| المدارس النظامية .... فخر المدارس الاسلاميه [ 1 ] |


كان لدار الحكمة والأزهر اللذين أسسهما العبيديون ( الفاطميون ) في القرن العاشر الهجري بالقاهرة الفضل الأكبر في بث مبادئ التشيع الإسماعيلي ونشر الحكم الفاطمي ، ولم يكن إيقاف حركة الباطنية هذه فضلاً عن القضاء عليها بالأمر الهيّن، جذورها قد تغلغلت في جسم البلد الإسلامي الكبير بحيث لم يبق عضو منه سليماً و لقد بدأ التفكير الفعلي في إنشاء هذه المدارس النظامية للوقوف أمام المد الشيعي الإمامي والإسماعيلي الباطني عقب اعتلاء السلطان ألب أرسلان عرش السلاجقة في عام 455 هـ

... وهذا النشاط الفكري ما كان ينجح في مقاومته إلا نشاط سني مماثل يتصدى له بالحجة والبرهان، خاصة وأن السلاجقة ورثوا في فارس والعراق نفوذ بني بويه الشيعيين، وهؤلاء لم يألوا جهداً في تشجيع الإمامية على نشر فكرهم ....

لذلك كله فكر نظام الملك في أن يقاوم النفوذ الشيعي بنفس الأسلوب الذي ينتشر به، ومعنى ذلك أنه رأى أن يقرن المقاومة السياسية للشيعة بمقاومة فكرية أيضاً ، وتربية الأمة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعقيدة أهل السنة والجماعة المستمدة من الوحي الإلهي. ومن هنا كان تفكيره في إنشاء المدارس النظامية التي نسبت إليه، لأنه الذي جد في إنشائها وخطط لها، وأوقف عليها الأوقاف الواسعة، واختار لها الأكفاء من الأساتذة ... ( دولة السلاجقه للصلابي بتصرف )

وقد تأسست أولى تلك المدارس في حاضرة الخلافة الإسلامية بغداد عام 457 هـ على نهر دجلة، وأنفق نظام الملك على بنائها ما بلغ 200 ألف دينار، وبنى حولها أوقافًا تكون وقفًا عليها، وأقام بها عديدًا من المرافق والخدمات؛ لتشجيع الطلاب على الدراسة فيها.

ومن ثَم بدأ هذا النور يشع في أرجاء الأمة كلها، فبعد ناظمية بغداد انتشرت تلك المدارس في نيسابور وبلخ وهراة وأصبهان والبصرة ومرو وطبرستان والموصل، وقد تخرج في هذه المدارس طائفة عظيمة من كبار علماء الأمة، والذين كان لهم شأن كبير بعد ذلك؛ منهم: ابن عساكر، والعز بن عبد السلام، وابن رافع الأسدي المعروف بابن شدَّاد، وممن درَّس في هذه المدارس أبو حامد الغزالي، والجويني المعروف بإمام الحرمين، وقطب الدين الشيرازي، وابن شدَّاد، وابن الجوزي، والسهروردي.

وها هو الرحالة ابن جبير يضعنا في صورة ما رأى من عظمة المدارس النظامية؛ فقد رأى ببغداد نحوًا من ثلاثين مدرسة، فيقول: (إنه ما فيها مدرسة إلا وهي يقصر القصر البديع عنها، وأعظمها وأشهرها النظامية التي بناها نظام الملك، ولهذه المدارس أوقاف عظيمة) [رحلة ابن جبير، ابن جبير، ص(239)]......

أما ما خصص من المال لرعاية الشئون الثقافية على العموم وكذلك ريع الأوقاف المعينة للمدارس، فقد كان نظام الملك ينفق في السنة الواحدة على التعليم ما يوازي (600000) دينار [تاريخ علماء المدرسة المسـتنصرية، ناجي معروف، ص(8)].....

أما الريع الذي كانت تنتجه الأوقاف المخصصة لنظامية بغداد، فقد ورد أنه كان 15000 دينار في العام الواحد، وقد كان ذلك الريع كافيًا لمرتبات الشيوخ ولما يدفع للطلبة، وكان يشمل مئونة طعامهم وملابسهم وفرشهم، وغير ذلك من ضرورات معاشهم، أما أوقاف نظام الملك على نظامية أصفهان فقد بلغت 10000 دينار سنويًّا [تاريخ مساجد بغداد، الألوسي، ص(102)]. ( مقال لـ مصطفي كريم موقع التاريخ بتصرف ) .


والمزيد عن هذه المدارس العظيمه في المشاركات القادمه ان شاء الله ...

* ع *

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي