الوسائل العلاجية للملل في الحياة الزوجية
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
د.سمير يونس
s_ebrahim92@hotmail.com
أستاذ المناهج وأساليب التربية الاسلامية المساعد


سمير يونس
تناولنا في المقال السابق مشكلة الملل بين الزوجين، وانتهى الحديث بنا إلى ضرورة وضع تصور علاجي لهذه المشكلة، وعرضت لأولى وسائل هذا العلاج، وهي نظر كل من الزوج والزوجة للحياة الزوجية على أنها تجارة راقية رابحة في الدنيا والآخرة. واليوم نحن على موعد لاستكمال وسائل العلاج:
ثانياً: تجنب النمطية.. والحرص على التغيير: فإيقاع الحياة الروتيني يجلب الملل والفتور، ومن ثم فمن المفيد أن يحرص الزوجان دائماً على تغيير إيقاع الحياة الزوجية، فبين الحين والآخر يكسران هذا الروتين؛ فيخرج الزوج بزوجته إلى نزهة، وخاصة إذا كانت في مكان يحمل ذكريات بينهما، فيجددان معاً الحب والعواطف، ويتذكران معاً اللحظات الجميلة التي تؤجج المشاعر، وتشعل العواطف، وإذا كانا قد تعودا تناول الطعام في البيت، فمن المفيد الخروج لتناول العشاء في مطعم راق هادئ، وإذا كانا قد تعودا أن يخرجا مع الأولاد والأقارب، فليحرصا على الخروج بين الحين والآخر معاً؛ دون الأولاد والأقارب، ويمكن ترك الأولاد مع الأجداد أو في مكان مأمون يحبه الأولاد؛ في صحبة طيبة مع الأرقاب أو الأصدقاء.
ومن التغيير المفيد هنا أن يغير الزوج من هيئته وملابسه وزينته، وأن تغير الزوجة كذلك وتحرص على زينتها، وتغيير أماكن أثاث المنزل وأغراضه، وخاصة أماكن مكث الزوجين، كغرفة النوم، وغرفة المعيشة والاستقبال..
ثالثاً: ممارسة لعبة الحب: للحب لغات كثيرة، يمارسها الحبيب مع حبيبته، ومن أبلغ لغات الحب: الورود وخاصة الوردة الحمراء، فالذين مارسوا لغة الورود يدركون أن لكل لون من الورد رسالة، فالوردة الحمراء تعبر عن الحب المتوهج، والوردة البمبي تعبر عن الحب الهادئ والرومانسية الحالمة، والوردة البيضاء تعبر عن الصفاء وهي مفيدة وخاصة بعد سحابة عابرة من الاختلاف، مما لا تخلو منه الحياة الزوجية، والوردة الصفراء تعبر عن الغيرة.. وهكذا.
وإذا تعذر تقديم الوردة كأن يكون الزوج مسافراً مثلاً فثمة بدائل أخرى، كأن يرسل لزوجته باقة من الورود على بريدها الإلكتروني أو من خلال الهاتف النقال.
ومن اللغات المعبرة عن الحب.. المعاِلجة للملل الزوجي.. لغة العيون، فللنظرة الحانية تعبير عن الحب والحنان والمشاعر الدافئة، ومن لغة الحب أيضاً اللمسة والهمسة، والكلمة الرقيقة، وكلمات الإعجاب والثناء الطبيعي الصادق.. وغير ذلك كثير.
رابعاً: استخدام المشوقات: فبالنسبة للزوج هناك فرص طبيعية ثمينة يستطيع من خلالها تشويق زوجته للقائه، كرسائل الحب عبر الهاتف النقال وخاصة في مناسبات النجاح، كما يستطيع الزوج عندما يحصل على ترقية أن يرسل إليها رسالة يقول فيها: "عندي لك خبر سار"، فتسأله الزوجة: وما هو؟ فيقول: "سأجعله مفاجأة لك وأخبرك به حين عودتي إلى البيت"؛ فتظل تنتظره بلهفة وشوق.
أما الزوجة فتستطيع أن تشوق زوجها إلى لقائها والعودة إلى البيت بوسائل كثيرة أيضاً، منها مثلاً: لقد أعددت لك اليوم طعاماً تحبه.. فيسألها: ماهو؟ فتجيبه ستعرف عندما تعود.
كما أنها تستطيع أن تشوق الزوج أيضاً إلى العودة عندما تحقق نجاحاً هي أو أحد الأولاد فتخبره هاتفياً: عندي لك خبر سيسرك كثيراً.. فيسألها: ماهو؟ فتجيب: سأخبرك به عند عودتك بإذن الله تعالى.
خامساً: الهدية: فللهدية تأثيرها الفعال؛ لذا فمن هدي النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "تهادوا تحابوا" والهدية لا يشترط أن تكون غالية، صحيح أن النساء شغوفات بالحلي والجواهر، ولكن الهدية أياً كانت تشعرهن باهتمام أزواجهن وحبهم لهن، والهدية بلا شك تدخل السعادة والسرور على قلب الزوجة.
والهدية ليست من الزوج للزوجة فحسب، لكنها أوجب على الزوج لأنه القادر على الكسب غالباً، وعليه تقع تبعات الإنفاق، بيد أنه من المستحسن أن تقدم الزوجة متى استطاعت هدية لزوجها، وخاصة إذا كانت من ذوات الدخل أو الكسب المالي، فمن شأن ذلك أن يجدد العلاقة الزوجية، ويقضي على الملل.
فإذا لم يقدر الزوج والزوجة على تقديم الهدية، فحسبهما أن يحافظ كل منهما على شعور الآخر، وحفظ القلبين من التنافر والأذى. ولله در الشاعر القائل:
واحرص على حفظ القلوب من الأذى
فرجوعها بعد التنافر يصعب
إن القلوب إذا تنافر ودها
مثل الزجاجة كسرها لا يُشعب
سادساً : الواقعية والرضا: فقد يرسم أحد الزوجين للآخر صورة مثالية خيالية وهمية لا توجد في الواقع، وعندما يواجه الواقع يُصدم.. فلقد حكى لي أحد أساتذتي أن شاباً أتاه يوماً ليدله على عروس، قال الأستاذ للشاب: ما المواصفات التي تطلبها في شريكة العمر؟ فأخذ الشاب يذكر صفات مثالية صعبة الوجود؛ فقال له الشيخ: إنك رجل طيب، أنا لو وجدت هذه العروس لتزوجتها أنا، وقال أستاذ آخر لشاب كهذا الشاب: إن العروس التي تطلب موجودة، ولكن عليك أن تنتظر إلى أن تموت أنت ثم تُبعث، لأن هذه العروس لا وجود لها إلا في الجنة!! وقد بحث أحدهم حيناً من الدهر عن الزوجة المثالية، فلما وجدها وتقدم لخطبتها رفضته، فعاد بالخيبة والإحباط.
سابعاً: تغاضي كلا الزوجين عن هفوات الآخر: فكثير من الأزواج يحرص على أن يحصل على حقوقه دون أن يقوم بواجباته، فيطلب من زوجته أن تتزين ولا يلتزم بشيء من ذلك، ويطلب منها المثاليات ولا يقدم لها شيئاً، ويقصر في حقها؛ فارضاً عليها أن تتسامح، في حين أنه يحاسبها على مثاقيل الخردل. وما أحوج هؤلاء الأزواج إلى سماع أبيات شعر في ضرورة تسامح الأخ مع أخيه، ومن ثم تسامح الزوج مع زوجته أو تسامحها معه، فيقول شاعرنا: