أسباب تراجع الشعر كتابة ومتابعة:
القصيدة كائن حي أشبه ما يكون بالإنسان وبناء عليه فقد يصيبها ما يصيب الكائن الحي من موت وحياة وكما لكل إنسان شخصيته فإن لكل قصيدة شخصيتها ومن
المفروض أن يكون لهذه الشخصية استقلاليتها وملامحها المتميزة كي نفرق بين قصيدة واخرى كما نفرق بين إنسان وآخر.
قدم الباحث "فواز حجّو"(الذي كانت المقدمة لموضوعنا له), [1]ارتشفنا منها أسباب تراجع جمهور الشعر واتممناها مما نعرف:
يقول:
لقد كانت معظم المحاولات الشعرية تقع فريسة اللعبة اللغوية وفي متاهات الشكلانية دون الوصول لحل فعلي لهذه المعضلة ولعل عزوف المثقفين عن هذا العالم دلالة عن هذا التأخر الخطير, مما يضع القصيدة في قفص الاتهام
ويسبب عزوف كم كبير من الشعراء عن الشعر ولسان حالهم يقول:
"إن الشعر تشابه علينا"
من هنا نسرد مواصفات القصيدة المثلة التي نبحث عنها ومقوماتها الفضلى من خلال أسباب حجوم كم كبير من الشعراء والقراء عنها:
1- عدم إحكام الهيكل البنائي الشعري العام وتماسك اجزاءه وكانه محط تجاري من هب ودب, ممزوجا بالفقر الذهني والسطحية الفكرية.
2- عدم فصل الرؤية المضمونية عن الشكل الشعري.
3- عدم تلوين الأساليب الفنية, وإغناؤها بتعدد الأنساق الدارمية والملحمية والحكائية والغنائية والاسطورية.
4-عدم إدخال اللغة في صلب البناء الفني وإحكام مفرداتها.
7- عدم وضع تصور دقيق ومدروس للركز في القصيدة ,والتعامل معها بعيجا عن الإبهام والإيغال بالغموض.
8-إن أهمية البناء الإيقاعي يمكن ان يساهم في إعطاء القصيدة شخصيتها ولاشك في أن تدفق الإيقاع الموسيقي في القصيدة يعطيها مسارا ملحوظا تنتظم من خلاله لغة القصيدة ويجعلها تنساب عبر هذا المسار.
9- عدم خضوع القصيدة في اللحظة الإبداعية لسيطرة الوعي وهذا من شأنه ان يجعل القصيدة خاضعة لإرادة الشاعر فإذا تفلتت من قبضته ما سمعت شيئا هاما.
10- عدم واقعيتها في الاستجابة لمستحداث الواقع وآلامه, وإسقاطاتها المحكمة عليه وإن كان اللسان العربي ملجوما ,فهذا امر يحتاج تأملا وبحثا ومكان خروج.
11- دخول انماط إبداعية تصدرت الساحة واستحوذت على اهتمام الجمهور ومنه عالم الأفلام والصورة.[2]
-12 يقول الباحث أحمد حسن بهذا الصدد:[3]
هناك عاملين مهمين لتراجع الشعر الآن من وجهة نظره:
الأول: هو «قصيدة النثر» التي أفقدت اللغة حرارتها وأصابتها بالبرودة؛ مما جعل الجمهور ينصرف عن حضور الندوات، في حين كان الجمهور في الستينيات يملأ القاعات والمدرجات وضرب مثالا باحتفاليات الشعر التى كانت تقام فى كلية دار العلوم، وكان يُدعَى فيها للمشاركة إلى جانب شعراء كبار من أمثال محمود حسن إسماعيل وصلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطى حجازى.
العامل الثاني: هو «العولمة» التي جعلت النص الشعرى يتحول من «نص مسموع» يفيض بالإيقاع وبحيوية اللغة إلى «نص بصرى مقروء» يفقد الكثير من حرارة الشعر الصادقة.. جاء «الصديق»، وانتهى اللقاء، ولم ينته الحوار، الذى أعتقد أنه سيظل قائمًا في نفوس كل من يتعلق بمحبة الشعر، ذلك الفن العظيم.[4]
13- بينما عزا الشاعر عامر عاصي، اسباب تراجع انتشار الشعر الفصيح الى تفضيل المجتمع لسماع الشعر الشعبي، كونه يكتب باللهجة 'العامية الدارجة.[5]
14-تراجعه عالميا:
من خلال مقال مترجم نقرأ التالي:
الصحف اليومية لم تعد تنشر مقالات عن صدور كتب الشعر وعروض لنقده. هناك، في الواقع، تغطية قليلة للشعر والشعراء في الصحافة العامة غير المتخصصة. ومنذ عام 1984 حتى هذا العام 1991، حذفت الجائزة الوطنية للكتاب فئة الشعر من المنافسة.
والنقاد البارزون نادراً ما يعرضون دواوين الشعر؛ في الواقع، لا أحد تقريباً يقدم عروضاً نقدية لكتب الشعر سوى شعراء آخرين. وتقريباً لا توجد مختارات (أنطولوجيا) رائجة للشعر المعاصر متوافرة ما عدا البعض، مثل «مختارات نورتون للأدب الإنكليزي»، التي تخاطب جمهوراً أكاديمياً.[6]
15-وترى الشاعرة سبأ محمد عباد بأن تراجع العلاقة بين الجمهور والشعراء ،عائد إلى أكثر من سبب وليس سببا واحدا على حد قولها منها ،الانشغال بأمور الحياة ومتطلباتها والبعد عن القراءة.. وكذلك انشغال الشعراء وراء عيشهم مما يجعل علاقته بالجمهور تقل تدريجيا أي أن الشاعر ليس مُؤمناً من الجانب المادي ، فهو بالتالي يبحث عن وسيلة ربح تكفيه عن الحاجة والسؤال. لافتة إلى أن الفعاليات الأدبية والشعرية بصفة خاصة ،تعمل على تسجيل حضور كبير للشاعر وتقوي الرابطة بينه وبين الجمهور وتضيف إليه نوعا من الثقة عندما يجد من يسمعه.[7]
منا هنا نعرف مدى الظلم الذي وقع على الشاعر والحيف والاهمال ..ومن هنا يبدأ مشوار التراجع لا من الخطوات السابقة فالعناية نساعد وتشحذ قلم المبدع حقيقة.
16- بينما يقول جمال كريم ان اكبر سب عوما تراجع الذائقة الشعرية بمنافسة الانماط الاخرى له سواء الشعبية أو انماط أخرى ادبية.[8]
17-ربما المشكلة الرئيسية التي تواجه الشعر في زماننا هذا, أن تطور العلوم الأخرى أدى إلى تراجع علم الكلام, لم يعد الناس يتطلعون له كما كان في القرون الماضية,
لا تقنعني أن الكثير يحبون الأدب, في عصرنا الحديث, بشكل عام ثورات التكنولوجيا, جعلت المرء لا يجد الفرصة للاستمتاع بالأدب, الكل يتعلق بما هو مرئي أو على الأقل مسموع

