نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


Ayman Yaghi

في اليوم العالمي للكتاب إتلاف كتب.. في جامعة دمشق!!
الأحد, 04 أيار 2014
قاسيون

يحتفل العالم في 23 نيسان من كل عام باليوم العالمي للكتاب، من خلال القيام بفعاليات وتظاهرات مختلفة، هدفها إبراز أهمية الكتاب والقراءة في حياة الإنسان. إلا أن جامعة دمشق احتفلت بهذا اليوم بطريقتها الخاصة وقامت بإتلاف مئات الكتب وتحديداً من قبل قسم المكتبات والمعلومات في كلية الآداب وبمباركة من رئاسة الجامعة.
القصة بدأت عندما رغبت كلية الآداب- لا نعلم سبب هذه الرغبة - والعلوم الإنسانية بالتخلص من آلاف الكتب لديها. في البداية دعت الكادر التدريسي في جميع الأقسام في الكلية لاختيار ما يشاؤون من الكتب سواء لهم لاقتنائها شخصياً أو من أجل إثراء مكتبات الأقسام، وبالفعل أغنت بعض الأقسام مكتباتها بآلاف الكتب. إلا أن الكلية استمرت في التخلص من عدد أكبر من الكتب..!! فقامت بدعوة طلاب الدراسات العليا لأخذ ما يحتاجونها منها، ثم فتحت الباب أخيراً لجميع الطلاب لاقتناء ما شاؤوا من الكتب، كما تقول الرواية، إلا أن الكلية ما لبثت أن تراجعت، وأقفلت بابها بوجه الطلاب بحجة أن بعضهم يقوم ببيعها خارج الجامعة، وقد يكون هناك أسباب أخرى، إلا أن النتيجة كانت منع هذه الكتب عن الطلاب نهائياً.
«صورة بهية».. بطريقة مشروعة!!
قامت كلية الآداب مرة أخرى بالتخلص من تلك الكتب، ولكن هذه المرة من خلال مشروع تأهيل وصيانة مكتبات جامعة دمشق الذي يعتبر جزءاً من مبادرة إحياء مكتبات دمشق الذي يقوم به طلاب من قسم المكتبات بإدارة الدكتورة عبير عساف.
يقوم المشروع على إعادة الحياة للمكتبات وجذب الطلاب لارتيادها، وقد ظهرت المكتبة «بصورة بهية»، كما ورد على لسان رئيس الجامعة، إلا أن هذه الصورة «البهية» بُنيت على أشلاء الكتب الممزقة من مقتنيات المكتبة، ولا يدور الحديث هنا عن الكتب «التالفة» أصلاً كما ادعى القائمون على المشروع، بل تلك الكتب السليمة في معظمها كما يتبين من الفيديو الذي صور الطلاب أثناء عملهم حيث يجري تمزيق الكتب وتثقيبها بهدف تحقيق هذا «العمل الفني» الذي تركز في ثلاثة خطوط رئيسية منها:
قوس مدخل المكتبة..
بكل فخر تحدث القائمون على العمل عن هذا الإنجاز العظيم الذي اعتمد على تثقيب الكتب بثقب لا يقل قطره عن 3 سم، بهدف ربط هذ الكتب بهيكل معدني يشكل قوساً أُنشئ على باب المكتبة. استلزم إنهاء هذا العمل «الفذ» حوالي 160 كتاباً، عدا عن الكتب التي ثُقبت ثم لم يحالفها الحظ بحجز مكان لها في قوس المكتبة..!!
ورد على بعض أغلفة الكتب المشكلة للقوس عبارة «مكتبة جامعة دمشق»، وهذه من مقتنيات المكتبة، والكثير منها عليه ختم U.W.O LIBRARY وهي اختصار لـ University of Western Ontario Library (مكتبة جامعة أونتاريو الغربية) وهي جامعة كندية، كما حمل بعضها ختم HAMILTON PUBLIC LIBRARY وهي أيضاً مكتبة كندية. وقد وصلت هذه الكتب إلى جامعة دمشق غالباً كهدايا لإثراء المكتبة، وليس لجودة الورق، واستخدامه للأعمال الفنية.
لوحات «فنية»..!!
قام المنفذون بتمزيق الكتب «التالفة» باستخدام المشارط، لاستخدام أوراقها في تنفيذ عدد كبير من اللوحات التي غطت جدران المكتبة وحملت العديد من المواضيع «الفنية» تراوحت بين رسوم الطبيعة، والرسوم الزخرفية، وأخرى رمزية، حيث تمثل العديد من هذه الرسوم بعض الرموز الأدبية السورية والعالمية، كشكسبير وتشيخوف وجبران خليل جبران وماركيز ونزار قباني وأدونيس وكوليت خوري..الخ.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحالة، لو تسنى لبعض هؤلاء الأدباء (ومازال بإمكاننا سؤال بعضهم مثل أدونيس أو كوليت خوري على سبيل المثال)، رؤية صورهم على تلك الأوراق الممزقة، والتي ربما تكون أحد مؤلفاتهم، هل سيكونون سعداء بهذا التكريم؟ يتساءل مراقبون !!!
حوامل نباتات الزينة..
ربما كانت هذه العملية الأقل ضرراً بالكتب - من حيث الكمية فقط – فقد استخدمت بعض الكتب كقواعد ورفوف حملت كتباً أخرى أو نباتات صغيرة. ومع ذلك احتاجت هذه القواعد ايضاً للتثقيب ليتمكن المنفذون من تثبيتها ببراغي على الحوامل المعدنية!!
والجدير بالذكر أن معظم الكتب المستخدمة في المشروع كتب كاملة، وفي حالة جيدة، وهذا ما يثبته الفيديو المنشور على موقع «اليوتيوب»، وكذلك الصور التي التقطت أثناء العملية، حيث تظهر على الأغلفة بعض العناوين الهامة منها كتب بلغات أجنبية مختلفة، وكتب عربية كفهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية في علم الهيئة وملحقاته لإبراهيم خوري طبعة دمشق 1969، وفهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية في علوم اللغة العربية لأسماء حمصي وتاريخ دمشق لابن عساكر، وغيرها الكثير من الكتب القيمة.
سؤال يطرح نفسه
السؤال الذي يطرح نفسه:- ألم يكن لديهم طريقة أخرى لتنفيذ مشروعهم لإعادة الحياة إلى المكتبات وجذب الطلاب للقراءة، واستخدام وسائل أخرى للتزيين، غير إتلاف كتب لها قيمة علمية وفكرية عالية، فضلاً عن كون بعض منها نسخاً نادرة. ولماذا جرى استسهال إتلاف ثروة علمية كهذه بهذه الطريقة، ومباركتها سواء من رئاسة الجامعة أوالمشرفين عليهم.