انتقلت إلى ثورة الشيخ صالح العلي في جبال العلويين بشمال سوريا لتواصل جهادك .. وعندما ضيق عليك الفرنسيين الخناق رفضت الاستسلام مقابل منصب مغري عَرَضَّته عليك فرنسا وأنت تعلم إن مصيرك سيكون الإعدام ..
    لقد اخترناك لأنك أدركت من دروس تجربتك وتجربة مَنْ سبقك أبعاد الهجمة اليهودية-الصليبية ضد الأمة والوطن وأن مركزها فلسطين وكنت تقول: "بريطانيا رأس الداء والبلاء" .. فرفضت الاستسلام وقبول المنصب وآثرت هجرة موطنك ومسقط رأسك وساحة جهادك لتكمل مسيرة جهادك في قلب الأمة والوطن (فلسطين)، لتكون موطن استشهادك .. فوطنت نفسك وإخوانك وأتباعك على إحدى الحسنيين من خلال شعار جهادك (هذا جهاد: نصر أو استشهاد) لا أنصاف حلول بينهما .. لذلك سبقت بحس المؤمن ووعيه القيادات والزعامات التقليدية؛ التي كانت ترى في بريطانيا المحتلة لفلسطين والمستجلبة اليهود لفلسطين، والمساعدة لهم على اغتصاب أرضها وحمايتهم ودعمهم، صديقة، وتراها أنت العدو المركزي للأمة ..!
    لقد اخترناك لبُعد نظرك وصحة رؤيتك وصواب ممارستك في البُعد عن العمل السياسي، ورفض التعلق بالأنظمة العربية أو تعويل الأمل على أيٍ من أعداء الأمة .. لأنك مازلت بعد ثلاثة وسبعون عاماً من استشهادك النموذج الذي عجزت كل مسميات المقاومة الحالية، سواء التي اتخذتك نموذجاً وأحييت تجربتك أو التي تسترت بشعارك أو التي لم تتذكرك على أن ترتقي إليه أو تجسده.. لأن مقاومينا المعاصرين قَصُرت هممهم عن بلوغ إحدى الحسنيين (النصر أو الشهادة) .. لأنهم طمعوا فيما زَهُدت فيه وعادوا لتكرار تجارب السياسة والنضال والجهاد والمقاومة التي ثبت فشلها في تاريخنا الفلسطيني الحديث والمعاصر.. عادوا ليجرَّبوا المجرَّب ..؟!
    مولاي وأستاذي ومعلمي .. أنت باقٍ فينا على الرغم مِن المحنة، فأنت علمتنا الثبات على المبدأ وعدم المساومة .. أنت علمتنا كيف نموت واقفين ولا نركع .. أنت علمتنا كيف نموت جوعى ولا نساوم أو نستسلم .. أنت علمتنا أن لذة المعاناة لأجل العقيدة والجهاد في سبيل الله والوطن لا ينتهي إلا بلقاء الله تعالى .. أنت علمتنا أن نكون أحراراً في عقولنا وتفكيرنا، أن ندرس ونتعلم من كل التجارب دون أن نصبح عبيداً لها .. ففي الوقت الذي اعتبرك معظم من أرخوا لحياتك أنك تتلمذت على يدي الشيخ محمد عبده أثناء دراستك الجامعية، إلا أننا نرى أنك قد تكون درست على يد الشيخ محمد عبده وقرأت للشيخ رشيد رضا نعم! ولكنك لم تأسرك تجربتهما الإصلاحية وإلا كنت انتهجت في حياتك ومسيرتك نهجاً آخر .. كنت ساومت وقبلت بالمنصب الذي عَرَضَه عليك الفرنسيين بعد انتهاء الثورة وعِشت في سوريا تحت الاحتلال كما قبل الشيخ محمد عبده ترك رفيق دربه الأفغاني والقبول بالعفو والعودة إلى مصر تحت حراب الاحتلال البريطاني وموافقته .. وكنت بررت لنفسك الاستسلام وبانتهاج نهج إصلاح التعلم الديني في سوريا أو غيره كما فعل الشيخ محمد عبده في مصر .. أو كنت صادقت ونشدت وُد المحتل كما صادق الشيخ محمد عبده (كرومر) المندوب السامي البريطاني .. أو كنت أفتيت عدة فتاوى مشبوهة في الإسلام كما فعل محمد عبده فيما يتعلق بحرية المرأة وحقها في العمل وتعدد الزوجات وغيرها ليرضي عنك المحتل، مبرراً ذلك بتَغيُر العصر وتقريب الفهم للنصارى المحتلين لترغبهم في الإسلام .. لكن نهجك كان على النقيض من نهج ومدرسة محمد عبده الإصلاحية .. كنت قريباً أو على نهج مدرسة جمال الدين الأفغاني الثورية .. كان الحق عندك بَيَّن والباطل بَيَّن لا مداهنة بينهما ..
    أنت باقٍ فينا لأن سياسيينا وأدعياء المقاومة فينا قد ضلوا وأضلوا مسيرتنا وبنادقنا ما بين مفاوض ومقاوم مراوغ .. لأن سياسيينا وأدعياء المقاومة فينا قد ضلوا ومزقوا الوطن بين ضفة محتلة وغزة محتلة ومحاصرة.. لأن سياسيينا وأدعياء المقاومة فينا قد ضلوا وفرقوا الجماهير بين مؤيد ومعارض .. لأن سياسيينا وأدعياء المقاومة فينا في الوقت الذي علمتك دروس تجربتك وتجربة مَنْ سبقك ألا تتحالف مع ارستقراطي أو إقطاعي أو ثق بسياسي أو مقاوم طامح؛ قد تحالفوا مع رجال المال والاقتصاد والمهربين ليصبحوا أغنياء حرب على حساب القضية وقوت وحاجة الجماهير التي هي المناضل والمُضحي الحقيقي في كل تلك المهزلة السياسية أو المدعاة مقاومة ..
    ولكننا لم ولن نُضِل .. فأنت باقٍ فينا نهجاً جهادياً وحدوياً .. أنت باقٍ فينا فكراً وممارسة .. أنت باقٍ فينا وعياً وثورة .. أنت باقٍ فينا نموذجاً ومثلاً وقدوة .. أنت باقٍ فينا .. أنت باقٍ فينا ..
    التاريخ: 22/11/2008

    في ذكرى استشهادك يا أبا المجاهدين

  2. #2
    رحم الله المجاهد والشيخ، كم اتمنى عليك استاذ مصطفى جمع جهدك بكتاب....
    لك تمنياتي الجميلة.

المواضيع المتشابهه

  1. عز الدين القسام: أنت باقٍ فينا نهجاً جهادياً وفكراً وممارسة (1-3)
    بواسطة مصطفى إنشاصي في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-20-2015, 06:10 PM
  2. عز الدين القسام: أنت باقٍ فينا نهجاً جهادياً وفكراً وممارسة (2-3)
    بواسطة مصطفى إنشاصي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 12-12-2013, 06:26 AM
  3. عز الدين القسام: أنت باقٍ فينا نهجاً جهادياً وفكراً وممارسة (2-3)
    بواسطة مصطفى إنشاصي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-20-2011, 06:30 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •