اللحظات الحاسمة في حياة الزعماء ..!

جريدةالرؤية العمانية ..

نال إعجابيمؤخرا كتاب صدر حديثا يدعى " اللحظات الفاصلة في حياة الزعماء " لمؤلفهرمزي الميناوي وهو يفرغ آخر رمق من الضوء على اللحظات الأخيرة والحاسمة عندالزعماء .. أولئك الذين تنازلوا عن العرش وسقطوا ونُفيوا واُبعدوا وأُزيحواوهُزموا إلى لا آخر تلك القائمة ؛ وقد صنّف لحظاتهم حسبما الظروف التي عاينها كلمنهم فقضت على تاريخ بعضهم وخلدت آخرين في مضمار الرئاسة ..
ومن أهم تلكاللحظات وأعتاها على النفس هي لحظات تنازل عن العرش .. وهنا يذكر المؤلف قصة" نابليون بونابرت " وهو تنازل مذل بعد العظمة .. وهناك لحظات منالانتحار موردا حكاية ملكتين كان لهما الحظوة والشهوة والسيادة والجمال والثروةوهما " كليوباترا " التي انتحرت من أجل " أنطونيو " وكذلكملكة " زنوبيا " ملكة تدمر .. وهناك من عايش لحظات متباينة ما رعب ومابين دموع وما بين جسارة هائلة قلّ نظيرها كلحظة تنفيذ حكم الإعدام وهنا حشد عدةشخصيات مهمة كـــــ" تشالز الأول " و" صدام حسين " و"عمر المختار " و" تشي غيفارا " و" عبدالكريم قاسم "وأيضا " تشاوشيسكو " الذي بكى كالأطفال لحظة إعدامه وشتّان ما بين إعدامأبطال وما بين إعدام مجرمي حروب ..!
ولحظةالاستسلام المكللّة بالعار مثل الإمبراطور العتيد " هيرهيتو " الذي وقّعوثيقة الاستسلام بدموعه .. ولحظة الاستقالة القهرية كإستقالة " ريتشاردنيكسون " ولحظة الهروب كـ" شاه " إيران الذي هرب ولم يبك عليه أحد..! وأخيرا لحظة الانتصار " محمد الفاتح " في لحظة تحقق البشارة النبويةبفتح القسطنطينة و" طارق بن زياد " ولحظة فتحه الأندلس وهي لحظة لنينساها التاريخ ..
هنالك لحظاتعديدة ومتباينة عايشها كثير من الزعماء عصفت وأرعدت وبالوقوف والتأمل في تلكاللحظات نخرج بنتيجة أن معظمها كان بفعل " الرئيس " نفسه بسبب مواقفهتجاه شعبه من ناحية وتجاه الدول الأخرى في علاقاته الدولية .. كل تلك الأسبابالجامعة وغيرها هي مبعث هلاكه .. ففي وقت الحاضر يشهد التاريخ على سقوط ثلاث رؤساءعلى رأسهم " زين العابدين بن علي " الذي اشتهر مع ثورة الياسمينالتونسية بــ" زين الهاربين " الذي هرب حاملا حقائب جبنه .. والمخلوع "حسني مبارك " الذي افتعل المرض على سرير الخيبة والهزيمة .. والمقتول على يدشعبه العقيد " معمر القذافي " الذي اقتادوه كجرذ من أنابيب الصرف الصحي ..أما الرابع فسقوطه قاب قوسين أو أدنى فهو يترنّح كالديك في رقصته الأخيرة المهزومةكــ" بشار الأسد " الذي خان اسمه قبل أن يخون شعبه ووطنه براجمات الصواريخوالقاذفات التي استباحت الدم السوري ..! مع إشارة مهمة أن كل من سبق من الرؤساءالساقطين قد خانوا أسماؤهم ..!
ومن خلال تلكالمصائر والمواقف العديدة يؤمن المرء في أن قوة " الرئيس" في حكمته تكونأول ما تكون في اتزان مواقفه الدولية تجاه العالم وبوقفاته الإنسانية تجاه كل ماهو إنساني يقف على قضاياهم وقفة فعلية للإصلاح ولرأبّ الصدع ولإعادة الأمور لصالحالحق ؛ أما الذي يوّرط شعبه ووطنه في قضايا لا تجلب لهم سوى الدمار والخسران وتذيقالشعب بأكمله ويلات حروب وهزائم تاريخية ونكسات هائلة تطال أول ما تطال الوطن نفسهوهيبته وقوته .. وكل ذلك في سبيل قرارات يتخذها " الرئيس " على وفقأهوائه الشخصية وكان من المفروض والواجب المسؤولية أن يضع آراؤه في كفة والوطن فيالكفة الأخرى ؛ ليدرك أحقية وعظمة المسؤولية على عاتقه كرئيس دولة ..!
ولعل خير مثالفي الوقت الحاضر على سبيل المثال لا الحصر هي التهديدات التي وجّهتها جمهورية إيرانالإسلامية تجاه دولة الإمارات في قضية الجزر وما تحمله من نظرة استعلائية وقد كتبتصحيفة إيرانية تحذيرا للرئيس الإيراني " نجاد " من أن تلك اللغةالاستعلائية والنبرة المستفزة تجاه قضية الجزر الإماراتية قد تقلب الأمور في إيرانوقد يواجه الرئيس الإيراني ما واجهه الرئيس العراقي السابق " صدام حسين" حين هاجم الكويت ..!
فكما هو معروفأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعاني من مشاكل عديدة على الصعيد الدولي ما لهعلاقة بالملف النووي وتدخلات الإيران السافرة في معظم قضايا الوطن الخليجي والعربيناهيك عن أزماتها الداخلية والتي فاقمتها الضغط وسياسة التدخل الخارجي كالأزمةالاقتصادية ولما لها من تبعات تأثيرية جمّة على المستوى المعيشي وانتشار الفسادوالاختلاس وتفشي الفقر نتيجة ارتفاع حاد ومضاعف في أسعار المواد الغذائية لدرجة أنسعر الدجاج وكما صورتّ وعبرت رسوم الكاريكاتور الفارسية في معظم صحفها أن سعرهابوزن الذهب ..!
وأزمة شرعيةالنظام ونتيجة لذلك هناك مساع كاشفة لكبت الحريات في ظل نظام إسلامي متشدد وفوقهذا بوليسي ومقموع لكل من يخالفه .. كماأنه يقمع الأقليات وتلك التي تخالف منهجها ومذهبها بنظرة طائفية مقيتة تحكم البعضحد الهوس المرضي كقضية إعدامات شباب الأحوازيين والتضييق عليهم على عدة أصعدة ..!
وقد ختمتالمقالة قولها في الصحيفة برسالة تنبيهية موجهة إلى الرئيس الإيراني " نجاد" قائلة له : " الإمارات هي كعب أخيل إيران فعلينا أن ندرك ذلك والحلالوحيد هو الدخول في مفاوضات معها لا أن تحتقرها ؛ لأن هذا الجار الصغير الذي كانقبل ثلاثين عاما مجرد صحراء قاحلة أصبح اليوم أحد أكثر البلدان تطورا في المنطقةوبإمكانه أن يتسبب في أن نفقد بلادنا وما فيها " ..
قصارى القول :على كل دولة أن تعي كل ما تقوم به وتوازن قراراتها قبل أن تنّدفع وتتهور .. وأنتضع أولا وأخيرا في حسبانها الشعب وكرامته ويكون همّها الأساسي الوطن ومصلحتهورفعته ؛ كي لا يعظّوا أصابعهم ندماً حين يسقطون بإرادة وعزيمة الشعب وواقعنااليوم صفحة مفتوحة بوضوح كلي وشامل للعيان ..!

ليلى البلوشي
Lailal222@hotmail.com

__._,_.___