منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: زوار الليل

  1. #1
    Senior Member
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    الدولة
    الامارات / سوريا
    المشاركات
    204

    زوار الليل

    زوار الليل
    *
    *
    من عادتهم أنهم لا يأتون إلا بعد منتصف الليل ، ولا يتمنى أحد من الناس زيارتهم لأنها تحمل الأذى والشر ، وحين يسمع الناس هدير سياراتهم يأخذون في التمتمة بالدعاء عليهم بالويل والثبور ، أو طلب اللعنة المتواصلة
    وهذا ما جرى مع أم صراع
    قدموا والتفوا حول البيت الريفي الذي تقطنه مع أسرتها التي جاهدت طوال حياتها أن تكون أسرة نموذجية في الدراسة والعلم والأخلاق ... تقدم واحد منهم ووضع إصبعه على كبسة الجرس الكهربائي وأطال الضغط عليها ناسيا آداب الاستئذان ، أو أنه لم يتعلمها أصلا ، وبقي يضغط إلى أن سمع صوتا أنثويا
    ــ من ؟ خيرا إن شاء الله
    ــ افتحي .... نحن
    ـــ ومن أنتم ؟
    ــ الأمن القومي
    وأخذت تمتم : شيء بيـ ...ري .....منتصف الليالي ! وأمن ! وقومي !
    فتحت الباب وتخيلت قصة جدتها التي كانت ترويها لها عن الضباع الجائعة التي كانت تهاجم القطعان قائلة :
    ـــ من تريدون ؟
    ـــ تمام .. أين تمام ؟
    كان تمام يسمع الحوار منذ أول رنة في جرس الباب وأدرك أنه هو المطلوب لأن إخوته لا زالوا صغارا ,وأخوه الكبير مسافر خارج البلد و طالما طلبوه في مرات سابقة لذلك فقد ارتدى ثيابه وجهز نفسه
    ـــ نعم ... أنا تمام
    تقدم منه ثلاثة ، وأمسكوه بيديه ورموه في صندوق السيارة الخلفي ، حيث انطلقت بسرعة جنونية
    كان تمام يحاول قراءة هذه الوجوه المتجهمة ، وقاربت أن ترتسم على وجهه ابتسامة ما حينما خطر بباله أن هذه الوجوه يمكن أن تكون مصنوعة من بقايا روث بقرات جيرانه
    أدخلوه غرفة خالية من الأثاث ، وأخذ يتحرك فيها جيئة وذهابا وطال انتظاره فجلس على الأرض
    فهو يعرف لماذا يستخدمون معه هذه الأساليب
    وأخيرا فتح الباب صاحب جثة ضخمة وبصوت أجش ذكره بصوت المخلوق الذي يربيه أحد جيرانهم
    ـــ تعال
    انطلق خلفه وافترت شفتاه حينما تذكر خرافة يرويها أبناء القرى أن الضبع يبول على ذيله فيضبع الإنسان ويجعله بذلك أسيرا له يسير خلفه بتلقائية عجيبة
    أدخله غرفة وقال بعد أن ضرب الأرض بحذائه محييا سيده :
    ــ تمام سيدي
    كان يتصفح جريدة أو أنه يحل الكلمات المتقاطعة فيها وبعد عدة دقائق طوى الصحيفة بهدوء ونظر بحدة إلى تمام الواقف أمامه
    ــ تمام / لأول مرة يتخيل تمام أن افعى تفح باسمه / احك لنا عن أسماء رفقائك الذين يعملون على إضعاف الشعور القومي في البلد
    ـــ والله لا أعرف أي واحد يفعل ذلك
