حوار مع مفكر فلسطيني مقدسي
وموضوع زيارة القدس الشريف
الكاتب والباحث احمد محمود القاسم
في لقاء جمعني، مع أستاذ فلسطيني مقدسي، ومفكر كبير، رفض نشر اسمه، دار حوار طويل ومركز، عن شرعية زيارة الأخوة ألعرب وغيرهم من أبناء الأمة الإسلامية لمدينة بيت المقدس، وفيما إذا كانت، مثل هذه الزيارات، مقبولة فلسطينيا أو مرفوضة، وتدخل في إطار عمليات التطبيع مع العدو الصهيوني الغاشم، أم لا، ومدى أهمية مثل هذه الزيارات، في دعم صمود أهلنا، سكان المدينة المقدسة، والرازحين تحت نير الاحتلال الصهيوني منذ العام 1967م، وحتى يومنا هذا، والذين يعانون كثيرا من ظلم الاحتلال الصهيوني وبطشه، وحصاره القاسي عليهم، ومعاناتهم من ضيق سبل العيش، خاصة في ظل ارتفاع ألأسعار وارتفاع مؤشر غلاء المعيشة بشكل عام، والضرائب الباهظة، التي يفرضها عليهم،العدو الصهيوني الغاشم، المعروف بان هذا المفكر الفلسطيني، من أبناء مدينة بيت المقدس، ويعاني كثيرا من ظلم الاحتلال وبطشه في ترحاله وتجواله، كبقية أبناء المدينة المقدسة، وهو من المفكرين والمثقفين السياسيين الفلسطينيين والمستقلين، في انتمائهم وأفكارهم السياسية، ومن المعادين بشدة، للاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، ويدعم مقاومة الاحتلال، بالطرق السلمية المشروعة، ويعمل بكافة جهوده من أجل توعية الشباب الفلسطيني، بضرورة إعداد نفسه ثقافيا وتعليميا، من أجل خدمة قضيته الفلسطينية، والسير بها قدما إلى الأمام، للتخلص وإزالة هذا الاحتلال البغيض، والأستاذ المفكر يشعر كثيرا مع معاناة أهل مدينته، كونه يعايشهم باستمرار، ويلمس أحزانهم ومعاناتهم، بشكل متواصل، وعن قرب شديد منهم، وعند سؤاله عن رأية في مثل تلك الزيارات، والتي تمًت مؤخرا، من قبل مسئولين عرب، ومسلمين كبار إلى الحرم القدسي الشريف في مدينة بيت المقدس، وفيما إذا كان يقف مؤيدا لمثل هذه الزيارات، أو يعتبرها نوعا من التطبيع مع العدو الصهيوني، وتخدم العدو الصهيوني أكثر مما تخدم أبناء مدينة بيت المقدس، أجابني قائلا:أنت تعلم مثلي، كم يعاني أهلنا في مدينة بيت المقدس، من ظلم الاحتلال الصهيوني، وتعلم كم هي الحياة المعيشية لديهم، قاسية جدا، وأكثر قسوة كثيرا، من كافة المدن الفلسطينية الأخرى، خاصة وأن دخل المواطن، محدود جدا كما تعلم، ولا يتناسب دخله هذا، مع ارتفاع مستويات الحياة المعيشية، ومصروفاته اليومية، وخلافها من أمور أخرى، ومع هذا، نحن لا نقبل بالمطلق، حضور إخواننا العرب والمسلمين، لزيارة مدينة بيت المقدس والصلاة في الحرم القدسي الشريف، وزيارة قبة الصخرة المشرفة وغيرها من الأماكن المقدسة الأخرى، على حساب قضيتنا الفلسطينية، واعترافهم بشرعية الاحتلال الصهيوني، لمدينتنا المقدسة، مدينة القدس الشريف، مع أننا في أمس الحاجة، لكل دولار يصرف في المدينة المقدسة، لأنه سينعش أهلها واقتصادها، وأنت تعلم، أن الحركةالسياحية في المدينة، تكاد تكون متوقفة أو معدومة، والمحلات التجارية تغلق أبوابها بعد الساعة الخامسة مساءأً يوميا، والشوارع تخلوا من المارة، وكأن المدينة في حالة منع للتجول، كما أن النشاط التجاري