على خلفية التسوناميات وكاترينا البحـــــــر والإنســـــان منــذ أقــدم العصـــور


اعداد/ جودت جالي

أصر أفلاطون على أن قعر البحر هو الصلة مع هاوية الأرض وتساءل إن كان الإعصار يثور بفعل تنفس حيوان عظيم يعيش في أعماقه أو ، بشكل ما، بفعل كائنات إلهية وحشية تسكن البحر الأبيض المتوسط وحيث الحوريات تسحب البحارة الى لججه المجهولة . أجتياز البحر لايمثل متعة بل شقاء ، وكان يجب أنتظار ماجلان وفاسكو دي غاما لفهم حدود البحر . حتى منتصف القرن التاسع عشر لم يغطس الإنسان الى أكثر من 40 مترا ولهذا يمكن تصور معقولية أن ماتحت سطح البحر كان يرتبط في ذهن الإنسان بعالم الشيطان . أحد القديسين لايحضرني أسمه أنفرد بوصف قعر البحر بأنه مفروش بسهوب تسكنها حيوانات رائعة . ولكن كانت الهيمنة دائما للجج الرعب . البحر أيضا ينظر إليه كتهديد سواء كان تهديد غزو الفايكنغ أو غيرهم من القراصنة . في روايات جول فيرن يقع العلماء الرحالة تحت خطر جموح الطبيعة من ثورات البراكين الى الزلازل وصولا الى الأعاصير وأعمدة الماء بحيث يمكن قراءة أعماله بأعتبارها ملحمة قوى الطبيعة التي تغرق الإنسان . بالنسبة الى فيكتور هيغو فأن البحر هو صوت الأبدية الذي لاينتمي الى زمن الإنسان ، أنه إعلان عن تأريخ آخر ، عن زمنية أخرى ، وصوته المدمدم أبدا يحدثنا عن العدم ، فالبحر إذاً هو العدم الفاعل ، العدم المتحرك . كانت مرحلة الرومانسية قطيعة مع السامي ولم يعد البحر شيطانيا ومشهد البحر أنسجم في الأدب والرسم مع الحزن والعذاب وليس مع الغضب الإلهي ، مع حركة مجهولة لاتسبر . أنفلات المحيط اللامبالي بزمن الإنسان يضع نهاية للتواطؤ بين الإنسان وطبيعة ذات صورة غيبية .
الموت على يد البحر هو الموت دون دفن . البحر يأكل الجسد ، يختطفه من الأرض . بعد التسونامي رفض الصيادون التايلنديون الخروج الى البحر لكي لايعبروا فوق أسماك أكلت البشر . جدلية البحر – الأرض فاشلة لأنه يوجد عنصر آخر هو السماء . بالنسبة الى ميشليه فأنه يوجد نسج دائم لحوار بين السماء والبحر . البحر يتحدث الى النجوم ، والسماء بدورها تحتوي على ماء ، فهي إذاًَ جدلية الماء العذب والماء المالح . الأرض تسرب والسماء تمطر ، والشمس تبخر ، والكل يصفي ماء البحر . بعد النصف الثاني من القرن التاسع عشر أصبح الساحل ملاذا من مخاطر المدينة ، البحر يغسل الإنسان من أدران الحياة المدينية . تشكل الرغبة في الخروج الى ساحل البحر رغبة عامة في كل القارات وتوجد دلائل على تحول سكاني من عمق القارات الى سواحل البحار . أصبحت نظرية أفلاطون عن طبيعة البحر مزحة أزاء وصول الإنسان فيه الى عمق 6000 متر وعرف منه ماآخى بين العلم والمخيلة في هذا العالم العميق المظلم ظلاما مطلقا المحروم من النور والشمس بأكتشافه أن الحياة يمكن أن تتطور هنا أيضا ، وهذا الأكتشاف ذو صدى ميتافيزيقي في نفس الإنسان فحتى لو أنطفأت الشمس لن تتوقف الحياة وتستمر بأشكال غريبة ليس لها مثيل . عالم آخر يتصالح فيه الشعر مع العلم ، أنه ثيمة الماء والأحلام عند باشلار . الشاعر سان جون بيرس فكر في التماثل بين ماء البحر ، ومصل الدم ، والدم . الإنسان يحمل البحر في داخله . الجدل بين البحر والناس لاينضب . قارن ميشيليه الذي عاصر الثورة الفرنسية حشد 1789 الثائر بالبحر الهائج . البحر بكل أنوائه لم يمد الإنسان منذ فجر البشرية بأنواع الخوف فقط بل وبأشكال الخيال الخصب أيضا .



--------------------------------------------------------------------------------

الينبغيات..!


جمال كريم

يحار المرء، جداً، هذه الايام. وهو يعيش في مجتمعات ما زالت، إلى الآن. تتمسك بذكوريتها وابويتها بكل قوة وعناد، مرتكزة في ذلك على منظوماتها التبريرية لما تقول به من: يجب ان تفعل كذا او ينبغي ان تقول كذا!، لو امعنت النظر في هذه الـ (ينبغيات)، لوجدتها مدعومة بسلسلة من السلطات التي يعد الخروج عليها بمثابة تجاوزٍ لخطوطها الحمر، من قبل الآخر المقيد باحكامها، تضيق بك الدنيا، حين تجد نفسك امام شبكة معقدة ومستغلقة من المحددات التي تطول حريتك وامنك وحقك في الحياة، فاذا كان هناك من يدعو إلى ضرورة احترام الرأي والرأي الآخر - افراداً وجماعات واحزاباً - فانه في الوقت نفسه، لا يتردد او يتوانى، منطلقاً من شعاراته او برامجه السياسية، إلى الاستدراكات الكثيرة ليضع امامك سلطته في ما يجب او ما ينبغي عليك ان تفعله او تقوله!، المعلم في المدرسة الابتدائية والمدرس في الثانوية والاكاديمي في الجامعة - كل اولئك، تجدهم من خلال قاعات الدرس يطرحون مفهومات تربوية واخلاقية وعلمية تخص حياة الطالب وعلاقته في المجتمع وايضاً دوره في صناعة المستقبل. بل يتعمقون في تحديد ما له وما عليه. لكنهم في نهاية الامر لا ينسون انهم سلطة وما الطلبة إلا اتباع لملكاتهم العلمية والادبية وعليهم ان ينصاعوا لما يجب او ما ينبغي!، ثمة من يرى من خلال خطابه السياسي او الديني، اننا اليوم، احوج من أي يوم آخر إلى تعزيز التوجهات الديمقراطية الجديدة في حياتنا السياسية في البلاد. والتأكيد على سمو العلاقات الانسانية والوطنية بين تنظيمات الاحزاب والكيانات السياسية الاخرى، في سبيل تجاوز هذه الاشكالية او ذاك الاحتقان بسبب - مثلاً - الاهمال والفساد ولا مسؤولية بعض القائمين على مؤسسات الدولة والمجتمع، لكنك في النهاية، لو تفحصت خطابه بعناية ستجده، مليئاً بالارشاد والنصح، من دون ان ينسى الفات نظرك إلى سلطته التي يومئ بها اليك في ما يجب او ما ينبغي عليك القيام به!، شخصيات سياسية ودينية من خلال لقاءاتها ومقابلاتها وخطبها، تدعو علانية إلى ضرورة احترام حرية المرأة وصون حقوقها واهمية مشاركتها في صنع القرار لبناء مجتمع مدني حديث ومتطور - لكنهم ايضاً، لا يترددون، من تأكيد ان المرأة كائن ضعيف وناقصة عقل لذلك يجب وينبغي عليها ان تكون كذاً وتفعل كذا...!!
وهكذا نجد انفسنا اكثر الامم انتاجاً للينبغيات!!

