للأجيال القادمة كي لا تنسى للتعميم والنشر
المستعمرات اليهودية والأمم المتحدة
د.غازي حسين

أبدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اهتماماً خاصاً لموضوع المستعمرات اليهودية في الأراضي العربية المحتلة وبالأخص في مدينة القدس. واتخذت موقفاً صارماً يقضي برفضها وإزالتها من الوجود. فاتخذت بتاريخ 19 كانون الأول عام 1968 القرار رقم 2443 والمتعلق بإنشاء لجنة خاصة للتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للسكان في الأراضي العربية المحتلة. وجاء في تقرير اللجنة الصادر في 17 أيلول 1971" أن حكومة إسرائيل تنتهج سياسة الضم والاستيطان للأراضي المحتلة، بكيفية يقصد منها استبعاد كل إمكانية لرد هذه الأراضي إلى أصحابها الشرعيين."
وعادت الجمعية العامة للأمم المتحدة وأدانت سياسة الكيان الصهيوني المتعلقة بإقامة المستعمرات في القرار رقم 2851 الصادر بتاريخ 20 كانون الأول عام 1971 وطلبت فيه الجمعية العامة بقوة من إسرائيل أن تلغي فوراً كل الإجراءات التي اتخذتها وتكف عن كل السياسات والتصرفات التالية:
- ضم أي جزء من الأقاليم العربية المحتلة.
* إنشاء مستوطنات إسرائيلية في هذه الأقاليم، ونقل بعض المدنيين من "إسرائيل" إليها.
* تدمير وهدم القرى والأحياء والمساكن ومصادرة الممتلكات ونزع ملكيتها.
وعادت الجمعية العامة للأمم المتحدة وأكدت في القرار 2949 الصادر بتاريخ 8 كانون الأول عام 1972 إدانتها لسياسة الاستيطان الإسرائيلية وبطلان الممارسات التي تهدف إلى المساس بالتركيب السكاني للأراضي العربية المحتلة وجاء في القرار ما يلي:
"إن الجمعية العامة تعلن أن التغيرات التي قامت بها إسرائيل في الأراضي العربية المحتلة، مخالفة بذلك اتفاقيات جنيف لعام 1949، باطلة ولاغية، وتناشد "إسرائيل"، أن تلغي من الآن فصاعداً كل إجراءات كهذه، وأن تكف عن كل السياسات والإجراءات التي تؤثر في الوضع الطبيعي أو التركيب السكاني للأراضي العربية المحتلة."
وجاء في تقرير اللجنة الخاصة بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان في الأراضي العربية المحتلة التي شكلتها الجمعية العامة بتاريخ 25 تشرين الأول عام 1973 ما يلي:
"ترى اللجنة الخاصة بناء على تحرياتها أن هناك دليلاً قاطعاً على أن حكومة "إسرائيل" تنتهج سياسة إنشاء المستوطنات في الأراضي المحتلة، وإسكان هذه المستوطنات بمواطنين، إسرائيليين بعضهم من المهاجرين الجدد."
وكررت الجمعية العامة إدانتها للاستيطان في القرار 3092 الصادر بتاريخ 7 كانون الأول عام 1973 وجاء فيه:
"إن الجمعية العامة.. تعرب عن قلتها البالغ لخرق "إسرائيل" لاتفاقية جنيف الخاصة بحماية المدنيين زمن الحرب وبصورة خاصة ما يلي:
- ضم بعض أجزاء من الأراضي المحتلة.
- إقامة مستوطنات إسرائيلية في الأراضي المحتلة ونقل سكان أجانب إليها.
- هدم ونسف البيوت والأحياء والقرى والمدن العربية.
- المصادرة والاستيلاء على الأملاك والأراضي العربية.
وإن الجمعية العامة للأمم المتحدة:
- تدعو إسرائيل إلى الكف فوراً عن ضم واستعمار الأراضي العربية التي تحتلها منذ عام 1967 وعن إقامة المستوطنات في تلك الأراضي ونقل السكان إليها أو منها.
- تعلن أن سياسة "إسرائيل" في ضم الأراضي المحتلة وإقامة المستوطنات فيها ونقل السكان الغرباء إليها، مخالفة لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ وأحكام القانون الدولي التي تنطبق على الاحتلال، ومبادئ السيادة والسلامة الإقليمية وحقوق الإنسان، كما أنها عائق في سبيل توطيد سلام عادل ودائم.
- تؤكد من جديد أن سياسة "إسرائيل" في توطين أعداد من سكانها ومن المهاجرين الجدد في الأراضي المحتلة، هي انتهاك فاضح لاتفاقية جنيف الرابعة ولقرارات الأمم المتحدة بهذا الشأن.
- وتؤكد من جديد أن جميع الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في تغيير معالم الأراضي المحتلة، أو وضعها، إنما هي لاغية وباطلة.
واتخذت الجمعية العامة القرار رقم 3240 بتاريخ 29 تشرين الثاني، شجبت فيه الاستيطان وخرق حقوق الإنسان وجاء فيه:
".... تعرب الجمعية العامة للأمم المتحدة عن أشد القلق إزاء إسرائيل وتماديها في تجاهل اتفاقية جنيف، المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب، والموقعة في 12 آب 1949 وغيرها من الصكوك الدولية المنطبقة وخاصة إزاء الانتهاكات التالية:
*ضم بعض أجزاء الأقاليم المحتلة.
*إنشاء مستوطنات إسرائيلية فيها ونقل سكان أغراب إليها.
*تدمير وهدم البيوت والقرى والمدن.
*مصادرة الممتلكات العربية في الأقاليم المحتلة ونزع ملكيتها.
*إجلاء وترحيل وطرد وتشريد ونقل سكان الأقاليم المحتلة العرب وإنكار حقهم في العودة.
*الاعتقالات الجماعية للسكان العرب وإخضاعهم للحجز الإداري وإساءة معاملتهم.
*نهب الممتلكات الأثرية والثقافية.
*التعرض للحريات والشعائر الدينية، وكذلك للحقوق والأعراف المتصلة بالأسرة.
*الاستغلال غير المشروع للثروة الطبيعية للأقاليم المحتلة ولمواردها وسكانها.
وتعلن الجمعية العامة أن سياسات إسرائيل تلك لا تشكل فقط مخالفة وانتهاكاً مباشرين لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه ولا سيما لمبادئ السيادة والسلامة الإقليمية، ولمبادئ وأحكام القانون الدولي المتعلق بالاحتلال وبحقوق الإنسان الأساسية، بل تشكل كذلك عائقاً في سبيل إقامة سلم دائم عادل. وتؤكد الجمعية العامة من جديد، أن جميع التدابير المتخذة من قبل إسرائيل لتغيير الطابع المادي للأقاليم المحتلة أو لأي جزء منها أو لتغيير تكوينها السكاني أو هيكل مؤسساتها أو مركزها، هي تدابير باطلة ولاغية.
..... وتؤكد الجمعية العامة من جديد أيضاً، أن سياسة إسرائيل المتمثلة في توطين عناصر من سكانها والمهاجرين الجدد في الأقاليم المحتلة هي انتهاك صارخ لاتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب، ولقرارات الأمم المتحدة في هذا الشأن، وتحث جميع الدول على الامتناع من القيام بأي عمل تستغله إسرائيل فيما بعد في تطبيق سياستها الخاصة بالاستعمار الاستيطاني، للأقاليم المحتلة.
.... وتطالب بأن تكف إسرائيل فوراً عن ضم الأقاليم العربية المحتلة، وإخضاعها للاستعمار الاستيطاني، وعن جميع السياسات والممارسات المشار إليها في الفقرة 3 أعلاه.
... وتكرر نداءها إلى جميع الدول والمنظمات الدولية والوكالات المتخصصة داعية إياها إلى عدم الاعتراف بأي تغييرات أحدثتها إسرائيل، في الأقاليم المحتلة، وإلى تجنب القيام بأية أعمال بما فيها الداخلة في ميدان تقديم المعونة، يمكن أن تستخدمها إسرائيل في متابعة انتهاج السياسات والممارسات المشار إليها في هذا القرار".

تابعت إسرائيل تحديها لمبادئ وقرارات الشرعية الدولية واستمرت ببناء المستعمرات اليهودية فاتخذ مجلس الأمن الدولي بتاريخ 22 آذار 1979 القرار رقم 446 الذي أكد انطباق اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 على الأراضي التي تحتلها "إسرائيل" منذ 967، بما فيها القدس، وقرر "أن إقامة المستوطنات ليس لها مستند قانوني، وتشكل عقبة خطرة في وجه التوصل إلى سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط.
وطالبها بالالتزام بدقة باتفاقية جنيف الرابعة والتراجع عن تدابيرها السابقة والامتناع عن اتخاذ أي عمل قد يؤدي إلى تغيير الوضع القانوني والطابع الجغرافي أو أي عمل قد يؤدي إلى التأثير الملموس في التركيب السكاني للأراضي العربية المحتلة، بما فيها القدس.
وأعلن القرار عن تأليف لجنة ثلاثية من أعضاء في مجلس الأمن لدراسة الوضع في المستوطنات وترفع تقريرها إلى مجلس الأمن.
رفضت "إسرائيل" التعاون مع لجنة مجلس الأمن الدولي. وضربت بالقرار 446 عرض الحائط وتابعت مصادرة الأراضي العربية وبناء المستعمرات اليهودية عليها، مما دفع بمجلس الأمن إلى اتخاذ القرار 452 بتاريخ 20 تموز 1980 شجب فيه عدم تعاون إسرائيل مع اللجنة، وأكد مجدداً أن إقامة المستوطنات ليس لها مستند قانوني وتشكل خرقاً لاتفاقية جنيف الرابعة.
وأعرب عن قلقه من جراء الممارسات الإسرائيلية الاستيطانية في الأراضي المحتلة بما فيها القدس، ووجوب حماية وصون البعد الروحي والديني الفريد للأماكن المقدسة في القدس. ووافق على التوصيات الواردة في تقرير اللجنة.
وقدمت اللجنة تقريرين إلى مجلس الأمن أوضحت فيهما خطورة الاستمرار ببناء المستعمرات وبقائها.
واتخذ المجلس على ضوء التقريرين القرار رقم 465 بتاريخ الأول من آذار عام 1980 كرر فيه شجب رفض "إسرائيل" التعاون مع اللجنة، وعبر عن أسفه لرفضها الرسمي للقرارين 446 و465 وشجب أيضاً قرار حكومة "إسرائيل" بتأييدها الرسمي للاستيطان في المناطق الفلسطينية والعربية المحتلة، بما فيها القدس، وقرر في البند الخامس من القرار "أن جميع التدابير التي اتخذتها إسرائيل لتغيير المعالم المادية والتركيب السكاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 967 بما فيها القدس ليس لها مستند قانوني، وأن سياسة "إسرائيل" وأعمالها لتوطين قسم من سكانها ومن المهاجرين الجدد في هذه الأراضي تشكل خرقاً فاضحاً لاتفاقية جنيف الرابعة."
وشجب بشدة في البند السادس متابعة إسرائيل هذه السياسات والممارسات ودعاها إلى وقف هذه الإجراءات وتفكيك المستوطنات القائمة والتوقف فوراً عن إنشاء المستوطنات.