اسمحوا لي أن ألج صرحكم الطيب هذا من المعدة ..!
جولة ماتعة ولذيذة فيها كل مايتعلق في الذوق والتذوق .. صحبنا فيها إبراهيم اليازجي في كتابه الطريف"نجعة الرائد وشرعة الوارد في المترادف والمتوارد" بالهناء والعافية ..


فَصْلٌ فِي الذَّوْقِ

تَقُولُ ذُقْت الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ ذَوْقاً ، وَذَواقاً ، وَطَعِمْته طَعْماً بِالضَّمِّ ، وَتَطَعُّمْته ، وَفِي الْمَثَلِ تَطَعَّمْ تَطْعَمْ أَيْ ذُقْ تَشْتَهِ .
وَطَعَامٌ مُرٌّ الْمَذَاق ، وَالْمَذَاقَة ، وَمُرّ الطَّعْم بِالْفَتْحِ ، وَالْمَطْعَمِ ، وَقَدْ وَجَدْت طَعْمَهُ .
وَيُقَالُ تَذَوَّقْتُ الشَّيْءَ إِذَا ذُقْته مَرَّةً بَعْدَ مَرَّة ، وَتَلَمَّظْت بِهِ إِذَا تَتَبَّعْت ِطَعْمه فِي فِيك .
وَتَمَطَّقْت بِهِ إِذَا ضَمَمْتَ شَفَتَيْكَ وَصَوَّتَّ بِاللِّسَانِ عَلَى الْغَارِ الأَعْلَى وَذَلِكَ عِنْدَ اِسْتِطَابَةِ الشَّيْءِ.
وَيُقَالُ قَطَمَ الشَّيْء إِذَا تَنَاوَلَهُ بِأَطْرَافِ أَسْنَانِهِ فَذَاقَهُ ، وَلَمَظَ الْمَاء وَالشَّرَاب إِذَا ذَاقَهُ بِطَرَفٍ لِسَانِهِ ، وَقَدْ شَرِبَهُ لِمَاظاً بِالْكَسْرِ إِذَا ذَاقَهُ كَذَلِكَ .
وَطَعَامٌ وَشَرَابٌ لَذِيذٌ ، وَلَذٌّ ، طَيِّب ، شَهِيّ ، وإِنَّهُ لَطَيِّب الطَّعْم ، وَشَهِيّ الطَّعْم ، وَلَذِيذ الْمَطْعَم ، وَقَدْ لَذَّنِي ، وَلَذِدْته ، واستلذَّذْتُه ، وَاسْتَطَبْتُه .
وَهَذَا طَعَام طَيِّب الْمَضَاغ بِالْفَتْحِ وَهُوَ مَا يُمْضَغُ مِنْهُ ، وَشَرَابٌ طَيِّب الْمَنْزَعَة أَي طَيِّب الْمَقْطَع ، وَشَرَابٌ طَيِّب الْخُلْفَة أَي طَيِّب آخِرَ الطَّعْم .
وَهَذِهِ لُقْمَة كَرِيمَة ، وَمُضْغَة شَهِيَّة ، وَهَذَا طَعَام مُسْتَطْرَف أَيْ مُسْتَطَاب .
وَيُقَالُ : طَعَام قَدِيّ ، وَقَدٍ ، أَيْ شَهِيّ طَيِّب الطَّعْم وَالرِّيح ، وَإِنَّ لَهُ قَداة ، وَقَدَاوَة ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الشِّوَاء وَالطَّبِيخ .
وَطَعَامٌ وَشَرَابٌ بَشِعٌ ، وَمُسْتَبْشَع ، وَإِنَّهُ لَبَشِع الطَّعْم ، وَكَرِيه الطَّعْمِ ، وَخَبِيث الطَّعْم ، وَرَدِيء الطَّعْمِ .
وَإِنَّهُ لَيَنْبُو عَنْهُ الذَّوْق ، وَتَنْقَبِضُ مِنْهُ النَّفْسُ ، وَتَدْفَعُهُ اللَّهَاة ، وَلا يُسِيغُهُ الْحَلْق ، وَلا يَسْتَمْرِئُهُ الْجَوْف .
وَقَدْ اِسْتَبْشَعَتْهُ ، وَتَكَرَّهَتْهُ ، وَعِفْته ، وَأَبَيْته ، وَتَقَزَّزْت عَنْهُ ، وَإِنِّي لأَتَقَزَّز مِنْ أَكْل كَذَا ، وَهَذَا طَعَام تَقَزُّهُ نَفْسِي ، وَتَقُزُّ عَنْهُ ، وَإِنَّ فِيهِ لَقَزَازَة بِالْفَتْحِ .
وَتَقُولُ تَوَجَّرَ الْمَاءَ وَالدَّوَاءَ إِذَا شَرِبَهُ كَارِهاً ، وَتَجَرَّعَهُ إِذَا تَابَعَ الْجَرْع مَرَّةً بَعْد أُخْرَى كَالْمُتَكَارِهِ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ .
وَلَفَظَ الطَّعَامَ مِنْ فِيهِ ، وَمَجَّ الشَّرَاب وَالْمَائِع ، إِذَا أَلْقَاهُ مِنْ فِيهِ لِكَرَاهَةٍ أَوْ غَيْرهَا ، وَأَعْقَاهُ إِعْقَاء إِذَا أَزَالَهُ مِنْ فِيهِ لِمَرَارَتِهِ ، وَفِي الْمَثَلِ لا تَكُنْ حُلْواً فَتُسْتَرَط وَلا مُرّاً فَتُعْقَى . وَتَقُولُ : هَذَا طَعَام حُلْو ، وَإِنَّهُ لَصَادِق الْحَلاوَةُ ، مَحْض الْحَلاوَةِ ، خَالِص الْحَلاوَة .
وَتَمْرٌ وَعَسَلٌ حَمْت ، وَحَمِيتٌ ، أَيْ شَدِيد الْحَلاوَةِ ، وَهُوَ أَحْلَى مِنْ الْمَنِّ ، وَأَحْلَى مِنْ الْقَنْدِ وَأَحْلَى مِنْ الشَّهْدِ ، وَأَحْلَى مِنْ الضَّرَبِ ، وَإِنَّمَا هُوَ الشَّهْدُ الْمُصَفَّى ، وَالسُّكَّرُ الْمُكَرَّرُ .
وَطَعَامٌ مُرٌّ ، وَقَدْ مَرَّ هَذَا الطَّعَام فِي فَمِي يَمَرُّ مَرَارَة وَأَمَرّ إِمْرَاراً أَيْ صَارَ مُرّاً ، وَأَمْرَرْته أَنَا صَيَّرَتْهُ كَذَلِكَ .
وَهَذِهِ الْبَقْلَةُ مِنْ أَمْرَار الْبُقُول وَهِيَ الْمُرَّةُ مِنْهَا ، فَإِذَا اِشْتَدَّتْ مَرَارَتُهُ فَهُوَ مَقِر ، وَمُمْقِر ، وَمُعْق .
وَهُوَ أَمَرُّ مِنْ الصَّبْرِ ، وَأَمَرُّ مِنْ الصَّاب ، وَأَمَرّ مِنْ الْحَنْظَلِ ، وَأَمَرّ مِنْ الْعَلْقَمِ ، وَكَأَنَّمَا هُوَ الصَّبْرُ السُّقُطريّ ، وَكَأَنَّهُ نَقِيع الْحَنْظَل ، وَإِنَّمَا هُوَ الزَّقُّوم .
وَيُقَالُ مَاءٌ غَلِيظٌ أَيْ مُرّ ، وَهَذَا مَاءٌ مِلْح بالكَسْر ، وعَيْنٌ مِلْحَة ، ومِياهٌ مِلْحة وأَمْلاح ، وقد مَلُحَ الْمَاء مُلُوحَة ، وَمَلاحَة ، وَمَلَحْتُ الطَّعَامَ وَالْقِدْرَ ، وَمَلَّحَتْهُ ، وَأَمْلَحْتُه ُ ، إِذَا جَعَلْت فِيهِ مِلْحاً ، وَطَعَام وَسَمَك مَمْلُوح وَمَلِيح .
وَزَعَقْتُ الْقِدْرَ إِذَا أَكْثَرْت مِلْحَهَا ، وَهَذَا طَعَام مَزْعُوق ، وَيُقَالُ سَمَكٌ قَرِيبٌ وَهُوَ الْمَمْلُوحُ مَا دَامَ فِي طَرَاءته ، وَسَمَك مَمْقُور وَهُوَ الَّذِي أُنْقِعَ فِي مَاءٍ وَمِلْحٍ أَوْ فِي خَلّ وَمِلْح .
وَالنَّغَرُ بِفَتْحَتَيْنِ عَيْن الْمَاءِ الْمِلْح ، وَالْمُضَاضُ مِثَال غُرَاب الْمَاء الَّذِي لا يُطَاقُ مُلُوحَة .
وَهُوَ مَاءٌ أُجَاجٌ ، وَقُعَاع ، وَزُعَاق ، وَحُرَاق ، وَهُوَ الشَّدِيدُ الْمُلُوحَة أَوْ الَّذِي جَمَعَ مُلُوحَة وَمَرَارَة ، وَإِنَّهُ لَمَاءٌ يَفْقَأ عَيْن الطَّائِرِ .
وَيُقَالُ مَاءٌ مُسَوِّسٌ إِذَا كَانَ بَيْنَ الْعَذْبِ وَالْمُلِحِّ ، وَمَاءٌ شَرُوبٌ مِثْلُهُ ، وَهَذَا طَعَام حَامِض ، وَإنَّهُ لِشَدِيد الْحَمْض ، وَالْحُمُوضَة ، وَقَدْ حَمُضَ بِالضَّمِّ وَأَحْمَضْتُهُ إِحْمَاضاً .
وَلَبَنٌ وَنَبِيذٌ حَازِرٌ ، وَحَزْر بِالْفَتْحِ ، إِذَا حَمُضَ فَحَذَى اللِّسَان وَهُوَ فَوْقَ الْحَامِضِ .
وَخَلٌّ حَاذِقٌ ، وَثَقِيف ، وَبَاسِل ، إِذَا اِشْتَدَّتْ حُمُوضَتُهُ كَذَلِكَ ، وَقَدْ حَزَرَ الْحَامِضُ فَاهُ ، وَحَذَقَهُ ، وَحَذَاهُ يَحْذِيه ، وَحَمَزَهُ ، وَمَضَّهُ ، إِذَا لَذَعَهُ وَقَرَصَهُ .
وَيُقَالُ : جَاءَنَا بِصَرْبَةٍ تَزْوِي الْوَجْه أَيْ تَقْبِضُهُ وَالصَّرْبَة اللَّبَن الْحَامِض ، وَالْحَاذِقُ أَيْضاً الْخَبِيث الْحُمُوضَة لِفَسَادٍ فِيهِ .
وَفِي مَعِدَتِهِ حَزَّاز وِزَانُ شَدَّاد وَهُوَ الطَّعَامُ يَحْمُضُ فِي الْمَعِدَةِ لِفَسَادِهِ .
وَيُقَالُ : هَذِهِ رُمَّانَة حَامِزَة أَي فِيهَا حُمُوضَة ، وَإِنَّ فِيهَا لَحَمَازَة وَهِيَ اللَّذْعُ الْيَسِير ، وَكَذَلِكَ رُمَّانَة مُزَّة بِالضَّمِّ وَفِيهَا مَرَارَة وَهِيَ الْحُمُوضَةُ الْقَلِيلَةُ أَوْ بَيْنَ الْحَلاوَةِ وَالْحُمُوضَةِ ، وَقَدْ تَمَزَّزَ الرَّجُل إِذَا أَكَلَ الْمُزّ .
وَطَعَامٌ حِرِّيفٌ بِالتَّشْدِيدِ وَفِيهِ حَرَافَةٌ وَهِيَ طَعْمُ الْخَرْدَلِ وَنَحْوه ، وَقَدْ حَمَزَ الْخَرْدَلُ فَاهُ ، وَحَذَاهُ ، وَقَرَصَهُ ، وَلَذَعَهُ ، وَإِنِّي لأَجِد لِهَذَا الطَّعَامِ حَرْوَة وَهِيَ الْحَرَارَةُ مِنْ حَرَافته .
وَيُقَالُ فِي هَذَا الطَّعَامِ أَوْ الشَّرَابِ عِرْق مِنْ حُمُوضَةٍ أَوْ غَيْرهَا أَيْ شَيْء يَسِير .
وَقَدْ أَصَابَ هَذَا الطَّعَامَ خُلالٌ وَهُوَ عَرَضٌ يَعْرِضُ فِي كُلّ حُلْو فَيُغَيِّرُ طَعْمَهُ إِلَى الْحُمُوضَةِ .
وَهَذَا طَعَام تَفِهٌ ، وَمَسِيخ ، وَمَلِيخ ، وَصَلَف ، أَيْ لا طَعْمَ لَهُ ، وَفِيهِ تَفَاهَة ، وَمَسَاخَة ، وَمَلاخَة ، وَصَلَف ، وَقَدْ مَسَخَ كَذَا طَعْمَهُ إِذَا أزاله .
وَهَذَا طَعَام كَفْن أَيْ لا مِلْحَ فِيهِ ، وَمَاء عَذْب ، وَزُلال ، وَفُرَات ، وَرُضَاب ، وَسَلْسَال ، إِذَا كَانَ خَالِصاً لا مُلُوحَةَ فِيهِ ، وَيُقَالُ رَجُلٌ حَتِر اللِّسَان كَمَا يُقَالُ حَثِر الأُذُن أَيْ لا يَجِدُ طَعْمَ الطَّعَامِ .