منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    ألا يا مُستعير الكُتْبِ دعني ..

    ’’ اسْتعارةُ الكتبِ وأجملُ ما قِيلَ فيها ‘‘




    الكتابُ أنيسُ الجالسين، ورفيقُ المسافرين، وبهجةُ المسْتأنسين، وخيرُ ما يهدى للعارفين.

    البعدُ عنه غُربة، وافتقاده حُرقة. فهو كما قال الجاحظ (
    الكتابُ هو الذي إن نظرتَ فيه أطالَ إمتاعك، وشحذَ طِباعك، وبسطَ لِسانك، وجوَّدَ بنانكَ، وفخَّم ألفاظك
    ).

    وقد انقسمَ مُحبوه في إعارته على أقسام؛ فمنهم من يفرضُ الإعارة ولا يُفارُقُ الكتابُ داره فهو لا يُعيرُ الكتاب، ولو عُوتبَ أشدَّ العِتاب، ومنهم من يُعير للجميع، وقد عُرف عنه هذا الصنيع، ومنهم من لا يُعير إلا صاحب الحاجة من أهلِ العلمِ والرجاحة، ومنهم من يُعير بعدَ نشفِ الريق لكن برهنٍ وثيق.!!

    فالذين لا يرون الإعارة هم على أحوال؛ فمنهم من يُعلقُ أبياتاً في مكتبته تُوحي بذلك فيعلقُ مثلاً قول الشاعر:

    ألا يا مُستعير الكُتْبِ دعني * * فإن إعارتي للكُتبِ عارُ
    ومحبوبي من الدنيا كتاب * * وهل أبصرتَ محبوباً يعارُ


    ومنهم من يجعلُ أبياتاً في رقعة فإذا جاءَ من يطلبُ الإعارةَ دفعَ إليه الرقعة وهو فعلُ بعض أهل الأدب فإذا قرأها مضى، وهي:

    ألا أيُّها المستعيرُ الكتابَ * * ألا ارجعْ بغيرِ الذي تطلبُ
    فلمسُ السماءِ وأخذ النجوم * * بكفِكَ من أخذه أقربُ
    فدُمْ ما بقيتَ على اليأسِ منهُ * * فليسَ يُعارُ ولا يوهبُ
    ومن كان يغضبُ إنْ لم يُعَرْ * * فقُلْ من قريبٌ له يغضَبُ
    إذا أنا كُتبي أعرتُ الصديقَ * * ثلاثةُ أرباعها يذهبُ
    فما كلُّ يومٍ أنا واجدٌ * * كتاباً ولا كاتباً يكتبُ


    وقول مسافر بن محمد البلخي:


    أجودُ بِجُلِ مالي لا أُبالي * * وَأبْخلُ عندَ مسألةِ الكِتابِ
    وذلكَ أنني أفْنيْتُ فيه * * عزيزَ العُمرِ أيَّامَ الشبابِ


    وقال بعض الشعراء:

    إني حلفتُ بربِ البيتِ والحرمِ * * هَلْ فوقَها حلفةٌ تُرجى لذي قَسَمِ
    أنْ لا أُعيرَ كتاباً فيه لي أَرَبٌ * * إلا أخا ثِقةٍ عندي وذا كرمِ




    ومن لطيفِ ما أنشدَ من يرى الإعارة قول أبي الكرم خميس بن علي الحوزي:

    كُتبي لأهلِ العلمِ مبذولةٌ * * أيديهم مثل يدي فيها
    متى أرادوها بلا منةٍ * * عاريةً فليستعيروها
    حَاشَاي أنْ أكْتُمَها عنهمْ * * بُخلاً كما غيري يُخفيها
    أعارنا أشْياخُنا كُتْباً * * وسنَّةُ الأشياخِ نُمضيها



    وقال أبو حفص عمر بن عثمان الشعيبي:

