هل الطلاق النفسي.. الحلّ؟!


كثير من الأشخاص يلجؤون في حلّ مشكلاتهم الدائرة حولهم، والمغلقة على ذاتهم إلى الحلول المتوسطة.. اعتقاداً منهم أن هذا الحلّ هو أكثر أماناً وأشد قدرةً على الاستمرار من البتر النهائي للمشكلة... وربما بقرارة أنفسهم يتمسكون بأدق خيوط الأمل، التي يحلمون من خلالها بحصول التغيير المنشود.. قد تكون هذه الطريقة في إيجاد الحلول الأفضل للحالة النفسية للأشخاص، الذين لا يقوون على مواجهة المواقف الحاسمة والصعبة والنهائية بالنسبة إليهم على مبدأ أن شيئاً أفضل من لا شيء... وأن جزءاً خير من العدم... ويعيشون مراحل وأزمنة حتى يتمكنوا من مواجهة الموقف باتخاذ القرار النهائي بالحسم إما لصالحهم.. أو ضدهم.. لكن بعد أن يصلوا إلى قدرة نفسية كبيرة، تمنحهم فرصة المواجهة... والمشكلة التي تطرق إليها الكاتب.. يعيشها كثيرون ويقفون في منتصف الطريق ويمسكون العصا من المنتصف... فأزواج عديدون لا يجمعهم الحب، ولا الراحة النفسية، ولا يستطيعون إيجاد أيّ شيء مشترك لا في تطلعاتهم ولا في أحلامهم وحياتهم اليومية... ولا يشعرون بالرغبة، التي تُقرب كل طرف من الآخر، ولا بأدنى المشاعر الوجدانية.. وإنما جمعهم القدر في منزل صغير، يمضون حياتهم من أجل الأولاد، في حين يكون كل طرف بعيداً عن الآخر بمشاعره، ووجوده وآماله.. وفي الأغلب يملك الرجل حياةً خاصةً يجد فيها المتعة والراحة والسعادة المنشودة التي يبحث مطوّلاً عنها.. عكس المرأة التي في حالات كثيرة تكرّس حياتها لأولادها، وتقنع نفسها بأن هذا قدرها، وأن حياتها مع أولادها بعيداً عن الزوج في منزل واحد أفضل من الطلاق الحقيقي الذي يبعدها عنهم، ويعرضهم للتشتت وظلم زوجة الأب.. ويعرضها هي أيضاً للدمار.. فربما لا تملك عملاً ولا تجد منزلاً آخر ولا مورداً، ففي «الطلاق النفسي» حلّ مؤقت للمشكلة..
في علم النفس تطرق المحللون إلى هذه الظاهرة المنتشرة بكثرة، وعرضوا بأبحاثهم ونظرياتهم أن نتائج الطلاق النفسي مدمّرة للمرأة أكثر من الرجل، إذ تتعرض للاكتئاب والأمراض العصرية وتعيش دوامة الحزن والغيرة التي لا تخرج منها... وبالتالي ينعكس هذا على الأولاد الذين يشعرون بسلوك والدتهم العدواني أحياناً، وتبرمها من كل شيء، بغياب الأب الذي يجعل من المنزل فندقاً لإيجاد مستلزماته الخاصة، والنوم فقط.. دون أن يفكر بأيّ شيء، ولا بمصير الأولاد، ولا بما يحدث.. وفي المقابل كثيرات يجدن بالرجل المموّل المادي فقط، ويعشن معه للمصلحة الحياتية فقط.. هذا الحلّ ليس سلوكاً لإنهاء المشكلة.. التي تودي بالأولاد إلى نهايات سيئة، إذا لم تنعكس بالسلوك تنعكس بالحالة النفسية.. ولكن في كل الأحوال الطلاق النفسي أفضل من الطلاق الحقيقي وما يجره من ويلات.. ونتساءل: لماذا لا تحاول المرأة التغيير في كل شيء، أو التقرب من الزوج والبُعد عما يزعجه ولو جزئياً فقد تستعيده رويداً رويداً... وتستطيع أن تنقذ السفينة من الغرق الكامل.. ؟ ولماذا لا يفكر الزوج بمصير عائلته قبل السفر بعيداً في عالم آخر والمضي بحلم بعيد..؟.
أسئلة كثيرة تُطرح.. بلا إجابة أوربما تكون الإجابة ذاتيةً... فلكل حالة خصوصيتها.. وهل نستطيع القول: إن الطلاق النفسي غدا موضةَ العصر، والحل الأمثل للاستمرار بين الزوجين، والحل المتوسط لإبقاء الأسرة وحماية الأولاد...؟.

مِلده شويكاني
جريدة البعث