(إسرائيل) .. و فوز أردوغان
قلم / غسان مصطفى الشامي


كما توقعت المحافل والمراكز الصهيونية الأمريكية حدّث، فقد حقق حزب رئيس
الوزراء التركي أردوغان فوزا تاريخا كبيرا في الانتخابات المحلية
التركية، حيث حذرت سابقا هذه المحافل الكيان الصهيوني من فوز حزب العدالة
والتنمية في الانتخابات؛ هذا الفوز الذي يحمل في طياته المفاجآت في آلية
التعامل مع الكيان الصهيوني، وسيكون له تأثيرا على طبيعة ومستوى العلاقات
مع الاحتلال الإسرائيلي، بل وستشهد العلاقات ( الإسرائيلية) مع الدولة
التركية العثمانية تشديد وضوابط صارمة في التعامل والعلاقات الدولية.
إن هذا الفوز الذي حققه حزب العدالة والتنمية سيغير ملامح الخارطة
السياسية في الأيام القادمة، خاصة أن هذه الانتخابات تمثل أهمية كبيرة في
هذه الأيام، وسط الظروف والتطورات الدولية والعالمية الحاصلة في المنطقة،
والدور المحوري والاستراتيجي لتركيا العثمانية في العالم، خاصة بعد
اشتعال الأزمة الأوكرانية وأزمة القرم فقد أصبح لتركيا دورا استراتيجيا
مهما بالنسبة للقارة الأوربية.
هذا الفوز التاريخي لحزب أردوغان مثل صفعة قوية للأعداء والمتآمرين
والمتربصين برئيس الوزراء التركي أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، فقد
نجح أردوغان في الوقوف وبقوة في وجه كافة المؤامرات والدسائس التي هدفت
لقلب نظام الحكم وإفشالها، كما استطاع الحفاظ على أمن تركيا، وسار قدما
في التطوير والبناء والإصلاح الديمقراطي .
ولا يخفى على أحد أن حزب العدالة والتنمية التركي الذي تأسس في يونيو/
حزيران 2001م وفاز بالانتخابات العامة عام 2002م، وكان مرشحه رجب طيب
أردوغان، حقق العديد من الإنجازات حيث ارتفع معدل دخل الفرد التركي، وحقق
الكثير من الإصلاحات الاقتصادية والديمقراطية التي غيرت وجه تركيا؛ هذه
الانجازات وغيرها التي حققها الحزب على مدار أكثر من عشر سنوات تمثل
دعاية انتخابية له، كانت المؤشر الأكيد لفوز الحزب في هذه الانتخابات رغم
المنافسة مع الأحزاب التركية الأخرى، ورغم المؤامرات على أردوغان
لزعزعته، والتي استطاع أردوغان التغلب عليها كان من وأبرزها أحداث ميدان
التقسيم التي جرت في أواخر مايو العام الماضي، حيث تمكن أردوغان من
إحباطها والسيطرة عليها، كما تم إفشال محاولات للجيش للانقلاب و إجراء
تعديلات وزارية هامة.
أمام الانجازات الكبيرة في الاقتصاد والسياسية والحكم التي حققها حزب
العدالة والتنمية فاز الحزب بالانتخابات المحلية كما توقع الخبراء
والإستراتيجيين والمراقبين وبنسبة كبيرة من الأصوات في ظل عدم وجود منافس
قوي على الساحة.
الكيان الصهيوني، والمراكز الإستراتيجية اليهودية والأمريكية تابعوا عن
كثب التطورات الحاصلة في تركيا، خاصة أن علاقات " إسرائيل " مع تركيا
تمتد إلى 6 عقود، وهناك علاقات اقتصادية وحجم تبادل تجاري بين تركيا
ودولة الكيان؛ حيث أعطت الدوائر الصهيونية إشارات قلقة ومخاوف كبيرة إزاء
فوز حزب أردوغان، كما قدمت نصائح لـ " إسرائيل " بالعمل على عدم تحسين
فرص فوز حزب العدالة، واستخدام كافة الطرق والوسائل لإفشال فوز الحزب
بالانتخابات؛ ورأى مركز أبحاث الأمن القومي ( الإسرائيلي ) - وهو من أهم
محافل التقدير الاستراتيجي الصهيونية- في دراسة حديثة أجراها أن حزب
العدالة يحمل مواقف مضطربة تجاه (إسرائيل) منذ عام 2006م حين سمح بأول
زيارة لرئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشغل إلى تركيا، وتصريحات أردوغان
المهاجمة لـ (إسرائيل) عام 2009م بشأن الحرب الصهيونية على غزة، والقرار
التركي بتخفيض مستوى العلاقات مع (إسرائيل) في أعقاب الهجوم الإسرائيلي
على سفينة كسر الحصار مرمرة في مايو عام 2010م ، وتمسك الأتراك بشروطهم
من أجل إجراء مصالحة مع (إسرائيل).
إن فوز حزب العدالة التركي في هذه الانتخابات والتي تمثل مؤشرات أولية
على الانتخابات الرئاسية والتشريعي سيلقي بظلاله وتأثيراته على طريقة
التعامل مع الكيان الإسرائيلي، فضلا عن أن دولة الكيان ستعمل على إطراء
العلاقات مع تركيا والسعي للمصالحة معها وعودة العلاقات ( الإسرائيلية )
التركية كما كانت من قبل، أما رئيس الوزراء التركي أردوغان وحزبه فهم
الآن أمام تحديات كبيرة للمضي قدما لمواصلة تحقيق الفوز في الانتخابات
التشريعية والرئاسية، وسيحافظ على صرامة العلاقة مع الكيان الصهيوني
ويجبرها على تحقيق مطالبة تركيا من أجل المصالحة مع الكيان الصهيوني بعد
ارتكابه مجزرة بحق المتضامين على متن سفينة مرمرة التركية التي كانت
متوجهة لقطاع غزة بحر في مايو عام 2010م .
إلى الملتقى،،
قلم / غسان مصطفى الشامي