الشاعر ”أحمد مشوّل” يكتب سيرة النار والعشق والمطر
المصدر مصطفى رستم
03 / 03 / 2007
ولدَ ولم تكن في فمهِ ملعقة من ذهب، لكن وجد ملعقة من الحب وأدرك بأن الحبَّ أغلى من الذهب والياقوت والمال وفي "دير حافر"ولد مثل سنبلة سقطت على تراب مبلل بالماء ووجد أطراف أصابعه تبحث عن العاصمة ووجد في حلب محطة في هذا الرحيل الدائم فبحث في شوارعها وأزقتها عن مخابئ الأساطير والحكايات.....

ولعلَّ ديوانه الأخير يبرز الكلمة صادقة معبرة عن مشاعر دفينة فيها الحب والنقاء لتتناغم مع ارتجاف الأشجار الخضراء التي تهتزُّ مع الرياح الباردة كلمات ديوانه تطل لتخلق جسراً إلى القلب.

أحمد مشوّل ذلك الشاعر والأديب الحلبي حينما سطر ديوانه "أشاطىء خصرها شجراً" أراد أن يكشف سيرة النار والعشق والمطر باحثاً عن تفاصيل أكبر للكلمات العاشقة للأرض ولتلك الأمطار التي تغمر قلوبنا فيقول :

صحراء روحي

شجر يلهث خلفها

ولظلها يستيقظ الموتى

من أيقظ حمام صدرها وفتح نوافذها للقمر

لم أنتبه لأصابعي

تنمو شجراً على خصرها

وموسيقا ظلها

نشيد المطر

وإذا كانت الأجسام الداخلة في التفاعل هي الأجسام الناتجة عن التفاعل في الكيمياء فإنه في الحب يختلف الأمر كثيراً ما بين الأجسام الداخلة في التفاعل قبل الزواج من شوق ولهفة وحبٍّ، وبين الأجسام الناتجة عن التفاعل من عواصف ورياح ودمار كلي، هذا ما أراد أن يقوله الأديب مشوّل عن المرأة في شعره ويقول في قصيدته "جفاف":

لا تقل إنك تحبني

دع يدك مزروعة

شجراً في صدري

أو على ساعدي

وأصابعك الحيرى

تلامس الغامض من أنوثتي

حينئذ أصدق

أنك تحبني

الشاعر مشوّل الذي كان الرحيل هاجسه للحرية، كان المسافر الدائم والعاشق للأرض فهو وكما جاءت مقدمة ديوانه "عبر مضيق البوسفور" وكانت استنبول تنام على خدها الأيمن بجانب حكايات ألف ليلة وليلة وتترك لخدها الأيسر حرية العبور وكان يسمع أشعار ناظم حكمت وقصص عزيز نسين بين حقول القمح وأشجار وغابات المدن والقرى الحالمة بالتغيير وكانت صوفيا المحاصرة مثله بأحلامها ومشاعرها تغريه القطارات بالنوم فوق سهولها الخضراء، ويتابع الشاعر أنه في بلغراد وجد نفسه يضع حقائبه ويبحث عن ظلّ شجرة أو غصن امرأة ليتنفس فرحها وتعبه، وحينما بدأ القطار ينهب الطرق ويغتال الجبال والوديان الإيطالية كانت مدينة البندقية (فينيسيا) تفتح صدرها لعشاقها من الرسامين والنحاتين كانت تلك المدينة تضع يديها وقدميها بالماء وتحلم بحياة وبحار جديدة، ووجد في روما ومسرحها ملامح التاريخ البشري ووجوه المدن القديمة وتفاصيل الوجوه والأجساد التي تسكن الأعمدة وأقواس النصر، وكان يبحث في جنوة ونابولي عن أبطال "الانتباه" و"امرأتان" لألبرتو مورافيا وبدأ يودع آخر خيوط الشمس والبواخر وسنارات الصيادين في المدن الساحلية.

كان الشاعر يترك في كل مدينة شيئاً منه ويمضي وحين دخل باريس سكان برج إيفل ما يزال غافياً على أطراف "السين سو" يحلم بأشعار رامبو و بودلير وسان جون برس.

وأخيراً ديوام " أشاطىء خصرها شجراً" سينضم لمجموعة مؤلفات الشاعر العديدة التي أغنت المكتبة العربية فمن إصداراته :

ـ النص والحرية (دراسة نقدية) دار موقف 1994

ـ فضاء البياض الأسود (دراسة سيسيولوجية لظاهرة القمع في الرواية العربية) دار الينابيع 1996

ـ شرفة الغياب ـ شعر دار بترا 1997

ـ يوميات الوهم ـ قصص قصيرة دار المقدسية 2002.