jamalkareem_56@yahoo.com


--------------------------------------------------------------------------------

آرنستــــــــو تشــــــــــي جيفـــــــــــــــارا


استخدم المخرج ستيفن سودربيرغ مؤخراً ملفات اجهزة المخابرات الاميركية لعمل فلم تقدر قيمة انتاجه 20 مليون باوند عن ارنستو "تشي" جيفارا، الذي بلغ القمة بموته ميتة وحشية على يد عصابات الحرب في بوليفيا، وكان المخرج احد اشهر صانعي الافلام الجدد، وله سجل حافل يتضمن افلام الجنس والاكاذيب والفديو تيب.كان المخرج ارين بروكوفيتش متهماً بسوء ممارسة الصناعة، وكان فلمه "ترفك" ملحمة عن حروب المخدرات، لكن فلم "تشي" سيكون موضع جدل مثله مثل فلم "ترفك" الذي حصل مخرجه على جائزة الاوسكار.
سيلعب دور الثائر الارجنتيني الاصل الممثل بينيسيو ديل تورو ممثل الادوار الرئيسة الاسباني في هوليوود، الذي حاز على جائزة الاكاديمي عن دوره كرجل شرطة في فلم "ترفك".قال المخرج سودربيرغ في مهرجان الافلام في فينيسيا بانه سيقدم الفلم في الربيع القادم بعد فلم الالماني الطيب وهو قصة جريمة قتل غامضة تحدث في برلين بعد الحرب مع كل من الممثلين جورج كلوني وكايت بلانتشيت . المخرج الذي تميز باتباعه اسلوبا جديدا في اخراج الافلام، من المحتمل ان يتفوق في تناوله شخصية جيفارا المؤثرة، الذي حاز على الاعجاب لدوره في الثورة الكوبية عام 1959.
لم يهتم جيفارا لتعذيب الزمرة المكلفة بتنفيذ حكم اعدامه، القصة التي وثقها الشاعر ارماندو والاداريس، ولم يهتم ببروزه بعد ازمة الصواريخ الكوبية وعزمه على ضرب اميركا بالاسلحة النووية، الموضوعان اللذان تمت تغطيتهما في دار الفن الحديث حيث ضرب هذان الموضوعان فلم يوميات سائق دراجة. يعالج فلم مذكرات سائق دراجة رحلة شاب عبر اميركا اللاتينية وخلالها يصبح ماركسيا بعد مشاهدته حالة الفقر الشديدة المنتشرة هناك.لقد قدمت شخصية جيفارا لاول مرة من على الشاشة الكبيرة في عام 1969 اذ قدمها المخرج ريتشارد فليشير، ومثل دور البطولة فيه الممثل عمر الشريف. ثم قدمها المخرج انطونيو بيندراس في فلم "افيتا" في عام 1996. بعدها قاد المخرج اوليفير ستن عملا كان بمثابة سيرة تخليدية عن شخصية فيدل كاسترو، وعرض الفلم كان لغرض اطراء نظام حكم يزدريه الان كل الكوبيين.بعد ظهور فلم جيفارا، وتميزه ركز المخرج سودربيرغ على فلمه عن الايام الاخيرة من حياته كونه محارباً، اتبع اسلوب حرب العصابات في بوليفيا، كانت ذروة الفلم في مشهد اسر جيفارا في تشرين اول 1967. بعدما عين احد عملاء المخابرات الاميركية وهو فيليكس رودريغويز لمراقبته، عندما كان يعمل في الجيش البوليفي.
كشف الارشيف الوطني في اشنطن عن الكثير من المعلومات التي دونت خلال استجواب عميل المخابرات الاميركي بعد ان تم اطلاق النار على جيفارا في قرية لا هيغويرا".
لقد اظهرت تقارير وكالة الاستخبارات تفاصيل حساسة جدا، تم التعتيم عليها ان رودريغويو نصب كمينا عبر النهر لخمسة اسابيع قبل ان يتم اسر جيفارا بعد انتزاع معلومات عنه من زميل وقع في الاسر قبله، وتم القبض عليه وهو مصاب بجروح في قدميه.
اظهرت التقارير ان عميل المخابرات الاميركية تلقى اتصالات من هاتف عمومي واعطي رقمين مشفرين ، 500 لجيفارا ، و 600 لتنفيذ حكم الاعدام. وقد كان الاتصال من قائد بوليفي رفيع المستوى، وعلى الرغم من الحقيقة ان المخابرات الاميركية كانت تريد بشكل واضح ان يمسك جيفارا حياً.
عندما كان رودريغويز يتحدث الى جيفارا، ثارت اطلاقتان بالقرب منهما، وقتل في اثنائها من افراد عصابات الحرب، قالت الوثائق: تمت معرفة مصدر الاطلاقتين، اذ شحب وجه جيفارا فاكد رودريغويز له بانه هو ايضا كاد ان يقتل بهما، لو لا انه احتفظ برباطة جأشه".المخرج سودربيرغ يتوقع ان يقدم مشهد اعدامه، مستخدماً كلماته الاخيرة: انا اعرف انك هنا لتقتلني، اطلق النار ايها الجبان، فانت لن تقتل الا رجلاً.



--------------------------------------------------------------------------------

الفضيحـــة !!


عامر القيسي

لم يعد هنالك امر خافٍ في المشهد السياسي العراقي، فما كان بالامس يجري خلف الستارة، اصبح اليوم يجري امام الجمهور مباشرة وبكل شفافية، ان جميع لاعبي (البوكر) السياسي العراقي قد رموا بكل اوراقهم في الدورة الأخيرة من هذه اللعبة الجهنمية مدفوعة الثمن دماً وزمناً وآلاماً.
احدهم كشر عن انيابه بابتسامة معهودة وأعلن عبر شاشة احدى الفضائيات، ان لجنته لها علاقة بتنظيم القاعدة الارهابي. فهو يقول نصاً: قلنا للقاعدة ونصحنا القاعدة واجتمعنا مع القاعدة، معتبراً اياها جزءاً من لحمة ما يسمى بـ"المقاومة" وحين سأله مقدم البرنامج مؤكداً قوله، أجابه بكل اريحية بالايجاب!!. المبكي ان صاحبنا هذا عضو في لجنة كانت مساهمة في كتابة مسودة الدستور والتي كانت تريد فرض شروطها على الكتل السياسية الاخرى.
اننا نتساءل. ماذا لو كان لدينا قانون واضح وتفصيلي لمكافحة الإرهاب الذي افتراضاً، ينبغي ان يحاسب من يمارس العمل الارهابي ومن يحرض عليه و من يتعاون معه ومن يروج ويطبل له.
السيد الآخر الوطني بلا حدود، على غرار الذين باعونا من خلف الحدود، يرفض في برنامج فضائي ايضاً، يشاهده ملايين البشر، ان يدين الزرقاي بالاسم. فعندما سأله مقدم البرنامج، الا تدين الزرقاوي تحديداً؟ اجابه، انه مخافة من الله لا يدين الزرقاي، ولكنه يدين كل من يقتل عراقياً!!
شكراً لهذا الوطني، وهذا الحرص على حياة المواطن العراقي "مجرماً وبريئاً" شهيداً وارهابياً، مناضلاً وصدامياً" .
الأكثر ايلاماً من هذه الكلمات، ان هذا السيد رئيس لرابطة نخبة من أساتذة الجامعات العراقية، وحسب قوله ان عددهم ثلاثة آلاف استاذ جامعي فقط!
المناضل الثالث ايها السادة، اقسم على نفسه ان يجاهد من اجل جمع خمسة ملايين توقيع عراقي لرفض مسودة الدستور ولا ادري لماذا لا يكلف نفسه لجمع خمسة تواقيع فقط، ادانة للمقابر الجماعية، التي قال عنها ذات يوم وفي برنامج فضائي ايضاً انها "اسطوانة مشروخة" ؟! هذا السيد نفسه لم يكلف نفسه ولو مرة واحدة ان يوقع "عريضة" بتوقيعه فقط يطالب فيها التسريع بمحاكمة الطاغية صدام انتصاراً لضحايا الشعب العراقي وعوائلهم. المبكي انه يرأس لجنة ساهمت بكتابة مسودة الدستور وغيرت بعض فقراته!!
نتساءل فقط، ماذا لو قيض لهؤلاء السادة - الذين لا نشك لحظة بوطنيتهم- ان يكتبوا دستورنا أو ان الآخرين استجابوا لكل طلباتهم؟
سنترك الاجابة للمواطن نفسه
اما انا فلا يسعني الا ان اقول:
يا للفضيحة السياسية!!

http://www.almadapaper.com/sub/09-497/p11.htm