الحباشنة والأحمد نجوم الأقصى
د. فايز أبو شمالة
من حق المسلم العربي الأردني سمير الحباشنة أن يزور المسجد الأقصى، وأن يصلي في رحابه، ومن حق المسلم العربي الفلسطيني عزام الأحمد أن يعانق فضاء الأقصى، وأن يتبارك في باحاته، ولكن ليس من حق السيد سمير الحباشنة أن يزور المسجد الأقصى بصفته وزيراً للداخلية الأردنية السابق، وعضو مجلس الأعيان الأردني، وليس من حق السيد عزام الأحمد أن يزور المسجد الأقصى بصفته أحد رموز السلطة الفلسطينية، وأحد قادة حركة فتح، ليس من حق الرجلين زيارة المسجد الأقصى طالما لا يحق للمواطن الفلسطيني العادي أن يزور المسجد الأقصى، لأن هذا التمايز في تعامل الإسرائيليين مع المسئولين هو ما أثار غضب المصلين؛ فتظاهروا ضد المسئولين، وطردوهم في باحات المسجد الأقصى.
إن غضب الجماهير الفلسطينية، وطردها الحباشنة والأحمد من باحات الأقصى لا يستهدف الأفراد بأسمائهم، وأشخاصهم، وإنما يستهدف مواقعهم السياسية، ويستهدف مواقفهم التي تحجب شمس الاحتلال الصهيوني عن فضاء المسجد الأقصى، وتغطي على تهويده من خلال زيارات شكلية لقادة ومسئولين، ما كان ليأذن الاحتلال لهم بالزيارة لولا ثقته التامة بأن مثل هذه الزيارات الوهمية؛ تساعده على إكمال مخططات التهويد للمسجد الأقصى.
فلماذا غضبت قيادة السلطة الفلسطينية من ردة فعل الجماهير العفوي والفطري؟ وهل تنكر قيادة السلطة الفلسطينية أن زيارة المسئولين الأردنيين والفلسطينيين قد تمت بعد التنسيق لها مع المسئولين الإسرائيليين؟ وفي المقابل؛ هل يسمح هؤلاء المسئولون الإسرائيليون لأي مواطن أردني أو فلسطيني أو مصري أن يزور المسجد الأقصى، وأن يصلي في محرابه؟
قصة طرد الحباشنة والأحمد من باحات المسجد الأقصى تحاكي وجدان المسلمين والعرب جميعهم، فطالما لا يحق للمواطن الفلسطيني الذي يسكن رام الله ونابلس وجنين والخليل، طالما لا يحق له أن يزور المسجد الأقصى، فمن باب أولى أن يتضامن معه المسئول، وأن يخجل من زيارة المسجد الأقصى لأنه يحمل بطاقة vip منحتها له المخابرات الإسرائيلية، وطالما لا يحق للمواطن العربي والأردني العادي أن يزور المسجد الأقصى، ويصلي في رحابه، فمن باب الشرف والكرامة أن يتضامن مع الشعب الذي صار رئيساً لمجلس أعيانه، وأن يخجل من نفسه، وهو يدخل جنة المسلمين وحيداً، تاركاً الشعب الذي يمثله في نار الحرمان.
الغريب في قصة طرد الحباشنة والأحمد من باحات المسجد الأقصى هو البيان الذي صدر عن الجهات الرسمية الفلسطينية، البيان الذي يتهم المصلين في المسجد الأقصى بالخيانة، ويتهم حماة الأقصى بالعمالة لإسرائيل.
فهل يعقل ذلك؟ وهل صار الذي يدافع عن المقدسات عميلاً للصهاينة، لمجرد اعتراضه على زيارة المسئولين التي تمت بعد التنسيق الأمني مع الصهاينة؟ وهل صارت الوطنية من وجهة نظركم هي زيارة المسجد الأقصى بعد التنسيق الأمني مع الصهاينة؟
إذا كانت تلك رؤيتكم للوطنية ووجهة نظركم في الخيانة، فمعنى ذلك ان كل شعبنا الفلسطيني المحروم من زيارة المسجد الأقصى قد أضحى عميلاً للصهاينة!
إن من يفكر بهذه الطريقة أمره مريب، وعن تراب هذا الوطن العربي غريب!