اهل الانقسام وحالة الانكار/ مصطفى ابراهيم
23/10/2013


تسود في هذه الايام أكثر من سابقاتها، بعد خطاب نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورئيس حكومتها اسماعيل هنية، ردود افعال متباينة بين المؤيد و المرحب والمعارض في الساحة الفلسطينية لما جاء في الخطاب. الخطاب لم يقدم جديد ولم يكن على مستوى توقعات المواطن البسيط، و بعض الردود العنيفة على الخطاب من حركة فتح عمقت الاحباط و عززت الاعتقاد لدى الناس ان الطرفين غير جادين في تقديم تنازلات جدية لإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة الفلسطينية.ودولة الاحتلال تمارس ضدنا الارهاب والقتل وغول المستوطنات يهدد الاخضر واليابس وتهود القدس وتستبيح الضفة الغربية وتنتهك حرمتها في لحظة، وتحاصر غزة وتهددها باستمرار. في المقابل حكومتين غير قادرتين على حماية المواطن الفلسطيني و القيام بواجبها تجاه، و يعاني الاهمال وارتفاع معدلات الفقر ونسب البطالة، وانتهاكات حقوق الانسان مستمرة.حسب بعض العارفين ان فكرة الخطاب لم يكن الهدف منها الحديث عن حالنا، انما كان الهدف منه بشكل مباشر الحديث عن العلاقات المتدهورة بين حماس ومصر وللتخفيف من حدتها، وسلوك محطاتها الاعلامية التي انحازت للإخوان المسلمين، والاتهامات التي توجه ضدها بالتدخل في الشأن المصري.الخطاب تم الترويج له و انتظروه الناس بنوع من الحماس والأمل في الخروج بمبادرة تدعو الرئيس محمود عباس للحضور الى غزة، والبدء في تنفيذ عدد من بنود وعناوين اتفاقات المصالحة التي تم التوقيع عليها.كثيرون لديهم اسباب واضحة بان حركة حماس لن تقدم أي تنازلات جدية، و عدم قبول حركة فتح ما جاء في الخطاب، وأهل الانقسام يعيشوا حالة انكار بأننا جميعا في مأزق خطير، ومع ذلك كل منهما له من الاسباب غير المقنعة من باب المصلحة الوطنية لعدم التوصل الى اتفاق ينهي حالة الانقسام.فالفجوة كبيرة بين الطرفين وكأنهما لا يشعران أو لا يرون حال القضية الفلسطينية ومعاناة المواطنين اليومية، وأنهما في حالة دفاع حياة او موت عن مواقفهما العبثية كل في مقابل الاخر لمصالحهما ولم يستطع أي منهم من تسجيل نقاط لصالح المشروع الوطني.بينما يشعر المواطن بان حال القضية و حاله يسوء يوما عن الاخر، في جميع مناحي حياته المعيشية، من ضيق العيش والمعاش، والانتهاكات اليومية التي ترتكب بحقه من الاعتقالات و التضييق على الحريات، والحصار الخانق وأثاره، والخدمات المتدنية، وازدياد نسب الفقر والبطالة، حتى الموظفون في الطرفين يعيشون هاجس تلقي نصف الراتب، أو حتى عدم تلقيه في الشهر المقبل.بينما يستمر اهل الانقسام في انكار المأزق و حال البؤس والشقاء التي يعيشها الناس، ويذهبون للتغني بالانجازات والوعود بالوظائف والمشاريع المؤقتة، والمواطن العادي يشعر في كل لحظة بغياب الامل والعجز وما يخبئه اليوم التالي، وظواهر جديدة كالعنف وغياب الامان تزداد وتهدد نسيج المجتمع عن مواجهته، وأهل الانقسام ينكرون ذلك وغير مستعدين للبحث فيها بشكل جدي.وما نراه ونعيشه من ما يرتكبه اهل الانقسام كل ضد الاخر، من التعصب والإقصاء وعدم قبول الاخر، والتهديد والتخوين، والانتصار للعصبية الحزبية، حيث يتعصب كل منهما ضد الاخر وعدم قبوله، وينتصر لابن طائفته الحزبية سواء كان ظالما ام مظلوما من دون التفكير، والدفاع عن الانتهاكات والاعتداءات بعقلية ثأرية، والاعتقالات وتبريرها بطريقة قبلية تمتهن كرامة الانسان وحريته.المخيف هذا التعصب والذي لا نرى له نهاية مع استمرار الانقسام ونفي الاخر، وتصلب كل طرف حول الموقف الذي يتبناه ويدافع عنه باستماتة من دون التفكير والنقاش ان الاحتلال هو العدو الرئيس وهو من ينتهك حقوقنا و كرامتنا و حريتنا جميعا، ولا يميز بين هذا وذاك، بل يمعن في سياسته وتعميق الانقسام من اجل تمرير مشاريعه وما يخدم مصالحه.وكل يوم تتجلى صور المأساة الفلسطينية اينما تواجدوا، من هجرة الى هجرة ومن موت بالصواريخ الى موت في عرض البحر، وهروب من واقع سيئ الى واقع مجهول، الى معاناة على المعابر وحصار مستمر، وإهانة للكرامة واحتجاز وتقييد للحرية.فأصبح الفلسطيني يتيم كقضيته لا يجد من يمد له يد العون ومساعدته للثورة على واقعه البائس، ولم يدرك اهل الانقسام والحكماء بينهم ان وقت التغيير الجذري قد حان، وان الفلسطيني الصامد والصابر على ارضه هو كالفلسطيني اللاجئ في سورية ولبنان والأردن وباقي الدول العربية والغربية بحاجة الى هذا التغيير والحنين لوطنه، و ليشعر ان لديه قيادة حقيقية حريصة على قضيته قبل ان تكون حريصة عليه كانسان تدافع عنه وتحفظ كرامته وحريته وتحميها.