للأجيال القادمة كي لا تنسى
عدم شرعية تقسيم فلسطين
د.غازي حسين
ظهرت فكرة تقسيم فلسطين لأول مرة عام 1937 إثر اندلاع ثورة 1936 في فلسطين و الإضراب الذي دام ستة أشهر، حيث أوفدت الحكومة البريطانية لجنة التحقيق الملكية المعروفة باسم لجنة بيل، و أوصت اللجنة في تقريرها بتقسيم فلسطين، ولكن بريطانيا فشلت في فرض التقسيم لرفض الأمة و الشعب العربي الفلسطيني الذي استأنف ثورته ضد بريطانيا، والهجرة اليهودية.
و لكن على أثر ارتفاع عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين من جراء اتفاق ألمانيا النازية مع الحركة الصهيونية بموجب اتفاقية "هافارا" لتهجير يهود ألمانيا و أوروبا و استغلال الصهيونية لمعزوفتي اللاسامية والهولوكوست قررت الحكومة البريطانية عرض قضية فلسطين على الأمم المتحدة.. ففي 26 شباط 1947 ألقى وزير الخارجية البريطاني آرنست بيغن خطاباً في مجلس العموم أعلن فيه أن قضية فلسطين أصبحت معقدة نتيجة لتشبث كل من العرب و اليهود بمطالبهم ونتيجة للضغط الذي تقوم به الحكومة الأمريكية، واستناداً إلى ذلك تقرر رفع الأمر إلى الأمم المتحدة. و قررت الحكومة البريطانية إدراج قضية فلسطين على جدول أعمال الدورة الثانية للجمعية العامة للأمم المتحدة، و ذلك بعد أن لمست أن الوجود اليهودي في فلسطين قد تعزز من جراء الهجرة اليهودية من أوروبا بسبب تعاون الصهيونية مع ألمانيا النازية ، فأرادت أن تحقق سياستها في فلسطين عن طريق الأمم المتحدة بالانسحاب منها وإعلان تأسيس "إسرائيل".
وبذلك تكون بريطانيا قد قررت استخدام الأمم المتحدة، لتحقيق مصالحها ومصالح الصهيونية العالمية في الشرق الأوسط، للاعتبارات الآتية:-
• إن قرارات الأمم المتحدة تعفي بريطانيا من وعودها تجاه العرب، ومن واجباتها تجاههم المنصوص عليها في صك الانتداب.
• إن قيمة القرار الصادر عن الأمم المتحدة أكبر من قيمة أي قرار تصدره بريطانيا. التي تجنبت إغضاب العرب و المسلمين، نظراً لعلاقاتها الاقتصادية والسياسية مع العديد منهم.
• تخلصت بريطانيا من إلقاء العرب و المسلمين المسؤولية على عاتقها، و تحميل الأمم المتحدة مسؤولية تقسيم فلسطين.
و بتاريخ 8 نيسان 1947 بعثت الحكومة البريطانية بكتاب إلى الأمين العام للأمم المتحدة تريغفلي، طلبت فيه:
- إدراج قضية فلسطين في جدول أعمال الدورة العادية المقبلة للجمعية العامة.
- دعوة الجمعية العامة إلى عقد دورة استثنائية لتشكيل لجنة خاصة للنظر في قضية فلسطين، ووضع تقرير ورفعه إلى الجمعية العامة في الدورة العادية المقبلة.(1)
عقد الدورة الاستثنائية للجمعية العامة
عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة دورة استثنائية في 27/ نيسان 1947، تلبية لطلب الحكومة البريطانية. و عند افتتاح الدورة طلب الوفد البريطاني أن يقتصر جدول الأعمال على الاقتراح البريطاني الذي نص على تشكيل لجنة للتحقيق، ولكن الدول العربية الأعضاء في الأمم المتحدة آنذاك تقدمت بطلب إدراج إنهاء الانتداب على فلسطين و إعلان استقلالها في جدول أعمال الدورة، كما قدم وفد الاتحاد السوفييتي طلباً بإدراج تعيين لجنة تعمل على تحقيق استقلال فلسطين و إلغاء الانتداب في جدول الأعمال.
قاومت بريطانيا و الولايات المتحدة الأمريكية كلاً من الاقتراحين العربي و السوفييتي وعند التصويت سقطا و فاز اقتراح بريطانيا بموافقة الأكثرية على تشكيل لجنة خاصة للأمم المتحدة بشأن فلسطين.