    لا تمنعنَّ الأهلَ كُتبكَ واغْتنم * * في كُلِ وقتٍ أنْ تُعيرَ كتابا
    فَمُعِيرها كَمُعِيرِ ماعونٍ فمن * * يَمْنَعْهُ لاقى الويل والأنصابا


    وهناكَ طريقةٌ أعجبتني في الإعارةِ والاستعارة، أمَّا في الإعارة فأعجبتني طريقةُ شيخنا السيد مالك السنوسي حفظه الله فقد خصصَّ دفتراً يكتبُ فيه اسم المستعير والكتاب المستعار، وأمَّا في الاستعارة فأعجبتني طريقةُ سيدي الوالد حفظه الله فقد خصصَّ دُولاباً يضعُ فيه الكتب المستعارة.

    كتب / نواف بن محمد بن عبدالله آل رشيد
    عن موقع جريدة الجزيرة ، ملحق الوراق
    الأحد 16 شعبان 1429 العدد 13107


    وقد تعرَّض للكلامِ عن إعارةِ الكُتُبِ الحافظُ أبو سعدٍ السَّمعانيُّ ـ رحمه اللَّه ـ في آخرِ كتابِهِ (( أدبِ الإملاء والاستملاء )) [ص/174 ـ 179] بَيْنَ الجَوازَ والمنع أو الجوازِ المشروطِ ، حاكياً ذلك بالأسانيدِ عن السلفِ ـ رضي اللَّه تعالى عنهم ـ .
    1 ـ فخرَّج بإسنادِهِ عن وكيعٍ ، قال : (( أولُ بركةِ الحديثِ إعارةُ الكُتُبِ )) .
    2 ـ وحكاه أيضاً عن أبي وهب محمد بنِ مُزَاحمٍ .
    3 ـ وحكى بإسنادِهِ عن أحمدَ بنِ يحيى بنِ زيدٍ ، قال : أتى أبا العتاهية بعضُ أخوانِهِ ؛ فقال له : أعرني دفترَ كذا وكذا ؛ فقال : إني أكره ذاك .
    فقال له : أما علمتَ أنَّ المكارمَ موصولةٌ بالمكارِهِ ؛ فدفع إليه الدفترَ .
    4 ـ قال أبو سعد : أنشدنا أبو بكر عبدُ اللَّه بنُ عِمْرَانَ البَاقِلاَّنِيُّ ـ بواسطٍ ـ من لفظِهِ ، أنشدنا أبو الكَرمِ خميسُ بنُ عليِّ بنِ أحمدَ الحَوْزِيُّ لنفسِهِ في إعارةِ الأجزاءِ :
    كتبي لأهل العلم مبذولة ....... أيديهم مثل يدي فيها
    متى أرادوها بلا منة ....... عاريـة فليستعيروها
    حاشاي أن أكتمها عنهم ....... بخلا كما غيرى يخفيها

    أعارنا أشياخنا كتبهم ....... وسنة الأشياخ نمضيها
    5 ـ وقال : أنشدنا أبو حفصٍ عمرُ بنُ عثمانَ الشُّعَيْبِيُّ ـ من أهلِ جَنْزَةَ ـ لنفسِهِ :
    لا تمنعن الأهل كتبك واغتنم ....... في كل وقت أن تعير كتابا
    فمعيرها كمعير ماعون فمن ....... يمنعه لاقى الويل والأنصابا
    قال : وإذا أعاره فلا يحبسه عنه ويرده عاجلاً .

