رسالة مفتوحة الى رئيس وزراء كندا الذي اعلن ان:
" اسرائيل نور للحرية و الديموقراطية في الشرق الاوسط المظلم"


عنصرية القوانين الإسرائيلية – قانون العودة إنموذجاً

الدكتور غازي حسين

العنصرية هي اعتقاد شعب من الشعوب أو عرق من الأعراق بأنه يتفوق على غيره من الشعوب أو الأعراق بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين .
ويقود الاعتقاد بالتفوق إلى التميّز والتعالي على بقية الشعوب أو الأعراق ، فبنظر إليها نظرة استعلاء وتميز وازدراء .
ويشير الإيمان بالتفوق والكراهية والبغضاء بين الشعب المتفوق وغيره من الشعوب ، وحتى بين أبناء الشعب الواحد تماماً كالنازية في ألمانيا و الأبارتايد في جنوب إفريقيا والصهيونية في فلسطين .
مصادر القوانين الإسرائيلية .
أولاً : التعاليم التوراتية والتلمودية التي رسخًّها كتبة التورات والتلمود.
ثانياً : الأيديولوجية الصهيونية .
ثالثاً : المبادئ والمفاهيم الليبرالية وتطبّق على اليهود فقط .
تقوم الأيديولوجية الصهيونية على أساس أن اليهود ليس مجرد ديانة ، وإنما هي قومية أيضاً والقومية اليهودية في نظر الصهيونية غير منفصلة عن الديانة اليهودية ، واليهودية هي الوجه الديني للصهيونية والكيان الصهيوني ، "و إسرائيل" هي التجسيد العملي للصهيونية ، والوجهين الديني والسياسي لليهودية ، ودولة جميع اليهود في العالم ، وهي أيديولوجية الغالبية العظمى من اليهود داخل الكيان الصهيوني وخارجه وتعتبر مقولة شعب الله المختار المنطلق الأساسي لعنصرية الصهيونية ، فكتبة التوراة والتلمود من يحرضان اليهود على ممارسة العنصرية والإبادة الجماعية والإرهاب لغير اليهود .
وتستمد الصهيونية عنصريتها أيضا من النظريات العنصرية في أوربا ، حيث تأثر بها المؤسسون الصهاينة ومنهم : موزيس هيس وتيودور هرتسل وآحاد عام ) آشر غيز نبيرغ ( .
كان أهم رواد العنصرية في أوربا من الفلاسفة الألمان ومنهم فريدريش نيتشه ، لذلك ليس من المستغرب أن يكون أهم رواد الحركة الصهيونية من اليهود الألمان أيضاً .
تأثر هرتسل ) مؤسس الحركة الصهيونية ( وآحاد عام بفلسفة نيتشه ، وأخذ منه تمجيد القوة ووضع القوة فوق الحق ونظرية التفوق وعدم اندماج الأصناف المختلفة .
علق آحاد عام على كتابة نيتشه : إعادة تقييم القيم قائلاً :" إن الصهيونية احتضنت النيتشوية ولكون نيتشه ألمانيا رأى التفوق من خلال الصفات الآرية لكن اليهودية سبقت النيتشوية بعد قرون بفكرة الرجل اليهودي المتفوق ، الرجل النقي ، الذي هو غاية في حد ذاته والذي خلق العالم من أجله.
وأخرج آحاد عام "الآري" من نظرية نيتشه ووضع محله اليهودي .
ووصل تأثر هرتسل بالعنصرية الألمانية حداً قال فيه " أن كل ما هو عاجز عن البقاء سوف يدمر ويجب أن يدمر ، وأن القوة تتقدم على الحق ، وكل ما يخص العلاقات بين الأمم هو مسألة قوة".
واستخدم الصهاينة الترويج إلى مقولة تفوق اليهود وتميزهم وعبقريتهم لمقاومة الاندماج بين الشعوب الأخرى وعزلهم عنها وتحقيق الانغلاق العنصري والتعاون مع الحركات اللاسامية والنازية لتهجير يهود العالم إلى فلسطين العربية ، وترحيل الفلسطينيين منها بممارسة العنصرية والتمييز العنصري في القوانين الإسرائيلية وسياسة التطهير العرقي لإقامة أكبرتجمع يهودي عنصري و إرهابي في قلب البلدان العربية والإسلامية معاد لشعوبها وحليف للإمبريالية الأمريكية وبقية الدول الغربية .



عنصرية قانون العودة الإسرائيلي .

