ألقاب تعج بالأشباح والشياطين لكنها متداولة في المجتمع المحلي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
المصدر نبيل محمد
15 / 03 / 2007
يحارُ المرءُ في تحديد كثير من أسماءِ الأشياء ولكن يزداد الأمرُ تعقيداً في ظلِّ غزو التكنولوجيا والصناعات المتطورة وبما أن مجتمعنا العربي عموماً يهوى التعابير المجازية وابتكار المسمَّيات فلم تخرج عن هذه الدائرة تلك التقانات الوافدة، والغرابة في الأمر أن إطلاق ألقاب بعيدة عن الشركة المصنعة مجهول المصدر وتعتمد بطريقة أو بأخرى على الشائعة حتى تتحوَّل إلى ظاهرة عبر شبكة عنكبوتية من التحدث عن الميزات التي تتمتع بها تلك السلعة كألوانها والمهارات التي تمتلكها، وربما تكون المصادر الأساسية الفئاتُ الموردة التي تروّج الأسماء وفق المنظور الشخصي أو التسويقي للمؤسسة الصانعة...

اللقب عندما يطلق على إنسان يكون مستمداً من شكل خاص أو ميزات سلوكية أو حركية تعطي سمات معيَّنة يفهمها الناس وفق التشبيه والمقاربة، وألقاب الأدوات لا تخرج من هذا السياق نهائياً فمن خلال التشبيه يطلق الاسم ولا يخلو ذلك من مواهب محلية في اللغة وفي التشبيه، ويصبح هذا الاسم هو الشائع لأنه أسهل في النقل والحفظ بحكم أنه وليد الثقافة المحلية، إلا في بعض الأجواء قد تكون التسمية الحقيقية وفق اللغة الإنكليزية هي الأفضل بداعي الثقافة أو البريستيج.

تنوُّع

لا يقف إطلاق اللقب على الآلة بل يتجاوز لك ليشمل مجالات متعددة مثل الفرق الرياضية والقطاعات الاقتصادية والشركات وغير ذلك، وإطلاق اللقب ليس ظاهرة شعبية فحسب بل قد يأخذ مجالاً أكبر من قبل الأنظمة والمؤسسات كأن نقول "نمور آسيا"، فهذا اللقب ليس تشبيهاً شعبياً فحسب بل تعبيراً عن أنظمة اقتصادية نهضت بسرعة وجارت كبرى الشركات العملاقة.

رياضة

النادي الملكي، المكنة الألمانية، الشياطين الحمر، سحرة السامبا، الماتدور الإسباني، برازيل أوروبا وهي ألقاب عالمية لفرق شهيرة، وعلى الصعيد المحلي نجد لقب الحوت الأبيض"فريق حطين"، البرتقالة الدمشقية "الوحدة"، النسر الأزرق "الكرامة"، وكلها ألقاب محلية أطلقها الجمهور والإعلام بغرض الإثارة والتنافس وإعطاء الحوار الرياضي طعم الصراع وإضفاء القوة والتميز على بعض الفرق، وقد تحقق الشهرة هذه الفرق من خلال ألقابها.

أجهزة الموبايل

شحاطة، النورس، البيبي، الأباتشي، الهمر، الباندة، فرخ الباندا، الشيطان، الرهيب، الرياضي، الدمعة، الغسالة، المملكة، الفيصلي، برج العرب، المستشار، بالإضافة إلى القواهر وهي الأجهزة التي تشابه أسلافها مع مزيد من الخدمات فتقهرها فتسمّى القاهر.

هذه الألقاب ليست وليدة المجتمع المحلي بكاملها فقد تكون تسمية من منطقة أخرى أخذت شعبية لسهولتها وتميزها وباعتبارها اختصاراً للأرقام الصعبة.

أحمد صاحب محل موبايلات يقول: " كثير من الزبائن يطلبون أجهزة، أنا شخصياً لم أسمع بأسمائها لأنني أحفظ أرقام الموديلات ولكن لضرورة العمل والتواصل مع الزبائن اضطررت أن ألمَّ بكافة هذه الأسماء، وأحيانا أمسك الجهاز وأحاول أن أركز به لأجد وجه الشبه بينه وبين اسمه، وأحياناً تجد أسماء بعض الأجهزة مضحكة وخصوصاً عندما تشبه الحيوانات كأن نقول "باندا" وهو في الحقيقة يشبه دب الباندا".

مروان صاحب محل موبايل في جرمانا: "أنا ملمٌّ بأسماء الموبايلات جميعها حتى إنني أعطي بعض الموديلات تسميات خاصة وأروّج هذا الاسم بين زملائي من خلال التشبيه بين الموبايل والسيارة، وحفظ هذه الأسماء أسهل من حفظ الأرقام لأن الموديلات تتجدَّد كل يوم ومن الصعوبة أن أحفظ كل هذه الأرقام ولكن حفظ الألقاب سهل باعتباره رائجاً باللغة العربية".

مجد يحمل جهاز "همر" حسب قوله ويقول: "جذبني هذا الاسم كثيراً لأن الهمر سيارة قوية وتتحمَّل الصدمات، فأصبحت أكثر ثقة بالجهاز، وكنت قبله أحمل جهاز الباندا أيضاً، وكان لاسمه دور كبير في انتقائي له، ومن طبيعتي تغيير الأجهزة وقد تلعب أسماؤها دوراً كبيراً في ذلك".

هبة: "لا يهمني اسم الجهاز الذي أحمله المهم أن يكون الجهاز جميلاً وصغيراً وناعماً وعملياً في الاستخدام، أما عن أسماء الأجهزة فأحسها كلها صادمة وذكورية ومن الصعب أن أحمل جهازاً اسمه الهمر أو الشيطان أو الأباتشي".

أبو علي: " هذه الأسماء هجومية وتشبه أحياناً أسماء الأسلحة، وهي وليدة ثقافة احتلالية عسكرية طاغية وأصبحت شائعة جداً بحكم أن أصل المنتج غربي، فإحدى مظاهر تغلغل الثقافة الغربية والعولمة هو هذه الأجهزة وهذه الأسماء التي لا يدرك الجيل الجديد معناها، ولو أن العرب هم الذين صنعوا هذه الأجهزة لما أخذت الأسماء الغريبة بل كانت أسماؤها من صميم الثقافة العربية، وهذا الهجوم غير المباشر لم يأتِ عن طريق الموبايل فقط بل هو متخفٍّ أيضاً خلف الكثير من المنتجات الغربية التي أصبحت حاجة كبيرة للشاب العربي وغيرته دون أن يدري، كل ما ينتج ويدخل على أساس أنه ضرورة هو سلاح موجه ضدنا ولكن خلف ماركات متعدّدة.

سيارات

زلحفة، غواصة، نملة، شبح، تمساح... كلها ألقاب سيارت لم تختلف عن ألقاب الموبايلات فقد نتجت عن تشبيهات ومحاولة تتميز، أيضاً للسهو دور في ذلك فاسم ماركة السيارة مرتبط مع رقم الموديل قد يكون صعباً على المالك خاصةً إذا كان صاحب السيارة ذا اطلاع رهيب على اللغة الإنكليزية.

رأفت يركب سيارة من موديل "نملة" يقول: لاشيء في هذه السيارة يشبه النملة لكن ربما بعض الناس أطلقوا عليها هذا الاسم بحكم لونها ونشاطها، ولكن مهما يكن فاسم الشركة الصانعة أفضل وأكثر حضارة".

المساجين

الملك، الريس، الكينغ، الحوت، البرنس،... وغيرها من الأسماء دارت في السجون وربما كان للإعلام والمسلسلات دور كبير الترويج لهذه الأسماء.

تجار

سوق الحرامية مليء بالأسماء المبتكرة التي تتلاءم مع الجو العام للسوق كالغول والوحش والسبع، ولا يقتصر ذلك على التاجر بل على كم الأموال فالمليون يدعى أرنب والخمسمئة طربوش والألف خضرا.

من إنتاج الدراما المحلية

كسمو، المخرز، سلطة، العكيد، حريمة، الإدعشري، الغضنفر، أبو طراقة، العنقاء، الطير، أبو عنتر، أبو صياح، زقزوق، الشمردل، ديبو... وغيرها من الألقاب التي كانت أسماء لبعض الأبطال تلقاها الشارع وأطلقها بعض الناس ألقاباً على بعضهم وخاصة في الأسواق الشعبية.

آخر تحديث ( 15 / 03 / 2007 )