• نظرة في الصحافة النسائية العربية
    الداعية للالتزام – المناهضة للانحلال
    بقلم محمد عيد الخربوطلي
    تعد الصحافة المقروءة من أهم وسائل الاتصال وأكثرها تأثيراً، وهي بحق صلة الوصل بين أبناء الأمة الواحدة، وبينهم وبين الأمم والشعوب الأخرى، وقد تنوعت الصحف، وخاصة بعد انتشار الصحافة المتخصصة، كتلك التي تتوجه إلى الأطفال أو الشباب أو النساء، وقد تكون هذه الصحف اجتماعية أو فكرية أو سياسية أو دينية أو أدبية.
    ويعود تاريخ الصحافة في البلاد العربية إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي أي إلى حملة نابليون على مصر.
    أما الصحافة النسائية العربية فيعود تاريخها إلى أواخر القرن التاسع عشر وبالتحديد إلى عام 1893 ففيه ولدت أول صحيفة عربية نسائية واسمها مجلة الفتاة أسستها سيدة لبنانية - هند نسيم نوفل- وبعدها توالت الصحف والمجلات النسائية العربية، ولكنها لم تعمر طويلاً فبعضها استمر لأشهر وأكثر لعدة أعوام فقط ويعود ذلك لعدة أسباب أهمها:
    1- كثرتها في زمان كانت المرأة العربية تجهل فيه الكتابة والقراءة.
    2- طرحها الجريء لمواضيع تمس أخلاق المجتمع الملتزم دينياً وأخلاقياً, كالاختلاط ودعوة التحرر من الحجاب ومساواتها مع المرأة الغربية، وجعل الغربية قدوة لها في كل شيء.
    3- أدى ذلك لوجود تيار يدعو إلى مناهضة تلك الصحف، وتبصير الناس من مخاطرها وأهدافها.
    وكل ذلك حمل الغيورين على إصدار بعض الصحف النسائية الجادة الملتزمة، فقد آلمهم وجود هذا الكم الغث من الصحف النسائية الداعية للتغريب في كل شيء، فتبلورت دعوتهم في إصدار صحف تصون المرأة المسلمة وتدعو لتثقيفها وتبصيرها في أمور دينها ودنياها دون إسفاف أوشطط، ولإنقاذها من جهلها، وتبيين طرق الخير القويمة لها، وبيان دورها الرائد في المجتمع، وإسهامها في تنشئة الأجيال والأخذ بيدها إلى شاطئ الأمان.
    وأول من فكر في إنشاء مجلة نسائية هادفة إبراهيم رمزي فأصدر عام 1901 مجلة المرأة في الإسلام وكان هدفه الرد على أصحاب دعوة تغريب المرأة المسلمة وإلى سفورها, ودعت مجلته لرعاية المرأة وتثقيقها وتعليمها، ولبيان الأحكام الشرعية والفقهية المتعلقة بِها، ولكن لم يصدر منها سوى أربعة أعداد.
    لكنها تركت بذرة خيرة وآتت أكلها في الصحف الكبيرة في وقتها كالمنار والمؤيد والوقائع المصرية وروضة المدارس، إذ وجدت بعض الأقلام التي تدافع عن المرأة ضمن المنهج العادل.
    وفي عام 1930 صدرت صحيفة شهرية باسم أمهات المستقبل عن جمعية الشابات المسلمات في القاهرة، ودعت عبر صفحاتها إلى ما دعت إليه مجلة المرأة في الإسلام.
    وجاءت مجلة النهضة النسائية وانتهجت منهجاً جاداً لتبصير المرأة العربية وتثقيفها، وقد أصدرتها لبيبة ابنة أحمد عبد النبي، وقد أثنى عليها أحمد الجندي في كتابه تاريخ الصحافة الإسلامية وعلى مجلتها، وقد توفيت لبيبة سنة 1951م.
    أما مجلة السيدات المسلمات فتعد أهم صحيفة صدرت في تلك المرحلة، وتعد انعطافاً مهماً في تاريخ الصحافة النسائية الجادة والملتزمة، لأنها سارت على منهج واضح رسمت من خلاله أهدافها الواضحة في الوصول إلى الحق، لاستقرار رسالة المرأة على قواعد سليمة وأسس حكيمة، ولخدمة الدين والوطن، في ظل الأمومة الصحيحة والأبوة الكاملة والبنوة الصالحة، كما جاء في افتتاحية العدد الأول الذي صدر عام 1958م في القاهرة وترأست تحريرها السيدة زينب الغزالي رئيسة جمعية السيدات المسلمات، وتوقفت عن الصدور أحياناً وتحولت من أسبوعية إلى شهرية لكنها توقفت عام 1957.
    وبعد توقف واحتجاب الصحف النسائية الجادة عن الصدور في البلاد العربية لجأت بعض الأقلام النسائية إلى الصحف والمجلات الشهيرة التي فتحت لها صفائحها لتعبر عن رسالتها السامية وعلى رأس هذه المجلات المجلة العربية السعودية التي تدعو دائماً للالتزام بالأصالة والهوية العربية وتعتز بالخلق الإسلامي الحنيف.
    ولم تقتصر البلاد العربية وحدها على إصدار المجلات النسائية الملتزمة باللغة العربية، ففي نهاية القرن العشرين وفي عقديه الأخيرين انطلقت عشرات الصحف الجادة من كل أنحاء العالم ومن أشهرها:
    مجلة المؤمنات التي صدرت عام 1987 في بيشاور بباكستان ولكنها لم تعمر طويلاً.
    مجلة عفاف التي صدرت عام 1408 هـ في بيروت، وتقدمت أكثر المجلات النسائية نضجاً وانتشاراً.
    مجلة أسماء صدرت عام 1999م عن الاتحاد الثقافي في فرنسا وهي فصلية وحيدة وتعد رائدة من حيث الفكر والمضمون والإخراج.
    مجلة ذات النطاقين صدرت عام 1410هـ في بيشاور واعتنت بها أم محمد زوجة عبد الله عزام وتسهر على نجاحها وتقدم لها كل طاقاتها.
    مجلة الأسرة المسلمة صدرت في بريطانيا عام 1989 عن مركز التعليم الإسلامي.
    مجلة روضة المغتربة صدرت عام 1990 عن اللجنة النسائية لجمعية الطلبة المسلمين في ليفربول في بريطانيا.
    مجلة هاجر صدرت عام 1991 عن دار المختار الإسلامي بالقاهرة.
    مجلة الزهراء صدرت عام 1991 عن طالبات جامعة الأزهر.
    مجلة اليقظة صدرت عام 1991 في إسلام آباد بباكستان التي رأست تحريرها زينب مصطفى.
    مجلة الأسرة صدرت عام 1413هـ عن مؤسسة الوقف الإسلامي في هولندا وتعد من أرقى المجلات النسائية شكلاً ومضموناً، واهتمت بالطفل كاهتمامها بالمرأة.
    مجلة منبر الطالبة أصدرتها لجنة الطالبات في الكويت.
    جريدة المسلمات الأسبوعية، وصارت تصدر ضمن جريدة المسلمون عن الشركة السعودية للأبحاث والنشر.
    مجلة مؤمنة تصدر عن مجلة النور في الكويت.
    هذه لمحة سريعة لأسماء بعض الصحف والمجلات النسائية التي تدعو للالتزام وتحارب الابتزاز، ونرجو من الله أن تصمد هذه المجلات أمام الكم الهائل من المجلات المطروحة في الأسواق وصارت بين يدي الفتيات والشباب والتي لا تدعو إلا إلى الانحلال الخلقي ليتفسخ المجتمع ويصير بعيداً عن جذوره، إن هذه المجلات بصورها الفاضحة للمرأة و المبتزلة جعلت الكثير من الشباب معقداً ومنحلاً خاصة إذا حرم الموجه والمربي الذي يأخذ بيده للخير والفلاح ويحذره من خطر هذه المجلات, والله من وراء القصد.