للأجيال القادمة كي لا تنسى للتعميم والنشر
المقاومة هي الرد الشرعي والعملي على الاحتلال والاستيطان
د.غازي حسين

تعتبر ظاهرة العنف السياسي من أقدم الظواهر في المجتمع البشري والعلاقات الدولية. ولكنها استفحلت إبان وبعد الحرب العالمية الثانية، وكان اليهود أول من نفذها في التاريخ، وأول من أدخلها في منطقة الشرق الأوسط انطلاقاً من تعاليمهم التوراتية والتلمودية والصهيونية.
وتتحمل «إسرائيل» والولايات المتحدة الأميركية وبالتحديد إدارة الرئيس بوش الابن المسؤولية الكاملة عن أعمال العنف التي وقعت في نيويورك وواشنطن ومدريد ولندن، لأنهما اعتمدا شريعة الغاب في التعامل مع قضية فلسطين وبقية قضايا الشعوب والبلدان العربية والإسلامية.
ويتحمل يهود الولايات المتحدة المسؤولية الكاملة عن إيقاع إدارة الرئيس بوش في مستنقع الحرب الصليبية على العروبة والإسلام وعلى الهولوكوست الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وتدمير العراق واحتلاله.
يجمع معظم فقهاء القانون الدولي على أنَّ الإرهاب هو استخدام القوة أو التهديد باستخدامها للتأثير على مواقف وتصرفات مجموعة استهدفها العمل بقصد ردع المعارضة السياسية، ويرمي إلى فرض رأي الفاعل السياسي ومخططاته على الدولة والمجتمع وتتداخل في ظاهرة الإرهاب عناصر سياسية واقتصادية واستعمارية ودينية وحضارية واجتماعية، ويميز الفقهاء بين إرهاب الدولة والإرهاب الفردي والجماعي والإرهاب الدولي.
ويقصد من إرهاب الدولة «تخويف المعارضة وإجبارها على طاعة الحكومة، أو إرهاب تقوم به دولة وتمارسه ضد نظام أو شعب يسعى للتحرر والتخلص من الاستغلال والسيطرة الخارجية([1])».
ويعمد بعض الفقهاء في البلدان الغربية إلى الخلط بين حركات التحرر الوطني التي تناضل ضد الاحتلال الأجنبي وتسعى إلى تحقيق الاستقلال الوطني وبين الحركات الإرهابية.
تستند شرعية حركات المقاومة الوطنية إلى حق الشعوب والأمم في تقرير المصير، ومبادئ القانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرارات الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز.
درجت إسرائيل على وصف المقاومة الفلسطينية للاحتلال واغتصاب الأراضي والممتلكات والحقوق الفلسطينية والاستيطان، والترحيل والإبادة بالإرهاب.
ودرجت الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية على تسمية حركات المقاومة وحروب التحرير بالإرهاب، وزعمت وتزعم بأنها تدافع عن الحرية والديمقراطية في وجه الإرهاب العربي والإسلامي.
وزعمت «إسرائيل» في بادئ الأمر أنَّ رجال المقاومة الفلسطينية مجرمون ومرتزقة وقطاع طرق، وصورت المنظمات الفدائية على أنها مجموعة مجرمين وأن نشاطاتها تشكل خطورة على الحكومات العربية.
أثبتت الوقائع والأحداث أن رجال المقاومة الفلسطينية يتمتعون باحترام وتقدير شعبهم وأمتهم وظهر للعالم بجلاء أنهم يتصدون لأسوأ دولة عنصرية وإرهابية واستعمارية ظهرت في تاريخ البشرية.
إن "إسرائيل" قائمة على الحروب والاحتلال والإبادة والاستيطان، ولا تعترف بأية حقوق وعهود ومواثيق واتفاقات دولية، وتهدد الحرية والوحدة والسيادة والمنجزات في البلدان العربية وتشكل خطراً داهماً لفلسطين وللوجود العربي بأسره.
لذلك لا يمكن لإنسان أن يعتز بكرامته وإنسانيته، يحب عائلته وبيته وأرضه، ويحب وطنه وطن آبائه وأجداده أن يقف موقف اللامبالي إزاء الاحتلال الإسرائيلي، وإزاء أعمال القتل والاغتيالات والقمع الذي تمارسه إسرائيل.
إن كل احتلال أجنبي يؤدي إلى مقاومة مشروعة، وكلما ازدادت أعمال القمع لهذه المقاومة كلما ازدادت المقاومة عنفاً واتساعاً، فرفض الاحتلال ومقاومته أمر طبيعي ومشروع.
إن استمرار الاغتصاب والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية، واستمرار ممارسات «إسرائيل» الوحشية، وبناء المستعمرات اليهودية في الأراضي المحتلة ورفض حق العودة تجعل من المقاومة الفلسطينية الرد الشرعي على الاحتلال والعدوان والاستيطان واغتصاب الأرض والمياه والحقوق.




([1]) د. إدريس لكريني ود. محمد الهزاط، القدس العربي في 19/8/2002.