سمير المشهراوي ونداء الواجب
د. فايز أبو شمالة
لقد حسمت الحرب على غزة، وانجلت الصورة، ووصلنا إلى خط النهاية من اليوم الأول للمعركة، لقد انتصرت المقاومة، وانطوت إلى الأبد صفحة تفوق الصهاينة، واستبدادهم بقرار فرض الحرب وقرار فرض التهدئة، ولاسيما أن المقاومة قد أوجعت الجبهة الداخلية الإسرائيلية بشكل لا يقل عن توجع الجبهة الداخلية للشعب الفلسطيني.
وستظل الحرب على غزة هي الشغل الشاغل لكل الفلسطينيين الشرفاء، وهي محك الرجال، وكاشفة للنفوس التي تذوب حباً للوطن أو تتمزق حقداً على المواطنين، وقد تلمست ذلك في نداء الواجب الذي صدر عن القيادي سمير المشهراوي، النداء الذي يتوجب على قيادة حركة حماس أن تقرأه جيداً، وأن تبادر إلى مد يد المصالحة إلى الأخوة من حركة فتح، ولاسيما أولئك الذين يمدون أيديهم لمصالحة وطنية صادقة، ولهم القدرة على العمل الميداني، ولهم حضور جماهيري مؤثر، وهم قادرون على إسناد المقاومة، ولهم باع في مقاومة العدو خلف الأسوار، وما زالوا قادرين على المشاركة الفاعلة في الدفاع عن غزة.
على قيادة حركة حماس ألا تفوت فرصة المصالحة، وأن تتجاوب مع نداء الأخ سمير المشهراوي الذي يقول بصوت فلسطيني أمين: هذا ليس وقت حساب أو عتاب، بل دعوة صادقة لأن نجعل من مواجهتنا مع الاحتلال ميداناً ومسرحاً لمصالحة وطنية حقيقة وعميقة، بعيداً عن المصالح وتوزيع الأدوار والوظائف.
نداء سمير المشهراوي يجب ألا يمر في سماء غزة دون أن يلامس أرض الواقع، فالعدو الذي يطلب رأس فلسطين كلها، يواجه برجال فلسطين كلهم، ليصير تكاثف الرجال في الملمات منطلقاً لحماية الوطن، وهذا ما قرأته في دعوة سمير المشهرواي الذي يقول: ولنجمِّد في هذه الأثناء كل خلافاتنا، وننطلق وفق برنامج المقاومة والكفاح، معاً في رد العدوان ومقارعة الاحتلال، وحماية شعبنا وأرضنا في الضفة والقطاع والقدس، ويضيف المشهرواي: ولحماس كل الضمانات التي تزيل أي مخاوف لديها من فرسان فتح أثناء المعركة، والتي ربما تؤسس لمرحلة جديدة، وفق أسس ومبادئ جديدة.
ويضيف المشهراوي بكلمات وجدانية صادقة: وحتى لا يكون حديثي مجرد شعارات، ولقطع الطريق على كل المشككين والمزايدين أعلن استعدادي للعودة إلى غزة الحبيبة، لأكون بين أبناء شعبي جندياً ومقاتلاً، لي ما لهم، وعليّ ما عليهم، والله على ما أقول شهيد.
لم يبق هذا النداء لحركة حماس إلا تعزيز مكانتها في المعركة ضد أعداء فلسطين، وذلك من خلال تحقيق المصالحة الوطنية مع جزء مهم من شعبنا يمثلهم الأخ محمد دحلان، ولتكن هذه المصالحة هي الصاروخ الفلسطيني بعيد المدى؛ الذي يوجه إلى رأس القيادة الصهيونية، وإلى طاولة المفاوضات.
إن الذي يحمل سلاحه ويأتيك داعماً لا يقارن بذاك الذي يلتف من وراء ظهرك ليخطف سلاحك، والذي يناجيك في المحن يختلف عن الذي يناديك هانئاً ليقبض الثمن.