لست متشائما – والله – بل متفائل، فما تزال أمامنا عشر سنوات قبل حلول الكارثة (!!)
وعشر سنوات، ليست بالقليلة إذا كان هناك رجال يعرفون قيمة الزمن (!!)
وما أقلها وأبخس قيمتها، عندما يكون إيقاع وعينا وفعلنا سُلْحُفائِياًّ (!!)
منذ أقل من مائة عام بدأنا نضالنا ضد خريطة "سايكس – بيكو" لنعيد اللحمة إلى خريطة "الهلال الخصيب" و"جزيرة العرب" (!!)
ضاعات الأعوام المائة، وبقيت "سايكس – بيكو" هي "سايكس – بيكو"، لا بل قد ضاقت بثوبها، وضجرت من إيقاعنا الميت، وبدأت تبحث عمن يفكِّكها (!!)
وقريبا جدا سنبدأ – على ما يبدو – بالنضال ضد خريطة "داعش – كيكو"، للحفاظ على اللحمة التقدمية جدا في خريطة "سايكس – بيكو" التي اختبرتنا مائة عام، لتجدنا أهون من أن نقاومَ شبقَها إلى المزيد من التفكيك والتفتيت (!!)
أظن أننا لن نحتاج إلى وقت طويل كي نجد أنفسنا وقد عرَّجنا يمينا، وحُدنا يسارا، واستجبنا لشهوتها العارمة تلك، لنبدأَ النضال ضد خريطةٍ جديدة دفاعا عن حقنا في الإبقاء على خريطة "داعش – كيكو"، سليمة من كل سوء، لتعود "سايكس – بيكو" إلى سباتٍ أبدي هذه المرة قد يطول مائتي عام، ستكون أجثى على قلوبنا من مائتي عام الصليبيين (!!)
سيتحقق كل ذلك فعلا، إذا لم نتمكن من إيقاف تسارع انحدارنا نحو الهاوية في السنوات العشر القادمة (!!)
أرواحنا، مستقبلنا، مصيرنا، تاريخنا، هويتنا، عروبتنا، ثقافتنا، أدياننا، حريتنا وتحرُّرنا، نهضتنا ويقظتنا.. إلخ، كلها أيقوناتٌ معلقةٌ ومرهونةٌ بما سننجزه على صعيد إعادة إنتاج أدائنا وفعلنا الثوري في عقدٍ قادمٍ من الزمن، ينتهي عشية انتهاء الربع الأول من القرن الحادي والعشرين (!!)
فإن لم نحسن استغلاله في إنتاج ثورتنا الحقيقية: بدءا من "الثورة في الدين"، مرورا بـ "الثورة من الثقافة"، وانتهاء بـ "الثورة على السياسة"، تمهيدا لـ "الثورة لأجل الاقتصاد"، عبر إلجام قاطرة الانحدار وحرفها عن سكة "الهاوية"، فعلينا أن نقبل بمائتي عام قادمتين من البؤس والشقاء، لا تختلف عن قرننا العشرين، إلا في كونها أكثر دموية وتناحرا وعبودية (!!)