تشكيل لجنة الأمم المتحدة:
أحالت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها إلى اللجنة السياسية (اللجنة الأولى) للبحث في تشكيلها، وعقدت اللجنة السياسية عدة اجتماعات سادها انحياز الدول الغربية للمزاعم الصهيونية، ومقاومتهم للحق العربي بقيادة بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، ونجحوا في إبعاد الدول العربية عن عضوية اللجنة.
وقررت اللجنة السياسية أن تتألف لجنة التحقيق من إحدى عشرة دولة، هي: (إيران و الهند و السويد، أورغواي، أستراليا، كندا، يوغسلافيا، هولندا، بيرو، لوكسمبورغ، وغواتيمالا). (2)
وجاء تشكيل اللجنة ضربة للموقف العربي حيث ضمت ثماني دول من الكتلة الغربية و دولتين آسيويتين و دولة محايدة هي يوغسلافيا.
ومن الجدير بالذكر أنه تم انتخاب غواتيمالا و أورغواي في اللجنة لأنهما أظهرتا انحيازاً سافراً خلال مناقشات الجمعية العامة للصهيونية و تأييدهما للتقسيم.
ورفعت اللجنة السياسية قرارها بشأن تشكيل اللجنة إلى الجمعية العامة، فأقرته.
و جاءت الصلاحيات و الاختصاصات التي حددتها الجمعية العامة للجنة، ضربة قوية لقضية فلسطين و المواقف العربية، إذ تم إعطاء اللجنة ((أوسع السلطات لتسجل و تتأكد من الحقائق... وتفحص جميع القضايا و المسائل التي لها علاقة بمسالة فلسطين... و درس قضية فلسطين من جميع وجوهها، وأحوال اليهود المشردين في أوروبا و الموجودين في مخيمات الاعتقال)) (3). وبالتالي تكون الجمعية العامة قد ربطت بين قضية فلسطين و مسألة المهاجرين اليهود في أوروبا و المسألة اليهودية.
الفلسطينيون و اللجنة
عقدت اللجنة جلستها الأولى في نيويورك برئاسة الأمين العام للأمم المتحدة الأمريكي تريغفلي، المعروف بنزعته الاستعمارية و ميوله للصهيونية، و الذي أظهر تحيزاً سافراً للصهيونية، خلال مناقشات الدورة الاستثنائية، مما حمل وفدي سورية و فلسطين على الاحتجاج رسمياً على تصرفاته.
وانتقلت اللجنة إلى لندن وزارت بعض البلدان الأوروبية و اللاجئين اليهود، واستمعت إلى آراء زعمائهم وممثليهم، ثم عقدت اجتماعاً لها في بيروت استمعت فيه إلى رأي موحد للدول العربية قدمه إلى اللجنة حميد فرنجية وزير خارجية لبنان آنذاك.
قرر الفلسطينيون بالإجماع مقاطعة اللجنة و عدم التعاون معها لأنهم لمسوا بأنها ستتقدم بمشروع لتقسيم فلسطين، وللربط بين قضية فلسطين ومشكلة اليهود في أوروبا، ولانحياز الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا والأمين العام للأمم المتحدة السافر للصهيونية.
وطلب الفلسطينيون من الدول العربية مقاطعة اللجنة، ولكن الدول العربية لم توافق على هذا الطلب، فقاطعها الفلسطينيون فقط عندما جاءت إلى فلسطين.
و خلال إقامة اللجنة في فلسطين نزل العديد من أعضائها في فنادق يهودية و قضوا سهراتهم في تل أبيب، وزاروا العديد من المستعمرات و المراكز اليهودية، و أعلنوا تأييدهم لليهود، ورحبوا في مقابلاتهم بفكرة التقسيم.
اللجنة توصي بالتقسيم:
اختلف أعضاء اللجنة حول التوصيات التي سيقدمونها إلى الجمعية العامة، وانقسموا إلى فريقين.
فريق الأكثرية ونص في تقريره على التوصية بتقسيم فلسطين إلى دولة عربية و أخرى يهودية، ووضع القدس و منطقتها تحت الوصاية الدولية، وعقد معاهدة اقتصادية بين الدولتين، وضم هذا الفريق سبع دول و هي: (السويد، وأورغواي، بيرو، غواتيمالا، هولندا، كندا، لوكسمبورغ، وفريق الأقلية)، وتضمن تقريره التوصية بإقامة دولة اتحادية من دول عربية و أخرى يهودية و ضم ثلاث دول وهي إيران و الهند و يوغسلافيا.
وانعقدت الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة في الأول من أيلول 1947، و أدرج في جدول الأعمال تقرير لجنة التحقيق والتوصيات.
وفي الثالث من أيلول شكلت الجمعية العامة لجنة عامة تضم جميع الدول الأعضاء، وألّفت لجنتين فرعيتين، قدمتا توصياتهما للجنة العامة، وجاء تقرير اللجنة الفرعية الأولى مؤيداً لتقرير فريق الأكثرية أي مؤيداً للتقسيم، بينما أوصت اللجنة الفرعية الثانية بإنهاء الانتداب و استقلال فلسطين و استطلاع رأي المحكمة الدولية،فيما إذا يحق للأمم المتحدة فرض حل على فلسطين لا يوافق عليه أكثرية السكان.
وناقشت اللجنة العامة تقريري اللجنتين الفرعيتين حيث عارضت الولايات المتحدة و الاتحاد السوفييتي تقرير اللجنة الفرعية الثانية.و بشكل خاص استطلاع رأي المحكمة الدولية. وفاز تقرير اللجنة الفرعية الأولى بأكثرية 25 صوتاً ضد 13 صوتاً و امتناع 17 دولة عن التصويت وغياب دولتين.
وأحيل قرار اللجنة العامة إلى الجمعية العامة للبحث و التصويت في 26 تشرين الثاني 1947، حيث مارس الصهاينة و الولايات المتحدة أبشع أنواع الضغط و الابتزاز على العديد من الدول مما حمل بعض الدول على تعديل مواقفها وتأييد التقسيم.
وكتب هاري ترومان الرئيس الأمريكي آنذاك في مذكراته يقول:
((لقد أعطيت تعليمات إلى وزارة الخارجية بأن تؤيد أمريكا مشروع التقسيم)) . (4)
وأخذ مندوبو الولايات المتحدة في الأمم المتحدة يطلبون من كل وفد اتخاذ موقف ايجابي و تأييد التقسيم مستعملين التهديد و الوعيد، مما حمل العديد من الدول على تغيير موقفها مثل (بلجيكا وفرنسا وليبيريا وبراغواي والفلبين وهولندا ولوكسمبورغ).
و مارس الصهاينة أبشع أنواع الضغوط على الوفود المعارضة للتقسيم متهمين بعض الوفود باللاسامية. فعندما كان أحد الوفود يثير مصير الشعب الفلسطيني أو حقوقه أو مدى صلاحية الأمم بفرض التقسيم على الرغم من معارضة أكثرية السكان لتقسيم وطنهم، كانت الصهيونية تتهم مثل هذه الوفود باللاسامية. و لقد اعترف الرئيس ترومان في مذكراته بالضغوط التي مارستها الصهيونية و كتب يقول: ((في الواقع لم تكن الأمم المتحدة وحدها التي أُخضعت لضغوط لم تعرفها من قبل، بل إن البيت الأبيض نفسه تحمّل دفعاً من الضغط. و لا أعتقد أنني تعرضت يوماً لحملة دعائية بهذه الشدة)).
لقد تعرضت عواصم الدول التي تمانع وفودها التقسيم في عشية إقراره إلى ضغوط أمريكية و يهودية هائلة وشكل زعماء اليهود و مؤيدوهم من السياسيين الأمريكيين لجنة الطوارئ للتقسيم من عدد من أصحاب النفوذ الكبير في داخل الولايات المتحدة و خارجها.. وتولت السيدة روزفلت الاتصال برجال السياسة الأمريكية و الرئيس ترومان، وتعهد برنارد باروخ عضو اللجنة للوفد الفرنسي بتقديم مساعدات أمريكية وفيرة لفرنسا بموجب مشروع مارشال، ومارس عضو اللجنة هارفي فايرستون نفوذه الاقتصادي على ليبيريا وضغط على حكومتها، ومارست الولايات المتحدة ضغطاً كبيراً على مندوب الفلبين الذي كان من أشد المعارضين للتقسيم ولكن حكومته نصحته بالتصويت إلى جانب التقسيم صيانة للصداقة الأمريكية الفلبينية.
وكان مندوب هاييتي معارضاً للتقسيم، ولكنه تلقى تعليمات من حكومته نتيجة للضغط الذي وقع عليها إلى تأييد التقسيم، فوصل عدد الأصوات المؤيدة للتقسيم 32، ولكن العدد ارتفع إلى 33 بعد أن غيّر مندوب ليبيريا موقفه من معارض للتقسيم إلى مؤيد له نتيجة للضغط الأمريكي، وكانت السياسة الأمريكية تحث بعض الدول المعارضة للتقسيم على الامتناع عن التصويت. ويمكن القول إن الولايات المتحدة لعبت الدور الأساسي في إنجاح مشروع التقسيم.
وعندما لاحظ الصهاينة أن مساحة الدولة اليهودية أقل بكثير مما يريدون توجه حاييم وايزمان إلى واشنطن و اجتمع مع الرئيس ترومان في 19/11/1947. وقال في مذكراته:
((تحدثت إليه عن منطقة النقب و العقبة وأنها يجب أن تكون من نصيب الدولة اليهودية.... و ابتهجت جداً عندما رأيت الرئيس يرجع إلى الخريطة و يدرسها بدقة و اهتمام ثم وعدني أن يتصل فوراً بالوفد الأمريكي... إن المستر ترومان كان صادقاً في قوله، وإنه بعد ساعات قليلة من اجتماعي به أصدر التعليمات اللازمة للوفد الأمريكي لجعل النقب و العقبة من نصيب اليهود)).
ويؤكد وايزمان في مذكراته بأن الفضل في إقرار مشروع التقسيم يعود إلى حد كبير إلى تدخل الرئيس ترومان وجهوده.
موافقة الجمعية العامة على تقسيم فلسطين
اجتمعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947 للتصويت على مشروع التقسيم و قال رئيس الجمعية العامة أزولدا أرانيا بأن ثلثي الأصوات قد أصبحت متوفرة لإقراره.
اقترح الوفد اللبناني كمحاولة أخيرة لمنع صدور قرار التقسيم، تشكيل دولة اتحادية في فلسطين، ولكن اقتراحه رفض و صوتت الجمعية العامة على التقسيم، ففاز 33 صوتاً ضد 13 و امتناع عشرة عن التصويت منها الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وفرنسا وغياب دولة واحدة. (6)
و كان من الدول المعارضة للتقسيم:
(سورية، لبنان، السعودية، مصر، اليمن، العراق، الهند، باكستان، أفغانستان، اليونان، تركيا، كوبا).
الموقف العربي من التقسيم
أعلنت وفود الدول العربية في الأمم المتحدة رفضها لتقسيم فلسطين فور صدوره، كما أعلن الشعب العربي الفلسطيني استنكاره و رفضه الشديدين لقرار التقسيم، لأنه إنهاء لعروبة فلسطين و تقويض للكيان العربي فيها، ومقدمة لتهويدها، وأصدر رؤساء وممثلو الدول العربية عقب اجتماع عقدوه في القاهرة بتاريخ 17 كانون الأول 1947 بياناً أعلنوا فيه رفضهم للتقسيم و استنكارهم له جاء فيه:
((لقد تنكرت الأمم المتحدة مع الأسف الشديد لذات المبادئ التي تضمنها ميثاقها، فأوصت بتقسيم فلسطين، وهي بذلك قد أهدرت حق كل شعب في تقرير مصيره، وأخلت بمبادئ الحق و العدل جميعاً... وقد قرر رؤساء وممثلو الدول العربية في اجتماعهم في القاهرة أن التقسيم باطل من أساسه، وقرروا كذلك عملاً بإرادة شعوبهم، أن يتخذوا من التدابير الحاسمة ما يكفل بعون الله إحباط مشروع التقسيم الظالم)). (7)
بنى العرب رفضهم للتقسيم لاعتبارات تاريخية وقانونية وطنية وقومية وسياسية، فالتقسيم تمزيق لفلسطين العربية، وانطلاقاً من عروبة فلسطين والحقوق الوطنية والقومية رفض العرب التنازل عن جزء من فلسطين العربية للحركة الصهيونية لمجموعة بشرية غريبة عن فلسطين دخيلة عليها لتقيم كياناً استعمارياً وعنصرياً وعدوانياً وتوسعياً على أنقاض أهله الشرعيين وسكانه الأصليين، فالتقسيم اعتداء صارخ على سيادة الشعب العربي الفلسطيني في وطنه وانتقاص لحريته واستقلاله، وانتهاك لحقه في تقرير المصير وإهدار لعزته وكرامته وأملاكه وممتلكاته وتاريخه.
لقد جاء التقسيم نتيجة تخطيط وتنسيق وتعاون استعماري– صهيوني وعربي رجعي لتقويض عروبة فلسطين والكيان العربي فيها وإنشاء دولة يهودية عنصرية على أنقاضه، وجاء مخالفاً لميثاق الأمم المتحدة وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وحقوق الإنسان العربي، وتمت الموافقة عليه نتيجة للضغط والابتزاز والإغراء الأمريكي والصهيوني.