والسياحي شبه متوقف، والمواطن يعاني باستمرار، من ارتفاع الأسعار، خاصة أجور السكن والمواصلات والمحروقات والكهرباء والماء والخدمات الأخرى، إضافة إلى ما يدفعه من ضرائب باهظة، لسلطات الاحتلال والتي تعرف ب(الأرنونة) أي ضريبة الأملاك، حيث تدفع عن المساكن والأجهزة الكهربائية وغيرها من المواد الأخرى، وهذه الضريبة، باهظة جدا، وتؤثر سلبا على دخل المواطن، ومع هذا، وكما قلت لك سابقا، فنحن ضد أي زيارة لقدسنا الحبيبة، تحت الحراب الصهيونية، وشرعنة الاحتلال الغاصب لها، فالمواطن الذي يزور مدينة بيت المقدس، لا شك انه سيصرف الكثير من الأموال، على طعامه وشرابه ونومه وتجواله، وقد يعود جزء كبير من هذا الصرف، ومن هذه الأموال، إلى جيوب المواطن المقدسي المقيم، ولكننا مع هذا، فان مثل هذه الدولارات، إذا كانت ستكون لنا، مقابل اعتراف الزائر بشرعية هذا الاحتلال، فنحن نرفضها كلية، أما لو تمت مثل هذه الزيارات، عبر السلطة الوطنية الفلسطينية، وبدون تأشيرات دخول من قبل سلطات الاحتلال، وبعد زوال هذا الاحتلال، فنحن نرحب بها ونشجعها، ونطلب من إخواننا وأخواتنا العرب والمسلمين، العمل على تكثيفها وتشجيعها دائما وأبداً، لكننا نشعر أن مثل هذه الزيارات، تتم عبر تصاريح زيارة خاصة من قبل سفارات دولة الاحتلال المنتشرة، في بعض الدول العربية والإسلامية، وغيرها من الدول الأخرى، والكثير من هذه الزيارات، تتم عبر مطار بن غوريون الدولي، والبعض يستغل حجة زيارته للأماكن المقدسة، في مدينة بيت المقدس، ويوسع زيارته إلى المدن الإسرائيلية في داخل فلسطين المحتلة، وبذلك فان معظم مصروفاته، تصبح من نصيب المواطن الإسرائيلي والاقتصاد الصهيوني، الذي يحتل أرضنا ويدنس مقدساتنا، ويعتقل أبناؤنا، ويضيق الخناق على أهلنا، في طلعة كل صباح وعودة كل مساء، ولهذا، فنحن ضد مثل هذه الزيارات الحيادية، كما قلت لك سابقا، والتي لا تندد بالاحتلال الصهيوني، وممارساته الوحشية، ضد أبناء شعبنا، وأضاف، انه في اللحظةا لذي يمكن للزائر العربي أو المسلم، أن يندد بالاحتلال الصهيوني، ويفضح ممارساته العدوانية الوحشية، ضد أبناء الشعب الفلسطيني، فان سلطات الاحتلال الصهيونية، لن تمنحه تصريح زيارة، إلى الأماكن المقدسة، لهذا، فالاحتلال، لن يقبل بزيارة احد من إخواننا العرب والمسلمين، من ذوي المشاعر الوطنية الصادقة، إلا إذا أقر، واعترف بسيادة دولة الاحتلال، على مدينة بيت المقدس، وعلى مقدساتنا الاسلامية والمسيحية، ونحن لا نقبل له أن يعترف بشرعية هذا الاحتلال، وهذا طبعا نرفضه نحن كلية، ومستعدون على تحمل كل المعاناة والآلام والأحزان، على أن نقبل بالاحتلال الصهيوني، وسيطرته على قدسنا الشريف، وأماكننا المقدسة الاسلامية والمسيحية، وأضاف وقال أنت سمعت عن إيقاف جميع رحلات الطيران الأوروبية المتجهة إلى فلسطين المحتلة، والتي تحمل المئات من الأجانب المتضامنين مع شعبنا الفلسطيني، واعتدت على الكثير منهم ممن تمكن من الوصول بطرق ما. قلت له معقبا على حديثه، ولكن الزائرين، من عرب ومسلمون، لمدينتنا المقدسة، يتعرفون على قدسنا الحبيبة، ويتفاعلون مع سكانها، ويشحذون من هممهم، ويتعرفون