بعد أن سقطت ثورة فلسطين، ونُحِرَ العراق، واستيقظت مصر، أين تقف سوريا؟!
هل نحن على أعتاب الحِقْبَة الثورية الثالثة؟!
أسامة عكنان
إن المؤامرة النفطية الأميركية الأولى التي غطت المرحلة الزمنية الممتدة من أواخر عقد السبعينيات إلى منتصف عقد الثمانينيات، بُدِئَ بتنفيذها بعد ظهور بواكير إرهاصات توقيع إتفاقية سلام بين الإسرائيليين والمصريين. لذلك فإن هذه الاتفاقية – كامب ديفيد – أُتْبِعَت على الفور بالبدء بتنفيذ بنودِ مخطَّطٍ أميركي خطير يربط الإستراتيجيات السياسية في الإقليم بالإسراتيجيات النفطية على مستوى العالم. إلا أنَّ بعض التعديلات قد فُرِضَت على هذا المخطط بعد دخول العنصر الإيراني الجديد على خط المشاريع الطموحة في المنطقة إثر سقوط نظام الشاه، ما تطلب أن يُؤْخَذ هذا المتغير الجديد الهام في الاعتبار ضمن ذلك المخطط.
أي أن الأميركيين لم تتأكد لديهم ولا حُسِمَت في مخططاتهم فكرة إعداد دول الخليج ماليا وعسكريا وتنمويا بالشكل المناسب للتعامل مع حربٍ قادمةٍ في الإقليم، ومع تغييرٍ إستراتيجي تُجَهَّز له المنطقة، إلا بعد أن تمَّ تحييد مصر تحييدا تاما في أيِّ حربٍ أو تغيير إستراتيجي قادمين. لأن مثل هذه الحرب ومثل هذا التغيير ما كان لهما أن ينتقلا من مجرد كونهما أملا يراود واشنطون، إلى كونهما ملفا قابلا للتنفيذ، إلاَّ بعد أن تم ضمان أن مصر بكل ثقلها العربي والإسلامي والعالم ثالثي، قد أصبحت خارج اللعبة بالكامل.
لا بل، وبعد أن تم أيضا ضمانُ أنها قد أصبحت جزءا من مُكَوِّنات الخندق الإمبريالي في اللعبة، عبر سياسة الانفتاح، وعبر عملية التَّشْويه الاقتصادي والثقافي التي بدأ يمارسها النظام المصري الجديد بِحُزَمِهِ الثقافية الموبوءةِ بِأَمْرَكَةِ العصرِ في مصر، والتي بدأ يُصَدِّرُها إلى كامل الوطن العربي بعد ذلك. كما أن إسرائيل لم تبادر إلى العمل على تصفية الوجود الفلسطيني في لبنان عام 1982، إلا بعد أن تم تحييد الجانب المصري من الصراع العربي الإسرائيلي تحييدا تاما وكاملا.
إنَّ الحديثَ عن تحييد مصر في الصراع العربي الإمبريالي الصهيوني، بوصفه – اي ذلك التحييد – مثَّلَ حداًّ فاصلا بين مرحلتين متباينتين كلَّ التباين في تاريخ هذا الصراع وفي سيرورته، يُلْزِمنا بتوضيح أبعادٍ أخرى من تلك التي حكمت المسار التاريخي الذي اختطه هذا الصراع منذ ذلك التاريخ. وفي هذا السياق فإننا نودُّ الإشارة إلى نقطتين رئيسيتين وهامتين تَبَدَّتاَ عبر هذا التاريخ، بوصفهما مُكَوِّناتٍ ومداخلَ لا غنى عنها لفهم مفاعيل الحراك السياسي والمجتمعي في الإقليم العربي المشرقي..
الأولى.. ظهور كافة مفاعيل السياسة العربية الرسمية بعد زيارة السادات للقدس عام 1976 ولغاية احتلال العراق عام 2003، وكأنها تجلٍّ لصراعٍ حادٍّ بين معسكرين عربيين رسميين، هما..
1 - معسكر المهادنة الوظيفية الذي مثَّلَتْه مصر بقيادات ما بعد حرب أكتوبر..
وهي القيادات التي أخذت على عاتقها في ضوء التماهي التام مع المخطط الإستراتيجي الأميركي المُعَد للمنطقة في تلك الحقبة من الزمن، إخراج مصر من دائرة كونِها قاعدةَ القومية العربية المقاوِمة. لتصبح مُجَسِّدَةً بدل ذلك لفكرةِ الهوية القطرية المهادنة، ولمفهوم البراجماتية الوطنية المُمْعِنَة في الذاتية القطرية التي سحبت الهوية "مصر"، إلى أبعد ماضٍ لها، وهو ماضي "الادعاءات الفرعونية"، التي لا قيمة موضوعية لها في زماننا المعاصر إلاَّ في الوهم المتدفق حفنات من الدولارات من جيوب السياح.
