يا ساري النجمِ بلغْ غوطةَ الشامِ ... ..حبي وصادق أشواقي وتهيامي
وامسحْ جبينَك من أطيابِ واحتها ... .وانقلْ شذاها لهذا الواله الظامي
تركتُ فيها ربيعَ العمرِ فالتهبتْ ... ...في غربتي كلُّ أحزاني وآلامي
هناك بين مغانيها وأنهرها ........... ودعتُ أجمل أيامي وأعوامي
مدّي إليَّ يداً يا خيرَ هاجرةٍ ... .......فالهجرُ يقتلني كالخنجر الدامي
ماغبتِ عن ناظري يا فتنةً سرقتْ ... قلبي ومن جفنيَ الوسنانِ أحلامي
هذي دمشقُ وهذا الحبُّ من زمنٍ ... ..رفعتُ ألويتي فيها وأعلامي
ماهزَّني الشوقُ أو مرَّ الهوى بدمي ... إلا وكانتْ مناجاتي وإلهامي
فكم رمتني بسهمٍ من لواحظها .... وباركت مهجتي في حبها الرامي
سرُّ المحبة أن الشام مابرحت ... ...تشفي جراحي إذا أدمت وأسقامي
حفرتُ صورة خديها على كبدي ... ورحتُ أغسل في العينينِ أوهامي
وفتنةُ الشامِ جل الله مارسمتْ .... كفاه أجملَ إبداعٍ لرسام
صبَّ الإله بها من حسنه فزهتْ ... بين المدائن في دَلٍ وإنعامِ
ياللأماسي وياللسحرِ في بلدٍ ... بالحسنِ والحبِ والإيثارِ عوّامِ
تضوع من شعرها الليلي غالية ... من كل عطرٍ شهي النشرِ نمَّام
هام الصباح وورد الشام تيمه ... لما تفتح أكماماً بأكمام
وللجداول أنَّاتٌ... مجرحة ............ تذكي صبابةَ ...ملتاحٍٍ ولوَّام
حوريةٌ أبدع الرحمن فتنتَها ... ..حتى تجلى بحسن الحور في الشام
شدتْ محاسنها كلَّ القلوب لها ... وتاه عاشقُها في بحرها الطامي
ياشام ردي إلى المشتاق نشوته ... فأنت درعي على دهري وصمصامي
أصفيتُك الودَّ طفلاً يا معذبتي ... وشبَّ في الصدرِ من عامٍ إلى عام
هذا الفؤادُ وما ضمتْ جوارحُهُ ... متيمٌ في هوى غيدٍ وآرام
صادٍ إلى بردى صادٍ لخمرتهِ ... أوزع العمرَ بين الدنِّ والجامِ
ياساريَ النجمِ هل وافيتَ غاليتي ... بما أكنُّ لها في مدمعي الهامي
لعلها تذكر الفادي وما أخذتْ ... منه السنونُ وما أبقتْ لمقدام
حامى ودافع عن أمجادها بطلاً ... يردُّ عنها أذى عُبَّاد أصنام
فبادلتني على بعد المزار هوىً ... مامرَّ في صدر عشَّاقٍ وهيَّام
عتقْته في فؤادي فاستوى وحلاً ... كما يعتقُ خمراً دنُّ كرَّام.
فاضتْ كؤوس الندامى وارتوت مهجٌ ... من ثغر فاتنةٍ كالصبح بسَّام
هي الشآم فلولاها لما انطلقتْ ... من الضمير أناشيدي وأنغامي
فكم بعثتُ لها من غربتي قبلاً ... تبثها الشوقَ أوراقي وأقلامي
أحوم حول خباها ظامئاً وجلاً ... كظامئ الطير فوق النَبع حوّام
حتى اتهمت بأنني عاشق دنفٌ ... وإنني عن هواها الزائدُ الحامي
أصونها في فؤادي نبضهً ودماً ... وهي الوسام على صدري وأكمامي
ضمّتْ هوايَ على قربٍ وفي سفرٍ ... وخاصمتْ كلّ حسّادي وظلاَّمي
وقاسمتني تباريحَ الهوى زمناً ... وما أصاختْ للوَّام وهدَّامْ
إذا شممتُ طيوباً خلتُ نفحتَها ... طافتْ على دمرٍ أو زهرها النامي
وخالطتْ من شذاها كلَّ زاكيةٍ ... ولملمتْ عطرَ آكامٍ وآجام
وقبلتْ خدَّ من أهوى ورافقها ... من قاسيونَ شموخٌ خالدٌ سامي
أرضَ البطولات هل مازال يذكرني ... داري وأهلي وأخوالي وأعمامي
فالذكريات حبيباتي أعيش بها ... وكم نذرتُ لها عمري وأيامي
طفولة العمر أحلاها وأجملها ... طفولةٌ في هوى "سُعدى" و"إلهام".
كأنهنَّ صدى لحني وأغنيتي ... وصبوتي وشذا عطري وأنسامي
حقائبي وخوافي الصدر مثقلةٌ ... بالمترفاتِ من الذكرى وبالدامي
فما عزمتُ ولا هيأتُ راحلتي ... إلا حملتُ بعيني صورة الشام.
لوكان حبي لها إثماً ومعصيةً ... لباركَ الله يوم الحشرِ آثامي
زادي على البعد أن أحيا لموعدها ... فحبُها المشتهى خلفي وقدامي
جابر خير بك