الطلاق الإلكتروني .. هل يقع؟
القاهرة : مي
محمود

في الوقت الذي يجيز فيه بعض العلماء الطلاق
الالكتروني ، حيث يقولون: إذا ثبت أن الزوج اتصل أو أرسل رسالة نصية عبر هاتفه
الجوال، ورد فيها طلاقه للزوجة، سواء بعث بذلك إلى زوجته أو أهلها فإن الطلاق وقع،
ولكن علماء آخرين يرفضون هذا الأمر لاشتراط بعض المذاهب للشهود، ووجود مظنة
التزوير والغش، وهو ما يمنع وقوع هذا النوع من الطلاق.
وفى السطور التالية
نحاول معرفة التأصيل الشرعي للقضية.

طلاق
بدعي
الدكتور محمد بن أحمد صالح الصالح ـ أستاذ الفقه بجامعة الإمام
محمد بن سعود ـ يقول : إن الزواج في الشريعة الإسلامية عقد مقدس ، كما أنه من السنن
الطبيعية التي لا بد منها لبقاء الإنسانية وامتداد الحياة ؛ ولهذا هيأ الله كلا من
الرجل والمرأة لأن يكون لدى كل منهما ميل فطرى للأخر ، وجعل الزواج آية؛ وذلك
لقوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا
لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
وأضاف : إن الزواج نعمة من الله؛
لقوله سبحانه : (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ
لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ
أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ)، كما أن
الزواج يفتح أبواب الرزق ، ويحفظ به نصر الدين ، ويؤدى إلى حماية الشرف وغض البصر
وتحصين الفرج ، وتحصل من خلاله الذرية التي هي امتداد للإنسان .
وقال: إذا كان
للزواج هذه المكانة الكبيرة فلا يصح مطلقا أن يتم الطلاق بالطريقة الالكترونية؛
لأن هذا يعتبر نوعاً من العبث واللعب والاستهتار ، وبالتالي لا يصح مطلقاً . كما أن
الطلاق لا يصح أثناء الحيض أو خلال الجماع ، كما أنه لا يصح التلفظ بلفظ واحد ، و
كل هذه الأنواع تعتبر من الطلاق البدعى .
وأشار إلى أن طلاق "السكران "أو
الغضبان أو "المكره "غير جائز شرعاً ، لأن الطلاق لا يكون إلا في حالة طبيعية وهى
طهر لا يجامع الرجل فيه المرأة ، ويتركها في المنزل حتى تنتهي عدتها ، وعندما تفرغ
من عدتها تأخذ كافة حقوقها وتشمل مؤخر الصداق ونفقة العدة وأجر الرضاعة إذا كان
لديها أطفال وأجر الحضانة ومتعة الطلاق .

يقع
بضوابط

ومن جهته رأى الدكتور القصبي ـ زلط أستاذ الفقه
بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية ـ أن الله "سبحانه وتعالى" أحاط الأسرة
بالحماية ، وجعل عقد الزواج ميثاقاً غليظاً ؛ وذلك لقوله تعالى: (وأخذن منكم ميثاقا
غليظا } ، موضحاً أن القرآن يأمر باستدامة الحياة الزوجية حتى يكون هناك استقرار
وحتى ينشأ الأطفال في حضانة الأبويين؛ ولذلك يقول سبحانه مخاطباً الرجال:
(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ
شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيراً) وأيضا قوله "صلى الله عليه
وسلم": (لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ
مِنْهَا آخَرَ ) ، ولكن إذا تعذرت الحياة بين الزوجين فقد أباح الإسلام الطلاق ،
وبين النبي "صلى الله عليه وسلم" أن الطلاق وإن كان حلالا فهو أمر لا يلجأ إليه
إلا عند الضرورة ؛ وذلك لقوله نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيابغض الحلال إلى الله الطلاق ).
وأكد أن الطلاق
يقع عند الفقهاء باللفظ الصريح فعلى سبيل المثال : إذا قال الرجل لامرأته أنت
طالق. وقع الطلاق سواء أكان بحضرتها أو بخطاب أرسله إليها أو بمكالمة تليفونية
مادامت تعرف صوته ، ولهذا فالطلاق الالكتروني يقع ويحتسب طلاقاً إذا سئل الزوج
واعترف وتأكدت الزوجة من ذلك .