عدم شرعية قرار التقسيم
تزعم إسرائيل أنها نظام ديمقراطي ليبرالي مطلق، وواحة من الديمقراطية في قلب الصحراء العربية، ولكن يبرز هنا السؤال التالي: كيف تكون ديمقراطياً تؤمن بالمساواة بين المواطنين، بينما يعرفك القانون الإسرائيلي دينياً، أي تفضيل اليهودي على غير اليهودي أي الفلسطيني صاحب الأرض الأصلي؟؟.
أكد الكاتب الإسرائيلي شلومو أفنيري في يديعوت الصادرة في 5/3/2007: "إن أساس الشرعية الدولية لإقامة دولة إسرائيل يكمن في قرار التقسيم رقم 181".
وبالعودة إلى قرار التقسيم و الذي بموجبه أسست العصابات اليهودية الإرهابية المسلحة إسرائيل نجد أنه ينص على ضمان حقوق متساوية للسكان.
فالباب الثاني منه ينص على أنه "لا تمييز بين السكان من أي نوع، على أساس العرق أو الدين أو اللغة أو الجنس.
3- يكون لجميع الأشخاص الخاضعين لولاية الدولة الحق في حماية القانون بالتساوي.... 8- لا يسمح بمصادرة أي أرض تخص عربياً في الدولة اليهودية، أو يهودياً في الدولة العربية، إلا للمنفعة العامة، وفي جميع الحالات المصادرة يدفع تعويض كامل قبل نزع الملكية تحدده ذلك المحكمة العليا". (8)
وبرر شلومو أفنيري عدم وجود دستور في إسرائيل حتى الآن بالتمييز السائد فيها بقوله: "لأنه توجد فروق كبيرة جداً بين اليهود واليهود، وبين العلمانيين المتدينين، وبين اليهود والعرب تجعل سن الدستور غير ممكن". (9)
وجاء في ما سمي ببيان الاستقلال عام 1948 عند تأسيس إسرائيل "إن مذهب الصهيونية سيكون الأساس للإيديولوجية والسياسة الإسرائيلية".
وبالتالي أصبحت العنصرية والاستعلاء والانغلاق العنصري عقيدة رسمية لإسرائيل وللإيديولوجية السائدة فيها، ولجميع الأحزاب والمؤسسات الحكومية والتعليمية والثقافية والعسكرية.
إن عنصرية الصهيونية والكيان الصهيوني التي تنطلق من النقاء العرقي عدوة لليهود وللعرب ولحقوق الإنسان ولأبسط المفاهيم والقيم الإنسانية و الحضارية.
فالصهيونية أيديولوجية استعمارية عنصرية نجحت في تأسيس كيان استعماري وعنصري وإرهابي، وأقامت فيه مجتمعاً عنصرياً، و أصبحت العنصرية سياسة رسمية لإسرائيل، وجسدتها وتجسدها في قوانين وممارسات وحروب عدوانية، ومجازر جماعية واستعمار استيطاني يهودي في فلسطين، وإمبريالية إسرائيلية في الوطن العربي.
أثبت التاريخ البشري زوال أنظمة الاستعمار والاستعمار الاستيطاني والعنصرية. فزالت النازية من ألمانيا، والفاشية من إيطاليا وإسبانيا، والعنصرية من روديسيا والبرتغال، والأبارتايد من جنوب أفريقيا، ومصير الكيان الصهيوني إلى زوال.
المصادر:
1- المؤامرة الكبرى على تقسيم فلسطين، (كتب) إصدار الهيئة العربية العليا لفلسطين، بيروت 1961، ص5.
2- قرارات الأمم المتحدة حول فلسطين 1947-1972، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت 1973 ص3 (رقم القرار 106 الدورة الاستثنائية تاريخ 15 أيار 1947).
3- المؤامرة الكبرى على تقسيم فلسطين، مصدر سابق، ص6.
4- ندوة القانونيين العرب عن القضية الفلسطينية في الجزائر عام 1976، مؤسسة الدراسات الفلسطينية- بيروت 1968، ص 73، نقلاً عن مذكرات ترومان، الجزء الثاني، باريس 1965 ص 188.
5- ندوة القانونيين العربي، مصدر سابق ص 74.
6- قرارات الأمم المتحدة حول فلسطين 1947- 1972، مصدر سابق ص13.
7- المؤامرة الكبرى على تقسيم فلسطين، الهيئة العربية العليا لفلسطين، مصدر سابق، ص 14.
8- قرارات الأمم المتحدة حول فلسطين 1947-1972، مصدر سابق ص 6-7.
9- يديعوت أحرونوت في 5-3-2007.