فكرة التمكين: بين الضرورة العملية والإضرار بالمستقبل

حازم خيري
"نحن قوم عمليون"
د. عصام العريان

لوم قاس يُوجه للإسلام السياسي، وفي القلب منه جماعة الإخوان المسلمين العريقة، لحرصهم الشديد على التمكين لأنصارهم في البيروقراطية المصرية. في حين أن الإسلاميين ليسوا أول من يأتي مثل هذا السلوك الضار، فقد سبقهم العسكر إلى هذا، عقب صعودهم إلى السلطة في مصر، على خلفية ثورة 23 يوليو 1952.
التمكين يُعطى الأولوية للأنصار والمُريدين والأحبة، بغض النظر عن مدى الجدارة والاستحقاق، فهدفه – دائما - هو تحقيق السيطرة والتحكم، وضمان استدامة الحكومة، واجتثاث أنصار ومرتزقة الدولة الفاسدة الزائلة من الفضاء البيروقراطي.

فكرة التمكين لا بأس بها، لولا أن نتيجتها الحتمية هي استبدال "آخرية" محلية - ربما أسوأ - بأخرى، دون تحرير لذات طال ليل اغترابها، ودون التأسيس لمجتمع العدالة والشفافية والخير العام والفرص المتساوية. ويزيد من بؤس فكرة التمكين امتزاجها بشوائب أخرى كالقرابة والمصالح الاقتصادية والمُشترك الإيديولوجي..

بلادنا بحاجة ماسة لتجاوز فكرة التمكين البالية إلى أفكار أخرى خلاقة، تحقق الأهداف المشروعة للتمكين، وفي الوقت نفسه تعفى مجتمعاتنا من مخاطر التمكين وتداعياته غير المرغوبة، كما عانينا منها في ظل دولة العسكر، والتي امتد حكمها لعدة عقود، لم تسلم مجتمعاتنا خلالها من تداعيات العسكرة و"كله تمام يا أفندم"..
تجاوز فكرة التمكين – إن هو حصل في بلادنا – خطوة جبارة على طريق تحرير مجتمعاتنا وتقويتها في مواجهة المستقبل. المشكلة أن التمكين هو دوما الحل الأسهل أمام الحكام الجُدد والدول الوليدة، رغم كونه الأكثر إضرارا بالمجتمعات.

نُريد مجتمعا حرا قادرا على الصمود والتماسك، بعيدا عن منطق القبلية، أقرب للحكم الرشيد والشفافية. التمكين وصفة "الآخر" لإفشال الدول، وإفساد المجتمعات.