عليهم عن قرب، ويصادقونهم، ويشعرون بآلامهم وأحزانهم عن قرب ايضا، وسوف تترك مثل هذه الزيارات،في نفس الزائر الكريم الكثير من الأثر الطيب، وتجعله يهتم بالأماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية، وسوف يتحدث عنها إلى أقربائه ومعارفه عند عودته إلى أهله ووطنه، ويحببهم بها، ويحثهم على زيارتها، والتضامن مع أهلها، وسوف يشعر أهلنا بالارتياح النفسي والمعنوي، نتيجة لمثل هذه الزيارات والصداقات، التي قد تحصل بين الأخوة العرب والمسلمين، مع أبناء المدينة المقدسة، وقد يتبنى بعض الزوار، إقامة مشاريع في المدينة المقدسة، تخدم أهلها الصامدين، وتشجعهم على الصمود والصبر كثيرا، وقد يعْمدْ بعض الزوار الموسرين، من تبني بعض الطلبة المقدسيين، ويصرف على تعليمهم، وقد ينفقون زكاة أموالهم، على إقامة بعض المشاريع في المدينة المقدسة، وغيرها من مشاريع التنمية.قال لي معلقا، ولكن العدو الصهيوني، سوف يستغل مثل هذه الزيارات، ويقول للعالم، أَرَيْتُمْ كيف إننا كإسرائيليين، نحترم زيارة العرب والمسلمين لزيارة أماكنهم المقدسة، بدون عراقيل أو مشاكل، ونسمح لهم بالزيارة، وقتما شاءوا، ولكن وفقا لقوانيننا وأعرافنا، وتحت سيادتنا، فنحن نقوم بواجبنا نحوهم على أكمل وجه. وأضاف صديقي المفكر المقدسي وقال لي، أنت تعرف أنهم يملكون إعلاما قويا جدا، على مستوى دول العالم، ويسيطرون على معظم مراكز البحث العلمي والفضائيات التلفزيونية والإذاعات، والصحف والمجلات الأجنبية، وكلها تخضع لسلطتهم تقريبا، ومن خلال استغلالهم لها، سيقلبون الحقائق رأسا على عقب، وسوف يصورون للعالم، بأننا نحن الفلسطينيون، من نحتل قدسهم وأرضهم، ونحن من نهددهم بإلقائهم بالبحر، ونقصفهم بالصواريخ مع أن هذا كله غير صحيح، وهذا قلب للحقائق، على ارض الواقع. قلت له معقبا على حديثه، قد يكون بعض ما تفضلت به صحيحا، ولكن العالم، لم يعد كما كان سابقا، فالحقائق، صارت تصل إليه بأسرع من البرق، عبر الفضائيات المنتشرة في كافة أنحاء المعمورة، وكذلك عبر الإذاعات والصحف والمجلات، وعبر الهواتف المحمولة وبالصوت والصورة أيضا، وكذلك هناك التواصل اليومي عبر صفحات الفيس بوك والتويتر والساكايبي، والمصورون والصحفيون أصبحوا منتشرين في كل إرجاء المعمورة، وينقلون الخبر والحدث، في لحظته، ولا يستطيع احد أن يفرض عليهم موقفه، مهما كان، وأصبحهناك حرية في التعبير، واحترام للرأي والرأي الآخر، وهناك منظمات حقوق الإنسان،المنتشرة في كل مكان، والتي ترصد الحدث وتتابعه وتنشره عبر وسائل إعلامها الخاصة،وقد انفضحت ممارسات اليهود الصهاينة، عند اجتياحهم لقطاع غزة بالفترة الماضية،وعندما قتلوا أطفال وشباب ونساء غزة الحوامل، ودمروا البيوت والمنازل على أصحابها، ودمروا البنايات وخلافه، وقتلوا المواطنين الآمنين والعزل من السلاح، وتقرير (جولدستون) ما زال جاثما على صدورهم، يشهد لهم على وحشيتهم وهمجيتهم، وعدوانهم المتواصل على السكان المدنيين، قلت له في ختام لقائي معه، إذا لم تغير رأيك، فهذه وجهة نظرك، ومن حقك أن تعبر بها عن نفسك، وأنا احترمها، وأنا أيضا احتفظ بوجهة نظري كذلك.