أما الدكتور أحمد محمود كريمة ـ أستاذ الشريعة
الإسلامية بجامعة الأزهرـ فيرى أن الطلاق يكون بالقول الصريح أو بالكتابة الواضحة
أو بالإشارة المفهمة أو بالتعاطي ، مشيرا إلى أنه في حالة إقرار المطلق عبر
الانترنت أو "الجوال" وغيره بالطلاق فهو طلاق صحيح وهذه الوسائل تعد من الصيغة
الشرعية .
وكان الدكتور نصر فريد واصل مفتى مصرالاسبق بحسب موقع " إسلام اون
لاين" قد أفتي بأن الطلاق يختلف عن توثيق عقود الزواج؛ لأن الطلاق يصدر عن الفرد
نفسه، فمن الممكن أن يتم عن طريق الإنترنت أو المحمول، ولكنه يحتاج هو الآخر إلى
توثيق؛ لتتحقق الزوجة من طلاقها، حتى إذا أرادت أن تتزوج من آخر يكون معها دليل
طلاقها، فإذا أنكر الزوج عملية الطلاق التي تمَّت عبر الإنترنت أو المحمول تكون
الورقة الموثقة والمشهود عليها والمرسلة هي إثبات عملية الطلاق.
تأكد الزوجة
في حين أجاز رئيس قسم الفقه
المقارن في المعهد العالي للقضاء في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور
عبد الرحمن السند بحسب جريدة "اليمن الجديد" هذا الطلاق موضحا أن عقد النكاح أو
الطلاق عبر الإنترنت كتابة أو مشافهة، وقال إن "إجراء العقد بين غائبين لا حرج فيه،
فالطرفان غائبان بشخصيهما لكنهما يعقدان عقد الحاضرين ، ويسمع كل واحد منهما الآخر،
كما يسمعهما الشهود حين نطقهما بالإيجاب والقبول".

وقال السند "إن الإشكالات التي أوردها الفقهاء
قديماً بشأن إجراء العقد بالمكاتبة حلتها طرق ووسائل الاتصال الحديثة، كاشتراطهم
الموالاة بين الإيجاب والقبول الذي كان غير ممكن في الماضي، كما أن الشهود يمكنهم
الاطلاع على الكتابة لحظة وصول الرسالة وإعلان المرسل إليه أمامهم." مشيراً إلى
ظهور بعض الوسائل التي يمكن أن تقلل من التزوير؛ كرؤية أحد الطرفين الآخر عبر شاشة
الحاسب الآلي المتصل بالإنترنت الذي يظهر صورة كل من المتحادثين، ويمكن أيضا أن
يظهر المتعاقدان وسائل الإثبات الخاصة بكل منهما.

كما أجاز السند الطلاق عبر الإنترنت؛ سواء شفاهة أو
مكاتبة، وقال: "الطلاق عبر الإنترنت على نوعين: أولهما، الطلاق مشافهة عن طريق
الإنترنت، فإذا تلفظ الزوج بالطلاق فهذا واقع شرعاً ؛ لأن الطلاق لا يتوقف على حضور
الزوجة ولا رضاها ولا علمها، كما أنه لا يتوقف على الإشهاد، فالطلاق يقع بمجرد تلفظ
الزوج به".

وأضاف:"إذا أتى الزوج بصريح الطلاق وقع ما نواه أو
لم ينوه، ويبقى أن تتأكد الزوجة من أن الذي خاطبها هو زوجها، وليس هناك تزوير. لأنه
ينبني على ذلك اعتداد الزوجة واحتسابها لبداية العدة من وقت صدور الطلاق الذي
خاطبها به الزوج". وأردف السند قائلاً "النوع الثاني هو الطلاق بالكتابة عن طريق
الإنترنت، فإذا كتب الزوج طلاق زوجته وهو يريد إيقاع الطلاق وقع، وإن لم يرد الطلاق
ولم ينوه لم يقع، فتعتبر الكتابة كناية تفتقر إلى النية وهذا هو الرأي الراجح من
قول الفقهاء.

المصدر
http://www.islamfeqh.com/News/NewsIt...ewsItemID=3046