للأجيال القادمة كي لا تنسى للنشر والتعميم
المقاومة الخيار الاستراتيجي

لمواجهة الاحتلال

د.غازي حسين

يهدد الوضع القائم حالياً في الضفة والقطاع والجولان بسبب اغتصاب فلسطين ورفض «إسرائيل» والانسحاب من الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية المحتلة، وبسبب ممارستها للإبادة الجماعية والاستعمار الاستيطاني كسياسة رسمية دائمة، السلام والأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة.
وتتحمل «إسرائيل» مسؤولية الوضع الخطير بسبب تمسكها بالمزاعم والخرافات والأطماع التوراتية والتلمودية وعزمها على إحضار المزيد من المهاجرين اليهود، وترحيل المزيد من العرب، وتهويد المزيد من الأراضي، وسرقة المزيد من المياه والثروات العربية.
وترفض دولة الاحتلال تطبيق قرارات الشرعية الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم.
وتمارس الإبادة والاغتيالات وتدمير المنازل على ساكنيها، وتهويد الأراضي والمقدسات العربية، كما تمارس سياسة الانتقام والأرض المحروقة داخل الأراضي العربية المحتلة وخارجها زاعمة أنها رد على عمليات مقاومة الاحتلال.
وقد أثبتت الوقائع والأحداث في فلسطين وسوريا ولبنان أن الغارات الانتقامية والأعمال الوحشية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي لم تقض على رجال المقاومة، ولم تقلل من عملياتهم البطولية أو تحد من نشاطاتهم، بل تطورت إلى أن وصلت مرحلة العمليات الاستشهادية التي ينفذها الشباب والشابات في مواجهة الاحتلال والاجتياح الإسرائيلي للمخيمات والقرى والمدن الفلسطينية، كما أثبتت الوقائع والأحداث اليومية أن حرب «إسرائيل» العدوانية وأعمالها الانتقامية ومجازرها الجماعية عديمة الجدوى، ولم ولن تؤدي إلى استسلام الشعب الفلسطيني، بل ستؤدي إلى تصاعد المقاومة والانتفاضة والعمليات الاستشهادية.
فشلت «إسرائيل» في القضاء على مقاومة الشعب الفلسطيني واللبناني على الرغم من المجازر الوحشية التي ارتكبتها في جنين والبلدة القديمة في نابلس وفي بقية المخيمات الفلسطينية، لذلك لجأت إلى الولايات المتحدة وإلى بعض الرموز الفلسطينية والعربية لمساعدتها في القضاء على المقاومة.
قبل حرب حزيران العدوانية في العام 1967 بقليل قام الجيش الإسرائيلي بتدمير قرية السموع وغيرها كي يمنع مساعدة سكان القرى الأمامية في الضفة الغربية من تقديم المساعدات لرجال المقاومة، ولكن تدمير القرى أدى إلى تلاحم سكانها مع رجال المقاومة وإلى اندلاع مظاهرات صاخبة تطالب بالسلاح للدفاع عن أرض الوطن ولاسترجاع ما اغتصب من الأرض العربية.
وازدادت المقاومة الفلسطينية بعد حرب حزيران العدوانية لدحر الاحتلال الجديد، فقامت قوات العدو باجتياز نهر الأردن ومهاجمة بلدة الكرامة الأردنية للقضاء على قواعد الفدائيين، ولكن رجال المقاومة الفلسطينية وقوات الجيش الأردني أنزلوا بالمعتدين الإسرائيليين خسائر فادحة، مما زاد من الدعم والتأييد للمقاومة الفلسطينية بشكل منقطع النظير، وزاد من مكانتها العربية والدولية، وحملت نتائجها بعض الحكومات العربية على تغيير موقفها من المقاومة وزيادة الدعم والتأييد لها.
رفضت المقاومة الفلسطينية بعد حرب حزيران مجرد التفكير بالاستسلام لإسرائيل المنتصرة، وحققت مكاسب كبيرة وخلقت الفوضى والقلق والخوف في أوساط العدو الغاصب والمحتل، وكان نمو منظمات المقاومة الفلسطينية وتصاعد عملياتها العسكرية ومكانتها الدولية من أبرز النتائج الهامة بعد الحرب العدوانية.
وأثبتت العمليات الهائلة التي قامت بها أن العدوان والاحتلال يؤديان إلى المقاومة، والمقاومة تؤدي إلى ممارسة القوات المحتلة للعنف والانتقام والذي بدوره يؤدي إلى تصعيد المقاومة وصولاً إلى العمليات الاستشهادية حتى تحقيق النصر واقتلاع الاحتلال.
هذا هو منطق التاريخ، وهذه نهاية كل غاصب ومعتد ومحتل، فاستمرار الاحتلال والاستعمار الاستيطاني يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، ويؤدي إلى تصعيد المقاومة إلى أن يتم تحرير الأراضي المحتلة، فالمقاومة هي مجرد رد فعل طبيعي ومشروع وقانوني وإنساني وحضاري على عدوان وحشي وهمجي حديث، وهي مجموع النضال السياسي والعسكري ضد الاحتلال الأجنبي البغيض.
إن المقاومة الفلسطينية الحالية ما هي إلا استمرار للانتفاضات والمقاومة المسلحة وغير المسلحة التي بدأها الشعب الفلسطيني، منذ أن دخلت قوات الاحتلال أرض وطنه، وهي استمرار لكفاح الشعب الفلسطيني المسلح الذي بلغ أشده في ثورة الشيخ الجليل عز الدين القسام، فالمقاومة الفلسطينية حالياً استمرار لكفاح الشعب الفلسطيني وتضحياته الغالية التي بدأت منذ وعد بلفور إلى أن يتم تحرير فلسطين من الوجود الصهيوني الاستعماري.
لقد أدت جرائم ألمانيا النازية الوحشية إلى إفادة الحركة الصهيونية وقادة الكيان الصهيوني وأغنتها بأساليب جديدة، طورتها «إسرائيل» وهي مستمرة في التفنن بتطويرها وتسويقها بالكذب والخداع والتضليل إلى أن وصلت الآن حداً يفوق جرائم ألمانيا النازية كالإبادة الجماعية والاغتيالات وتدمير القرى والمخيمات والأحياء العربية، وأعمال السلب والنهب والاعتقال والتعذيب والتهجير وقصف المنشآت الصناعية والمساجد والكنائس والمدارس والمستشفيات وسيارات الإسعاف، وترك الجرحى ينزفون حتى الموت، وبذلك تكون «إسرائيل» قد قطعت شوطاً في الإرهاب والوحشية تجاوز وحشية ألمانيا النازية، لأن هذه الجرائم تحدث في بداية القرن الحادي والعشرين، وفي ظل وجود كثير من العهود والمواثيق الدولية التي تحرم ارتكاب مثل هذه الجرائم ولم تكن موجودة إبان الحكم النازي في ألمانيا، وبالتالي فإن قادة إسرائيل أكثر وحشية وهمجية من قادة ألمانيا النازية.
ولكن رغم هذه الجرائم الوحشية لم تتمكن «إسرائيل» من وأد الانتفاضة وقتل الروح النضالية، روح المقاومة المسلحة والروح الاستشهادية لدى الشعب الفلسطيني وبقية الشعوب العربية والاسلامية والتي لا مثيل لها على الإطلاق في التاريخ النضالي للشعوب.
اتخذت الأمم المتحدة مئات القرارات التي تؤكد على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وعلى الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي العربية المحتلة، وإلغاء إجراءات تهويد القدس العربية، وتفكيك المستعمرات اليهودية، ولكن إسرائيل رفضت وترفض تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وكان من المفروض أن تتخذ الأمم المتحدة إجراءات عسكرية واقتصادية وسياسية لإجبارها على تنفيذ القرارات، ولكنها لم تتخذ شيئاً من هذا القبيل لوقوعها ووقوع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان تحت النفوذ الأمريكي.
لقد قامت إسرائيل بقرار من الأمم المتحدة، واستغلت هذا القرار لصالحها وتنكرت لما ورد فيه من حقوق للدولة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، ولا تزال تتنكر للقرارين 181 و194 وبقية قرارات الشرعية الدولية، ورغم أن للشعب الفلسطيني كامل الحق في تقرير مصيره، إلا أن «إسرائيل» قد تنكرت لهذا الحق ولقرارات الأمم المتحدة ولم تنفع معها الوسائل السياسية والدبلوماسية لتغيير سياستها العدوانية والإرهابية والتوسعية والعنصرية والاستيطانية، لذلك لم يبق أمام الشعب الفلسطيني إلا خيار المقاومة المسلحة والعمليات الاستشهادية لدحر الاحتلال ونيل حقوقه الوطنية.
إن الذين يمنعون الشعوب من الحرية والاستقلال والسيادة وممارسة حقها في تقرير المصير، هم أعداء الشعوب، هم دهاقنة الاستعمار والصهيونية والعنصرية، ولكن الشعوب لم تنتظر أبداً من المستعمرين والعنصريين والصهاينة كي تأخذ إذناً مسبقاً منهم للمقاومة المسلحة، ولذلك حملت المقاومة الأوروبية السلاح في وجه الاحتلال الألماني، ولهذا أيضاً حمل الشعب الجزائري والشعب الفيتنامي السلاح من أجل طرد الغزاة وتحرير أوطانهم، فالاحتلال هو ذروة الإرهاب.
إن الشعب الفلسطيني يتمسك بحبه وإخلاصه وتفانيه لوطنه ومقدساته ودياره وأرضه وعرضه وكرامته، كأي شعب من شعوب الأرض قاطبة، وإن نضاله نضال عادل ضد المحتل والمعتدي والغازي وضد المجرم الصهيوني وكفاح من أجل الوصول إلى حقوقه الوطنية، ويتعرض إلى أبشع أشكال الإبادة والاغتيالات والاضطهاد والاحتلال ومصادرة الأرض والحقوق، لذلك يؤمن بالمقاومة المسلحة لمواجهة الاحتلال والإرهاب والعنصرية، ويخطئ قادة «إسرائيل» باعتقادهم أن الهولوكوست على الشعب سيجبره على الرضوخ والاستسلام، بل العكس هو الصحيح إذ زادته الوحشية الإسرائيلية تصميماً أكثر من أي وقت مضى على استرجاع حقوقه بتقديم الغالي والنفيس مهما كلف الثمن وطال الزمن.
لقد اعتقد الإسرائيليون أن العرب ضعفاء ويعيشون مرحلة خضوع الشعب العربي ونهاية الأمة العربية وسيطرة «شعب الله المختار» عليهم وإقامة «إسرائيل العظمى»، فازدادوا طمعاً واستهتاراً وعنصرية.
وخرجت بعض أطماعهم من السر إلى العلن، فأعلنوا عن رغبتهم في السيادة على المسجد الأقصى مقدمة لهدمه وبناء هيكل سليمان المزعوم على أنقاضه.
جاءت انتفاضة الأقصى بعد تسع سنوات من المفاوضات العقيمة والمذلة وغير المتكافئة وبرعاية يهود أمريكا، وبعد توقيع عدة اتفاقيات فرضتها «إسرائيل» والراعي الأمريكي المنحاز وتنصلت من معظمها بحجة أن المواعيد غير مقدسة.
اندلعت الانتفاضة في ظل الضغوط الأمريكية والإسرائيلية المذلة وتنازلات القيادة الفلسطينية المستمرة والتزامها باتفاقيات الإذعان في أوسلو وعدم التزام «إسرائيل» بها.
وانفجرت على تخلي السلطة عن المقاومة ومواجهتها ونعتها بالإرهاب وعدم قناعة الشعب الفلسطيني بجدوى المفاوضات والرعاية الأمريكية اليهودية لها.
وعبّرت عن حالة الاضطهاد والقهر والممارسات الوحشية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وعن الخديعة الكبرى لاتفاقيات أوسلو وعن التراجع السياسي لقضية فلسطين في الساحتين الإقليمية والدولية.
وكانت حرب تشرين التحريرية وانتصار المقاومة اللبنانية والانتفاضة الفلسطينية الأولى والحرب الإسرائيلية ـ الأميركية على لبنان في تموز2006 قد أنهت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر وقضت على الخوف من عامل الردع الإسرائيلي.
واستمدت الانتفاضة استمراريتها من الشارعين الفلسطيني والعربي، ومن مواكب آلاف الشهداء الأبرار ومئات الآلاف من الجرحى والمعتقلين والتي تجعل من محاولة إجهاضها أمراً مستحيلاً، فالحديث عن إجهاضها في نظر المواطن العربي خيانة، لأنه لم ينس بعد الانتفاضة الأولى التي استمرت سبع سنوات وفشلت «إسرائيل» في إخمادها، فأجهضتها القيادة الفلسطينية في دهاليز أوسلو المظلمة والظالمة.
كان رد الفعل الإسرائيلي عليها توحيد اليسار واليمين وحركة السلام لدعم الجيش وجرائم الحرب التي يرتكبها، وتحرك الشعب الإسرائيلي نحو اليمين وازدادت شعبية شارون سفاح صبرا وشاتيلا.
تضامن فلسطينيو الأراضي المحتلة عام 1948 مع الانتفاضة، ونظموا المظاهرات السلمية تعبيراً عن رفضهم وإدانتهم لاستخدام "إسرائيل" طائرات ف 16 والأباتشي والدبابات والصواريخ في قتل المدنيين وتدمير منازلهم لإخماد الانتفاضة.
وقمعت إسرائيل المظاهرات بمنتهى الوحشية وقتلت (13) فلسطينياً من أراضي 1948 المحتلة ووقف جميع اليهود والجيش والشرطة والحكومة ضد العرب، مما أظهر بجلاء عنصرية وإرهاب وهمجية الشعب الإسرائيلي.
ولم يعترض أحد من اليهود من حركة السلام أو من أدعياء اليسار على وحشية «إسرائيل» وهمجيتها وتوحّد موقف جميع القوى السياسية فيها على ضرورة قمع الفلسطينيين وإذلالهم وإخضاعهم وتدمير حياتهم ومُنجزاتهم وممتلكاتهم وتهويد وطنهم.
إن المقاومة أصبحت حتمية استراتيجية بعد فشل الاتفاقات السياسية التي أملتها «إسرائيل» والولايات المتحدة الأمريكية.
إن المحادثات والاتصالات الأمنية والسياسية العلنية والسرية التي أجرتها بعض قيادات السلطة الفلسطينية مع العدو الإسرائيلي تعتبر بمثابة التفاف على نضالات الشعب الفلسطيني وتفريط بدماء شهدائه وتضحيات أبنائه، وإن عمليات المقاومة هي الوسيلة الأساسية لاقتلاع الاستعمار الاستيطاني اليهودي، وكنس الاحتلال الإسرائيلي.
نبذ ياسر عرفات في بيانه بجنيف عام 1988 الكفاح المسلح ونعته بالإرهاب، ووثّقت إسرائيل ذلك في اتفاق الإذعان في أوسلو بتاريخ 13/9/1993 وتوابعه، وأدى موقف القيادة الفلسطينية إلى بروز التباين بين الفصائل الفلسطنية حول الموقف ووسائل النضال الفلسطيني.
وأصبح الخلاف بين أنصار أوسلو ومعارضيه يتمحور حول الموقف من الكفاح المسلح وعلى التنازل عن 80% من فلسطين العربية، لا سيما وأن اتفاق أوسلو يلزم السلطة وأنصارها بملاحقة المعارضين للاتفاق والمؤمنين بالكفاح بالمسلح، ولم يقتصر الخلاف داخل الفصائل الفلسطينية حول الكفاح المسلح فقط وإنما تعداها إلى أهداف النضال الفلسطيني، وطبيعة النظام السياسي الفلسطيني وعلاقاته وتحالفاته الإقليمية والدولية وآفاق التسوية النهائية مع «إسرائيل».
إن الوحدة الوطنية الفلسطينية ووحدة الشعب الفلسطيني، والتوافق والإجماع الفلسطيني يتطلب من قيادة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية إعادة النظر في نظرتها للحل النهائي والتحالفات على الصعد المحلية والعربية والإقليمية والدولية والعودة إلى الالتزام بالميثاق الوطني الفلسطيني وبقرارات دورات المجلس الوطني الشرعية والتي تمثل الإجماع الفلسطيني، ويتطلب هذا الموقف إلغاء اتفاق الإذعان في أوسلو الذي جرى التفاوض عليه في دهاليز أوسلو المظلمة والظالمة ومن وراء ظهر الشعب الفلسطيني ومؤسساته وعن طريق (أحمد القريع) فقط لتسويق الإملاءات الإسرائيلية إلى ياسر عرفات ومحمود عباس.
وبالتالي على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية العودة عن نهج أوسلو الذي يتعارض مع الكفاح المسلح والذي جزأ الشعب الفلسطيني إلى ثلاثة تجمعات بشرية، وتضمن التنازل عن اكثر من 80% من مساحة فلسطين والتنازع على 22% من مساحتها بين السلطة الفلسطينية وسلطة الاحتلال الإسرائيلي لشرعنة احتلال القدس والخليل والمقدسات الإسلامية في المدينتين وضم المزيد من الأراضي الفلسطينية.
وتتمتع القيادة الفلسطينية التي تخلت عن الكفاح المسلح بدعم جامعة الدول العربية التي تستجيب للمطالب والرغبات الأمريكية ورفعت «سلام الشجعان» كاستراتيجية وحيدة لها ووقعت كمب ديفيد ووادي عربة، وبالتالي فإن مثل هذه الدول العربية لا تدعم خيار الانتفاضة والمقاومة والكفاح المسلح.
ويتمتع نهج أوسلو بدعم التحالف الأمريكي ـ الإسرائيلي ودول الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ، بخلاف النهج المؤمن بالمقاومة والكفاح المسلح الذي يعتمد فقط على دعم الشعب العربي الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية.
ويستخدم العدو الإسرائيلي أبشع أنواع الإرهاب والإبادة الجماعية وسياسة الأرض المحروقة لتطويع المقاومة الفلسطينية واستئصالها، وبالتالي يسخّر التحالف الإسرائيلي ـ الأمريكي القوة الغاشمة لفرض الشروط والمخططات والإملاءات الإسرائيلية على القيادة والسلطة الفلسطينية. فلماذا إذن تخلّتْ قيادة عرفات وأبو مازن عن الكفاح المسلح لكنس الاحتلال؟
إن «إسرائيل» تحاول إجبار الشعب الفلسطيني عن طريق قيادته المنحرفة وسلطته الأمنية التخلي عن المقاومة والعمليات الاستشهادية في نفس الوقت الذي تمارس فيه الهولوكوست على الشعب الفلسطيني.
إن الجريمة الوطنية والقومية والدينية الكبرى التي ارتكبها نهج أوسلو تجسدت في تخليه عن المقاومة والكفاح المسلح قبل تحقيق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني خلافاً لما حصل مع حركات التحرير الوطني ضد القوى الاستعمارية.
لقد أثبت حصاد أوسلو منذ عام 1993 وحتى اليوم أنه لا يمكن على الإطلاق حتى تطبيق قرارات الشرعية الدولية ودحر الاحتلال الإسرائيلي والحصول على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بالتسوية والتفاوض والاتفاقات الموقعة.
ثبت بجلاء أن الاستعمار الاستيطاني اليهودي هو أبشع وأوحش وأشرس أنواع الاستعمار التي ظهرت في التاريخ، وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وأن العدو الإسرائيلي لا يفهم إلا لغة القوة، لذلك يجب اعتماد المقاومة والكفاح المسلح وحروب التحرير للقضاء على الاستعمار الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية المحتلة.