(ترنيماتٌ نيليةٌفى قصرِ الرشيد)
ياربُّ إني قد دعـوتُ جَهـــارَا
قوماً تمادوا في الخلاف حيــارى.
"وتفرقوا أيدي سبا" في تِيههـــم
صاروا بحان القانطين أسَـــارى.
فلهم عقولٌ في الصباح تحجـرت
ولهم قلوبٌ في المساء سكــارى.
عمىٌ فصار صباحهم كمسائهــم
أنى ترى أعيانهـم أنــــوارا؟.
قد غلّقوا بابَ السماعِ بأصْبـــع
صد النصائحَ من حَذيرٍ غـــارا.
مات التذوق ُمن لسـان ٍكــاذبٍ
فيرى شِهاداً في الكؤوس عُقــارا.
سيان ثلجٌ قد تملك جلدهـــــم
أو - مسه - جمرٌ يصب النــارا.
إن فاجأتهم بالظهيرةِ نملـــــةٌ
لاذوا بوكـر الخائفيـن فــرارا.
والبعضُ أخفى في البنوك دماءَهـا
والبعضُ يضرِب بالفلوس قِمــارا.
والبعضُ رام خلوده في ملكـــه
إرثاً طموحاً بل وصار شعـــارا.
ثم استدار الوجهَ فيهم قائــــلاً:
لا نهبَ، لا استغلالَ، لا استهتـارا!.
قد ألجموا صوتَ الحقائقِ عُنــوةً
حاكوا لـه وزرَ الرجيـــم إِزارا.
بات التلكؤُ حرفـةً في قمــــةٍ
أضحى بها الجدلُ العقيمُ حـِـوارا.
فالعينُ تقرأ بالسطور وضاعــةً
شجباً رخيصاً يُحزنُ الأحـــرارا.
في سلّةِ الرفضِ العنيدِ مُهمَّـــلٌ
وسيَبسط الجبناءَ والأشــــرارا.
ولقد مللنا الشجبَ في "مِذياعِهــم
" تلفازُهم" قد فضَّحَ الأســــرارا.
فإذا ابتُلوا فليُغلقوا "تلفازَهــــم"
فيه نعافُ عِـراكَهم وشِجـــَارا.
حِسُ تبلّدَ في رُؤوس شُعوبهـــم
قد نستعيـدُ بكيـّهِ التذكــــارا.
من شرقهم شدوا الرحالَ عبــادةً
وتليّلوا حسِبوا الظلامَ نهــــارا.
نخّاسُهم بعد التغوّطِ صفّهــــم
قد أمّهم "دولارُه" تَكـــــرارا.
من جِبْتِهِ أخذوا العهودَ تبرُّكـــاً
متوسلين بــه ، لــــه زُوارا.
والكلُ يهتفُ باسمه : يا ربّنـــَا
يا قطبَ غوثٍ وزّعَ الأقـــدارا.
وبنوا له عرقَ الجبينِ قواعـــدا
صارت له فوق الجباه مــَـزارا.
صارت له عند الحروب وسيلــةً
صبّت بدجلةَ والفراتِ دمــــارا.
فتحوا المزادَ على الشهامةِ بُكـرةً
والخُسرُ أضحى مكسباً وقــرارا.
من باع من عرضِ العروبـةِ ذرّةً
كالساقطاتِ وقد قبضن العـــارا.
فالعهرُيكسو وجهَهُن بجاحـــةً
من فُجْرِهِن قد ارتدين عُـــوَارا.
من ظنّ خيراً بالمزادِفإنــُّــه
في الحُمقِ يغلِبُ دُبةً وحِمـــارا.
الكظمُ عند الخانعين مَهانــــةٌ
ويصيرُ عند الواثقين فَخــَــارا.
فليتركوا حبلَ التمنّيَ جانبــــاً
فلقد أمدَّ الخانعــين خَسـَــارا.
وليحرقوا ورقَ التمائمِ كلــَّــه
إن التمائمَ تجلِـــــبُ الأوزارا.
وليهجروا دُورَ المَنادلِ كلّهــــا
ويُخاصموا العرّافَ والعَطـــّارا.
الحربُ حَمقى والجميعُ وقُودُهــا
قد صار قولي للنُهي إِنــــذارا.
أوصالُ عَقدِ دفاعِهم قد مُزّقــتْ
والآن تحضُن عُثّةًوصَفــَــارا.
يا صاحِبّي : المجدُ درٌّ حـــازه
من يَجْبَهُ الإِبحارَوالإعصـــارا.
النيلُ إسمى والكنانةُ موطنـــي
ومُلئتُ من كأسِ المرارِ مِــرارا.
مجراي فاض الحزنُ منه مُغرقـاً
نسلاً وحرثاً يعتلي الأشجــــارا.
والقلبُ يصرخُ قائلاً: أمواهُنـــا
سَقَرٌ وصارت للعلوجِ قــــرارا.
فهُموا الحُواة ويسْحِرون ضمائـرًا
يستخدمون البيضَ والأحجـــارا.
قتلوا العدالةَ قبل سفكِ دمائِنـــا
كي لا يكون عُدولُها أنصـــارا.
قولا "لعولمةٍ" و"أَمْرَكَةٍ" كفـــى
فالكِبْرُ يورثُ ذِلّةً وصَغـَـــارا.
أجدادُنا قد عرّبت كلَّ الدُّنــَــا
سادت ملوكاً، فتحت أمصـــارا.
رجلٌ كألفٍ منهموا بل فاقــــه
والألفُ هُفٌ كالهَبَاءِ تـــَـدَارى.
أقدارُه علتِ النجــــومَ تلألأت
قد أظهرت جمْع العِدا أصفـــارا.
يُرعى به شأنُ الملا بنزاهــــةٍ
والغربُ يرعى في الفلا أبقـــارا.
بَنَتِ الحضارةَ كالمنارةِ أخجلــت
بدرَ السما ، من نورها يتــوارى.
وتنّورت أرضُ القلوبِ بهديِهِــم
بالحبِ ، لا إكراهَ ، لا إجبـــارا.
"مصرُ" التي أجرى بها بعبورِهـا
عَبَرت خطوطَ الزيفَ والأسـوارا.
وقد استعادت بالدماءِ كرامـــةً
ويضُوع منها مِسُكها مِعْطــَـارا.
تشفي الكرامة -بالجهاد- غليلهـا
وتخضّبت بدماءِ وغدٍ جــــارا.
بنتُ المداد ِتبرّجت ما ذنبُهــــا
والحالُ غـرّر بالبنــاتِ ودارا؟.
خيرُ النصائحِ ما يقلّ بناؤُهــــا
وتدِلُّ فِكراً يسْبـِر ُالأغــــوارا.
هاذي ".. أعدوا.." أشرقت أنوارُها
من بعدِها هل نستشفُّ خَيــَـارا؟.
====================
عبد الوهاب موسى(بيرم المصرى)
رئيس نادي قصر ثقافة بلبيس شرقية-مصر
عضـو رابطـة الزجـالين وكتـاب الأغاني
ٍ