للأجيال القادمة كي لا تنسى للتعميم والنشر
الاحتلال الإسرائيلي ذروة الإرهاب

د.غازي حسين

ينطلق إرهاب وعنصرية «إسرائيل» والاستعمار الاستيطاني اليهودي من التعاليم التوراتية والتلمودية، والتي هي من حيث القدم أقدم بكثير من جميع الحركات الإرهابية والعنصرية والاستيطانية التي ظهرت في تاريخ البشرية.
تغذي التعاليم التوراتية والتلمودية والإيديولوجية الصهيونية الإرهاب والعنصرية والإبادة الجماعية والكذب والأطماع في أرض وثروات وممتلكات الشعوب الكنعانية في عقول الحاخامات والمفكرين والسياسيين اليهود.
فالتوراة والتلمود هما الكتابان المقدسان لدى اليهود، والولاء للدين هو الذي جمع بينهم في الماضي، ويجمع بينهم في الوقت الحاضر الولاء للدين والصهيونية والكيان الصهيوني.
تحرّض التوراة أتباعها على إلقاء الخوف والرعب في نفوس الشعوب الكنعانية كي يتركوا أرضهم وممتلكاتهم تحت وطأة الإرهاب والإبادة وسفك الدماء.
وتعتمد الصهيونية والكيان الصهيوني على التراث التوراتي والتلمودي الذي يعتبر أن اليهود «شعب الله المختار» اختاره (يهوه) على شعوب الأرض قاطبة، ومنحه أرض كنعان «من النيل إلى الفرات». حيث يقول (يهوه) لشعبه المختار مخاطباً إبراهيم: «لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات».
تمتلئ التوراة والتلمود والأدبيات الصهيونية بالأفكار والمقولات الإرهابية والعنصرية وقصص الإبادة الجماعية للشعوب الكنعانية، المشبعة بالاستعلاء والتمييز والانعزال والانغلاق العنصري.
يأمر يهوه (رب اليهود) أتباعه بارتكاب المجازر الجماعية وقتل الأطفال والنساء والرجال، وقطع الأشجار، وتخريب الزرع وحرق القرى والمدن ورفض الزواج المختلط والاندماج في الشعوب الأمم الأخرى.
وتربي التوراة أتباعها على أنه لا خلاص لليهود إلا بإبادة جميع الشعوب غير المؤمنة باليهودية التي تزاحمهم على مصادر العيش والكلأ والنفوذ السياسي والعسكري.
وتعج الأساطير الواردة فيهما بالتحريض على الإرهاب والتدمير وسفك الدماء وبث الكراهية والبغضاء وإثارة الفتن بين الشعوب.
إن إرهاب ووحشية وعنصرية الصهيونية والكيان الصهيوني ينطلق بالدرجة الأولى من التعاليم التي دونها كتبة التوراة والتلمود ومن الأفكار والمقولات الصهيونية و«بروتوكولات حكماء صهيون» أي من المقررات السرية للمؤتمر الصهيوني الأول في بازل بسويسرا.
تؤمن الصهيونية منذ نشأتها ويؤمن قادة إسرائيل أن الإرهاب والإبادة والاستيلاء بالقوة العسكرية على الأراضي والمياه والممتلكات العربية والتفوق والنقاء العنصري جاء بأمر إلهي أولاً ومصلحة دنيوية ثانياً، لذلك أعطوا الإرهاب والعنصرية والاستعمار الاستيطاني صفة القداسة الدينية، وأصبح الإرهاب الصهيوني من أهم المرتكزات الأساسية لتحقيق المشروع الصهيوني في الوطن العربي.
اختارت العصابات الإرهابية اليهودية ومنها عصابات الأرغون وشتيرن والهاغانا عدداً كبيراً من القرى والمدن العربية الفلسطينية لتكون النموذج العملي لتطبيق ما ورد من إرهاب وإبادة ووحشية في التعاليم التوراتية والتلمودية والأدبيات الصهيونية لترحيل العرب وإنجاح الاستعمار الاستيطاني اليهودي، وكانت مذبحة قرية دير ياسين في التاسع من نيسان 1948 المثال الحي على ذلك، إذ أباد الإرهابيون اليهود جميع سكان القرية والبالغة عددهم 279 عربياً. وورث الجيش الإسرائيلي أساليب وتجارب المنظمات اليهودية الإرهابية، وأصبح قادتها رؤساء وزارات وقادة في الجيش والدولة والمجتمع الإسرائيلي.
وتصاعد الإرهاب اليهودي وتجاوز المذابح الجماعية وتجسّد في عدد من الحروب العدوانية التي أشعلتها «إسرائيل» وفي مجازر صبرا وشاتيلا التي راح ضحيتها 6 آلاف لاجئ فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ.
إن إرهاب الدولة الإسرائيلية، والذي ينفذه الجيش الإسرائيلي والشرطة والموساد بصورة لم يشهدها التاريخ البشري لوحشيتها وفظاعتها ألحق أفدح الأضرار بالشعب الفلسطيني وبقية أبناء الأمة العربية وتهدف إسرائيل منه ترحيل وإبادة أكبر عدد ممكن من العرب لتحقيق التطهير العرقي وصولاً إلى تجسيد ما يسمى النقاء اليهودي على أرض الواقع، ويجعل هذا الهدف العنصري المقيت الإرهاب الإسرائيلي طبيعة ووظيفة دائمة وملازمة للكيان الصهيوني.
فتاريخ «إسرائيل» على مدى أكثر من نصف قرن ليس سوى سلسلة متواصلة من المجازر والمذابح والحروب العدوانية والاعتداءات البرية والجوية والبحرية المتواصلة والتي تظهر يومياً بجلاء طبيعتها الإرهابية، فالمجزرة تلو المجزرة، والحرب تلو الحرب، والاغتيال تلو الاغتيال، والترحيل والاستيطان يسيران باستمرار على قدم وساق مما يؤكد طبيعة الصهيونية والكيان الصهيوني الإرهابية العنصرية والاستعمارية.
فتاريخ الإرهاب في المنطقة العربية يتزامن ويتلازم مع تاريخ الحركة الصهيونية والهجرة اليهودية وتأسيس المنظمات اليهودية الإرهابية المسلحة وقيام ما يسمى «إسرائيل» ووراثة الجيش الإسرائيلي لأساليب وبرامج وتجارب المنظمات اليهودية الإرهابية.
وتدعم الولايات المتحدة التي تكيل بمكيالين، الإرهاب الرسمي الذي تمارسه إسرائيل، وتتجاهل داخل الأمم المتحدة وخارجها أن «إسرائيل» هي مصدر الإرهاب وسبب العنف والحروب والخراب والدمار والتخلف في المنطقة.
وترمي «إسرائيل» من استخدام الإرهاب وارتكاب الإبادة الجماعية ترحيل العرب وتهويد فلسطين والمقدسات العربية والإسلامية في القدس والخليل وبيت لحم ونابلس، وإنجاح الاستعمار الاستيطاني اليهودي، وتستخدمه لتحقيق مكاسب جغرافية وديموغرافية وسياسية واقتصادية ونفسية.
والإرهاب الإسرائيلي موجه إلى الدول العربية والقيادة الفلسطينية لإجبارهم على إلغاء وتعديل قراراتهم ومواقفهم بما يتفق مع المخططات والمصالح الإسرائيلية.
ويجسّد الإرهاب الإسرائيلي أحد المخاطر الأساسية التي تهدد الأمن القومي العربي ويضعف القوة العربية. وتتابع «إسرائيل» ارتكاب الإرهاب الرسمي المنظم تجاه الشعبين الفلسطيني واللبناني بدعم وتأييد كاملين من يهود العالم والولايات المتحدة الأمريكية.
إن «إسرائيل» أول دولة في العالم استعملت الطرود المتفجرة والشاحنات والسيارات المفخخة في أسواق الخضار والفنادق العربية في حيفا ويافا والقدس وبيروت.
اغتال اليهود الوزير البريطاني اللورد موين في القاهرة بطرد متفجر، والوسيط الدولي الكونت برنادوت في القدس بتاريخ 17 أيلول 1948، وكانت «إسرائيل» أول دولة في العالم تختطف طائرة مدنية سورية في عام 1954 وقامت بتفجير المراكز الثقافية الأمريكية في القاهرة والاسكندرية عام 1955 والتي عرفت بفضيحة «لافون» وزير الحرب الإسرائيلي.
واغتالت المقدم في الجيش المصري الشهيد البطل مصطفى حافظ في 13 تموز 1956 بغزة، وكذلك الملحق العسكري المصري في العاصمة الأردنية عمان الشهيد صلاح مصطفى بطردين متفجرين في 14 تموز 1956.
واغتالت خمسة علماء ذرة مصريين بطردين متفجرين في تشرين الثاني 1963 في القاهرة، وستة من العلماء الألمان في مصر في عامي 1962 و 1963.
وأغارت على الهامة وميسلون في سورية في عام 1969، وارتكبت مجزرة مصانع أبي زعبل وأطفال مدرسة بحر البقر في مصر عام 1970.
وأسقطت طائرة ركاب مدنية ليبية فوق سيناء عام 1971 وقتلت جميع ركابها وطاقمها وعددهم (106)، واغتالت الأديب غسان كنفاني بواسطة سيارة ملغومة في 8 تموز 1972.
ودمرت مفاعل تموز النووي في بغداد ومقر منظمة التحرير في تونس عام 1985، واغتالت الشهيد خليل الوزير في منزله في العاصمة التونسية في نيسان 1988، والشهيد فتحي الشقاقي في مالطة عام 1995.
إن الاحتلال والاستعمار الاستيطاني اليهودي والهولوكوست الذي تمارسه «إسرائيل» على الشعب الفلسطيني هو ذروة الإرهاب، بل إنه يمثل أبشع صور إرهاب الدولة في تاريخ البشرية القديم منه والحديث.
ويهدف إرهاب الدولة الإسرائيلية بتجاوز الأساليب والممارسات المتفق عليها في التعامل الدولي وفي المبادئ التي كرّسها القانون الدولي المعاصر وفي ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدة الدولية لتحريم الإبادة وفي بقية العهود والمواثيق الدولية.
وينتخب الشعب الإسرائيلي أشد اليهود وأكثرهم عداء للعرب من أمثال شارون وبيغن وشامير، بل ويفتخر قادة إسرائيل بممارستهم للإرهاب تجاه العرب وبشكل علني ووقح، حيث رد الإرهابي إسحق شامير خلال انعقاد مؤتمر مدريد عام 1991 على عرض ملصق يحمل صورته وزعته حكومة الانتداب البريطاني وكتب تحت صورته: مطلوب حياً أو ميتاً وقال: «سموني إرهابياً، سموني وطنياً، لولا الإرهاب لما قامت إسرائيل».
إن ممارسة «إسرائيل» للإرهاب والإبادة والعنصرية والاستعمار الاستيطاني كسياسة رسمية يعتبر من أخطر الظواهر التي عرفها المجتمع البشري وأكثرها وحشية وهمجية في العصر الحديث.
ويشجع التخاذل العربي والصمت الأوروبي، ودفاع الرئيس الأميركي بوش عن ممارسة «إسرائيل» للإرهاب والإبادة واعتباره دفاعاً عن النفس، استمرار الحروب العدوانية والاحتلال والاستعمار الاستيطاني اليهودي، مما يعرض أمن واستقرار وحياة ومنجزات شعوب المنطقة إلى الخطر الدائم.
إن «إسرائيل» هي الدولة الوحيدة في العالم التي قامت على الإرهاب واغتصبت الأرض والحقوق والمياه، وحققت الاستعمار الاستيطاني في فلسطين العربية، وتقوم منذ تأسيسها على تطوير وتحديث واستخدام قوتها العسكرية وامتلاك أسلحة الدمار الشامل النووية والكيماوية والبيولوجية والمحافظة على تفوقها العسكرية على جميع الدول العربية.
فالإرهاب ملازم لطبيعة اليهودية والصهيونية والكيان الصهيوني، وملازم لتاريخ دولة «إسرائيل» وصفتها الأساسية، وتمارسه كسياسة رسمية فعلية، فإسرائيل هي دولة الإرهاب فكراً وممارسة، ودولة الإرهاب والاستعمار الاستيطاني الوحيدة المتبقية في العالم.
فإلى متى تسكت دول الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على إرهاب دولة إسرائيل؟