المفاوضات ومستقبل الكيان الصهيوني إلى زوال
د. غازي حسين
كان من المفروض أنْ تجري المفاوضات على أساس وقف الاستعمارالاستيطاني , والانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967, وتفكيك جميع الأحياء والمستعمرات اليهودية في الضفة الغربية , وعودة اللاجئين إلى ديارهم , وإلزام دولة الاحتلال بدفع (التعويضات) عن الخسائرالبشرية والمادية التي ألحقتها بالشعب الفلسطيني في حربي عام 1948 و1967 وإيجاد حل عادل لقضية فلسطين .
أصرَّمجرم الحرب بنيامين نتنياهوعلى عودة رئيس السلطة إلى المفاوضات من دون شروط أي مفاوضات مع استمرارالاحتلال والاستيطان والحصارعلى غزة والعقوبات الجماعية على الشعب الفلسطيني خلافاً لمبادئ القانون الدولي والقرارات الدولية .
لم يقدم جون كيري وزيرالخارجية الأمريكي أسس تسوية تقوم على أساس ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها , وإنَّما ضغط على المفاوض الفلسطيني وأجبره على العودة إلى طاولة المفاوضات المذلِّة , وقدم له رشوة بأربعة مليارات دولاراً تطبيقاً للسلام الاقتصادي الذي يطالب به الفاشي نتنياهو . وفي الوقت نفسه يطالب نتنياهو باعتراف المفاوض الفلسطيني بيهودية الدولة وشطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم وترحيل بدوالنقب وفلسطينيي الداخل إلى دولتهم الفلسطينية المزمع إقامتها من خلال البديل الأردني والتوطين , والوطن البديل , وباسم الكونفدرالية مع الأردن.
ويصرُّبالتنسيق والتعاون الكاملين مع إدارة أوباما على ضم كتل المستعمرات اليهودية في القدس الشرقية وبقية الضفة الغربية إلى دولته الاستعمارية والعنصرية والإرهابية لإقامة أكبرغيتويهودي في قلب المنطقة العربية والإسلامية على شكل قاعدة ثابته معادية لشعوب المنطقة ومركزالصهيونية العالمية وحليف استراتيجي للإمبريالية الأمريكية وبقية الدول الغربية ,لإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي طرحه شمعون بيريز سفاح قانا , وبدعم وتأييد كاملين من آل سعود وثاني ونهيان وجامعة الدول العربية.
ولتعزيزالدورالإقليمي للعدوالإسرائيلي والحلف الغربي والإقليمي والعربي قام أوباما في زيارة إلى الكيان الصهيوني في آذار 2013بحل مشكلة الخلاف بين حليفه نتنياهو(الذي أهانه وأذلَّه وتحالف ضده في انتخابات الرئاسة الأمريكية وأّيِد منافسه رومني) وبين رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردغان . وثبت بجلاء أنَّ نتنياهو في الكونغرس الأمريكي أقوى من الرئيس أوباما , وأقوى من نتنياهو في الكنيست الإسرائيلي , وأنَّ رؤساء الولايات المتحدة عبارة عن دمى يحرّكها الآيباك وبقية اللوبيات اليهودية. ويؤكد نتنياهوووزراء حكومته أنَّ الاستيطان سيستمرويعلنون باستمرارعن قرارات حكومية جديدة لبناء مئات الآلاف من الوحدات السكنية في القدس وبقية الضفة الغربية واستمرارالوجود العسكري الإسرائيلي في الأغواروعلى الحدود مع الأردن.
وأعلن مؤخراً المهاجرالأمريكي نفتالي بينت وزيرالاقتصاد أنَّ الاستيطان سيستمرُبغض النظرعن المفاوضات . وأوضح أفيغدورليبرمان وزيرالخارجية السابق والمهاجرالذي قدم من لاتفيا أنَّ الحل غيرممكن لأن هي أرض إسرائيلية محّررة وليست محتلة والمطلوب إدارة الصراع وليس حلّه.
ويسعى نتنياهوبمساعدة أوباما إلى إجبارالمفاوض الفلسطيني على التوقيع على إنهاء الصراع وشطب حقِّ العودة وإبقاء القدس بشطريها المحتلين موحَّدة وعاصمة " إسرائيل الأبدية" والاعتراف والتطبيع العربي الجماعي مع إسرائيل وتغطية جامعة الدول العربية للتنازلات التي يقدّمها المفاوض الفلسطيني .
يريد نتنياهوتسوية برعاية الإدارة الأمريكية لأنّ البديل لإسرائيل دولة ثنائية القومية في كل فلسطين . واتفق نتنياهومع شمعون بيريزعلى رفضها لأنّهما يؤمنان أنَّ " فكرة الدول الثنائية القومية تتنافى وروح رؤية هرتزل وتشكل خطراً على الطابع اليهودي والديمقراطي لدولة إسرائيل , إذ أنَّ هرتزل تحدَّث عن دولة اليهود وليس عن دولة يهودية "
إنَّ إسرائيل كيان استعماري استيطاني إرهابي , وعنصري ينطلق في تصوُّراته ومخططاته من الدروس والعبرالمستخلصة من الكيانات المشابهة له في التاريخ ,وأهمها الاعتماد على الذات في تحقيق الأمن والتغلغل في النسيج الاقتصادي للمنطقة من خلال التفوق العسكري واستخدام القوة أوالتهديد باستخدامها.
وتوصَّلت إسرائيل إلى هذه الاستخلاصات من تحليلها ودراستها لتجارب الحروب الصليبية في المشرق العربي والاستعمارالفرنسي في الجزائر, والنازية في ألمانيا , والأبارتايد في جنوب أفريقيا , ومن استغلالها الفاحش لمعزوفتي اللاسامية والهولوكوست والمبالغة المرعبة فيهما .
واتخذت قرارات استراتيجية عام 1949بامتلاك أسلحة الدمارالشامل النووية والكيماوية والبيولوجية وإشعال الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية في البلدان العربية ولعرقلة الوحدة العربية , والتنمية , والتطوروخدمة المصالح الصهيونية والامبريالية , وهي لاتقيم وزناً لمبادئ الحق والعدالة والإنصاف والقانون الدولي والعهود المواثيق والقرارات الدولية , لذلك لايمكن التعايش معها على الإطلاق .
وتسعى إسرائيل في المفاوضات مع السلطة الفلسطينية برعاية الولايات المتحدة وبتغطية من جامعة آل سعود وثاني ونهيان عدم الإنسحاب الكامل من الضفة الغربية وبشكل أساسي من القدس والأغواروإلى شطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم والذي هويمثّلُ جوهرقضية فلسطين والتي بدورها جوهرالصراع العربي – الصهيوني .
إنَّ الصهيونية إيديولوجية عنصرية , استعمارية , إجلائية ,وإرهابية وهي المذهب الفكري والسياسي الذي قامت عليه إسرائيل .
أثبت التاريخ زوال الآيديولوجيات العنصرية , وأنظمة الاستعمارالاستعمار الاستيطان وزالت النازية من المانيا والفاشية من ايطاليا والعنصرية من رودسيا والبرتغال ونظام الابارتايد من جنوب أفريقيا وزالت جميع أنظمة الاستعمارالقديم والجديد والكيانات العنصرية , ومصيرالكيان الصهيوني ككيان استعماري استيطاني إرهابي إلى زوال.