لمحات من مجلة مجمع اللغة العربية على الشابكة
تجاوز كرم الأحبة في مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية منحي فرصة نشر شرح مختصر أرجوزة الشمقمقية،فوصلوني – وصلهم الله – بمجلة المجمع - الإصدار الأول / رجب 1434هـ / مايو 2013م – فجزاهم الله خيرا .. وجزى الله خير جزائه من دلني عليهم.
استمتعت بقراءة المجلة .. ثم رأيت أن أنتقي بعض اللمحات مما لفت نظري ...
اللمحة الأولى : من بحث فسيح يُسعد .. لا لموضوعه ولكن لأن القارئ قضى وقتا مع بحث جاد .. تمدد على الصفحات من الصفحة 57 وحتى الصفحة 97 ...والبحث بعنوان (الترجمة العربية الأولى لمتن التلمود ترجمة مصطفى عبد المعبود) : عرض ونقد الأستاذ الدكتور عباس السوسوة .. وسنأخذ من هذا البحث الضافي ومضات :
الومضة الأولى : تصور حال الأمة .. في جانبه المؤسف .. أو جانبه الذي يثير الحسرات،حسب تعبير الباحث :
( أمور الترجمة فالعالم العربي تثير الحسرات , فربما ظهرت ثلاث ترجمات مختلفات في عام واحد لمصنف ما , وربما ظل كتاب ما مهم في فنه وبابه لا تحن قلوب المترجمين لنقله إلى العربية , وكثير ما يظل المختصون يغرفون منه دون أن يذكروه أصلا , ليدلو على القراء بعلمهم . ولو كان كثير من هذه الكتب الأمهات مترجمة إلى العربية , كان سوق النهب العلمي والسرقة قد خف كثيرا . ولسقط كثيرا من أقنعة الأستاذية والريادة العلمية وما إلى ذالك . ففي مجال الأسلوبية نجد من ( يؤلف ) عن الخطاب وعلم النص متخذا سمت أنبياء العهد القديم , ثم لا نلبث أن نكتشف أن الكتاب هما كتابان لجون كوين وهنريش بليث – مع مونتاج يسير والأمثلة أكثر من أن أحصيها لك في هذا السياق.){ص 57}.
الومضة الثانية : في نفس السياق ... ( وتقرأ في ترجمات بعض رواد الساميات العرب أن ( فلانا ) يعرف أكثر من ثلاثين لغة (!) وبعضهم يعرف أكثر من عشر , لكنك عندما تأتي إلى هذه الجعجة لا ترى بالعربية شيء ذا بال . وأكثر من ذالك أنك تجد مبالغات تجعلهم كأقطاب الصوفية أصحاب الخطوة , ورد الواحد من النوافل في الليلة ألف ركعة حد أدنى { في الهامش : جاء في موقع ويكيبيديا العربي عن أحد تلاميذ الرواد , بعد ذكر كتبه وتحقيقاته كتبا تراثية , وذكر مترجماته أنه نشر 130 بحث علميا وأشرف على أكثر من 1000 رسالة ماجستير ودكتوراه في مصر والعالم العربي وأوروبا وناقش ما يزيد على ثلاثة آلاف رسالة علمية في مصر و العالم العربي وأوروبا !!! أقول لو جمعنا كل هذه الرسائل الغوية في كل الجامعات العربية , لغيره , ماوصلت لهذا الرقم في الحقبة 1971-2001 , ولو أنه صدر ثلاثة آلاف تذكرة طيران في هذه المدة لكان كثيرا عليه ){ص 59}.
الومضى الثالثة : هذه الومضة من الفقه اليهودي :
أ - ( ثالثا : ناشيم = النساء يباموت/يفاموت = الأرامل : مفرد الكلمة يباماه وهي أرملة أخ لم ينجب , يجيب على أخيه الحي أن يتزوجها وينسب المولود الأول لأخيه المتوفى . والمبحث يستعرض الأحكام الواجب اتباعها إزاء تلك القضية من جميع جوانبها . ){ص70}.
ب - (رابعا : نزيقين = الأضرار :
باباقاما = الباب الأول : يناقش أحكام الأضرار التي يسببها المرء لغيره بطريق غير مباشر , أي عن طريق ما يقع تحت سلطته المتمثلة في الثور والبئر والبهيمة والنار . أما الثور فقد يكون مشهورا بأنه نطّاح أو أنه ثور عادي , ومايتعلق بذالك من عقوبات قد تصل إلى رجم الثور وقتل صاحبه كذلك . ){ ص72}.
ج - ( طبول يوم = الغاطس نهارا : يبحث أحكام الاغتسال من النجاسة نهارا وأنواع النجاسات التي لا يتم التطهر منها إلا بعد غروب الشمس .) {ص80}.
اللمحة الثانية : ضمن ملاحظات الباحث على المترجم قرأت التالي :
(للمرة الخامسة يعرف الفروطا : عملة نحاسية تعد أقل العملات الإسرائيلية قيمة (..) قلتُ : للفائدة : هذا ما تبقى في لهجات الشام الحديثة : الفراطة : الفرق بين العملة الكبيرة والأصغر منها. وهي تقابل في مصر الفكة،وفي اليمن والسعودية الصرف.){ص 96}.
اللمحة الثالثة : من بحث بعنوان :
(طريقة نطق العلم المختوم بــ "ويه"): قسم البحث العلمي.. ومنه :
( قال العلامة الصفدي ( ت : 764) – رحمه الله تعالى :
"قال ياقوت في معجم الأدباء : وقد صيره ابن بسام نفطُوْيَه بضم الطاء وتسكين الواو وفتح الياء،فقال :
رأيت في النوم أبي أدما *** صلى عليه الله ذو الفضل
فقال أبلغ ولدي كلهم *** من كان في حزن وفي سهل
بأن حوا أمهم طالق *** إن كان نفطوية من نسلي ) {ص119}.