    1 ـ فحكى بإسنادِهِ عن يونسَ بنِ يزيدَ ، قال ، قال لي الزُّهْرِيُّ :
    يا يونس ! إيَّاك وغُلُول الكتبِ .
    قال ، قلتُ : وما غلول الكتب ؟
    قال : حبسها عن أصحابنا .
    2 ـ وحكى بإسنادِهِ : أنشدنا الحسنُ بنُ عليٍّ لبعضِ أصحابِنا :
    أيها المستعيرُ مني كتاباً ....... إرضَ لي منه ما لنفسك تَرْضَى
    لا ترى ردَّ ما أعرتُكَ نفلاً ....... وترى ردَّ ما استعرتُك فَرْضَا
    3 ـ وقال : أنشدنا أبو محمد عبد اللَّهِ بنُ نصرٍ السُّوَيديُّ ـ من أهلِ آذربَيجانَ لنفسِهِ من لفظِهِ وكتب لي بخطِّهِ :
    أَعِرْ صديقَك ما حصَّلْتَ من كُتُبٍ ....... تَفُزْ بشكرٍ أريجَ النشرِ عن كَثبِ
    فإنْ أعاروك فارْدُدْها على عَجَلٍ ....... حتى تُعَارَ بلا مَنْعٍ ولا نَصَبِ
    4 ـ وقال : سمعتُ أبا عبدِ اللَّهِ عبدَ الغَفَّارِ بنَ إبراهيمَ القزوينيَّ ـ بحلوان ـ يقولُ :
    حبس رجلٌ على الحَمدونيِّ كُتباً استعارها منه ؛ فكتب إليه :
    ما بال كُتُبي في يديك رهينةً ....... حُبِسَتْ على كَرِّ الزمانِ الأَوَّلِ
    فأذنْ لها في الانصرافِ فإنها ....... كنزٌ عليه إذا افتقرتُ مُعَوّلي
    ولقد تَعَنَّتَ حين طال مقامُها ....... طالَ الثّواءُ على رُسومِ المنزلِ
    قال أبو سعدٍ ـ رحمه اللَّه ـ :
    ولأجلِ حبسِ الكُتُبِ المستعارةِ امتنع غيرُ واحدٍ من إعارتها :

    1 ـ فحكى بإسنادِهِ عن حمزةَ بنِ حَبِيبٍ الزَّيَّاتِ ، قال :
    (( لا تأمننَّ قارئاً على دفترٍ ، ولا حَمَّالاً على حَبْلٍ )) .
    قلت ( أشرف ) : وفي إسنادِهِ محمد بنُ حُمَيدٍ الرَّازيُّ ، واهٍ ، وكذَّبه جماعةٌ من أهل الرَّيِّ .
    وحكى بإسناده عن عليِّ بنِ قادمٍ ، سمعتُ سفيانَ يقول : (( لا تُعِرْ أحداً كتاباً )) .
    قلت ( أشرف ) : وسفيان هو الثوريُّ ، ورواية عليِّ بن قادم عنه فيها مقالٌ .
    قال أبو أحمد بنُ عديٍّ الحافظُ في (( الكاملِ )) [5/201] : (( ونُقِمَ على عليِّ بنِ قادمٍ أحاديثٌ رواها عن الثوريِّ غيرُ محفوظةٍ )) .
    2 ـ وحكى بإسنادِهِ عن أبي الوليد الحسنِ بنِ محمدٍ الحافظِ أنشدني أحمدُ بنُ المُظَفَّرِ بنِ عبدِ الحميدِ لمُسَافِرِ بنِ محمَّدٍ البَلْخِيِّ :
    أجود بجل مالي لا أبالي ....... وأبخل عند مسألة الكتاب
    وذلك أنني أفنيت فيه ....... عزيز العمر أيام الشباب
    3 ـ وحكى بإسنادِهِ عن أبي الحسين عبد اللَّهِ بنِ الحسين المُطَّوِّعِيِّ ـ خطيبِ فُوْشَنْج ـ ، أنشدنا الأميرُ أبو سعدٍ منصورُ بنُ محمدٍ العاصميُّ لنفسِهِ :
    لا تستعر شيئين مني صاحِ ....... وسواهما فاطلب تَفُزْ بنجاحِ
    أما الكتابُ فإنه لي مُؤْنِسٍ ....... وإعارةُ المركوبِ فهو جناحي
    4 ـ وقال : أنشدني أبو عمرٍو عثمانُ بنُ أبي بكرِ بنِ محمدٍ الحَرَّانِيُّ ـ املاءً ، بنواحي النُّعْمَانِيَّةِ على الفُرَاتِ ـ لبعضِهم :
    لا تعيرنَّ دفتراً ....... لا بوجهٍ ولا سببْ
    كم كتابٍ أعرتُهُ ....... زعموا أنه ذهبْ
    فإذا ما طلبتُهُ ....... أَوْجَبَ الصَدَّ والغضبْ
    قال أبو سعدٍ ـ رحمه اللَّه ـ :
    وبعضهم استحسن أخذ الرهون عليها من الأصدقاء وقالوا الأشعار في ذلك :

    1 ـ فحكى بإسنادِهِ عن إسحاقَ بنِ إبراهيمَ حدَّثنا السَّكَنُ ، قال :
    طلبتُ من إبراهيمَ بنِ ميمونٍ الصَّائِغِ كتاباً ؛ فقال : هات رهناً .
    قال : فدفعتُ إليه مصحفاً رهناً .
    2 ـ وحكى بإسنادِهِ أيضاً عن محمدِ بنِ العَبَّاسِ الخَزَّازِ أنشدنا محمدُ بنُ خَلَفٍ بنِ المَرْزُبَان ، قال أنشدتُ :
    أَعَرِ الدفترَ للصاحبِ ....... بالرهنِ الوثيقْ
    إنَّه ليس قبيحاً ....... أخذُ رَهْنٍ من صَدِيقْ
    3 ـ وقال : أنشدنا أبو غالبٍ المباركُ بنُ عبدِ الوَهَّابِ المسديُّ ـ إملاءً ـ من حفظِهِ لقيتُهُ ـ بعكبرا ـ أنشدنا أبو الحسينِ بنِ الطُّيُوريُّ لبعضِهم ببغدادَ :
    جَلَّ قَدْرُ الكتابِ يا صاحِ عندي ....... فهو أعلى من الجواهرِ قَدْرَا
    لستُ يوماً مُعِيْرُهُ من صديقٍ ....... لا ولا من أَخٍ يحاول غدرا
    ما على من يَصُونُهُ من مُلاَمٍ ....... بل له العذرُ فيه سرَّاً وجهرا
    لن أُعِيْرَ الكتابَ إلاَّ برهنٍ ....... من نفيسِ الرُّهُونِ تِبْرَاً ودُرَّا
    4 ـ وحكى بلإإسنادِهِ أيضاً عن أبي عهد موسى بنِ محمدِ بنِ أحمدَ الموصليِّ أنشدنا عليُّ بنُ أبي بكرٍ الطَّرازيُّ :
    يا مستعير كتابي ....... لا تكثرنِّ عِتَابي
    ألا برهنٍ وثيقٍ ....... من فضةٍ أو ثيابِ
    5 ـ وقال : أنشدنا أبو حفصٍ عمرُ بنُ عثمانَ الجنزيُّ لنفسِهِ ـ كتبتُ عنه بِسَرْخَس ـ :
    إذا ما أعرتَ كتاباً فَخُذْ ....... علي ذاك رهناً وخَلِّ الحياءْ
    فإنَّك لم تَتَّهِمْ مستعيراً ....... ولكن لتذكرَ منه الأداءْ
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2
    سلمت يداك أديبتنا
    مقالة جميلة وتحوي معلومات قيمة
    ليت أيام تقديس الكتب تعود إلى أيامنا هذه
    فقد بات الكتاب في عصرنا يوضع على الرف حتى تأكله الغبار ولا أحد يحن عليه ويفتحه
    نحتاج إلى حملة إحياء القراءة
    وما أجمل الأشعار التي جئت بها
    تحياتينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. يريد ان يغني .. فقط
    بواسطة ريم بدر الدين في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-06-2015, 09:10 AM
  2. هل قلت يعود؟!
    بواسطة ريم بدر الدين في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-31-2014, 03:19 AM
  3. دعني
    بواسطة العربي حاج صحراوي في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 05-24-2012, 05:15 AM
  4. هل يعود صالح أم لا يعود؟
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-20-2011, 07:39 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •