خطَّة كيري للمفاوضات خطة إسرائيليَّة بلباس أمريكي
د . غازي حسين
أراد كيري من الفلسطينين والإسرائيليين العودة إلى المفاوضات , وهومن المؤيدين بقوّة لإسرائيل , تحقيقاً لمقولة أوباما " إنقاذ إسرائيل" رغماً عنها بتوقيع اتفاقات الحل النهائي وبتغطية من جامعة الدول العربية.
مارس كيري أساليب الترغيب والترهيب على المفاوض الفلسطيني للعودة إلى المفاوضات بالشروط التي وضعها نتنياهو حيث يؤمن قادة الكيان الصهيوني أنَّ عمليّة التسوية بالرعاية الأمريكيَّة والتعاون الأمريكي والإسرائيلي هي الركن الأساسي للأمن القومي الإسرائيلي انطلاقاً من المصالح المشتركة للطرفين والعلاقات الاستراتيجيَّة بينهما .
وتعتقد إدارة أوباما أنَّ مشاركة أمريكية فاعلة في حلّ الصراع هي مصلحة أمريكيَّة عليا ومن أهم مصالح الأمن القومي الأمريكي.
ورفع أوباما أمن إسرائيل إلى مستوى القداسة الدينيّة , وتريد إسرائيل من أوباما أن يضمن أمنها على مدى الزمن , وترسّيخ يهودية الدولة في قلب المنطقة العربية والإسلامية , وتصفيّة حق العودة وقضيّة فلسطين .
تبنّى كيري التقريرالذي وضعته جامعة تل أبيب وأشرف عليه جلعاد شير لكسرحالة الجمود التي لحقت بعملية التسوية واستئناف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية لتحقيق رؤية الفاشي نتنياهو للتسوية .
يوصي التقريرالإسرائيلي الذي وضعه معهد الأمن القومي اليهودي, وتبنّاه جون كيري بضرورة تحريك العلاقات مع الجانب الفلسطيني قبل أن تدبَّ الفوضى في مناطق السلطة ,واتخاذ سلسلة إجراءات لتعزيز مواقع السلطة الفلسطينية وهيمنتها وتضمَّن :
· إطلاق سراح معتقلين من حركة فتح (اعتقلوا قبل توقيع أوسلو) .
· تقليص الحواجز, وتوفيرتسهيلات من التنقُّل والمرور .
· تقديم مساعدات اقتصادية ,وتشجيع مشاريع فلسطينية في منطقة (جـ) التي تحتلَّها وتسيطر عليها إسرائيل .
· المزج بين الحل الثنائي مع الفلسطينيين والحل الإقليمي من خلال إشراك الأردن في قضايا الضّفّة والحل الدائم ,وإشراك مصر في قضايا قطاع غزة.
· مواصلة الاستيطان خاصّةً في الكتل الكبرى والقدس والتخلّي عن المستوطنات المتفرقة كتنازل إسرائيل يجب أن يقابله تنازل فلسطيني .
وردت معظم النقاط هذه في مشروع كيري لخلق أجواء إيجابية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ,ولخدمة تحقيق مشروع نتنياهو للسلام الاقتصادي وبالتالي ألبس كيري المؤيّد بشكل قوي لإسرائيل " المقترحات الإسرائيليّة " بلباس أمريكي , وطرحها على أنها أفكارأمريكيّة قدمّها الرّاعي الأمريكي – الحليف الاستراتيجي لإسرائيل ومدعومة من جامعة الدول العربية وبالتحديد من آل سعود وثاني ونهيان والملك الهاشمي لتحويل الأردن إلى الوطن البديل, وتوطين اللاجئين بإقامة الكونفدرالية بين المعازل العنصرية الفلطسنية والمملكة الأردنيّة وتضمّنت مقترحات كيري:
· استئناف المفاوضات دون توقّف الاستيطان.
· إطلاق سراح دفعة من الأسرى ممن اعتقلوا قبل توقيع أوسلو.
· تسهيل حركة الفلسطينين على الحواجزوالمعابر .
· حل مشكلة أمن إسرائيل الحدودي وفقاً لحل الدولتين (المشؤوم ) وبإشراك الأردن وإسرائيل في مراقبة الحدود الشرقية للضفة الغربية .
· إشراك الأردن في مفاوضات الحل الدائم كالقدس والحدود والأمن والمياه واللاجئين .
· تبنّي مشروع السلام الاقتصادي بتقديم أربعة مليارات دولار للسلطة الفلسطينية لإقامة مشاريع في المنطقة (جـ) الخاضعة أمنيّاً وإدارياً لسلطة الاحتلال الإسرائيلي .
وأعرب كيري لعدد من أعضاء الكونغرس عن اعتقاده أنَّ إسرائيل قد تحتفظ في نهاية المطاف بنحو 85% من الكتل الاستيطانية تحت سيادتها وضمن حدودها.
وهكذا أصبحت المقترحات التي وضعها معهد الأمن القومي اليهودي في جامعة تل أبيب مقترحات أمريكية فرضها الرّاعي الأمريكي على طاولة المفاوضات على المفاوض الفلسطيني الضعيف والتابع للولايات المتحدة .
ظهر بجلاء أن الولايات المتحدة تدافع عن مصالحها ومصالح إسرائيل المعادية لشعوب المنطقة وجميع الشعوب في العالم لذلك تدافع عن الاحتلال الإسرائيلي للقدس وبقية الأراضي المحتلة , وتحافظ على تفوّق إسرائيل العسكري على جميع البلدان العربية , وتعمل على خدمة الاستعمارالاستيطاني اليهودي , والدفاع عن الاحتلال الإسرائيلي على حساب حقوق الإنسان الفلسطيني , وحق الشعب الفلسطيني في تقريرالمصيروتظهرها على أنّها تسوية إسرائيليّة بلباس أمريكي وكحل لمشكلة إسرائيل , وليس حلاً لقضية الشعب الفلسطيني العادلة , بل وأعدل قضية في تاريخ الإنسانية.
إن الشعب العربي الفلسطيني يواجه حالياً مسرحيّة مضللة ومخادعة واستسلامية وكارثة وطنية وقوميّة ودينيّة وقانونيّة وإنسانيّة تحمل في طيّاتها اعتراف القيادات الفلسطينيّة والعربيّة وجامعة الدول العربية بنجاح المشروع الصهيوني والموافقة على شطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم , وبقاء 85% من المستعمرات اليهودية في الضفة وضمّها لدولة الاحتلال بذريعة تبادل الأراضي وذلك في ظل افتقاد قيادة منظمة التحريرالفلسطينية للشرعية الدستورية والنضالية , وغياب القيادة الجماعيّة والرقابة الشعبية , وهيمنة اللون الواحد والفرد الواحد على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحريروعلى السلطة الفلسطينية , وأموال الدول المانحة.
خلاصة القول : صاغ معهد الأمن القومي في جامعة تل أبيب المقترحات التي تبنّاها جون كيري وزيرالخارجية الأمريكي وبالتالي تبنّى كيري أفكاراً إسرائيليّة للتسوية مستغلاً الدفاع الأمريكي عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين بأسرها وضعف المفاوض الفلسطيني وابتزازه بدولارات الدول المانحة , وموافقة جامعة الدول العربية على بيع فلسطين لإرضاء السيد الأمريكي المعادي للعروبة والإسلام ولجميع الشعوب في العالم .
إنَّ الشعب العربي الفلسطيني يواجه في هذه الأيام كارثة عظمى غير مسبوقة في تاريخه النضالي , لأنَّ المفاوض الفلسطيني الضعيف والتابع للإدارة الأمريكية وجامعة الدول العربية يفاوض وهو يعرف أنَّ الخطة الأمريكيّة التي حدَّدها كيري مفاوضات للمفاوضات أفكاراً إسرائيلية وضعها معهد الأمن القومي اليهودي في جامعة بارايلاف في تل أبيب .
وتتجلى خطورة هذه الكارثة المدمّرة لحقّ العودة وبقية الحقوق الوطنيّة لشعبنا وعروبة القدس أنَّ المفاوض الفلسطيني عاد إلى طاولة المفاوضات على الرغم من أن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحريروجميع الفصائل الفلسطينية وأبناء شعبنا وقواه الوطنية في المخيمات رفضت العودة إلى المفاوضات فمتى تتوقَّف القيادة الفلسطينية عن السيرفي قطارتصفية قضية فلسطين بالتعاون والتنسيق الكاملين مع آل سعود وثاني ونهيان وأنظمة اتفاقات الإذعان في كمب ديفيد ووادي عربة ؟؟.