هكذا (نفطويه) بالهاء أولا ثم (نفطوية) بالتاء ثانيا.
والأبيات نفسها مثبتة في الصفحة 117
اللمحة الرابعة : من بحث بعنوان :
(تضجيع قيس في ضوء علم اللغة الحديث) أ.د علي سيد أحمد جعفر
والتضجيع أو البطح هو (الإمالة) ... هذه إشارة توضيحية محلها الهامش ... أما اللمحة ففي قول الباحث :
(كما نجد إمالة عامرة{هكذا} في الأندلس،فأهل غرناطة يقولون : كِتِيب بدلا من كتاب.(..) وسافر شكيب إلى الأندلس وطلب قطع ورقة السفر إلى (دانية) فتلفظ بها بدون إمالة فلم يفهموا ماذا يريد،حتى ردّه أحدهم : هي : denie لا daniay (المقتطف،يناير ص 42 فما بعدها،سنة 1932م)..){ص 220}.
اللمحة الخامسة :
في تأبين الدكتور البحاثة حاتم الضامن – رحم الله والديّ ورحمه – (وداعا شيح المحققين) بقلم الدكتور خالد الجريان،نجده يقول :
(لم أجد ما أرثيه به إلا أبياتا أحفظها لعثمان بن سند يرثي بها شيخه البيتوشي فتمثلتها،يقول :
على مثله يبكي يراع ودفتر * وتبكي أعاريضٌ عليه وأشطر
وتبكيه أبحاث الأعاريب إنه * أبو بشرها إن عاصَ منهن مضمر
ويبكي عليه العلم عُطّل نحره * ويا طالما منه بدا فيه جوهر
ويبكي عليه حلمه ووقاره * إذا جال في السّفاه الموقر
كفى حزنا أني أمرّ بقبره * فأمضي وقلبي بالأسى متكسر
فلا دمعتي ترقى ولا سلوتي تُرى * ولا ترحي يفنى ولا الصبر أقدر
لقد هاجني وجد عليه ولوعة * لها بين طيات الضلوع تَسَعُر){ص 321 - 322}.
يعيدنا هذا التأبين إلى اللمحة الأولى .. إلى حال الأمة .. فيحدثنا الكاتب عن شظف العيش الذي كان يعانيه الدكتور (الضامن)،وهو يعمل في مركز جمعة الماجد ... كما يحدثنا الكاتب عن عرض أجنبي – براتب مجزي – عرض على المؤبَن .. فرفضه .. وهو الذي قال في مقدمة أحد كتبه :
( ماذا سيكتب التاريخ عن هذا الزمن الأغبر،الذي تغيرت أخلاق الناس فيه،ففُقد الحياء،وقل الوفاء،وغُبَن العلماء،وماتت الضمائر،واشتريت الذمم،وهُضمت الحقوق؟!!! وماذا ننتظر بعدَ هذا؟!!!){ص 320}.
رحمه الله والديّ ورحم الدكتور حاتم الضامن رحمة واسعة،وجزاه خير الجزاء.
اللمحة السادسة : أما هذه اللمحة فهي من : (أنت تسال والمجمع يجيب)
أ - سؤال ..( سمعت من أحد الإخوان أن كلمة تظاهرة غير صحيحة كونها مصدرا غير قابل للتأنيث){ص 356} ويأتي الجواب طويلا مفصلا ومنه :
(ثانيا : أن التأنيث يكون في المصادر كثيرا كما في مظاهرة،واستعانة و إجابة ...(..) سابعا : للفائدة فإن التظاهر – بهذه الصيغة،وفعلَه تظاهَر – بمعنى إبداء خلاف الحقيقة في شيء ما كالتظاهر بالموت،والصلاح،والنوم،والعلم،والإسلام،ونحو ذلك لم أجده صريحا في المعاجم ( لم أبحث في التاج) مع شهرة مثل قولهم : كان يُظهر الإسلام و يُبطن الكفر،علما أن التظاهر بهذا المعنى هو ما عليه كثير من المتظاهرين والثوار ( يطلقون عليهم : المندسين ) لأنهم يظهرون الحرص على المطالب والحرية في حين أنهم يبطنون مآرب أخرى){ص 358 - 359}.
أجاب عن السؤال : أ. د سعد بن حمدان الغامدي.
يبدو هذا وكأنه (السياسة في اللغة)!!
ب - سؤال : ( هل يصح تسمية الواحدة من النجوم باسم نجمة؟ (..) لانجد في تراث العرب القديم شعره أو نثره إطلاق لفظ"نجمة"بتاء التأنيث على الكوكب من كواكب السماء بل اللفظ منها مجرد،يقال "نجم"لكوكب السماء عامة (..) وأما"نجمة"فهي الواحد من"النجم"وهو النبات الذي لا ساق له){ص 361}.
أجاب عن السؤال الدكتور. غسان حسن الشاطر.
اللمحة السبعة :
(وما أحسن قول الشاعر صفي الدين الحلي (ت 752هـ) كما في ديوانه (669) :
بقدر ألسن المرء يكثر نفعه * فتلك له عند المُلمات أعوان
تهافت على حفظ اللغات مجاهدا * لكل لسان في الحقيقة إنسان ){ص 367}.
من إجابة الدكتور الشريف حاتم العوني .. عن سؤال حول حكم التحدث بغير العربية .
وبعد .. أكرر شكري الجزيل .. للقائمين على الجمع وفقهم الله وسدد خطاهم.
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني