اختلاق الأكاذيب لتبرير الحرب العدوانية على العراق هل يكرر اوباما سناريؤ العراق في سؤرية؟ د.غازي حسين
قام الرئيس بوش الأب تحت ستار (تحرير الكويت) بحرب الخليج الثانية ودمر القوات العراقية وهي في طريق انسحابها من الكويت إلى البصرة، ولام نفسه لأنه لم يتابع الحرب حتى بغداد لقتل الرئيس صدام ولتغيير النظام العراقي.
وجاء بوش الابن المتهود ليكمل ما لم يتمكن والده من إنجازه لتدمير العراق وجيشه ومنجزاته والسيطرة على النفط العراقي وكمياته المستخرجة وأمواله، ولرسم خريطة جديدة للوطن العربي أسوأ من خريطة سايكس بيكو، ولتحويل العراق إلى محمية أميركية وإخراج مشروع الشرق الأوسط الجديد من البوابة العراقية. وجاءت الحرب الأميركية على العراق في إطار الحرب الصليبية ضد العروبة والإسلام واستراتيجية الحروب الاستباقية ورؤية مجرم الحرب بوش لتصفية قضية فلسطين والقضاء على الوجه العربي للعراق.
لجأ الرئيس بوش إلى اختراع الأكاذيب لتدمير العراق ومنجزاته وتغيير نظامه ونهب ثروته النفطية والقضاء على الجبهة الشرقية لإطلاق يد (اسرائيل) لكسر الإرادات العربية والفلسطينية الرسمية وتصفية قضية فلسطين وإنجاح المشروع الصهيوني ومنها:
الأكذوبة الأولى:
أعلن الرئيس بوش في خطبته بمناسبة استلامه مهام الرئاسة في 19 كانون الثاني 2001 أي قبل تفجيرات 11 أيلول بأن العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل.
وكرر بوش ونائبه ديك تشيني ووزير الحرب رامسفيلد واليهودي وولفويتس والليكودي ريتشارد بيرل باستمرار وليل نهار هذا الزعم.
وسخر بوش هذه الأكذوبة لتبرير شن الحرب على العراق وتضليل الشعب الأمريكي وخداع العالم، وذلك على الرغم من أن هانس بليك رئيس فرق التفتيش الدولية قد أعلن عن عدم امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل. وأكد الجنرال الأميركي كايت دايتون الذي أنهى عمله في التفتيش بعد احتلال العراق خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل.
وقدم كولن باول وزير الخارجية الأمريكي السابق معلومات كاذبة إلى مجلس الأمن لحمله على الموافقة بالقيام في الحرب على العراق باسم الأمم المتحدة. ولكنه أخفق في تسويق أكاذيبه، ولم يقنع أعضاء مجلس الأمن بوجود أسلحة الدمار الشامل النووية والكيماوية والبيولوجية في العراق باستثناء مجرم الحرب توني بلير. وفشلت إدارة بوش في إقناع مجلس الأمن، فأعلنت بأنها ذاهبة بمفردها إلى الحرب وستحرم الدول المعارضة للحرب الحصول على أي قطعة من الكعكة العراقية أي من حصتها من النفط العراقي ومن عملية إعادة إعمار العراق.
دور اسرائيل في الأكذوبة
أكدت الصحف الإسرائيلية التي صدرت بعد خطاب كولن باول (أن باول ارتكز في خطابه على معلومات استخباراتية مهمة جداً وصلت إلى الإدارة الأمريكية عن طريق الأجهزة الأمنية الاسرائيلية استناداً لتصريحات مصادر أمنية رفيعة المستوى في "اسرائيل").
وكشف النقاب في "اسرائيل" بتاريخ 4 كانون الأول 2003 عن أن المخابرات الاسرائيلية هي التي كانت وراء تزويد أمريكا بأكذوبة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، وهي التي كانت وراء إقناع مجرم الحرب بوش ومجرم الحرب بلير بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل.
وجاء هذا الكشف الهام في تقرير وضعه الجنرال الاسرائيلي بروم ونشره معهد يافه للدراسات الاستراتيجية في جامعة تل أبيب وجاء فيه:
(إن المخابرات الاسرائيلية صورت وضعاً وهمياً (خاطئاً) وبالتالي فهي تتحمل المسؤولية أسوة بالمخابرات الأمريكية والبريطانية في الفشل). (هآرتس في 4/12/2003).
وأشار التقرير الاسرائيلي إلى أن المعلومات الخاطئة التي قدمتها المخابرات الاسرائيلية للأمريكيين والبريطانيين عما يدور في العراق قبيل الحرب ستمس مساً سافراً بمصداقية الموساد.
الأكذوبة الثانية:
أكذوبة علاقة العراق بتنظيم القاعدة
أعلن الرئيس بوش ونائبه تشيني ورامسفيلد ويهود الإدارة الأمريكية أن العراق يقيم علاقات وطيدة مع تنظيم القاعدة، وأن صدام يرتبط بعلاقات وثيقة مع أسامة بن لادن.
وتحرك الليكودي ريتشارد بيرل وأخذ يفبرك الأكاذيب ومنها لقاء أحمد العاني رئيس المخابرات العراقية مع محمد عطا (أحد المتهمين الرئيسيين بالتفجيرات) في نيسان 2001 في براغ.
ثبت من خلال لجنة أميركية أن لا علاقة للعراق ولا لصدام بتنظيم القاعدة.
وكان الرئيس التشيكي فاسلاف هافل قد أخبر الولايات المتحدة بمذكرة رسمية أن هذا اللقاء المزعوم لم يحصل. وعندما اعتقلت القوات الأمريكية أحمد العاني في 2/7/2003 واستجوبته نفى اللقاء مع محمد عطا.
الأكذوبة الثالثة:
حصول العراق على اليورانيوم من النيجر
أعلن الرئيس بوش كعادته في الكذب في خطابه حول وضع الأمة في 28 كانون الثاني 2003 بأن العراق قد حصل على كميات كبيرة من اليورانيوم لإنتاج الأسلحة النووية من النيجر، وذلك على الرغم من أن المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أعلن في 7 آذار 2003 بأن الوثائق التي قدمت حول ذلك مزورة، كما أكدت إحدى العاملات في المخابرات المركزية عدم صحة ذلك. وثبت بجلاء عدم حصول العراق على اليورانيوم من النيجر.
الأكذوبة الرابعة
امتلاك العراق للأسلحة البيولوجية والكيماوية
أعلن وزير الخارجية الأمريكي أمام مجلس الأمن في 5 شباط 2003 أن العراق يمتلك العديد من المختبرات المتنقلة لإنتاج الأسلحة البيولوجية والكيماوية. وعرض على أعضاء المجلس صوراً لإقناعهم بأكاذيبه وهو يعرف حق المعرفة كما اعترف فيما بعد بأنها أكاذيب مختلقة.
وعندما قام المفتشون الدوليون في التحقيق بذلك وجدوا أنها شاحنات كبيرة فارغة ولا أثر فيها على الإطلاق لوجود مخابر بيولوجية أو كيماوية.
وكشفت مصادر أمريكية فيما بعد أن كولن باول ألقى بالأوراق التي قدمتها له مجموعة نائب الرئيس تشيني أرضاً وقال إنه سوف لا يعرضها على مجلس الأمن لأنه يعرف بأنها غير صحيحة ولكنه عرضها.
وثبت بجلاء أن لا أحد من فرق التفتيش اكتشف وجود أي أثر للأسلحة البيولوجية بما فيها الجمرة الخبيثة، والتي أكدت إدارة بوش مراراً وتكراراً على امتلاك العراق لهذا السلاح البيولوجي الخطير.
الأكذوبة الخامسة
أكذوبة الصواريخ بعيدة المدى
يلزم قرار مجلس الأمن الدولي رقم 687 العراق تقليص مدى صواريخه إلى 150 كم حتى لا تصل إلى العدو الاسرائيلي. زعمت الولايات المتحدة وجود صواريخ لدى العراق ومنها الحسين ومداه (650) كم والعباس ومداه (900) كم. لم تجد فرق التفتيش الدولية هذه الصواريخ، وقامت بإتلاف صواريخ مداها (150) كم خلافاً لقرار مجلس الأمن ولإرضاء الرئيس بوش. وشنت القوات الأمريكية بعد ساعات قليلة من إتلافها حربها الوحشية على العراق، مما يظهر جبن ووحشية الإدارة الأمريكية وعدم صدقيتها.
حملت هذه الأكاذيب الرئاسية رون ريغان نجل الرئيس رونالد ريغان إلى التعليق على أكاذيب بوش بقوله: (هل يرغب أحد في إدارة تكذب بهذه الطريقة المعيبة، إدارة تتشبث بالسرية بكل قواها، ليس لحماية الشعب الأمريكي بل لحماية نفسها، إدارة تخفي عن قصد أهدافها الحقيقية وتضلل عن دراية الشعب، لا أظن ذلك)!.
وأكد ابن الرئيس ريغان أن بوش اتخذ قرار الحرب على العراق منذ اليوم الأول له في منصبه، وبالتالي ليست الحرب بسبب تفجيرات 11 أيلول كما زعمت إدارة الرئيس بوش.
ووصف رون ريغان إدارة بوش بأنها تكذب بالفطرة، ومؤكداً أن الأكاذيب الكبيرة أشد هولاً وأكثر تأثيراً على الأمة.
أدت الحروب الأمريكية في أمريكا اللاتينية وفي المنطقة العربية والإسلامية وتلفيق الأكاذيب والحديث الكاذب عن الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى تصاعد كراهية الولايات المتحدة ليس فقط في أوساط الشعوب العربية والإسلامية وإنما في أوساط جميع الشعوب في العالم وألحقت أفدح الأضرار بالشعب العراقي الشقيق والأجيال العراقية القادمة.