ولتصبح أيضا مُرَوِّجَةً لـ "ثقافة الهزيمة والاستهلاك والارتهان"، ولعقيدة "الزمن الأميركي"، ولـ"حقائق العصر الصهيوني"، ولسياسة "قَتَلَتْه الفئة التي أخرجته"، و"أنا وبعدي الطوفان"، ولدبلوماسية "إنني لا أكذب ولكني أتجَمَّلُ أمام الجماهير"، كل ذلك بالتواطؤ والتنسيق التاَّمَّيْن مع منظومة "الوظيفية الخليجية" التي دعمت الثقافة المصرية المتهاوية في كل المجالات، ببترودولار ما بعد الانفتاح، كي نرى أُمَّةً تنحدر إلى هاويةٍ بلا قرار على أجنحة ثقافةٍ ضحلةٍ، استبدلت عظماء الفن بأقزامهم، وعباقرة الرواية بتُفَّهِهِم، ومبدعي الشعر برواد مؤلفي أغاني الأعراس والموالد، والفلاسفة والمفكرين الكبار بأشباه الصحفيين من قصار القامات ومُعْدَمي الهامات.. إلخ.
2 - معسكر المقاومة والمواجهة الذي مثَّلَه العراق بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي..
وهو المعسكر الذي تمت مواجهته منفردا على مدى "27" سنة، إلى أن تم تدمير هذا الممثِّل تدميرا شاملا عبر سلسلةٍ متتابعةٍ من المصادمات والاعتداءات والمؤامرات والحروب والانشغالات الجانبية، التي لم تترك له فرصةً لالتقاط الأنفاس. رغم أننا لا نستطيع أَلاَّ نُحَمِّل النظام السياسي العراقي القسطَ الأكبر من مسؤولية العجز عن إدارة الصراع ضد العلاقات الإمبريالية الصهيونية الوظيفية في المنطقة..
* بوقوعه مرَّةً في المطبات والشِّراك التي كانت تُنْصَبُ له بسهولةٍ لا تُتَوَقَّع من نظام سياسي يُعِدُّ نفسَه ويُؤَهِّلُها ليقودَ قوى الثورة والتغيير العربية كلِّها..
* وبنزوعه مرَّةً إلى الذاتية الممعِنة في "الأنا السياسية" الخالقة للفجوات والحافرة للمسافات البعيدة بينه وبين من يُفْتَرَض أنهم جماهيرُه..
* بتعامله مع "القضية الفلسطينية" بصفتها ورقة يفعِّلُ بها مشروعَه القومي، بدل أن يكون مشروعَه القومي هو الرافعة التي يسند بها تلك القضية التي تمثل جوهر المشروع القومي برمته، من خلال سيرورة تفاعلية مع تفاصيلها تبعده عن أن يكون مجرد لاعب لا يختلف عن باقي اللاعبين الذين ليسوا حملة مشاريع حقيقية، بقدر ما هم باحثين عن أوراقٍ وروافعَ تسند بقاءَهم على خشبة المسرح بالشكل الذي رسموه لأنفسهم من خلال كلِّ أدوات الماكياج السياسي..
* وبعجزه المطلق عن اختراق المؤامرة الإمبريالية التي لم تكن على ذلك القدر من الجبروت، إذا هو تَمَكَّن فقط من الالتحام الكامل والموضوعي والصحيح، بقاعدته الجماهيرية المفترضة. فهو قد تجاوز كلَّ قواعد الالتحام المنتجة والفعالة، والقائمة على ركائز أربع لا يمكن فصل إحداها عن الأخرى، ولا بأيِّ شكل من الأشكال، وهي..
- نزوعٌ فعلي إلى فكرة قومية عربية وحدوية نهضوية مقاومة للإمبريالية وللصهيونية وللوظيفية، وواعية لضرورة تحطيم مخرجات الخريطة السايكسبيكوية..
- نزوعٌ جوهري إلى العدالة الاجتماعية، القائمة على تخليق نموذج اقتصادي نهضوي تنموي، يستند إلى الخصوصية القائمة على "الدور" و"الموارد" و"الثقافة"..
- نزوعٌ حقيقي إلى الحرية والتشاركيَّة، القائمة على دولة مدينة ديمقراطية تعدُّديَّة..
- نزوعٌ واعٍ إلى الرهان على قدرة الجماهير على خوض المعركة ضد العلاقات الإمبريالية الصهيونية الوظيفية، من خلال إدماجها إدماجا كاملا وحقيقيا في كلِّ عناصر تلك المعركة ومراحلها وتفاصيلها، ومن خلال جعلها تسهم إسهاما فعليا في التأسيس لها وبناء مقوماتها بنفسها، عبر التلاحم مع نظام سياسي يقودها ويوجهها خطوة خطوة إلى لحظات المواجهة الحاسمة عبر مؤسسات دولة تقوم على "العدالة" و"الحرية" بصورتيهما المشار إليهما..
وهي الأمور التي لم يُقدم عليها "النظام العراقي" قائد معسكر المواجهة منذ عام 1976 وحتى تاريخ زواله عام 2003، وبشكل تفاعلي فيما بينها خلال سيرورة المشروع النهضوي، لا من قريب ولا من بعيد على ما بدا عبر تاريخه على مدى 27 سنة من نمطية هزيلة وغير مبدعة في مقاومة العلاقات الامبرالية الصهيونية الوظيفية، نمطيَّة لم تخرجه من دائرة "رفع الشعارات"، و"الاستعلاء الأيديولوجي"، و"الرعونة السياسية"، و"العاجية النضالية"، خالقا لنفسه خطته الخاصىة القائمة على "شعارية الركيزة الأولى"، فيما لم تكن معنية بأيٍّ من "الركائز الثلاث الأخرى".
وقد أنبأ كلُّ ذلك عن انعدامِ أيِّ تناغمٍ فعلي بين ممارسته وأدائه من جهة، وبين متطلبات ما طرح نفسه متبنياً له من قيادةٍ للأمة من جهة أخرى. ففشل في أن يفرض على الإمبريالية وعلى الصهيونية وعلى الوظيفية بالتالي الأسلوب الجماهيريَّ في المقاومة. وهو الأسلوب الذي لم يبدأ بأخذِ موقعهِ في بُنْيَة الفعل الثوري الجماهيري إلاَّ مؤخرا وبعد سقوط بغداد.
الثانية.. ثبوتُ فشل النهج الثوري الفوقي النظامي الرَّسمي – الذي لم يَتَكَوَّن أو يتخَلَّق عبر صيرورةٍ وتطورٍ جماهيريين حقيقيين – في أن يتحول إلى هَرَمٍ ثوري قِمَّتُهُ ثورية. وفشلُه في النهوض بالإنسان العربي الخارجِ لتَوِّهِ من براثن الاحتلال والجهل والتخلف. وفشله في الرقي بهذا الإنسان ليجعلَ منه سندا فعليا لثورةٍ مستمرة، لأنه لم يبدأ من القاعدة الشعبية، ولا استمر فيها، ولا بنى مشاريعَه على جوهرية إشراكها في المعركة، لتكون المعركة معركتَها شكلا ومضمونا، خارج نطاق الشعارات التي كانت وبالا على هذا النهج وعلى هذه الجماهير، وعلى الثورة الحقيقية بالتالي.
لا يمكن لنظام سياسي ارتقت سِدَّة الحكم فيه فجأة – بشكلٍ أو بآخر – نُخْبَةٌ من الثوار أو من الوطنيين الأشراف الطامحين إلى التغيير الفعال في مجتمعاتهم، أن يقاومَ وأن يخوضَ غمار ثورة حقيقية وشاملة وقادرة على الاستمرار ومواجهة كافة الأخطار والمؤامرات، ما لم يكن نظاما يقود شعبا ثائرا أو شعباً مُهيئا للثورة، اختمرت فيه عبر تراكمٍ زمني كافٍ كلُّ صواعق الانفجار، المتمثلة..
* في وعي ذلك الشعب بقضيته وملابساتها وعيا كافيا لتخليق آليات الفعل الثوري..
* وفي إدراكه لمفاعيل نهضته وثورته بشكل يساعد على خلق حالة ثورية ناضجة وليست انفعالية..
* وفي استشعاره لتناقضاته مع أعدائه الذين سيثور عندما يثور ضدهم بشكل حقيقي وعميق ومُنْتِج..
* وفي استكماله لعناصر بنائه النفسي والروحي المقاوِم، وبُناَهُ التنظيمية والحركية والمؤسسية القادرة على مُمارسة الفعل الثوري..
وهذا ما أظهرت الستون عاما الماضية، أن الجماهير العربية – التي بدأت حياتها المتَطَلِّبَة للنضال الفعلي والواعي والناضج، عَقِبَ تَحْقيق استقلالها السياسي غير المكتمل، والمُصاغ في أتون معادلات مرْبِكَة ومُضطربة من الفوضى السياسية – لم تكن مستعدة له ذلك النوع من الاستعداد الدقيق والقادر على الدفع المستمر بالحراك الثوري نحو تحقيق النصر.
فمنظومة الأنظمة العربية الوطنية – ونقصد بالأنظمة الوطنية في هذا المقام، تلك التي كانت تعلن عدم قبولها بمبدإَ المهادنة مع الإمبريالية وعلاقاتها الصهيونية والوظيفية في المنطقة بالمجان السياسي – التي بدأت مسيرتَها بنظام جمال عبد الناصر في مصر، منتهية بنظام "آل الأسد" في سوريا، مرورا بكلٍّ من النظام العراقي في عهد حزب البعث بقيادة "صدام حسين"، وبالنظام الجزائري في عهد "حزب جبهة التحرير الوطني" في عهد "هواري بومدين"، وإلى حدٍّ ما بالنظام الليبي في "عهد معمر القذافي"، أثبتت جميعُها أن لكلٍّ منها مظاهرَ عَجْزِه الخاصة به في عدم القدرة على تثوير شعوب الأمة العربية، ودفعها إلى الصدام الكامل والعميق مع العلاقات الإمبريالية الصهيونية الوظيفية في منطقة المشرق العربي.
فإذا استثنينا النظام الجزائري الذي يُعَدُّ الوحيدَ في تلك المنظومة الذي تحقق في أرض الواقع بثورةٍ شعبية تحررية شاملة وواسعة، رغم أن الجغرافيا والتاريخ والجيوسِياسَة وقفت وتقف بالضرورة حاجزا يمنع من أن يكون هذا النظام نظاما حاضنا للثورة العربية الوحدوية والتَّحَرُّرِيَّة الشاملة، فإن الأنظمة الأربعة الأخرى جميعها في واقع الأمر لم تصل إلى سدة السلطة بثوراتٍ من النوع الجزائري، وطني الطابع، أو من النوع الإيراني الاجتماعي الطابع لاحقاً.
بل هي كلها قد وصلت بانقلابات عسكرية، حتى ما كان منها عقائديا حزبيا كنظامي البعث في بغداد ودمشق. وبالتالي فليست الشعوب بتراكم نضالاتها وأفعالها الثورية الحتمية، هي التي أوصلت أولئك الثوار إلى قِمَّةِ الهرم السياسي في بلدانهم. كما أن النظام الليبي بالتحديد، انطوى على نفس العناصر الجغرافية والجيوسياسية والتاريخية المعيقة لاحتضانِ دورِ الريادة في المعركة الشاملة ضد الإمبريالية، فضلا عن حُزْمَةٍ من العناصر الاقتصادية والديموغرافية الذاتية المانعة أيضا.
وهو الأمر الذي يجعل الأنظمة التي كان من المحتمل أن تحتضن بذورَ التحشيد الجماهيري الفعلية والفاعلة في مسيرة الثورة العربية، هي "مصر" و"العراق" و"سوريا". وقد بُدِئَ بتحييدها وإبعادها نظاما تلوَ الآخر، كلٌّ بالأسلوب الذي يناسبه والذي تفرزه المرحلة كأسلوبٍ مناسبٍ وفعال. ولم يبق سوى النظام السوري في المرحلة الراهنة، ينتظر مصيرَه في هذه المعركة الحاسمة التي بدأت تتجسَّد نتائجُها عبر ما يحدث على الأرض السورية حاليا، وهي المعركة التي – وإن نشأت واندلعت في ظروف غير إمبريالية – تحاول الإمبريالية والصهيونية والوظيفية عبر اختراقها والعمل على تشتيتها وتجييرها والقفز على مشروعها، تحييدَ كل المؤسسات العربية الرسمية ذات الطابع المقاَوِم، بصرف النظر عن كون هذا الطابع المقاوم هو "طابع فعلي" أو "طابع دعائي"، وبصرف النظر أيضا عن كون هذا الطابع يتحرك "ضمن أجندة قومية عربية تحررية حقيقية"، أو "ضمن أجندة إقليمية تقع مواجهتها داخل دائرة الاهتمامات الأميركية الإستراتيجية". والإمبريالية الصهيونية الوظيفية إذ تتحرك ناشطة في هذا السياق التحييدي، فإنها تلجأ إما إلى تكريس نماذج شبيهة بالنموذج المصري الساداتي، وإما – إذا اضطرت إلى ذلك وقَدِرَت عليه – باللجوء إلى الأسلوب الذي تعاملت به مع النموذج العراقي البعثي الصَّداَّمي.
وإذن فالفجوة السياسية والوعيوية والمؤسسية والنفسية.. إلخ، بين أولئك القادة الثوار وبين شعوبهم كانت قائمة منذ البداية، لا بسبب أن تلك الشعوب لم تكن راضية عن أفعالهم الانقلابية تلك أو عن تداعياتها اللاحقة بالضرورة. بل هي كانت راضية عنهم كل الرِّضى في الغالب، لأنها رأت فيهم نموذجا من نماذج المواجهة التي كانت تطمح إلى تَقَمُّصها ومحاكاتها، وخاصة في البدايات، عندما لم تكن منظوماتُ وحزمُ الأخطاءِ السياسية التكتيكية والإستراتيجية القاتلة قد بدأت تفرض نفسَها على أرض الواقع، على شكل مُمارساتٍ متناقضة وغير مفهومة، بسبب ثقلِ الواقع حينا، وعدم اتضاح الرؤية حينا آخر، وتَضَخُّم الأنا السياسية الفردية أو الحزبية لأولئك الثوار أحيانا كثيرة.
نقول.. إن الفجوة الكبيرة كانت قائمة لا بسبب ذلك، بل بسبب عدم النضج الكافي للبُنى الجماهيرية وللمؤسسات الثورية في صفوف الجماهير من جهة، وبسبب عدم وعي تلك القيادات بكل تفاصيل العمل الثوري الذي من شأنه أن يسَرِّع في ردم الهوة بينها وبين جماهيرها من جهة أخرى. عدم الوعي هذا دفع برجلٍ مثل "جمال عبد الناصر" رغم كل وطنيته ونقائه وشعبيته وكارزميته، إلى أن يرتعد خوفا بعد هزيمة 1967، خشية أن تقوم إسرائيل باحتلال القاهرة إثر انهيار الجيش المصري في سيناء، وعدم وجود قوة عسكرية تدافع عن العاصمة، لولا أن خفف من رعشة الرعب لديه رئيسٌ "مقاتل" مثل "هواري بومدين"، يقيس الأمور القتالية بمقياس الشعوب والجماهير لا بمقياس الجيوش والعسكرتاريا، عندما فاجأه مفاجأة صَدَمَتْه، بِتَمَنِّيه أن تصل الحماقة والغطرسة بإسرائيل إلى حدٍّ تدفعانها بموجبه إلى فعل ذلك، كي تُعفيَ العرب من مغبة الاضطرار لمناجزتها بالجيوش النظامية عقودا كاملة قادمة من الزمن.
لكن إسرائيل كانت ذكية على ما يبدو ولم تفعل ما خاف منه الرئيس الكبير "جمال عبد الناصر".
إن هذا اللاوعي الثوري الذي كشف عنه عبد الناصر رغم زعامته الكاريزمية الفذَّة، أكد أنه قائد غير محنك في تحويل الجماهير إلى قنابل ثورية تهزم الأعداء عندما يكونون أكثر قوة نظامية منا. إن الأنظمة التي هذا هو نموذجها القائد، وهو نموذج أظهر عجزاً حقيقيا بالمعايير الثورية الشعبية الجماهيرية رغم أنه حافظ على رمزيته النقية والمشرفة لكل شعوب العالم الثالث حتى الآن، ما كان لها أن تجرؤَ على التفكير على طريقة "ماو تسي تونغ"، أو "جياب"، أو "هوشي منه"، أو "جيفارا"، في مقارعة الإمبريالية، ما جعلها بدل أن تُسهم في عملية ردم الهوة الموجودة بينها وبين جماهيرها على هذا الصعيد، تسهم في توسيعها، بخلق التناقضات التي كانت تبدأ صغيرة لتتفاقم تدريجيا بينها وبين تلك الجماهير، غير مُدْرِكَة أن الإمبريالية نفسَها تَهدف فيما تهدف إليه من وراء ضغوطاتها المتلاحقة عليها، إلى إرباكها بالقدر الذي لا يتيح لها فرصة الالتحام بالجماهير بالشكل الدافع بالحركة الثورية الجماهيرية إلى التكَوُّن، فالتطور والنماء، فالاكتمال.
لم ينتبه الرئيس الراحل" جمال عبد الناصر" إلى أهمية جعل الثورة حالة جماهيرية تبنى قيادتَها الثورية وأداءَها الثوري وسيرورَتَها الثورية، عبر تكريس حالة مميزة وفريدة من التزاوج بين قيمتي "الحرية" و"العدالة"، إلا في وقت متأخر من سنيِّ حكمه الـ "18"، بدأ بعد هزيمة حزيران عام 1967، التي كشفت عن فشل "الاتحاد الاشتراكي" – الذي أثبت أنه واحدٌ من أكثر نماذج "الحزب الواحد" التي عرفها العالم قدرة على تصعيد كل أشكال الانتهازية والوصولية والرجعية والطفيلية إلى مواقع متقدمة جدا في الهرم السياسي – في أن يتحول إلى حالة جماهيرية، بعد أن أصبح هذا الاتحاد هو ذلك النموذج الحزبي الأحادي المتفرِّد الصانع للهزيمة النكراء.
وعندما اكتشف الرئيس "جمال عبد الناصر" ذلك بدأ في تأسيس "حركة طليعية" سرية داخل "الاتحاد الاشتراكي"، كي تنقلب عليه وتطهره وتعود بمصر إلى "الحرية"، التي اكتشف الرئيس متأخرا ضرورَتَها لإنتاج شعب ثائر. لكن الوقت كان متأخرا، فالسنوات التي فصلت بين الهزيمة وموت الرئيس "عبد الناصر" لم تكن كافية للإصلاح، فرحل والسرطان مستفحل، ليقودَ "الاتحاد الاشتراكي" الذي أسسه زعيم التَّحَرُّر في العالم الثالث، مصرَ إلى أن تصبحَ واحدة من أكثر دول العالم رجعية وتبعية ووظيفية في سنوات قليلة.
لقد بدا واضحا أنه كلما تمَّ تحييد نظام عربي من تلك الأنظمة التي صُنِّفَت على أنها وطنيةٌ بالمفهوم الذي أوضحناه للوطنية الرائجة في القاموس السياسي الرسمي العربي، عن ساحة المواجهة ضد العلاقات الإمبريالية الصهيونية الوظيفية، كلما بدأت تتكون وتتخَلَّق في الواقع عناصر جنينية لبُنْيَةٍ ثورية جماهيرية هنا أو هناك في المشرق العربي، كبديل أو كإرهاصٍ ببديل يَتَشَكَّل.
إلى أن غدا من الممكن التأكيد على أن المرحلة القادمة التي يبدو أن الساحة العربية قد تخلو فيها من أيِّ عنصر وطني مقاوِمٍ على مستوى الأنظمة السياسية، بسبب أن آخر تلك الأنظمة هو قيد الترحيل والتحييد في معركةٍ غيرِ واضحةِ المعالم، تُحاكُ خيوطها بهدوءٍ تام وتُدَبّر فصولُها بليلٍ، هي المرحلة التي ستُفْسِحُ فيها فكرة "ثورة الأنظمة" القديمة، المجالَ واسعا لـ "ثورة الشعوب" الجديدة، القائمة على أن الثورة لا يمكنها أن تنجح حتى في أن تَتَخَلَّقَ وتَتَكَوَّن بطريقةٍ سليمة، ناهيك عن أن تنموَ وتتقدمَ في مسيرة التحرير الكبرى من العلاقات الإمبريالية الصهيونية الوظيفية، إلاَّ إذا كانت جماهيريةً تولد في الجماهير، وتسير بها ومعها، وتصل برفقتها إلى النهاية المحتومة.
إننا على صعيد بُنْيَة الذهن المقاوِم للجماهير العربية، نلامس أطراف الحِقْبَةِ الثورية الثالثة في مسيرة مجابهة العلاقات الإمبريالية في الوطن العربي. فالحقبة الأولى التي سلَّمت فيها الجماهير العربية زمام أمرها وأمر قضاياها ومستقبلِها للأنظمة العربية عموما، وهي مطمئنةٌ إلى وجود منظومةِ أنظمةٍ وطنية تكفل عدم ارتهان مصيرها وإضاعته هدرا، وَلَّت وانتهت بانتكاساتٍ وهزائمَ وخيباتِ أملٍ لا تعد ولا تُحصى، مُنِيَت فيها تلك الجماهير بأقصى وأقسى أنواع الخسارة المُتَصَوَّرَة، ليس على صعيد مواجهة الإمبريالية والصهيونية فقط، بل حتى على صعود قيمتي "الحرية" و"العدالة"، اللتين كانتا تمتهنان وتؤجلان بحجة الحشد للمعركة الحاسمة مع أعداء الأمة، لتكتشف الأمة، أنها فقدت حريتَها وانكفأت إلى كلِّ أشكال الظلم والفساد والقبول بأبشع أنواع الطبقية، دون أن تخوض تلك الأنظمة أيَّ معركة مع أعدائها لاستعادة حقوقٍ تمَّ الترويج لفكرة أن ثمن استعادتها هو تأجيل المطالبة بالحرية، والتواضع عند المطالبة بالعدالة.
لقد فشلت الأنظمة الوطنية كلها وبلا استثناء في أن تكون في مستوى تطلعات جماهيرها من جهة أولى، وبعد أن أظهرت التجارب من جهة ثانية، أن الأنظمة "الوظيفية"، هي جزء لا يتجزأ من خندق الإمبريالية التي تعادي الجماهير نفسِها، ما لا يصح معه الاعتماد عليها في استعادة الحقوق، لأن الحقوق هي في الواقع مرتهنة ومعتقلة عندها، الأمر الذي يجب معه أن تُقاوَمَ، شأنُها شأنُ الذراع الآخر الحالي للإمبريالية "إسرائيل" ولا فرق.
أما الحقبة الثانية التي راهنت فيها تلك الجماهيبر على المد الثوري الشعبي الفلسطيني في تحقيق آمالها وتطلعاتها الوطنية والقومية، فقد آلت هي أيضا إلى زوالٍ وخيبةِ أملٍ، بعد أن فشلت المقاومة الفلسطينية التي مثلت بحق أم الثورات العربية، في تعبئةِ وتثويرِ جماهيرِ الأمة في دول الجوار الفلسطيني وتحشيدها ضد المشروع الإمبريالي، بسبب تَحَوُّلِها إلى النظام العربي الحادي والعشرين، الذي أثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه ليس أقل وظيفيةً وإسهاما في تأسيس الصهيونية العربية من باقي الأنظمة.