وعلى هذا الأساس نقلت الرواية و القصة بشكل كبير, بالطبع ليس بشكلها المكتوب وإنما بشكلها المرئي وهذه النقلة جاءت على حساب أداب أخرى: كالشعر والخاطرة
بينما ظلت آداب على الحياد, مثل الخطبة والموعظة, في أيام العروبة الأولى كان الشعر بمثابة المتنفس الوحيد للعرب.[9]
ونظرا إلى أننا نسلم بعدم وجود نص مثالي عموما يشمل كل العناصر المطلوبة معا, فلا ضير للتسلق والمحاولة للجادين القلائل الذين يقع على عاتقهم إعادة القصيدة المنظومة للساحة بتنيهم شعريا وتعليميا ولو فرديا وفي غياب المؤسسات المقصرة في هذا المجال بقوة ,لنكون أفضل مما سبق.
ريمه الخاني 17-10-2013


[1] - دراسة في مجلة المعرفة العدد 494 تشرين الثاني 2004 عن شخصية القصيدة .

[2] (مقتبس بتصرف) http://www.tijaniboulaouali.nl/hiwar...warmohajir.htm

[3] (مقتبس بتصرف): http://www1.youm7.com/News.asp?NewsI...94&IssueID=146

[4] http://www1.youm7.com/News.asp?NewsI...94&IssueID=146

[5] المصدر: http://www.ikhnews.com/index.php?page=article&id=91210

[6] المصدر(ترجمه د.حمد العيسى): http://alasr.ws/articles/view/13880/

[7] المصدر: http://www.alapn.com/ar/news.php?cat=11&id=16669

[8] المصدر:
http://www.newsabah.com/ar/2256/9/72...%A8.htm?tpl=21


[9] للمزيد:
http://modonat-alaa.freehostia.com/2...F%D9%8A%D8%AB/