عن حماس و انتخابات تركيا/ مصطفى ابراهيم
2/4/2014


لي موقف من أردوغان المعادي لحرية الرأي والتعبير وإغلاقه مواقع التواصل الاجتماعي، و لست من اصحاب تعميم التجربة التركية فهي تجربة مختلفة و الاتراك مروا بمخاض و تجربة ومعاناة كبيرة مع العسكريين وغيرهم الى ان وصولوا إلى ما هم فيه الآن، وجرت عملية إقناع بين التيار الاسلامي والعلمانيين وقبول الاخر. لذا فتركيا ما زالت محصنة، و الأتراك ما زالوا يمارسون الديمقراطية و يستطيعون خلع من لا يريدونه بالانتخاب والتوجه الى صناديق الاقتراع، والانتخابات تتم وفق المعايير الديمقراطية، وكل الاطراف تقر بالنتائج. ومع ذلك امام تركيا خاصة حزب العدالة والتنمية تحديات كبيرة داخلية و خارجية.ومع أن فوز حزب العدالة والتنمية التركي في الانتخابات البلدية يعتبر مؤشر على قوة الحزب وزعيمه طيب رجب أردوغان بإعتباره استفتاء على حكمه بعد تهم الفساد التي طالته وأركان وزارته، والانتخابات أثبتت أن الشعب التركي منخرط في العملية الديمقراطية وحماسته لها مهما كانت خلفياتها وأسبابها ومبرراتها. ويحاسب المسؤولين من خلال التوجه الى صناديق الانتخابات، فيشاع أن نسبة التصويت إلى 90٪.لسنا في صدد تقييم حكم أردوغان وتجربته وسلوكه خاصة في الفترة التي سبقت الانتخابات وإغلاقه مواقع التواصل الاجتماعي تويتر و يوتيوب، ففوز حزب العدالة والتنمية جاء من خلال قناعة قطاع كبير من المواطنين الأتراك أنه يقدم لهم خدمات كبيرة في البلديات، أهمها الصحة، وهو ما أسهم في استمرار الدعم الشعبي له، و أن غالبية الذين صوتوا للعدالة والتنمية هم المستفيدون منه مادياً مباشرة.
فالحزب يسيطر على جميع مرافق ومؤسسات وأجهزة الدولة التي تعني توظيف مئات الآلاف من المواطنين وتحقيق مكاسب تقدر بالمليارات، وكذلك المساعدات المادية والعينية والخدمية التي تقدمها البلديات للملايين من المواطنين الفقراء، وهمهم الوحيد حياتهم اليومية.
ما يعني أن المواطن التركي فضل مصالحه المادية الشخصية على عقيدته الدينية والعادات والتقاليد التركية التي ترفض الفساد بكل تفاصيله، وترك القضية للقضاء للتحقيق فيها.فوز العدالة والتنمية يعني انتصار أردوغان والذي جاء من خلال فهم عقلية الطبقات المتوسطة والفقيرة من الشعب التركي التي جاء من بين صفوفها، وأدرك كل طموحاتها ومطالبها اليومية البسيطة بعيداً عن كل المقولات الكبرى، بالرغم من استغلاله لعواطف المواطنين الاتراك ودغدغة مشاعرهم عندما تحدث عن تحدياته للقوى الإمبريالية والصهيونية والصليبية باسم الاسلام و الامة التركية العظيمة وريثة الإمبراطورية العثمانية.أردوغان انتصر في تركيا ولم ينتصر في فلسطين والوطن العربي، ما احتاجه الاتراك هو الاحتشاد امام صناديق الاقتراع، وعبروا عن رأيهم وغضبهم هناك، التداول على السلطة والدستور والقانون هو الفيصل بينهم وليس الاجهزة الامنية والقمع والقتل والاستبداد. أردوغان قال: “هذا اليوم هو عرس لتركيا، يوم انتصار لأمتنا،77 مليون مواطن يقفون معا كإخوة “. فالتنمية والاقتصاد هم السبب في تمسك العمال والطبقات الفقيرة به.في تركيا الناس ذهبت للانتخاب والمحاسبة للدفاع عن مصالحهم، فهم توجهوا لصناديق الاقتراع، اما نحن فالناس في بلادنا يتوجهون لمنظمات حقوق الانسان للشكوى، و للمطالبة بحقوقهم ضد القمع والقهر والانتهاكات، وقلة الحيلة وبدل ان يتوجهوا لصناديق الانتخابات، يتوجهوا ويصطفوا طوابير امام مكاتب الشؤون الاجتماعية و أونروا ومنظمات الإغاثة لعوزهم وفقرهم، وازدياد البطالة. أردوغان مشكلات بلاده صفر ونحن مشكلاتنا مليون تحت الصفر.وبدلا من البحث في وسائل وتعزيز العدالة وإقرار قوانين تعزز صمود الناس وضمان توزيع الثروة بين الناس للقضاء والحد من الفقر والبطالة، نبحث في قوانين لعقاب السارقين والمدمنين الاضطراريين الهاربين من الفقر والخوف، وليتم جلدهم وقطع أرزاق اصحاب المقاهي وتوقيعهم على تعهدات بالتوقف عن العمل، وبدل من إصدار القرارات بالتخفيف عن كاهل الناس نصدر أوامر وقرارات وقوانين ونبحث عن ما يسيء للناس وإهانة كرامتهم. من يريد الاحتفال وتوزيع الحلوى بفوز أردوغان وحزبه فليقدم نموذجا عصرياً في العدل واحترام حقوق الانسان وحرياتهم وحفظ كراماتهم.والاهم هو الحديث عن واقعنا المأسوي بموضوعية وواقعية وليس بيع الناس الوهم، من خلال الادعاء ان الحكومة استطاعت التغلب على مشكلاتها بالتنمية والقضاء على البطالة والحد من الفقر، وقدرتها الفائقة على التبسيط من خلال تقديم رؤية رومانسية خادعة، فهذا لن يخرج الناس او الحكومة من ازماتها، فتعزيز صمود الناس والانفتاح عليهم والعمل بكل مسؤولية من اجل اتمام المصالحة هو من الحلول الرئيسة لأزماتنا المتلاحقة.