تحولت الثورة إلى سلطة مهترئة تمثل نظاما عربيا، رَبَطَ نفسَه وقيَّدَها بالقيود التي لا يمكن للجماهير أن تتحرر على وجه الحقيقة إلاَّ إذا انعتقت منها ابتداءً. لقد تأكدت لدى الجماهير العربية حقيقة الحقائق كلها بعد أكثر من نصف قرن من المعاناة والضياع والتضحيات والخسائر، ألا وهي أن مقاومة العلاقات الإمبريالية في الوطن العربي، لن تنجح إلا إذا تحققت فيها عدة شروطٍ يمكن حصرها في ما يلي..
1 – مقاومة أنظمة التجزئة القطرية الوظيفية، ومواجهة كافة مخططاتها على الصعيدين القطري والقومي، وعمل كل ما في الوسع لانتزاع مواقع متقدمة منها على صعيد الحريات والحقوق السياسية والعدالة الاجتماعية، وعدم إعطائها أيَّ فرصة لالتقاط الأنفاس، وكشف كافة أساليبها الملتوية ومؤامراتها التي لا تتوقف على ثروات الشعوب العربية، وتعبئة الجماهير ضدها بكل أشكال العمل الجماهيري التعبوي وألوانه، وعدم مهادنتها في تلاعبها بمستقبل الأمة ورهنها لمقدراتها ومقامرتها بها بهذا المستوى غير المسبوق من السَّفَه، والتشهير بكل ما تمارسه من أعمال وما تعقده من اتفاقات في السِّرِّ والعلن، وحشد كافة ما يتاح من وسائل إعلامية وفكرية وثقافية وفنية وغيرها إن وُجِدَت، لمحاصرتها وتحجيم حيِّز تأثيرها على معادلات الحراك الجماهيري، كي تحقق الجماهير خطواتٍ فاعِلةً في مسيرة النضال والجهاد ضدها. والتنسيق في هذا الشأن مع كل جهة عربية تعمل ضمن الاتجاه نفسه وتسعى لتحقيق الأهداف نفسها.
2 – مقاومة المشروع الصهيوني الإمبريالي الاستيطاني "إسرائيل"، بكل ما يتاح من وسائل وأساليب، ودعم كافة مظاهر النضال والجهاد الفلسطينيين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بوصف ذلك مظهرا من مظاهر محاصرة الكيان الصهيوني وقصقصة أجنحته وتخفيف حدة تأثيره على الحراك السياسي والعسكري في المنطقة، والحرص على أن لا ينفصل هذا الجانب من جوانب مقاومة علاقات الإمبريالية عن سابقه، كي تحققَ الحركة الجماهيرية بهذه الطريقة الشاملة في المقاومة نوعا من التأثير الفعال على الجبهتين، حارمة كل جبهة منهما من قدرتها على رفد الجبهة الأخرى بعناصر المقاومة والصمود والبقاء.
والعمل على أن تكون ساحات الجوار المحيطة بكافة الأراضي المحتلة ساحات انطلاقٍ لمسيرة مقاومة ومواجهة استنزافية طويلة لا تنضب للكيان الصهيوني، تَقَدُّماً بمسيرة النضال والجهاد ضده خطواتٍ إلى الأمام للدَّفع باتجاه الحسم النهائي، وطرح كافة ما يساعد على تحقيق كل ما سبق ذكره في هذا البند ضمن برامج القوى الوطنية العاملة على الساحات القطرية ضمن الحاضنة القومية، وبالأخص في تلك المجاورة للأراضي المحتلة، وتوضيح الخطط والأساليب التي ستنفذها الحركات إذا ما استلمت السلطة في أيِّ مكان، لرفد هذه الرؤية المُقاوِمة بكل عناصر الديمومة والنماء، حتى تحقيق النصر النهائي.
3 – مقاومة الإمبريالية الأميركية على الصعيد العالمي بالوسائل الإعلامية والسياسية والدبلوماسية والقانونية والاقتصادية، وبعقد التحالفات الثنائية وغير الثنائية مع الدول والمنظمات والهيئات المعادية لها والعاملة في مجال مكافحة مشاريعها وأطماعها في العالم، أيا كانت هذه الأطماع. وتأسيس القنوات التلفزيونية المناسبة شكلا ومضمونا، لتعبئة شعوب العالم، وخاصة الشعوب الأوربية والشعب الأميركي، ضد ممارسات الإمبريالية في العالم، بكشف جرائمها وتدميرها للإنسان وللطبيعة، ومحاربتها للعدل وللحرية على صعيد هذا الكوكب، رهانا على أن تلك الشعوب هي بالقطع مُضَلَّلَة في غالبيتها، الأمر الذي يجعل كشفَ حكومات وإدارات الدول الإمبريالية أمامها يعمل بالضرورة في اتجاه تحقيق النصر النهائي والحاسم على مختلف علاقاتها على مستوى العالم.
4 – تقديم كل أشكال الدعم الممكنة والمتاحة والمقدور عليها، لكل الشعوب والمنظمات الثورية والأحزاب السياسية التي تقاوم الإمبريالية ومشاريعها في كل مكان في العالم، انطلاقا من افتراضٍ صحيحٍ وصادقٍ مفاده أن مثل هذه الأعمال الداعمة لمحاربي الإمبريالية على الصعيد العالمي، ستُسْهِم قطعا في إضعافها وفي هزيمتها في نهاية المطاف.
5 – العمل الدؤوب بحُنْكَةٍ ودرايةٍ ووفقَ منظور إستراتيجي ناضجِ المعايير عميق الرؤى، على خلق القاعدة العربية الثورية الآمنة التي تقدر على احتضان الحركة الثورية العربية المقاوِمَة لكافة العلاقات الإمبريالية الصهيونية الوظيفية في الوطن العربي. على أن تكون هذه القاعدة "الدولة"، نتاجا خالصا لحركة الجماهير في نضالها ضد تلك العلاقات، ضمانا لبقائها في حالة التحامٍ تام ودائم مع باقي فصائل المقاومة والثورة والتغيير في كافة الدول العربية التي يتطلب وضعها ذلك من جهة أولى، ومع القوى المقاوِمَة لإسرائيل في كل مواقع المواجهة من جهة ثانية.
قد يكون إخراجُ سوريا من اللعبةِ وتحييدُها في مواجهة المشروع الإمبريالي الصهيوني الوظيفي في المنطقة العربية، بإعادة الجولان لها ضمن سيناريو مشَرِّف، أمرا مطروحا في المرحلة القادمة، سواء بقي النظام البعثي في سدة الحكم أو رحل أو التقى مع معارضيه في منتصف الطريق، عبر إيجاد حلٍّ يرضي السوريين ويقنعهم بأن صبرهم الطويل لم يضع هدرا، وبأن سياسة التوازن الإستراتيجي والمقاومة بالوكالة عبر لبنان، قد أسفرتا عن نتائج هامة على صعيد التحرير. ليتم إدخالهم وبلدَهم في مرحلةِ انفتاح سورِيَّة شبيهة بنظيرتها المصرية الساداتية. وليتم التفرغ بعد ذلك لعناصر القوة المتبقية في الإقليم بالشكل الذي تفرضه طبيعة المعادلات السائدة بعد تَحَقُّق هذا السيناريو الصعبِ صعوبةَ إقناع كل السوريين عندئذٍ بأن سوريا قد استعادت أرضها المحتلة وانتهى الأمر، وتحققت لها بالتالي الرسالة الخالدة التي تدعو إليها الأمة العربية الواحدة التي تنادي بها باعتبارها قلب العروبة النابض.
ولنا فيما بدأت تلوح له بوادرٌ في الأفق من تخليقٍ لدولةٍ سوريةٍ هشَّة على الشاكلة العراقية، ما يدفع إلى الاعتقاد بأن سوريا القادمة يجب أن تختار بين أمرين لا ثالث لهما..
- فهي إماَّ أن تقبلَ بالحل الساداتي على المقاس السوري ووفق الظروف الدِّمشقية، حفاظا على السلم والأمن اللذين نعمت بهما مدة طويلة رغم احتلال أراضيها، وطمعا في رفاهية مُتَصورة بالانفتاح على العالم الحر والرأسمالي انفتاحا ساداتيا، وإن يكن بثوب دِمَشقي يستعد لارتدائه كلُّ من يتخندقون الآن وراء صبر الشعب السوري لوراثة آلامه وحرمانه الطويل، مواقعَ اقتصادية تحوِّل سوريا إلى مصر ساداتية جديدة.
- وإما أن تتخندق في خندق الجماهير العربية الذي بدأ يتشكل بوصفه الرافعةَ الوحيدة لمواجهة الأمبريالية بكلِّ أشكالها، وباعتباره حاضنةً مضمونةَ النتائج على المدى البعيد، لكل أيديولوجيات المقاومة ضد كل الأذرع الاستعمارية في المنطقة العربية. لتتحول بالتالي وأياًّ كانت نتائج ما يحدث على الأرض السورية في هذه الأيام، إلى قاعدةٍ آمنة لقوى المقاومة والتحرر العربيين بالمعنى الحقيقي وليس المجازي، انسجاما مع الطرح ومع الخطاب القوميين والثوريين المقاوِمَين للقطر العربي السوري ولقيادته وبالتالي لشعبه، وذلك بالضبط كما كانت فيتنام الشمالية في حينها بالنسبة للشعب الفيتنامي كله.
فهل نحن في دمشق، على أعتاب ظهور نظام ساداتي جديد، أم نحن على أعتاب ظهور نظام "هو شي مِنَّه" جديد؟!!
نترك الإجابة لمقبل الأيام والشهور، فهي وحدها القادرة على ذلك..