    ترنح تمام وغام المنظر أمامه وشعر بسخونة الدم النازف من أنفه ، وألم شديد حول عينه
    وبعد فترة ظنها قصيرة أفاق على ظلام دامس ، تحسس المكان فادرك أنها زنزانة كما وصفها له أحد أصحابه وشعر أن جميع بغال القرية التي تستخدم في الحراثة قد رفسته
    انتظرت أم صراع مدة تجاوزت خمسة عشر يوما حتى أخذت تسأل عن مكان ابنها فهي تعلم أن أحدا لا يخبرها إلا بعد انقضاء مدة التحقيق
    دلوها على المكان وحين وصلت قال لها الحارث : انتظري
    انتظرت مدة تقدر بالساعات في لظى حر الصيف ، وأخيرا أتى رجل وأشار إليها أن اتبعيني
    سارت في ممرات يسودها الصمت إلى أن دخلت غرفة
    نظر الجالس وراء طاولته وقال :
    ـــ أم تمام ؟
    ـــ لا أم صراع .. ألا تعرف أن مجتمعنا يسمي الأم باسم الولد الأول ؟!
    ـــ نعم نعم .. ابنك ورفقاؤه يضعفون الشعور القومي
    ـــ قالت ساخرة :ولماذا لا تخترعون ( فياجرا ) لتقوية هذا الشعور ؟ .. كنت أظن أنه أوصل للعدو مخططاتكم العسكرية التي وضعتموها لتحرير الوطن كي يتأكد ذلك العدو من صدق المخططات التي سلمتوه إياها
    ـــ بدا الضيق والغضب على وجهه وقال بكثير من الحدة : وماذا تريدين ؟
    ــ أم تسأل عن ابنها الغائب ماذا تريد ؟ أريد الاطمئنان عليه
    ابتسم مبديا صفا من الأسنان الصدئة ونفخ دخان سيجارته في وجهها وقال :
    ــ بشرط
    ــ ما هو ؟
    ـــ أن تقولي لابنك أن يخبرنا بأسماء رفقائه
    تذكرت قصص الذكاء التي تروى عن الثعالب وقالت في سرها وهي تحدق في وجهه : لم أر في حياتي أو أسمع عن ثعلب غبي غير هذا
    ـــ إن شاء الله
    دخل تمام شاحب الوجه ، أشعث الشعر ، نحيف الجسم ، يبدو أنه فقد من وزنه أرطالا ، على وجهه بقع زرقاء داكنة ضمته إلى صدرها تقبله وتشمشمه وتهمس في أذنه : لا تعترف
    ـــ متى ستنتهي مشاعر الأمومة الفياضة ... قالها بسخرية مقيته
    ـــ هيا نفذي ما اتفقنا عليه
    ـــ علام اتفقنا ؟
    ـــ أن تقولي لابنك .....
    ــ قلت لك إن شاء الله وكما أرى فإن الله لم يشأ بعد
    نقلت نظرها في وجه الرجل الممتقع ، ثم ثبتت نظرها في وجه ابنها وأخذت تهز قبضتها امام وجهه
    ـــ تمام ...ـــ وهي تشير بسبابتها أما عينيه* ــ لست ولدي ... ولم أحملك تسعة أشهر في بطني قريبا من فؤادي ....
    / بدا على وجه رجل الأمن شيء من الارتياح الأبله /
    .... وستغضب عليك عظامي في القبر إن اعترفت باسم أحد من أصحابك
    وقفت تحاول الخروج ونظرت بسخرية شديدة إلى رجل الأمن
    ــ هذا ما شاء الله لي أن أقوله .... افعلوا به ما شئتم
    وقف كالثور الهائج وضرب الطاولة أمامه بجمع يده وهو يصرخ
    اخرجيييييييييييييييييييييييييي
    *
    *
    *
    القصة واقعية والشخصيات حقيقية
    *
    *
    رمزت إبراهيم عليا
    *
    *

  2. #2
    كاتبنا الرائع
    قصة في اكتمال الصفة السردية لتطور الحدث والتوظيف الجميل للعناصر الطبيعية الخارجة عن سياق الحدث الظرفي ، أسلوب يربط الذهن به فيحاول القفز لمعرفة ما بعد ، هناك كلمة فياغرا لم أر أنها تناسب الجدية التامة للموقف الذي صبغت به النص فلا يعتقد أن الموقف يناسب سخرية أم وهي تتلوى ألما وتتففت شوقا لمعرفة ما جرى لابنها ، لكن هذه الكلمة - في نظري - وإن خدشت جدية الموقف لا تؤثر على بنيوية الموقف الكلي والبناء القصصي المتماسك تماما ، وكذا العنوان الذي استعمل سابقا / تحيتي .

  3. #3
    قصة ناجحة ولافتة وقوية تجسد مايعانية هؤلاء من اخوة ومواطنين...
    وربما هو سؤال على الهامش:مامقدار حجم اللعبة الفنية القصصية في النص مادمنا غير ناقلين حرفيين للواقع بحذافيره لصالح القص؟
    دمت معطاء ثرا.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    Senior Member
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    الدولة
    الامارات / سوريا
    المشاركات
    204
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحيم محمود مشاهدة المشاركة
    كاتبنا الرائع
    قصة في اكتمال الصفة السردية لتطور الحدث والتوظيف الجميل للعناصر الطبيعية الخارجة عن سياق الحدث الظرفي ، أسلوب يربط الذهن به فيحاول القفز لمعرفة ما بعد ، هناك كلمة فياغرا لم أر أنها تناسب الجدية التامة للموقف الذي صبغت به النص فلا يعتقد أن الموقف يناسب سخرية أم وهي تتلوى ألما وتتففت شوقا لمعرفة ما جرى لابنها ، لكن هذه الكلمة - في نظري - وإن خدشت جدية الموقف لا تؤثر على بنيوية الموقف الكلي والبناء القصصي المتماسك تماما ، وكذا العنوان الذي استعمل سابقا / تحيتي .

    أخي عبد الرحيم
    تحية لقراءتك النافذة
    وسلمت يمينك
    ولكن السخرية المرة التي استخدمتها المراة لأنها مرت بالتجربة مرارا
    مودتي لك

    رمزت

  5. #5
    Senior Member
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    الدولة
    الامارات / سوريا
    المشاركات
    204
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمه الخاني مشاهدة المشاركة
    قصة ناجحة ولافتة وقوية تجسد مايعانية هؤلاء من اخوة ومواطنين...
    وربما هو سؤال على الهامش:مامقدار حجم اللعبة الفنية القصصية في النص مادمنا غير ناقلين حرفيين للواقع بحذافيره لصالح القص؟
    دمت معطاء ثرا.
    الأخت ريمة
    تحيتي لك وألف شكر لسؤالك
    فالخيال القصصي هو الذي صاغ الحدث
    والرسم الفني هو الذي أوصل الفكرة ولكن الشخصيات حقيقة
    مودتي

    رمزت

  6. #6
    أسجل إعجابي واحترامي لنصك البهي

    محبتي ايها العزيز
    أسامة
    تعددت يابني قومي مصائبنا فأقفلت بالنبا المفتوح إقفالا
    كنا نعالج جرحا واحد فغدت جراحنا اليوم ألوانا وأشكالا

المواضيع المتشابهه

  1. زوار جينا في الزمان واحتجزنا بالمكان ....
    بواسطة وفاء الزاغة في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-14-2012, 03:19 AM
  2. إلى زوار المنتدى الكرام
    بواسطة مؤيد البصري (مرئد) في المنتدى فرسان العام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 12-31-2011, 04:01 PM
  3. اخفض ترتيبك فى السكا بزيادة زوار موقعك
    بواسطة جمال عبد الناصر في المنتدى فرسان تطوير المواقع.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-04-2010, 09:20 PM
  4. اسهل عداد زوار لموقعك ولمنتداك
    بواسطة يوســـــــف في المنتدى فرسان التقني العام.
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 06-14-2007, 03:29 AM
  5. [Plugin] عدد زوار المنتدى
    بواسطة الإخاء في المنتدى فرسان تطوير المواقع.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-06-2006, 05:25 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •