يناير 2012

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي









الأدب يجب أن يكون أدباً، وليس استنساخاً عن الواقع. هذا ما قاله الأديب المغربي عبد الإله بن عرفة، في حواره مع (البيان)، موضحا بأن أدبه يحيي ويحفز في القارئ روحية السؤال الوجودي عن الذات الانسانية، ولفت بن عرفة هنا إلى انه أوجد أدبا خاصا به، يتميز بأنه أدب وجودي، وهو رغم ذلك لا يقرأ وجودية سارتر لأنها ضعيفة، بل وجودية هايدغر وغيره من الفلاسفة المعاصرين.
وتطرق بن عرفه، في حواره مع (البيان)، على هامش لقائه، أخيرا، مع عضوات صالون "بحر الثقافة" الأدبي في أبوظبي، الذي ترأسه الشيخة روضة بنت محمد بن خالد آل نهيان، أشار إلى مجموعة قضايا ومحاور، توضح تجربته وطبيعة العوامل والأسس التي شكلت مضمون تجربته.

حروف وجودية
ما أبدعه الأديب المغربي عبد الإله بن عرفة الذي حرص ألا يكون مقلدا للآخر، هو كما قال، أدب وجودي، يحيي في القارئ السؤال حول ذاته ووجوده، واستخدم لهذا الحرف الوجودي وليس الحرف الناقص.
وعن رواياته التي وصفها النقاد بأنها روايات عرفانية عالمية، قال بن عرفة: "في العناوين هناك تجاور بين هذه الحروف المفردة والمعلم الجغرافي بوجهة تأملية وتأويلية هادفة، مثل رواية "جبل قاف". فنحن نرى هذا التجاور من جهة ونرى حرفا ومعلما لدخول الصغير في الكبير، والكبير في الصغير، فأمام الجغرافية بسياقها الدلالي المحدد بتوجه خاص ومنحى وتفسير معين.
والتي ترحل بنا إلى عوالم أخرى، انتقلت مع جبل قاف، حول محيي الدين ابن العربي "560 680" هجري، والذي شغل الناس قديما وحديثا، حيث أقيمت العديد من الندوات حول هذه الشخصية التي شغلت كل طالب للحق، وكل باحث عن حقيقة الإنسان، وكتبت هذه الرواية في العام 2002 بعد رؤية شاهدتها. وشعرت حينها أني لا أكتب بل أنكتب مع هذا الرجل.

ذاكرة التاريخ
لكل رواية من روايات بن عرفة، تفسير معين و قال عن روايته "بحر نون":" رحلة بين الزمان والمكان من الأندلس وما كان يتمخض فيها، وحول الأسطورة الأطلسية التي ذكرها أفلاطون في محاورته المشهورة، أعطانا مفاتيح هذه الحضارة البائدة، كما اشتغلت آلاف الكتب على الحضارة الأطلسية.
وتحدثت عن هذه الحضارة انطلاقا من الحضارة الإسلامية، وجعلت مركز هذه الحضارة الصحراء، والمكان "وادي نون" والذي حكمته حينها ملكة شمال إفريقيا في القرن الرابع قبل الميلاد، ونون هو البحر والمحيط، والرواية اشتغال على هذه الملكة، مع استحضار شخصيات عدة .
. أما "بلاد صاد" فهي عن أبو الحسن الشوشري، الذي ولد في قرية قرب غرناطة، وكان شاعرا انطلق بالعلم والفكر والحضارة، وعن التقائه مع الفيلسوف ابن سبيعن، ومن خلال الأحداث أظهرت الرواية منعرجا وتغيرا في السلوك، وكشفت خيطا ناظما، وهو الخيط الروحاني".
وأما عن روايته "الحواميم" فقال، بن عرفة: "إنها قصة الأمة المورسكية، وتعود إلى العام 1492 عندما عاش المسلمون الذين بقوا في غرناطة وشرق الأندلس. أول وأعظم اضطهاد تعرض له شعب، حتى أن اكتشاف أميركا كان على حساب المسلمين، إذ كان العقاب حينها على كل من يتكلم العربية الشغل بالتجديف بالسفن لمدة ستة أشهر، ومن خلال الرواية ومعالجاتها أطرح العديد من الأسئلة الفلسفية، وهو لماذا تقدم الشعوب على تقديم الاعتذار، إلا لكون هذا الماضي حاضرا في الذاكرة".
بين الحقيقة والخيال
وعن شخصياته التاريخية، في اعماله، قال بن عرفة: "أعمالي مكلفة من حيث الجهد الفكري، والشغل على المخطوطات والمصادر الكبرى، بعد تجميع المادة الخام، أكتب الراوية بشهرين أو ثلاثة، وذلك بحسب انشغالاتي، وقد أكتب بحالة من المماهاة والمساكنة، بعد شعوري بأنني اخترقت، ولهذا يمكن الوثوق بالمعلومات المقدمة حول الشخصية التي أتناولها، بل أقدم أحيانا شخصيات جديدة".
وتابع:" في ترجمة هذه الشخصيات يحضر الخيال، وإدراك الحس يخدع، ولهذا فرواية (جبل قاف) هي رواية القلب الكلي، و(بحر نون) رواية النفس الكلية، و(بلاد صاد) هي الصورة الكلية مهما اختلفت صورنا، خلف الصورة فهي واحدة حقيقة الإنسان على حقيقة الصورة، أوسع حضرة لإدراك المطلق، ولا تواجه المطلق إلا بالمطلق".

«كلام القلوب»
لا يعتبر بن عرفة، رغم حديثه وطرحه الفلسفي، ان أدبه نخبوي. وقال حول ذلك: "يبدو أن الكلام عميق يصل إلى القلوب ويخاطب الحقائق، وكل واحد يفهم ما يفهمه بمرتبه القراءة".
وأخيرا كشف بن عرفة، انه لديه رواية ستصدر قريبا، وهي عن شخصية تمثل فردوس الأندلس، وهو لسان الدين بن الخطيب الذي مات ميتة أكثر ظلماً من الحلاج.