أقر الكيان الصهيوني في الفترة الواقعة مابين 1948و1952 العديد من القوانين العنصرية الموجهة ضد العرب ولصالح الدولة الصهيونية ومواطنيها اليهود. ولا يزال هذا النهج العنصري مستمراً حتى اليوم. وأصبحت العنصرية والتمييز العنصري النهج السائد في القوانين الإسرائيلية ، لإقامة دولة اليهود الخالصة )النقية( وإجبار القيادة الفلسطينية وجامعة الدول العربية على الاعتراف بيهودية الدولة وإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي وضعه المستشرق "برنارد لويس " وتبناه الكونغرس الأمريكي وحاول الرئيس بوش تحقيقه من خلال البوابة اللبنانية في حرب تموز عام 2006)) ولكن انتصار المقاومة الإسلامية في لبنان حال دون تحقيقه (( أو من خلال مشروع شمعون بيرس " الشرق الأوسط الجديد ".
وعندما يدرس المرء القوانين الأساسية في الكيان الصهيوني يجد أن العديد منها يتضمن التأكيد على الجوهر العنصري للكيان الصهيوني وسلوكه سياسة التمييز العنصري والتطهير العرقي تجاه الفلسطينيين سكان فلسطين الأصليين وأصحابها الشرعيين .
ويعتبر قانون العودة الذي صدر عام 1950 من أبشع القوانين العنصرية لتهويد القدس وبقية فلسطين عن طريق تهجير اليهود إليها وترحيل الفلسطينيين منها .
وتنص الفقرة الأولى من قانون العودة على أن كل يهودي له الحق في العودة إلى البلاد )فلسطين ( كيهودي عائد ، والهجرة تكون بتأشيرة مهاجر ، وتأشيرة المهاجر تمنح لكل يهودي .
عندما صدر هذا القانون العنصري الذي لا مثيل له في قوانين العالم على الإطلاق علّق عليه بن غوريون قائلاً :إن إسرائيل لم تخلق حق اليهود بالعودة ، بل أعلنته فقط ، إذ أن هذا الحق سبق دولة إسرائيل ، وأن جذوره في التاريخ الذي لم يفّرق إطلاقاً الشعب اليهودي عن وطنه.
وأعلن بن غوريون أن دولة إسرائيل هي دولة جميع اليهود في العالم ودولة كل يهودي يرغب في الإقامة فيها .
تمت الموافقة على هذا القانون العنصري الذي يسمح لليهود فقط بالهجرة إلى فلسطين ويمنع اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم انطلاقاً من الزعم الصهيوني القائل بأن فلسطين وطن الشعب اليهودي.
ويعتبر هذا القانون من أكثر قوانين إسرائيل عنصرية ومصدر أساسي لعنصرية الدولة الصهيونية . ويلاحظ المرء أن " قانون العودة" الصهيوني موجه إلى جميع اليهود في العالم يدعوهم إلى الهجرة إلى فلسطين بغض النظر عن جنسيتهم أو الشعوب والأمم التي ينتمون إليها ، وبغض النظر عن عدم وجود أي علاقة أو صلة بينهم وبين فلسطين ، وإنما على أساس كونهم يهوداً، وذلك لتهويد فلسطين وترحيل سكانها الفلسطينيين وهذا هو أبشع أنواع العنصرية والتمييز العنصري والاستعمار الاستيطاني.
إن الهدف الأساسي من قانون العودة هو فتح فلسطين على مصراعيها لهجرة اليهود إليها ومنع اللاجئين الفلسطينيين . من العودة إلى وطنهم الأم تطبيقاً للبند 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقرار الأمم المتحدة رقم//194// وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 237 وأسوة بالتعامل الدولي .
علّق د.شاهاك ) المعادي للصهيونية ( على حصر حق العودة باليهود فقط قائلاً " هل يحق لدولة إسرائيل دولتي والتي أنا أحد مواطنيها، أن تمنح أي يهودي حق العودة و السكن في حيفا ولو كان مولوداً في موسكو ، بينما هي تمنع هذا الحق على من ولد ) من الفلسطينيين ( في حيفا .
قاد قانون العودة العنصري ويقود إلى تجمع أكبر من يهود العالم في إسرائيل وزيادة طاقاتها العسكرية والاقتصادية والاستيطانية ، ويساعدها على تحقيق " إسرائيل العظمى الاقتصادية " وبالتالي فإن هذا القانون قاد إلى العدوان والتوسع والاحتلال والاستعمار الاستيطاني وتهويد الأراضي الفلسطينية المحتلة وتغيير وجهها العربي الإسلامي ، وإلى انتهاك صارخ للحقوق الوطنية الثابتة غير قابلة للتصرف للشعب الفلسطيني ومنها حقه في وطنه وأملاكه وأراضيه ، وحقه في العودة وتقرير المصير.
ويعكس قانون العودة الفكر العنصري والممارسات العنصرية المسيطرة على " إسرائيل " ويظهر بجلاء سياسة التفرقة العنصرية التي تمارسها الدولة الصهيونية تجاه الفلسطينيين.
ويعطي هذا القانون العنصري " اليهودي " وضعاً متميزاً على غيره من البشر ، إذ أن له الحق في أن يأتي إلى فلسطين ويحصل فوراً على الجنسية لأنه يهودي ولا يمت لفلسطين بأي صلة على الإطلاق غير إيمانه بالتفوق العنصري وكراهية العرب والمسلمين والاستعمار الاستيطاني .
لقد تمت صياغة قانون العودة لخدمة سياسة " إسرائيل " الاستعمارية والعنصرية ، ولحمل أكبر عدد ممكن من يهود العالم على الهجرة إلى فلسطين وترحيل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين ومنها وعدم السماح لهم بالعودة إليها .
إن قانون العودة قانون عنصري ولا مثيل له على الإطلاق في العالم ولاحتى في ألمانيا النازية أو إيطاليا الفاشية أو نظام الابارتابد في جنوب إفريقيا .
إن قانون العودة الإسرائيلي يشكل انتهاكاً فاضحاً لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ، وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية الخاصة بتحريم العنصرية والتمييز العنصري .
ويحقق تزويد إسرائيل بالطاقات البشرية اللازمة لحروبها العدوانية واحتلالها للأراضي العربية وإقامة المستعمرات اليهودية فيها على حساب الفلسطينيين ، سكان فلسطين الأصليين وأصحابها الشرعيين .