في زماننا...
كان سامي كلما زار جده يركن قربه ويشبعه أسئلة حتى يكاد يمل..فيتركه عندما يحس أنه بدأ يتملص من سطوة أسئلته متحججا بالنعاس..
ومما جعله يجفل مؤخرا من كثرة تذكر جده لحياته قديما بشكل متكرر, يعيد قصصه القديمة حتى حفظها سامي عن ظهر قلب...هل بات كل يسمع نفسه فقط؟
-في زماننا كان السفر سهلا بالقطار من حلب للقدس...في زماننا كان كيلو اللبن بمجيدي..والمجيدي قرش واحد فقط!!حاربنا ضد الأتراك والفرنسيين..
في زماننا ...
-وزماننا ياجدي؟
-أنت احك لي ياسامي...
-في زماننا ياجدي..اتقنـّا رسم الحدود , وبكينا حروبا وحروب..وعرفنا منطق الهروب.. وخسرنا معاركنا بجدارة...
في زماننا ياجدي..كل شيئ غالي عدا الإنسان...لانعرف لم مات غسان وعدنان..هل باتوا شهداء أم موتى فقط تحت التراب؟
في زماننا ياجدي..بات للحقيقة مائة باب وباب..وأغلقت النوافذ دوننا...فتسربنا من بين ثقوب الأبواب و الجدران...
في زماننا ياجدي..بات المنتصر ..أكثر بطولة من الأبطال القدامى لأنه سوف يصطدم بمائة جدار وجدار... والأسلاك الشائكة باتت في عقله وليست فقط في أرضه..
فزماننا أصعب مائة مرة من زمانكم ياجدي...
فهل عرفت زماننا ياجدي؟
عندها فقط ربّت على كتف سامي مبتسما .. قائلا:
-أنتم لها فقد ربيناكم لهذا الزمان...ولكل زمان دولة ورجال...
كف الجد بعد ذلك عن التكرار...ولم يعد يعيد ذكر قصص الأمس..
ريمه الخاني 13-5-2012